|
الدين التوحيدي الجديد
ادهم ابراهيم
(Adham Ibraheem)
الحوار المتمدن-العدد: 6836 - 2021 / 3 / 10 - 11:27
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
في العالم كثير من الديانات المختلفة . ولكن الديانات التوحيدية ثلاثة هي اليهودية والمسيحية والاسلام . وهذه الديانات التوحيدية تنتسب الى النبي ابراهيم عليه السلام، الذي يسمى اب الانبياء لعدم وجود خلاف عليه لدى هذه الاديان . ومن هنا جاءت الدعوة الى وحدة الاديان التوحيدية ، تحت مسمى الديانة الابراهيمية العالمية .
تم طرح هذا المشروع على وفق مفهوم جديد لحل النزاعات والصراعات السياسية ، وعلى الاخص في منطقة الشرق الاوسط ، وهذا المفهوم يستند على “الدبلوماسية الروحية”، لتتداخل خلاله الأديان الإبراهيمية ألثلاث في دين ابراهيمي واحد .
وقد نشطت مراكز بحوث سياسية ودينية ومخابراتية للترويج لهذه الفكرة .
وبالرغم من اننا نحترم كل الاديان على اختلاف انواعها ، الا اننا نجد في هذه الدعوة كلمة حق اريد بها باطل ،
حيث إن الأمر يتطلب الوقوف مليا على هذا المشروع وتوقيته . وعما اذا كان يهدف حقًّا الوصول الى التسامح والسلام العالمي؟ أم له أغراض سياسية بعيدة تجاه منطقة الشرق الاوسط وشعوبها ؟
يبدو لي ان هناك مخططا جديدا يستهدف هذه المنطقة تحت لافتة الدين الجديد ! . فبعد ان تم القضاء على الفكر اليساري والقومي ، تم احلال المفاهيم السياسية الاسلاموية بعد شيطنة ثورات الربيع العربي ، او بالاحرى اسلمتها . ثم جاء دور تدجين الشعوب بلافتات تصالحية انسانية وسلمية لتسهيل السيطرة عليها نهائيا من اجل الاستحواذ على مواردها وابتزازها ، والتوغل في اوطانها لما لها من نفحات روحية تاريخية .
واذا عدنا الى الوراء قليلا نجد ان غزو العراق قد تم تحت لافتات دينية من قبل رئيس الولايات المتحدة الامريكية الاسبق جورج بوش الابن ، الذي اعتكف في الكنيسة خلال فترة الغزو . وهذه الادعاءات الكاذبة باسم الدين جاءت من دولة علمانية ، تمثل قمة التطور العلمي والتكنولوجي ، وما الشعارات الدينية الزائفة الا غطاء للغزو الامبريالي لتحسين صورته ، وتظليل الرأي العام العالمي .
وقبل ذلك نجد الدعوة لانشاء وطن قومي لليهود تحت لافتات دينية يهودية رغم ان المحتلين الصهاينة للارض الفلسطينية لم يكونوا متدينين حقا . وقد خاطب بن غوريون الميليشيات اليهودية قبل انشاء دولة اسرائيل على الارض الفلسطينية بقوله انكم يجب ان لاتعتمدوا على الرب في حربكم للعرب بل على سلاحكم ! .
كما نجد اليهود الان غير ملتزمين بالتفاصيل والتعاليم الدينية فيما عدا الارثذوكس وهم قلة . كما ان حياتهم تتجه باسلوب علماني مدني بعيد عن التفاصيل الدينية ، فانظر الى حجم التقدم العلمى فى إسرائيل مقارنة بدولنا . فإسرائيل تحتل المركز الثالث في تكنولوجيا المعلومات، وتقدم شهرياً بحوثا علمية متقدمة تزيد عن أربعين بحثا . وتحتل المركز الرابع في العالم من حيث النشاط العلمي .
ولكن قادة الدولة العبرية قد اتخذوا من الدين وسيلة لمد نفوذهم وتوسعهم .
وبالمقابل ماذا فعلنا نحن العرب والمسلمون غير التمسك باوهام العودة الى الماضي المجيد . والتعصب الديني الطائفي ، الذي يترافق مع التركيز على الطقوس الدينية الشكلية والدعوة الى التخلف باسم السلف الصالح ! . فتم انشاء دولة الخرافة الاسلامية في بلاد العراق والشام ، لتعيث في الارض فسادا ، وفي البشر تقتيلا باسم الدين . وكذلك الدعوة الولائية لولي الفقيه في ايران ! التي حرصت على الفساد والابتزاز ، واختطاف المواطنين ، والإعدام الميداني والتهجير . وكلاهما عملا تخريبا وقتلا باسم الدين والمقدسات حتى اصبحت مدننا العربية حطام واطلال خربة ، واصبحت شعوبنا موجات مهاجرة تسكن الخيام ، نتيجة الصراعات والنزاعات الدينية الطائفية التي تسببت في اقتتال العرب والمسلمين بعضهم لبعض ، لامن اجل الدين ، وانما من اجل الطائفة والمقدسات الزائفة . وقد تركوا القيم الاسلامية العليا بتحريم القتل ، واحترام الغير والصدق والامانة والنزاهة ، وغيرها من مكارم الاخلاق التي ابتعدوا عنها كثيرا ، وحل محلها الدجل والشعوذة وسلب اموال الغير ، والفوضى الفكرية والاخلاقية بدعاوى مذهبية مضللة . وغيرها من اسباب الانحطاط الانساني .
ان الدعوة للتحديث او الصحوة العربية الاسلامية لاتكمن في نبذ الدين ، وانما بالابتعاد عن الافكار والممارسات المتخلفة باسم الدين ، اليس كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار . كل ذلك حتى نبقى نراوح في مكاننا بحجة ان التقدم والفكر الحضاري هو بدعة وتقليد للغرب الكافر ! . من قال ان التحضر بدعة ، ومن قال ان الصدق والامانة من قيم الغرب .
والان جاءت الدعوة للديانة الابراهيمية المظللة كمرحلة استعمارية بثوب جديد ، ومكملة لمخطط اشاعة السلوك المتخلف الحالي للعرب والمسلمين المعادي للتقدم ، والمنافي للانسانية، لتضع حدا نهائيا لتطلعات الشعوب من اجل مستقبل زاهر لها ولاولادها ، وللاستحواذ على ماتبقى من قدراتها ومواردها باستعمار فكري جديد تحت مسميات دينية .
ان الدين بضاعة رائجة ، وهم يستخدموه غالبا لتحقيق مصالحهم ، ونستخدمه نحن من خلال التخلف والدجل والشعوذة لصالحهم ايضا ! فمتى نستفيق من غفلتنا !
#ادهم_ابراهيم (هاشتاغ)
Adham_Ibraheem#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الصراع العثماني الفارسي على ارض العراق من جديد
-
توجهاتنا بين الدائرة والخط المستقيم
-
الى مجلس حقوق الإنسان التابع للامم المتحدة . رسالة مفتوحة حو
...
-
الجهالة والتجهيل برداء اسلامي
-
اشكالية التمسك بالماضي والحداثة
-
الصراع الدولي والاقليمي حول مشروع ميناء الفاو
-
ملامح سياسة بايدن في الشرق الاوسط
-
بيت العراق من يرممه ؟
-
رسالة مفتوحة الى ممثلة الامم المتحدة في العراق
-
انتفاضة اكتوبر العراقية . . الواقع والمآل
-
عقوبة الاعدام بين مؤيديها ومعارضيها
-
فشل النموذج الامريكي للديموقراطية
-
الدعوة للاقليم السني
-
قتل المدرس الفرنسي. بين التعصب والتسامح
-
الكاظمي والمزمار السحري
-
هل وصل قطار التطبيع الى بغداد ؟
-
الانفتاح خيار الحياة
-
اخفاق الاحزاب القومية في الدول العربية
-
الاسلام السياسي في العراق والمستقبل المجهول
-
الذكرى السنوية لانتفاضة اكتوبر . . المسيرة مازالت مستمرة
المزيد.....
-
وزير الدفاع الأسبق: يكشف العقيدة الدفاعية للجمهورية الاسلامي
...
-
-ترامب سينقذ العالم من الإسلام المتطرف- – جيروزاليم بوست
-
قائد الثورة الاسلامية في تغريدة: كل فلسطين من النهر الى البح
...
-
الآغا خان الرابع زعيم قاد الطائفة الإسماعيلية النزارية 68 عا
...
-
إيهود باراك: خطة ترامب بشأن غزة -خيال-
-
كلمة الرئيس الايراني بزشكيان امام سفراء الدول الاسلامية في ط
...
-
الاحتلال يحتجز مركبة ويستولي على كاميرات مراقبة في جنين وسلف
...
-
اللواء سلامي يشدد على قوة إيران الإسلامية في مواجهة الضغوط
-
اللواء سلامي: هذه الانجازات هي للرد على اي تهديد ضد ايران وا
...
-
بالودان يواصل استفزاز المسلمين ويحرق نسخة أخرى من المصحف أما
...
المزيد.....
-
السلطة والاستغلال السياسى للدين
/ سعيد العليمى
-
نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية
/ د. لبيب سلطان
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
المزيد.....
|