أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - شموس نجد - وهابيات يومية














المزيد.....

وهابيات يومية


شموس نجد

الحوار المتمدن-العدد: 1625 - 2006 / 7 / 28 - 10:21
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


-1-
وقفت بسيارتي انصياعاً لإشارة المرور الحمراء. بجوار الإشارة كانت تنتصب لوحة إعلانية يطل فيها وجه بيله لاعب كرة القدم الأشهر عالمياً وقد فقئت عينيه. لا تستغرب ! فهذا تقليد شائع تنفرد به السعودية عموماً ومدن نجد خصوصاً. يد الوهابية المتشنجة لا ترحم عيون الرجال والأطفال والرسوم المتحركة إلا وقد أطفئت بريقها. في البدء خلت أن المسألة تتصل بمخاطر الفتنة الجنسية، لكني انصرفت عن هذا الرأي بعدما وجدت عيون الضفدع كامل (إحدى شخصيات برنامج الأطفال افتح يا سمسم) قد سملت بوحشية (!)
أليس محزناً أن ينحدر العقل إلى هذا المستوى المتدني من التفكير؟ لا يدهشني هذا العنت والغباء مادام أن هذا العقل يصر على أن الله يراقب البشر كي يعرف ما إذا دلج المسلم باب الحمام بادئاً برجله اليمنى المباركة أم اليسرى الملعونة. إذا كانوا قد جعلوا الله مهموماً بصغائر الأمور فلا عجب أن يقبع هذا العقل تحت أقبية التفاصيل التافهة. قد تتساءل: لماذا تحجبون عيون صور جامدة لا تنطق ولا تبصر ولا تسمع، بينما تمتلئ المجلات والصحف والكتب بصور لم تقتلع عيونها؟ هذا السؤال يتقاطع مع عبثية وجود الرقيب في عصر تهاوت فيه كل جدران العزلة وأسوار الظلام بعدما صارت اللاقطات الهوائية وأجهزة الحاسبات الآلية تحلب المعلومة والصورة والكلمة من كل بقاع الدنيا البعيدة. لا يملك الوهابي المتزمت تشويه صور الصحف والمجلات لكنه يملك القدرة على العبث بلوحات الإعلانات. لكن يبقى السؤال : لماذا العيون تحديداً وليس الأنف أو الأذنين؟ اعرف أن الوهابية يستفزها التصوير لإنها تراه تحدياً لقدرة الخالق واقتراباً من تخوم عبادة الأصنام المحظورة. سؤال ذو أبعاد تاريخية وفقهية وجمالية لا أعتقد أني مؤهل للإجابة عليه. أتذكر أننا في المدارس ومع تعالي الضجيج الديني في الثمانينات صار بعض أساتذة التربية الفنية يطلبون من التلاميذ قطع أعناق الشخصيات المرسومة حتى لا نقع في شراك الشراك بالله. لكننا هنا أمام عينين وليس رقبة... فهل صارت العيون مستودع الروح حتى نزهقها كي لا نتحدى قدرات الله؟ في كل مرة أشاهد تلك العيون المطموسة استدعي من الذاكرة صور التعذيب في القرون الوسطى حيث كان المسلمون وغيرهم من الشعوب يمارسون سمل عيون خصومهم، وكأن الوهابيون مازالوا أوفياء لتقليد بربري غابر. أضف إلى ذلك، أن العيون هي أجمل ما في الوجه، غير أن الوهابيين لا يحبون الجمال وينفرون منه باتجاه القبح.

-2-
توقفت أمام محل خياطة رجالي. واجهات المحل الزجاجية كانت تضج بملصقات كبيرة من بقايا رماد حرب المسلمين ضد الرسوم الدنماركية. كانت الملصقات تصرخ بصوت عالي... نحري ولا نحرك يا رسول الله... عرضي ولا عرضك يا رسول الله... بأبي وأمي أنت يا رسول الله... قاطعوا عبدة الخنزير والصليب. هل إعلان الولاء للنبي محمد مرهون بهدر العرض والنحر والتخلي عن الأم والأب؟ اجتزت باب المحل المشتعل بحريق أمة محمد إلى الداخل. بينما كان العامل يأخذ قياسات الثوب لاحت بالصدفة مني نظرة إلى إحدى زوايا المحل وقد علتها لوحتان: الأولى، تحمل حديثاً يبشر من يطيل رداءه بمقعد دائم في نار جهنم، والثانية، تحمل حديثاً يضع فيه مسبل الثوب (أطول من الكعبين) ضمن ثلاث فئات من البشر لن تحظى بنظرة من الله يوم القيامة. ألتفت للعامل المنهمك بأخذ القياسات متسائلاً: لماذا تقطع لي تذكرة إلى نار جهنم؟ لماذا لم تقم بدورك كمسلم يخاف على أخيه المسلم وتنصحني بألا أطيل ثوبي حتى لا أكب على وجهي في النار اللاهية؟ تبسم العامل الذي بدا وكأنه يعاني كثيراً ليترك لحيته تنمو حسب المقاييس الوهابية بلا طائل دون أن ينبس بحرف.
مع مغيب شمس الرياض الحارقة، كان صوت منارات المساجد المتزاحمة يثقب جسد الفضاء منادياً للصلاة. خرجت من المحل لأشهد سيارة هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر تنهب الطريق، وأحد الراكبين ينادي بمكبر الصوت... الصلاة يا أخوان الصلااااااااة. ألا يكفي نداء المساجد؟ ألا يكفي صوت الإيمان والتصديق في القلوب؟ كم يحب رجل الهيئة أخيه المسلم لدرجة جره ولو بالسلاسل إلى الجنة (!)

-3-
مرة أخرى وعند إشارة المرور الحمراء كانت تقف سيارة كتب على زجاجها الخلفي: "صلي مع الجماعة قبل أن تصلي عليك الجماعة". الشوارع والإشارات والسيارات والكباري تغزوها الموجة الوهابية العاتية. لم يشأ المتدينون أن يتركوا دقائق قليلة من الانتظار أمام إشارات المرور دون أن تفوت دون فرك أذن المسلم اللاهي والعاصي. لم يشأ المتدينون أن يتركوا دقائق معدودة ينفرد بها شباب متسكع يصطادوا الفتيات بتقنية "البلو توث". الحضور الوهابي معبأ برائحة الموت وكوابيس القبور. هكذا هو الوهابي لا يملك إلا الموت والقبر والجحيم كأدوات يستدرج بها الخائفين من مفاجآت عزرائيل إلى دائرته. إننا أمام شبكة أخطبوطية مرعبة تصل أذرعتها إلى كل سنتيمتر مربع في هذه البلاد. آيات وأحاديث وأدعية وأذكار وفتاوى تطفح كالبثور على أعمدة النور والجسور والجدران والمصاعد وفي صالات الانتظار في المستشفيات والدوائر الحكومية وحتى محلات الحلاقة. عجباً لهذا الوهابي الحريص على استثمار فتافيت الزمن ولكن ليس من أجل حياة أفضل بلا من أجل اعمار الآخرة! وللأمانة، فإن الوهابي المهووس بالموت وعذاب القبر والثعبان الأقرع لا ينسى أن ينثر حلوى الجنة على رؤوس الناس، تطبيقاً لسياسة العصا والجزرة. إذ كثيراً ما تقع العين على الدعاء التالي: "سبحان الله بحمده، سبحان الله العظيم". يقال أن من يذكر تلك الكلمات ثلاثاً تزرع له نخلة من ذهب في الجنة (!) فيا لها من علاقة نفعية بين المسلم وربه! حسناً، ماذا لو كنت تفضل الألماس على الذهب؟ وماذا لو كنت تفضل قراءة كتاب أو سماع مقطوعة موسيقية على نخلة من ذهب؟ هل نملك الحق على المطالبة بتغيير الهدايا الإلهية بعد أكثر من أربعة عشر قرناً من الإعلان عنها؟ سؤال لا نجرؤ على طرحه ليس خوفاً من أن يستشيط الله بل خوفاً من العصا الوهابية الغليظة.



#شموس_نجد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لماذا فشلنا في كأس العالم؟
- الرأس إلى الأسفل والقدمان إلى الأعلى
- إيمان لا يبصر لكنه يقطع
- دور السياسي والديني في تخلف الثقافة العربية
- نعم...مازال الإنسان في مرحلة التعددية الإلهية
- تعالوا نشتم أمريكا
- حمائم غاندي ومانديلا أم صقور بن لادن والزرقاوي؟
- القانون في مواجهة المقدس والعرف.
- الثوابت في خطر
- يا للغرابة! أنا لا أكره الشيعة ولا أمقت النساء
- اللون الأحمر وثيران الهيئة
- عندما ينقلب السحر الدنماركي على أهله
- أحاديث كاذبة ولكنها مبجلة
- أطلقوا الله من أسره
- الفردوس.... كم هو حلم جميل!
- انتبه! تحت كل حجر جندي من جند الله شاهر سيفه
- سجل...ابن سبأ (حقيقة) وابن لادن -وهم
- الأديان طرقات... تتناءى ثم تتلاقى
- سارقو الفرح
- الإسلام بين ثبوتية النص وحركية الواقع


المزيد.....




- المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية: مذكرة اعتقال نتنياهو بارقة ...
- ثبتها الآن.. تردد قناة طيور الجنة الجديد 2025 علي كافة الأقم ...
- عبد الإله بنكيران: الحركة الإسلامية تطلب مُلْكَ أبيها!
- المقاومة الإسلامية العراقية تهاجم هدفا حيويا في جنوب الأراضي ...
- المقاومة الإسلامية العراقية تهاجم هدفا حيويا في جنوب الاراضي ...
- المقاومة الاسلامية العراقية تهاجم هدفا حيويا في جنوب الاراضي ...
- ماذا نعرف عن الحاخام اليهودي الذي عُثر على جثته في الإمارات ...
- الاتحاد المسيحي الديمقراطي: لن نؤيد القرار حول تقديم صواريخ ...
- بن كيران: دور الإسلاميين ليس طلب السلطة وطوفان الأقصى هدية م ...
- مواقفه من الإسلام تثير الجدل.. من هو مسؤول مكافحة الإرهاب بإ ...


المزيد.....

- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - شموس نجد - وهابيات يومية