أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير - تاج السر عثمان - الهويّة والصراع الاجتماعي في السودان- 1















المزيد.....

الهويّة والصراع الاجتماعي في السودان- 1


تاج السر عثمان

الحوار المتمدن-العدد: 6829 - 2021 / 3 / 2 - 01:17
المحور: القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير
    


تناولت قضايا الأقليات القومية والهويّة في مؤلفاتي " الجذور التاريخية للتهميش، مكتبة الشريف الأكاديمية 2006 "، الدولة السودانية : النشأة والخصائص، الشركة العالمية 2008"، " قضايا المناطق المهمشة في السودان"، الشركة العالمية 2014"، في إطار البحث عن الحل الشامل والعادل لقضايا الأقليات القومية المهمشة أو الأكثر تخلفا علي أساس دولة المواطنة التي تسع الجميع غض النظر عن الدين أو اللغة أو الثقافة أو العرق، باعتبار أن التنوع الثقافي والعرقي واللغوي مصدر ثراء للدولة السودانية التي تقوم وحدتها من خلال التنوع، بدلا من ان تكون مصدر صراع دامي يؤي لتفتيت وحدة البلاد وتخلفها، كما حدث في انفصال الجنوب، وضرورة التمية المتوازنة والتوزيع العادل للسلطة والثروة، وتوفير احتياجات جماهير تلك القوميات في التعليم والصحة وتوفير الخدمات " مياه، كهرباء، بيطرية. الخ"، وإعادة إعمار ما دمرته الحرب وعودة اللاجئين والنازحين الي قراهم وتعويضهم، وضمان تطوير وتعزيز ثقافات ولغات وثقافات تلك القوميات، بعيدا عن الاستعلاء العرقي والديني والعنصري واللغوي. ونتابع في هذه الدراسة موضوع الهوّية والصراع الاجتماعي في السودان.
لا يمكن تناول موضوع الهوّية السودانية بمعزل عن الصراع الاجتماعي في السودان الذي تجلي في أشكال مختلفة : سياسية ، اقتصادية ، طبقية ، ثقافية ، اثنية ، دينية ولغوية ، باعتبار أن مفهوم الهوّية الذي حظي بمناقشة في أدبيات الحركة السياسية والثقافية في السودان قبل الاستقلال وبعده، ارتبطت عناصره بالدين ،العرق، اللغة، والثقافة ، وتتحدد نظريا بالتجانس بين هذه العناصر في الثقافات المختلفة في الحيز المكاني والجغرافي المحدد، علما بأنه مع التداخل والهجرات نادرا ما نجد النقاء العرقي الذي أشار لأهميته الباحثون.
كما لا يمكن معالجة الهوّية بمعزل عن تطور الدولة السودانية والتحولات التي شهدتها عبر العصور التاريخية ، والثقافة بالمفهوم الواسع التي تعني مجموع الإنتاج المادي والفكري للانسان في مجتمع معين.
معلوم أن التعدد الثقافي كان ملازما للدولة السودانية منذ نشأتها وحتى قيام الدولة الوطنية الحديثة ، فماهي عناصر ذلك التعدد؟.
- شهدت الدولة السودانية تعدد الأديان ابتداءاً من الوثنية إلى المسيحية ثم الإسلام ومازال التنوع والتعدد الديني موجوداً في واقعنا الماثل.
- كما شهدت تعدد اللغات مثل: اللغة المصرية القديمة ( الهيروغلوفية)، ثم حدث الاستقلال اللغوي بقيام حضارة مروي التي عرفت اللغة المروية ، واللغة النوبية في حضارة النوبة المسيحية، ثم اللغة العربية التي انتشرت في عهد سلطنتي الفونج والفور، هذا إضافة للتنوع في لغات ولهجات أهل السودان ومكوناتهم الثقافية ( بجاوية، نوبية، زنجية) وناتج التلاقح اللغوي من الثقافات الحديثة ( تركية، انجليزية، فرنسية،حبشية الخ)، وبمراجعة قاموس اللهجة العامية في السودان للمرحوم د. عون الشريف قاسم ، نلاحظ التنوع والتلاقح اللغوي الذي شهده السودان منذ أقدم العصور..
- استوعبت الدولة السودانية التنوع الديني واللغوي والاثني وشهدت الاستمرارية في الثقافة السودانية خلال الحقب التاريخية المختلفة.
2
في مسارها التاريخي الطويل شهدت الدولة السودانية الحضارات الآتية :
- حضارة كرمة ( 3000سنة ق .م) التي شكلت ميلاد الدولة السودانية، بعد ارتقاء الإنسان السوداني سلم الحضارة وتفكك المجتمعات البدائية التي تقوم على الصيد والتقاط الثمار وظهور المجتمع الزراعي والرعوي وتطور المدينة والصناعة الحرفية والتبادل التجاري وظهور أول انقسام طبقي واتساع الفروق الاجتماعية، وكانت نشأة الدولة السودانية مرتبطة بتفاعل عوامل سياسية ودينية وطبقية واجتماعية .
- حضارات نبتة ومروي والنوبة المسيحية التي كانت اوسع تطورا في الجوانب المادية والثقافية والفنية والروحية.
- المماللك الإسلامية ( الفونج ، دارفور ، تقلي المسبعات. الخ) التي استوعبت منجزات الحضارات السابقة المادية والفكرية واضافت الجديد لها.
للمزيد من التفاصيل: راجع ، تاج السر عثمان الحاج : الدولة السودانية : النشأة والخصائص ، الشركة العالمية 2008)
* من سمات وخصائص الدولة السودانية أنها كانت في حالة تطور واتساع، في كل مرحلة تعرف حالات الازدهار والانحطاط والزوال،ثم تنبعث من جديد بشكل أوسع وأكبر مما كانت عليه في السابق، كما عرفت وحدة الاستمرارية والانقطاع، وتعدد المراكز أو العواصم. فضلا عن أنها كانت في حالة تطور باطني، وفي الوقت نفسه كانت في حالة تفاعل مع العالم الخارجي أخذا وعطاءاً.
- الشكل الحديث للدولة السودانية بدأ خلال فترة الحكم التركي - المصري (1821م-1885م) الذي شهد مولد السودان الحديث بشكله الحالي تقريبا، بعد ضم دارفور وسواكن وإقليم التاكا (كسلا حاليا)، والمديريات الجنوبية الثلاثة (الاستوائية ، بحر الغزال، أعالي النيل، قبل انفصال جنوب السودان)، من خلال التوغل جنوباً، سواء لحملات تجارة الرقيق أو تجارة العاج أو لاكتشاف منابع النيل.
- كان صراع الهوّية ملازما لصراع الإنسان السوداني خلال الحقب التاريخية المختلفة ضد القهر والظلم من اجل الحرية ، ويتجلى ذلك في الثورات التي حدثت في دولة الفونج، والثورة المهدية ضد الاحتلال التركي، و ثورة الاستقلال ضد الحكم الإنجليزي ، وبعد الاستقلال: كانت ثورة أكتوبر 1964م ضد دكتاتورية الفريق عبود ، وانتفاضة مارس - ابريل1985م ضد ديكتاتورية النميري، وثورة ديسمبر 2018 ضد ديكتاتورية نظام البشير أو الانقاذ..
3
تجلي صراع الهوّية في علاقة الدين بالدولة ، فنجد أن الدولة السودانية مرت بكل المراحل التي عرفها التاريخ البشري، كما يتضح من الآتي:
- شهد السودان القديم الدولة الدينية أو الحكم بالحق الإلهي وعلى سبيل المثال :في دولة مروي كان كهنة آمون يحكمون بالحق الإلهي، وكان هناك صراع ضد القهر باسم الدين وحرية الاعتقاد، كما في صراع الملك "اركماني" ضد تسلط كهنة مروي، حتى تجح في الانتصار عليهم ، وغّير في المعتقدات والمفاهيم الدينية بعيد عن تسلطهم.
كما شهد السودان الوسيط: .
- ممالك النوبة المسيحية التي جمع فيها الملوك بين وظيفتي القس والحاكم، أي جمعوا بين السلطتين الزمنية والدينية .
- في سلطنة الفونج أو السلطنة الزرقاء ، شهد البلاد الشكل الجنيني للدولة المدنية ،حيث كان مشايخ الطرق الصوفية مستقلين نسبيا عن ملوك سنار .
أما في السودان الحديث والمعاصر فقد قامت:
- الدولة المدنية في فترة الحكم التركي- المصري ،و تم التراجع إلى الدولة الدينية في فترة المهدية ، ثم اتسعت دائرة الدولة المدنية خلال فترة الحكم الإنجليزي.
- بعد الاستقلال ظلت الدولة مدنية حتى قوانين سبتمبر 1983م وبعد انقلاب 30/يونيو1989م، تم التراجع مرة أخرى إلى الدولة الدينية التي ارتبطت بالقهر ومصادرة الحريات الدينية والثقافية واللغوية والتفرقة العنصرية والعرقية، وقمع ثقافات وهوّيات الأقليات القومية، وفرض تصورهم الديني القاصر عليها وفي مناهج التعليم، وبالفساد والنهب والإبادة الجماعية كما حدث في دارفور، وجبال النوبا وجنوب النيل الأزرق، وحتى انفصال الجنوب، وواصل شعب السودان الصراع ضدها حتى اسقاطها في ثورة ديسمبر ، وما زال الصراع مستمرا لإزالة آثارها المدمرة.
4
* ضمت الدولة السودانية شعوبا وقبائل ومناطق متباينة في التطور الاقتصادي والاجتماعي والثقافي ،وهذا التباين هو نتاج تطور تاريخي ، حيث شهد شمال ووسط السودان مولد الحضارات في السودان القديم وفي العصور الوسطى ، إضافة لسياسات المستعمر البريطاني الذي كرس الصراع القبلي والعنصري والادارة الأهلية، ولانقسام الطائفي والقبلي، أي سياسة "فرق تسد" لاستمرار حكمه ، اضافة لتكريس التفاوت بين الشمال والجنوب من خلال نمط التنمية غير المتوازن ومن خلال قانون المناطق المقفولة الذي شمل الجنوب ومناطق الشرق ، وجنوب النيل الأزرق ، وجبال النوبة.
* من سمات وخصائص الدولة السودانية النشأة المستقلة ، فيما عدا الاحتلال المصري بعد انهيار دولة كرمة ، وفترة الحكم التركي المصري ، وفترة الحكم البريطاني، نلاحظ ان الممالك السودانية كانت مستقلة ، وكان الدفاع عن الوطنية السودانية مرتبطاً بالدفاع عن الدين والعقيدة ، كما حدث في مقاومة النوبة لحملة عبد الله بن أبى السرح والتي انتهت باتفاقية البقط ، والثورة المهدية التي قضت علي الاحتلال التركي ـ المصري، وثورة الاستقلال الثانية التي انهت الحكم الاستعماري الانجليزي المصري عام 1956..
بعد الاستقلال واجهت الدولة الوطنية السودانية تحديات الديمقراطية التي لم تستقر بسبب الانقلابات العسكرية، وفشل النهضة السياسية والاقتصادية والثقافية ، وعدم قيام وحدة البلاد من خلال استيعاب تنوعها الديني والثقافي واللغوي في الدولة المدنية أو العلمانية الديمقراطية التي تسع الجميع، باعتبار ذلك مصدر اثراء واخصاب ونعمة بدلا أن يتحول لتغمة وحروب دامية لم تجنى منها البلاد غير الخراب والتخلف، وانفجرت مشكلة الجنوب عشية الاستقلال ، والتي ازدادت تعقيداً بعد أن أخذت الحرب طابعاً دينياً وخاصة بعد قوانين سبتمبر 1983م ، والتي زادت النيران اشتعالاً، حتى تمّ انفصاله بعد قيام نظام الانقاذ الدموي، مما يطرح ضرورة المحافظة علي ما تيقي من الوطن بقيام دولة مدنية ديمقراطية تكفل المساواة فعلا لا قولا لرعاياها وحرية العقيدة والضمير والمساواة في الأديان وسيادة حكم القانون واستقلال القضاء ومساواة المواطنين أمام القانون بصرف النظر عن المعتقد أو العنصر أو الجنس وكفالة حرية البحث العلمي والفلسفي وحق الاجتهاد الديني وضمان الحقوق والحريات الأساسية والسياسية والمدنية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية وضمان حقوق الإنسان المنصوص عليها في المواثيق الدولية.



#تاج_السر_عثمان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حتى لا يتم افراغ الثورة من أهدافها
- التجربة الكوبية : لم تجد طريقا مثل أن تتقدما
- التعويم : الحكومة سعت لحتفها بظلفها
- كيف شقت الصين طريقها المستقل للتنمية؟
- الحكومة الجديدة في مهب الريح
- البراغماتية والتجربة الفيتنامية
- ويستمر التصعيد لتحقيق أهداف الثورة
- كورونا وتزايد حدة الفوارق الاجتماعية
- اليقظة لمواجهة حدة التآمر علي الثورة
- أحداث الجنينة وخطورة انفجار الوضع في دارفور
- لا لدق طبول الحرب بين السودان واثيوبيا
- لا لتكرار تجربة تخريب التعليم بعد انقلاب مايو 1969
- فرار تجميد العمل بالمناهج محاولة يائسة لتصفية الثورة
- الجماهير تواصل النضال لتحقيق أهداف الثورة
- ذكرى الاستقلال وتحقيق أهداف الثورة
- أزمة -كورونا- وازدياد شدة الاستقطاب الطبقي
- لا للزيادات في أسعار الوقود
- تستمر الثورة رغم القمع
- الجماهير تسجل ملحمة بطولية
- الذكرى الثانية لثورة ديسمبر: ما زالت جذوتها متقدة


المزيد.....




- ماذا يعني إصدار مذكرات توقيف من الجنائية الدولية بحق نتانياه ...
- هولندا: سنعتقل نتنياهو وغالانت
- مصدر: مرتزقة فرنسيون أطلقوا النار على المدنيين في مدينة سيلي ...
- مكتب نتنياهو يعلق على مذكرتي اعتقاله وغالانت
- متى يكون الصداع علامة على مشكلة صحية خطيرة؟
- الأسباب الأكثر شيوعا لعقم الرجال
- -القسام- تعلن الإجهاز على 15 جنديا إسرائيليا في بيت لاهيا من ...
- كأس -بيلي جين كينغ- للتنس: سيدات إيطاليا يحرزن اللقب
- شاهد.. متهم يحطم جدار غرفة التحقيق ويحاول الهرب من الشرطة
- -أصبح من التاريخ-.. مغردون يتفاعلون مع مقتل مؤرخ إسرائيلي بج ...


المزيد.....

- الرغبة القومية ومطلب الأوليكارشية / نجم الدين فارس
- ايزيدية شنكال-سنجار / ممتاز حسين سليمان خلو
- في المسألة القومية: قراءة جديدة ورؤى نقدية / عبد الحسين شعبان
- موقف حزب العمال الشيوعى المصرى من قضية القومية العربية / سعيد العليمى
- كراس كوارث ومآسي أتباع الديانات والمذاهب الأخرى في العراق / كاظم حبيب
- التطبيع يسري في دمك / د. عادل سمارة
- كتاب كيف نفذ النظام الإسلاموي فصل جنوب السودان؟ / تاج السر عثمان
- كتاب الجذور التاريخية للتهميش في السودان / تاج السر عثمان
- تأثيل في تنمية الماركسية-اللينينية لمسائل القومية والوطنية و ... / المنصور جعفر
- محن وكوارث المكونات الدينية والمذهبية في ظل النظم الاستبدادي ... / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير - تاج السر عثمان - الهويّة والصراع الاجتماعي في السودان- 1