العراقيون وعبادة "القادة" و "الرموز" ..
لم استطع مثل غيري، اخفاء فرحتي وسروي حينما شاهدت على شاشات التلفزة تماثيل صدام وهي تتساقط دفعة واحدة وبشكل مفاجئ، كما تساقط غيره من الطغاة. وكم كانت فرحتي عظيمة، لأنني اعتقدت ولوهلة ان عادة عبادة الأشخاص والقادة والرموز في العراق المستقبلي قد ولت والى الابد. وسيعبد العراقيون منذ الان بلدهم العراق الرافديني بدل الرموز مهما كانوا كباراً او عظاماً. نشوة الفرح هذه لم تدم طويلاً، والسبب ان نفس وسائل الاعلام نقلت مشاهد مباشرة - اثر سقوط صدام وتماثيله - لجماهير غفيرة من العراقيين (الاكراد) تظاهروا في الشوارع فرحين، ولكن كم كانت الصدمة كبيرة وأحسست بأن اليأس والقنوط قد دخلا الى نفسي مجددا عندما قام هؤلاء العراقيون في اربيل برفع صور البرزاني (زعيم احدى المليشيات الكردية في الشمال العراقي)، تماما كما رفع يوما العراقيون صور صدام حسين.
ربما يدعي ويقول الاكراد ان البرزاني بالنسبة لهم ليس شبيها بصدام. ولكن لماذا لا يرفع الامريكيون صور بوش بدل علم امريكا !؟ كان على الاكراد ان يرفعوا علم الدولة التي احتضنتهم ورحبت بقوافلهم المهاجرة من موطنهم الاصلي (كردستان) باتجاه شمال العراق الذي كان يسمى سابقا اعالي ما بين النهرين. ومن ثم سميت المنطقة كلها بـ (ولاية الموصل) نسبة لاهم مدينة في شمال العراق.
انني لا اعاتب الاكراد فقط، بل اعاتب اطراف شيعية اخرى انزلت صور صدام ورفعت صورا اخرى لاشخاص باعتقادهم انهم رموز وعظماء! تجاه هذه التصرفات المرفوضة ايقنت بأن زوال صدام لم يكن الا تمهيدا لظهور أشباه صدام، فاحذروا من هذا يا اخوتي العراقيين، فكفانا ظلما واضطهادا، فإما ان نرفع العلم العراقي فقط مثل كل الشعوب الحرة في العالم او نرفع صور اشباه صدام، وشتان ما بين عبادة الوطن وعبادة الاشخاص، لأنني اؤمن ومتيقن ان الرموز ما خلقت وجاءت الا لخدمة الاوطان وليس العكس !؟