|
المسيحية والإسلام وخواطر أخرى
عبد الله عنتار
كاتب وباحث مغربي، من مواليد سنة 1991 . باحث دكتوراه في علم الاجتماع .
الحوار المتمدن-العدد: 6828 - 2021 / 3 / 1 - 14:42
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
-1- مقارنة درجة تسامح المسيحية والإسلام
لقد كشف الأديب اللبناني أمين معلوف وهو من خلفية دينية وثقافية مسيحية في كتابه " هويات قاتلة " أن الإسلام أكثر تسامحا بالمقارنة مع المسيحية، ويبرهن أمين معلوف على أطروحته بمجموعة من الأمثلة، منها :
1- لقد انتشر الإسلام في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، ولم يستأصل الوجود المسيحي في المنطقة، إذ أن هناك مسيحيين أقباط في مصر كانوا يؤمنون بالمسيحية قبل ظهور الإسلام في شبه الجزيرة العربية سنة 610 م، ومازالوا يؤمنون بها حتى الآن، ومن اللافت القول أن المسيحية مازالت منتشرة في العراق وسورية وفلسطين ولبنان والأردن، كما أن اللغة السريانية باعتباره لغة المسيحية مازالت في الكثير من المناطق في سورية ولبنان وفلسطين، وإضافة إلى ذلك تنتشر المسيحية أيضا في الحبشة وجنوب السودان. ولا ننسى كذلك أن الإسلام وصل إلى أبواب فيينا ومازالت المسيحية منتشرة في كل مناطق البلقان .
2- عملت المسيحية على استئصال شأفة الوجود الاسلامي في جزيرة مالطا وصقلية والأندلس وكورسيكا، والأنكى من ذلك، فقد طردت المسيحية الملايين من المسلمين واليهود من الجنوب الاسباني ومحت آثارهم وتاريخهم الذي استمر ثمانية قرون، كما مارست عدة مذابح في حق سكان البوسنة والهرسك .
ملاحظات نقدية :
1- صحيح أن الإسلام تعامل بتسامح بالمقارنة مع المسيحية، ولكن من الإشارة القول أن المسيحي عاش كذمي في البلاد الإسلامية أي مواطن من درجة ثانية، والعهدة العمرية تضمنت منع المسيحيين من بناء الكنائس وارتداء الزي المسيحي وكتم أصوات النواقيس، إضافة إلى ذلك، هناك في بعض المناطق تم استئصال الوجود المسيحي مثل شمال افريقيا وشبه الجزيرة العربية، كما أن العثمانيين المسلمين كانوا يخطفون أطفالا مسيحيين من أسرهم ويتم أسلمتهم وادخالهم الى الجيش الانكشاري .
2- إن حق الحياة للمسيحي مكفول داخل الإسلام، لكن حق الحياة للمسلم داخل المسيحية لم يكن مكفولا، ومن مظاهر تسامح الإسلام أن المنصور الموحدي في حربه ضد الفونصو الثامن ملك قشتالة لم يقتل العائلة الحاكمة، بل أكرمها وابرم معها إتفاقية الهدنة، وهذا التعامل الحسن لم يكرره الاسبان لما انتصروا في معركة العقاب عام 1212 ضد الموحدين، وحتى لما انتصروا نهائيا على المسلمين بالأندلس في سنة 1492 وبعدها، إذ خيروا المسلمين بين الدخول إلى المسيحية أو الطرد .
-2- لا يسعنا سوى أن نشيد بموقف رئيس الوزراء اللبناني حينما زار مدرسة للأطفال وطرح عليه هذا السؤال : 《 ما الفرق بين الشيعة والسنة ؟ 》 وأجاب أن الخلاف سياسي . لكنه لم يعطي الحلول الناجعة لهذا الخلاف، كان عليه أن يجيب أن الحل هو العلمانية الكاملة وتجاوز المحاصصة الطائفية. -3- اللغة العربية ليست جامدة !
ينبغي الحذر من بعض الخلط : التعريب لا يعني الأسلمة، والتمزيغ والفرنكة لا يعنيان العلمنة، هناك حرب خطيرة تشن على العربية بداعي التقليد والجمود، لا أخفي أن يناهز 70 في المئة من أفكاري التحررية اقتبستها من لغتي الأم : اللغة العربية، وهي لغة حية ويجب عليها أن تناضل لتتحرر من القولبة الدينية وتخاطب كل الفنون والعلوم الإنسانية والحقة، وتبقى ذلك الطائر المحلق بحرية في السماء والمترجل فوق الأرض يعلم فراخه أبجديات الطيران، كما يجب عليها أن تتلاقح مع الأمازيغية والفرنسية وكل اللغات وأن تطور معجمها دون خوف أو وجل، لهذا عليها أن تكون لغة الأرض لا لغة السماء، لغة الشارع لا لغة الصالونات، لغة تحرير لا لغة استبداد، لغة الوضعنة و العلمنة لا لغة التراتيل والأدعية، لغة المدنس لا المقدس، إنها هم الإنسان العربي المهدور من طرف إواليات القمع السياسي والاقتصادي والديني. -4- من داخل البيعة ومن داخل المسجد ومن داخل الكنيسة يخرج تكفيري حقود تواق إلى الدم ليس في عينيه الا حقيقة واحدة . أما في المدرسة المدنية كل الحقائق تصافح بعضها البعض . -5- يقول النبي محمد : " حبر العالم خير من دم الشهيد " ورد في التلمود : "العالم لا يحافظ على وجوده إلا بنفس الأولاد الذين يدرسون " . سؤالي للمتطرفين الإسلاميين والصهاينة والمسيحيين، سؤالي للكهنة ورجال الدين في العوالم الثلاثة : متى تستمرون في تجهيلكم لاتباعكم واحتكاركم للتراث ؟ لماذا تتكلابون على الشعوب العربية تارة تحت راية الإمبريالية وتارة تحت راية الصهيونية وتارة تحت راية الإسلام السياسي . ان للشعوب العربية أن ترفع الثقافة وتخرج من التجهيل المسلط عليها وتقرر مصيرها بنفسها . -6- " كنت على وشك أن أنمحي في صحرائك، أن أذوب في شغافك، لكن ها أنا أخرج من لجتك، وكأنني ما كنت أعرفك، صحراء أنت، بيداء أنت . غير أن كوة نور تفتقت من ظلامك، وأرشدتني بعيدا عنك، لا أدري كيف عرفتك، ولا الطريق التي قادتني إليك . أقف منزويا على غروب شمسك، فألتفت خلفك، دون أودعك . وغدا سيحل صباحي . وأعود إلى وهجي . إلى كينونتي " ضد التيار
#عبد_الله_عنتار (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الحراك العشريني: روح الديمقراطية المتجددة
-
لماذا لم نخرج من كبوتنا الحضارية ؟
-
لا ديمقراطية دون صيانة حقوق الأقليات
-
نحو إلغاء الفصل 490
-
تأملات في قضايا العالم القروي
-
في الحاجة إلى العلمانية : نحو نقد متعدد الأبعاد
-
رهان على التحرر: نحو نقد متعدد الأبعاد
-
رهان على الأنسنة: نحو نقد متعدد الأبعاد.
-
تأملات في زمن الكورونا (٥---)
-
تأملات في زمن الكورونا (٤)
-
تأملات في زمن الكورونا (٣)
-
تأملات في زمن الكورونا (٢)
-
تأملات في زمن الكورونا (١)
-
الشغل بين الحرية والاستلاب
-
الشغل بين التحرر والاستلاب
-
هل هناك فلسفة أم فلسفات ؟ حوار مع كتاب (ما الفلسفة؟) للمفكر
...
-
صندوق العجائب : رواية بصبغة إثنوغرافية
-
نحو فلسفة غيرية، إنسانيا وإيكولوجيا
-
هزيمة العرب أمام اسرائيل هزيمة ثقافية وتكنولوجية
-
عرس في دوار أولاد عزوز
المزيد.....
-
دراسة: السلوك المتقلب للمدير يقوض الروح المعنوية لدى موظفيه
...
-
في ظل تزايد التوتر المذهبي والديني ..هجوم يودي بحياة 14 شخصا
...
-
المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه
...
-
عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
-
مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال
...
-
الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي
...
-
ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات
...
-
الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي
-
نزع سلاح حزب الله والتوترات الطائفية في لبنان.. شاهد ما قاله
...
-
الدعم الأميركي لكيان الاحتلال في مواجهة المقاومة الإسلامية
المزيد.....
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
-
الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5
/ جدو جبريل
المزيد.....
|