|
الحلقة الثانية: - ما يجب أن يعرفه كل ثوري عن القمع - فيكتور سيرج - الفصل الأول (حلقة 2)
موقع 30 عشت
الحوار المتمدن-العدد: 6825 - 2021 / 2 / 26 - 13:09
المحور:
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
بعد نشره لترجمة الجزء الأول، الثاني، الثالث والرابع من الفصل الأول كحلقة أولى من ترجمة كتاب "ما يجب أن يعرفه كل ثوري عن القمع"، لكاتبه "فيكتور سيرج". يقدم "موقع 30 غشت" الحلقة الثانية من الفصل الأول، وهي تتضمن الجزء الخامس، السادس، السابع والثامن. ــــــــــ ــــــــــ الحلقة الثانية الفصل الأول: الجزء الخامس والسادس والسابع والثامن
V ــــ مونوغرافية الاستفزاز في موسكو (1912) هناك قطعة أخرى تم اختيارها من أرشيف "الاستفزاز" ستنيرنا حول مدى هذا الأخير، ويتعلق الأمر بنوع من مونوغرافية "الاستفزاز" في موسكو سنة 1912، إنه تقرير لموظف كبير، هو السيد م. فيساريونوف، الذي كان قد تم تكليفه هذه السنة بجولة تفتيشية إلى الوكالة السرية في موسكو. أنجز فيساريونوف هذا، مهمته من 1 إلى 22 أبريل 1912، وقد شكل تقريره هذا، كتابا كبيرا مطبوعا بالآلة الكاتبة، وضع فيه لكل "مستفز" بطبيعة الحال لقبا وملاحظة مدققة مخصصة له، هناك ملاحظات مثيرة جدا للفضول. في 6 أبريل 1912، كان هناك 55 من عملاء "الاستفزاز" في الخدمة رسميا في موسكو، وقد تم توزيعهم على الشكل التالي: الاشتراكيون الثوريون: 17، الاشتراكيون الديموقراطيون: 20، الفوضويون: 3، الطلبة (حركة المدارس): 11، المؤسسات الخيرية الخ: 2، الجمعيات العلمية: 1، زمستوفز (البلديات): 1. و "تراقب الوكالة السرية في موسكو الصحافة أيضا، والأكتوبريين (حزب الكاديت: الحزب الدستوري الديموقراطي)، عملاء بورتزيف، الأرمن، أقصى اليمين واليسوعيون". يتم تمييز المتعاونين عموما، بملاحظة مختصرة، مدونة تقريبا على النحو التالي: "الحزب الاشتراكي الديموقراطي (المجموعة البلشفية): بارتنوي: (الخياط) خراط الخشب، ذكي، في الخدمة منذ عام 1910، يتلقى 100 روبل شهريا، متعاون مطلع جدا، سيكون مرشحا في الدوما، شارك في الندوة البلشفية في براغ (المقصود هنا ندوة براغ 1912، التي عقدها البلاشفة). من خمسة مناضلين تم إرسالهم من طرف الندوة إلى روسيا، ثلاثة منهم تم اعتقالهم ...". علاوة على ذلك، لنعد إلى الندوة البلشفية في براغ، فمسؤولنا الكبير في الشرطة مسرور بالنتائج التي حصل عليها العملاء السريون، فقد تمكن البعض منهم من التسلل إلى اللجنة المركزية، واحد منهم واش ("بياع" بالتعبير المغربي)، كلفه الحزب بنقل أدبياته إلى روسيا، "نحن بالتالي نقبض على كل مستلزمات الدعاية"، هذه ملاحظة شرطينا. هنا نفتح قوسا، نعم بالفعل، لقد كانوا يقبضون على مستلزمات الدعاية البلشفية في ذلك الوقت، فهل تقلصت فعالية هذه الدعاية بفعل هذا الأمر؟ هل فقدت كلمة لينين المطبوعة شيئا من قيمتها، لكونها مرت على الأيادي الوسخة للوشاة؟ إن الكلمة الثورية لديها كل قوتها في حد ذاتها، هي فقط في حاجة لمن يسمعها ولا يهم من ينقلها. إن نجاح "الأوخرانا" لا يمكن اعتباره حاسما حقا إلا إذا كان قادرا على منع تزويد المنظمات البلشفية الروسية بالأدبيات الآتية من الخارج، والحال أن "الأوخرانا" لا يمكنها أن تفعل ذلك إلا في حدود معينة، وإلا فإنها ستكشف أوراقها. IV ــــ ملفات عملاء الاستفزاز (عملاء محرضون) من هو العميل المحرض؟ لدينا الآلاف من الملفات التي سنجد فيها مستندات وفيرة عن شخص وأفعال هؤلاء البؤساء، فلنتتبع بعضها. الملف 378: - جوليا أوريستوفناسيروفا (المعروفة باسم برافديفي- الصادقة - وأوليانوفا). وعن سؤال وزير حول خدمة هذه المتعاونة المفصولة (أصبحت ورقة محروقة)، يجيب مدير الشرطة بتعداد إنجازاتها الكبيرة. وتتضمن الرسالة أربع صفحات كبيرة، ألخص ذلك، ولكن بالمعنى النصي تقريبا: عملت جوليا أرستنوفاسيروفا من شتنبر 1907 إلى 1910 في مراقبة منظمات الاشتراكية الديموقراطية، وشغلت مناصب مهمة نسبيا في الحزب، واستطاعت أن تقدم خدمات كبيرة في بتروغراد المدينة كما في الإقليم، وقد تمت سلسلة اعتقالات اعتمادا على هذه المعلومات، التي قدمتها، وفي شتنبر 1907 ساهمت في القبض على نائب الدوما سيرج سلتكوف، وفي نهاية أبريل 1908، ساهمت في القبض على أربعة مناضلين وهم: ريكوف، نوغين، "غريغوار"و "كامينيف". في 9 ماي 1908، ساهمت في القبض على مجلس الحزب بكامله، وفي خريف نفس السنة ساهمت في اعتقال "بريء"، دوبروفنسكي عضو اللجنة المركزية، وفي فبراير 1909 ساهمت في حجز مواد الطباعة السرية ومكتب جوازات الحزب، وفي 1 مارس 1909 ساهمت في القبض على لجنة بترسبورغ بأكملها. زيادة على ذلك، ساهمت في اعتقال جماعة من اللذين يقومون بأعمال المصادرة (ماي 1907) (المقصود هنا، هو أعمال الحزب من أجل تمويل نفسه كالهجوم على الابناك...) وكذلك في حجز مخزون الأدبيات، وخاصة النقل غير القانوني للأدبيات، التي تمر عبر مدينة فيلنا. في سنة 1908، أطلعتنا على جميع اجتماعات اللجنة المركزية وأشارت إلى مكونات اللجان، وفي سنة 1909، شاركت في ندوة الحزب بالخارج، الذي أعطتنا معلومات عنها، وفي نفس السنة راقبت نشاط ألكسي ريكوف. إنها سجلات الخدمات الجليلة. لكن سيروفا انتهت ورقة محروقة، وقد نشر زوجها، وهو نائب في الدوما في صحف العاصمة أنه لم يعد يعتبرها زوجته. لقد فهمنا. وبما أنه لم يعد بإمكانها تقديم خدمات فإن مرؤوسيها قد وضعوا حدا لنشاطها، وسقطت في الفقر، والملف مليء برسائلها الموجهة إلى مدير الأمن: احتجاجات على إخلاصها، تذكير بالخدمات التي قدمتها، طلبات النجدة. لا أعرف شيئا مفجعا أكثر من هذه الرسائل المكتوبة بنرفزة، ومستعجلة لمثقفة. إن "العميلة المحرضة المتقاعدة" كما تصف نفسها في مكان ما، تظهر يائسة ومتضايقة من البؤس، وفي محنة أخلاقية تامة، يجب عليها أن تعيش، بعمل بسيط ومعقول، لكن سيروفا لا تعرف أن تفعل شيئا بيديها، والانهيار الداخلي يمنعها من إيجاد حل. في 16 غشت 1912، كتبت إلى مدير الشرطة: "طفلاي، حيث الأكبر يبلغ 5 سنوات ليس لديهما لا ملابس ولا أحذية، لم يعد لي أثاث، أرتدي ملابس رثة للغاية، فكيف أجد وظيفة؟ إذا لم أحصل على أية مساعدة فسأنتقل إلى الانتحار ..." وقد حصلت على 150 روبلا. رسالة أخرى في 17 شتنبر، مرفقة برسالة لزوجها التي حرص مدير الشرطة على إرسالها: "سترون في الرسالة الأخيرة التي كتبتها إلى زوجي عشية تفكيري في وضع حد لحياتي، كنت ما أزال أدافع عن خدمتي للبوليس، لكن قررت القطع مع ذلك. ليس الأمر لا بالكوميديا، ولا بحثا عن ممارسة تأثير ما، لم أعتقد أنني قادرة على الاستمرار في العيش ...". لكن سيروفا مع ذلك، لم تقتل نفسها، فأياما بعد ذلك بلغت عن عجوز يخبئ السلاح. في النهاية، فإن رسائلها تشكل كتابا ضخما، وها هي واحدة منها مؤثرة: وهذه بعض أسطر وداع موجهة لرجل كان يوما زوجها: "لقد كنت في كثير من الأحيان مذنبة أمامك، وحتى الآن أنا لم أكتب لك، لكن انس الشر، وتذكر حياتنا المشتركة وعملنا المشترك، وسامحني. أنا أغادر الحياة، أنا متعبة، أشعر أن كثيرا من الأشياء انكسرت داخلي، لا أريد أن ألعن أحدا، ومع ذلك فاللعنة على "الرفاق"! " من أين يبدأ الصدق في هذه الرسائل؟ أين تنتهي الازدواجية؟ نحن لا نعرف. نحن أمام روح معقدة، سيئة، مؤلمة، ملوثة، عاهرة، مكشوفة، ومع ذلك، فالأمن لم يبق فاقد الإحساس أمام نداءاتها، فكل واحدة من رسائل سيروفا وضع على حاشيتها بيد رئيس المصلحة وتحمل بعد ذلك قرار الرئيس (المدير): "اصرفوا لها 250 روبلا"، "وافقوا لها على 50 روبلا". "تعلن المتعاونة القديمة وفاة أحد أبنائها، حققوا في الأمر"، كتب المدير. ثم طلبت تزويدها بآلة للكتابة لكي تتعلم الرقن على الآلة الكاتبة، لكن الأمن ليست لديه آلات متوفرة. وفي النهاية أصبحت رسائلها ضاغطة شيئا فشيئا. "باسم أبنائي، كما كتبت، يوم 14 دجنبر، أكتب لكم بالدموع والدم: زودوني ب 300 روبل كآخر مساعدة، فستكفيني دائما"، وقد تمت الموافقة لها على المساعدة شرط أن تغادر بتروغراد. في المجموع، توصلت سيروفا في سنة 1911 ب 743 روبلا ثلاث مرات، وفي سنة 1912، 788 روبلا ست مرات، وكان هذا المقدار لا بأس به في ذلك الوقت. بعد آخر مساعدة تلقتها في فبراير 1914، حصلت سيروفا على عمل في إدارة السكك الحديدية، وفقدته مباشرة بعد اختلاسها قدرا من المال من رفاقها في العمل، وقد تم تسجيل في ملفها: "متهمة بالابتزاز". لم تعد تستحق أية ثقة، ومع ذلك، تسلمت العمل في شرطة السكك الحديدية، لكن بعد تلقي معلومات عنها، تم فصلها. في سنة 1915، طلبت أيضا أن تعمل مخبرة، وفي 28 يناير 1917، عشية الثورة، كتبت هذه السكرتيرة القديمة لأحد اللجن الثورية: "نبالته، السيد مدير الشرطة، تذكره بحسن خدماتها وإخلاصها، واقترحت عليه تزويده بالأخبار حول نشاط الحزب الاشتراكي الديموقراطي، الذي بإمكانها إدخال زوجها الثاني فيه ...". غداة الأحداث الكبرى، التي نحس أنها آتية، أتألم لعدم إمكانية أن أكون نافعة ...". الملف 383: - "أوسيبوف"، هو نيكولاي نكولايفتشفرتسكي، ابن أحد الكهنة، طالب، متعاون سري منذ 1903 من أجل مراقبة المنظمة الاشتراكية الديموقراطية وشبيبة مدارس بافلوغراد. أرسله الحزب سنة 1905 إلى بترسبورغ في مهمة إدخال السلاح إلى فلندا، فتقدم بسرعة إلى مديرية الشرطة لكي يتلقى منها التعليمات. بعد أن شك فيه رفاقه تم اعتقاله، وقد قضى ثلاثة أشهر في الشعبة السرية للأوخرانا، وخرج منها لكي يتم إرساله إلى الخارج، "حتى يتم إعادة الاعتبار له في أعين المناضلين". أنقل، كما ورد في النص، خلاصة تقرير: "يعطي فرتزكي الانطباع عن شاب ذكي تماما، مثقف، ذا تواضع كبير، حي الضمير، صادق. ولنشر في إطار مدحه، بأنه يوفر أكبر قدر من أجرته، 150 روبلا، لصالح والديه المسنين. لقد انسحب هذا الشاب الممتاز في سنة 1915 من الخدمة وظل يتلقى 75 روبلا شهريا. الملف 317: "المريض": هو فلاديمير إفانوفتشلوبرغ، عامل، يكتب بشكل سيء، يعمل في المعمل، ويتلقى 10 روبلات شهريا ". بروليتاري الابتزاز. - ملف 81: "سرغي فاسلييفيتش براؤوتسف،هو ابن عضو في نارودنايا فوليا (إرادة الشعب)، يتباها بكونه ترعرع في وسط ثوري، و أن له علاقات واسعة و نافعة ... " ولدينا آلاف الملفات المماثلة، إن دناءة وبؤس بعض الأرواح البشرية لا يمكن سبر غورها. ليست لدينا معرفة بملفات متعاونين سريين (اثنين) الآتية أسماؤهما، مع العلم أنه كان يجب أن يشار إليهما هنا كحالات نموذجية: مثقف ذو قيمة عالية وخطيب شعبي ... - ستانسلاو برزوزوسكي، كاتب بولوني ذو موهبة عالية، محبوب من قبل الشباب، مؤلف كتابات نقدية حول كانط وزولا وميخايلوفسكي، أفناريوس. "بطل الاشتراكية، التي رأى فيها أعمق توليف للعقل الإنساني، الذي يريد أن يصنع منه نظاما فلسفيا يحتضن الطبيعة والإنسانية"(نابرزود (إلى الأمام بالروسية)، 5 ماي 1908)، ومؤلف رواية ثورية "الشعلة". يتوصل هذا العميل المخبر من الأوخرانا فرع وارسو، نظير تقاريره عن الأوساط الثورية و "الطليعية"، براتب شهري قدره 150 روبلا. - الكاهن جابون روح حركة عمالية بأكملها في بترسبورغ وموسكو، منظم المظاهرة العمالية الدامية في يناير 1905 حيث أطلق الكوزاك نيران بنادقهم على حشد من "المتوسلين"، تحت نوافذ قصر الشتاء، وقد كانت المظاهرة بقيادة كاهنين يحملان صورة القيصر. لقد مثل الكاهن جابون التجسيد الفعلي لإحدى لحظات الثورة الروسية، انتهى به الأمر إلى بيع نفسه للأوخرانا، وبعدما تم التأكد من ممارسته للعمالة، فقد تم شنقه من طرف الاشتراكي الثوري غوتنبرغ. IIV ــــ أحد العائدين، صفحة من التاريخ حتى اليوم، فكل عملاء "الأوخرانا" المخبرين، اللذين لدينا ملفاتهم، لم يتم التعرف عليهم جميعا بعد، ولا يمر شهر بدون اضطرار المحاكم الثورية في الاتحاد السوفياتي لمحاكمة بعض من هؤلاء الرجال، إننا نجدهم ونحدد هويتهم بالصدفة. في سنة 1924، ظهر لنا أحد البائسين، عائدا إلينا من ماضي يعود لخمسين سنة – كان في ثياب رثة يثير الاشمئزاز – لقد كان عائدا بالفعل. هذا العائد أثار صفحة من التاريخ، والتي يجب إدراجها هنا، على الأقل لتسليط الضوء على هذه الصفحات الملونة بالطين بقليل من إشعاع البطولة الثورية. لقد قدم هذا العميل المحرض 37 سنة من الخدمة الجيدة (من 1880 إلى 1917)، وكرجل مسن رث، استطاع أن يحبط عمليات البحث عنه من طرف "التشيكا" لمدة سبع سنوات. ... في حوالي سنة 1879، كان الطالب البالغ من العمر 20 سنة، أوكلادسكي الثوري منذ سن 15 سنة، عضو ا في حزب نارودنايا فوليا (إرادة الشعب) كإرهابي، قد أعد بمعية جيليابوف عملية ضد القيصر ألكسندر الثاني، فالقطار الامبراطوري كان عليه أن يفجر، لكنه مر على الألغام دون وقوع حادث، لأن الآلة الجهنمية التي تم وضعها لم تشتغل، هل هو حادث عرضي؟ لقد صدقنا ذلك. لكن 16 ثوريا، من بينهم أوكلادسكي. كان عليهم أن يؤدوا ثمن "الجريمة"، فقد حكم على أوكلادسكي بالإعدام، هل بدأت مسيرته المتألقة؟ هل كانت قد بدأت قبل ذلك بالفعل؟ لقد منحته رحمة الامبراطور السجن المؤبد. هنا، تبدأ على كل حال سلسلة الخدمات القيمة، التي كان على أوكلادسكي تقديمها إلى شرطة القيصر. في القائمة الطويلة من الثوريين اللذين قدمهم، كان هناك أربعة من أجمل الأسماء في تاريخنا: براكينوف، جليابوف، تريغوني، فيرا فغنر، من هؤلاء الأربعة وحدها فيرا نيكولايفنا فغنر تمكنت من النجاة، فقد قضت 20 سنة في قلعة شلوسبورغ، التي توفي فيها برانيكوف، أما تريغوني، بعد أن عانى 20 سنة في هذه القلعة، وقضى أربع سنوات في المنفى في ساخلين، قد رأى قبل أن يموت في يونيو 1917 انهيار الأتوقراطية، أما جليانوف فقد أعدم شنقا. ينتمي كل هؤلاء الشجعان إلى كوادر نارودنايا فوليا، أول حزب ثوري روسي، أعلن قبل ولادة الحركة البروليتارية، وأعلن الحرب على الأوتوقراطية، كان برنامجها برنامج ثورة ليبرالية، كان من شأن إنجازها أن يعني تقدما هائلا بالنسبة لروسيا، في وقت لم يكن فيه من الممكن القيام بأي عمل آخر، استعملت الإرهاب للضرب بلا هوادة رأس القيصرية، التي أصابها الذعر في بعض الأحيان، وقطع رأسها في 1 مارس 1881. في هذا النضال لحفنة من الأبطال ضد كل هذا المجتمع القديم المسلح بقوة، نشأت عادات وتقاليد وذهنيات، جعلتها البروليتاريا مستمرة ودائمة، كان عليها أن تصلب، من أجل انتصار أكتوبر 1917، عدة أجيال من الثوريين. من بين كل هؤلاء الأبطال لعل أندري جليابوف، يمكن أن يكون هو الأكبر، ولا شك أنه قدم أعظم الخدمات للحزب، الذي ساهم في تأسيسه. لقد وشي به من طرف أوكلادسكي، فألقي عليه القبض في 27 فبراير 1881 في شقة في نيفسكي بصحبة محام شاب من أوديسا، وهو تريغوني، كان أيضا عضو في اللجنة التنفيذية "الغريبة" لنارودنايا فوليا. يومان بعد ذلك الاعتقال، مزقت قنابل الحزب، ألكسندر الثاني في أحد شوارع بترسبورغ، وفي اليوم الثاني تلقت السلطات القضائية خطابا مذهلا من جليابوف المسجون في بيير – إي – بول. إنه من النادر أن يتلقى قضاة وملك مثل هذا الصفعة، وناذرا ما استطاع رئيس حزب أن ينجز بهذا القدر من الفخر آخر واجباته. تقول هذه الرسالة: "إذا كان الملك الجديد، الذي استلم الصولجان "بفضل الثوار"، يعتزم التمسك ببقايا النظام القديم، إذا كان يعتزم إعدام ريساكوف، فإن الظلم سيكون صارخا إذا ما أبقاني على الحياة، أنا الذي طالما حاولت عدة مرات النيل من حياة ألكسندر الثاني، وأن خطئا حدث بالصدفة منع من المشاركة في تنفيذه. أحس أنني قلق للغاية لمجرد التفكير أن الحكومة يمكن أن تعطي قيمة للعدالة الشكلية أكثر من العدالة الحقيقية، وأن تزين تاج الملك الجديد بجثة بطل شاب، فقط بسبب عدم وجود أدلة رسمية ضدي أنا، المحارب القديم المتمرس في الثورة. بكل قوة روحي، فأنا أحتج ضد هذا الظلم، و وحده جبن الحكومة، يمكنه أن يشرح أنه لماذا لم يتم وضع مشنقتين بدل واحدة". لقد نصب القيصر الجديد ألكسندر الثالث ستة مشانق للثوريين، و في اللحظة الأخيرة، تم العفو عن امرأة شابة جيسي جويلفمان و هي حامل، و توفي جليابوف (شنقا)إلى جانب شريكته صوفيا بروفسكايا مع ريساكوف(الذي خان دون داع) و ميخائيلوف و الكيميائي كيبالتشتش، و عانى ميخائيلوف من عذاب أليم ثلاث مرات، عندما قد قطع حبل الجلاد مرتين و سقط مرتين، ملفوفا في كفنه و معصوب العينين من أجل أن يقف بنفسه. ... ومع ذلك، واصل العميل المحرض أوكلادسكي خدماته، ومن بين الشباب المعطاء "الذي كان يذهب إلى الشعب"، إلى الفقر، إلى السجن، إلى المنفى، إلى الموت بلا كلل لتمهيد الطريق إلى الثورة، كان من السهل حدوث اختراقات! بمجرد أن حل أوكلادسكي بكييف، قام بتسليم إلى البوليس سودايكين وفيرا نيكولايفنا فيغنر، ثم خدم في تيفليس، كمحترف حذق في الخيانة، وخبير في فن ربط العلاقات مع أحسن الناس، وكسب التعاطف ومشاركة الحماس، وبعد ذلك في يوم ما، بإشارة واحدة يدفن رفاقه أحياء، فيتلقى التعويضات المنتظرة. في سنة 1889، دعته الشرطة الإمبراطورية إلى سان بترسبورغ، حيث قام الوزير دورنوفو، "بتطهير" أوكلادسكي من كل ماضي سيء، بجعله "المواطن الشرفي "، بتروفسكي، الثوري دائما، بطبيعة الحال، وكاتم سر الثوريين. كان عليه أن يبقى "نشيطا" حتى ثورة مارس 1917. وإلى غاية 1924، نجح في أن يكون فقط مواطنا هادئا في بتروغراد، بعد ذلك تم حبسه في لينينغراد في نفس السجن، الذي كان فيه ضحاياه ينتظرون الموت. وقد وافق على كتابة اعترافات حول حياته إلى غاية سنة 1890، بعد هذا التاريخ، لم يرغب العميل المحرض القديم قول كلمة واحدة، وقد وافق فقط على الحديث عن حقبة لم ينج منها أي شخص تقريبا – من بين الثوريين- لكن كان هو قد ملأها أمواتا وشهداء... لقد حاكمت المحكمة الثورية بلينينغراد أوكلادسكي في 15 يوما الأولى من شهر يناير 1925. الثورة لا تنتقم، فهذا العائد ينتمي إلى ماضي بعيد جدا وميت جدا. لقد أخذت هذه المحاكمة التي قادها قدامى الثورة شكل نقاش علمي للتاريخ وعلم النفس، وكانت هذه الدراسة أكثر الوثائق الإنسانية إثارة للحزن. وقد تم الحكم على أوكلادسكي بالسجن لمدة 10 سنوات. IIIV ــــ مالينوفسكي لنتوقف مرة أخرى قليلا عند حالة عميل محرض، كما يعرف تاريخ الحركة الثورية الروسية الكثير منها: إنه العميل المحرض أحد قادة الحزب، إليكم مالينوفسكي، تلك الشخصية الغامضة: في صباح أحد الأيام من سنة 1918 غداة ثورة أكتوبر، السنة الرهيبة: حرب أهلية، مصادرات في البوادي، أعمال التخريب التي يقوم بها التقنيون، مؤامرات، انتفاضة التشيكوسلوفاكيين، التدخلات الأجنبية، السلام سيء السمعة (بتعبير لينين) بريست لتوفسك، محاولتان لاغتيال فلادميرإليتش. في أحد الصباحات من هذا العام، تقدم رجل بشكل هادئ إلى قائد قصر سمولني (بتروغراد)، وقال له: "أنا مالينوفسكي العميل المحرض، من فضلك اعتقلني". ولإن الفكاهة لها مكانها في جميع المآسي، كاد قائد سمولني أن يطرد هذا الضيف المزعج: "أنا ليست لدي أية أوامر! و "ليس من شأني أن أوقفك"، "إذن خذني إلى لجنة الحزب"، وفي اللجنة سيتم التعرف بذهول عن الشخص الأكثر كرها واحتقارا في الحزب، لقد تم القبض عليه. يمكن تلخيص مساره في كلمتين: وجه العملة: مراهقة صعبة، ثلاثة أحكام بسبب السرقة، موهوب جدا، نشيط جدا، مناضل في منظمات متنوعة، ونظرا للتقدير الذي بدأ يحظى به في سنة 1910، عرض عليه الدخول إلى اللجنة المركزية للحزب العمالي الاشتراكي الديموقراطي الروسي، وفي الندوة البلشفية في براغ 1912 سينالها بالفعل، وفي نهاية نفس السنة كان نائبا بلشفيا في الدوما الرابعة للإمبراطورية، وفي سنة 1913، أصبح رئيس المجموعة البرلمانية البلشفية. ظهر العملة: مخبر "الأوخرانا" ("إرنست" ثم "الخياط" منذ 1907 وابتداء من 1910، حصل على مرتبات تقدر ب 100 روبل كل شهر (أجر يسمح بعيش أمير)، يقول بليتسكي وهو رئيس شرطة سابق: "كان مانيلوفسكي فخرا للأمن، الذي أصر على أن يجعل منه واحدا من رؤساء الحزب"، عمل على اعتقال مجموعات بلشفية في موسكو، تولا ... سلم إلى البوليس كلا من مليوتين ونوغين وماريا سميدوفتش، وستالين وسفردلوف. وقد سلم الوثائق السرية للحزب للأوخرانا، تم انتخابه لمجلس الدوما بمساعدة فعالة وسرية من البوليس. بعد كشفه، تلقى مكافأة كبيرة من وزارة الداخلية واختفى. وقد أتت الحرب وسقط معتقلا في يد الجيش، وعاد إلى النضال في معسكر اعتقال. عاد في النهاية إلى روسيا لكي يصرح أمام المحكمة الثورية: "أطلقوا النار علي!". لقد أكد أنه عانى بشدة من حياته المزدوجة، وأنه لم يفهم الثورة جيدا إلا متأخرا جدا، وترك الطموح وعقلية المغامرة تجرانه. وقد دحض كريلينكو بدون رحمة هذا الدليل، يمكن أن يكون صادقا: ف "المغامر يلعب ورقته الأخيرة". لا يمكن لثورة أن تتأخر بفك رموز الألغاز النفسية، ولا يمكن أن تتعرض لخطر التعرض للخداع مرة أخرى من قبل لاعب مضطرب وعاطفي، لقد أصدرت المحكمة الثورية حكمها، الذي طالب به كل من المتهم (بفتح التاء) والمتهم (بكسر التاء). بعد ساعات قليلة، تم إطلاق النار بشكل غير متوقع على مالينوفسكي وهو يعبر فناءا منفصلا عن الكرملين.
ترجمة أحمد الشرقاوي ــــــــ ــــــــ ــــــــ الحلقة الثانية بصيغة ب.د.ف. على موقع 30 غشت http://www.30aout.info
#موقع_30_عشت (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
أزمة الرأسمالية العالمية والصراع الطبقي البكتيريولوجي - وجهة
...
-
- ما يجب أن يعرفه كل ثوري عن القمع - فيكتور سيرج - الفصل الأ
...
-
الحلقة الرابعة: منظمة -إلى الأمام- الماركسية اللينينية المغر
...
-
-ما يجب أن يعرفه كل ثوري عن القمع-
-
وثيقة تاريخية بمناسبة الذكرى 48 لحظر -الاتحاد الوطني لطلبة ا
...
-
الذكرى 43 لاستشهاد المناضلة الماركسية اللينينية الثورية الم
...
-
الحلقة الثالثة: منظمة -إلى الأمام- الماركسية اللينينية المغ
...
-
الحلقة الثانية: منظمة -إلى الأمام- الماركسية ــ اللينينية ال
...
-
منظمة -إلى الأمام-: كرونولوجيا سياسية محاولة تفصيلية وشاملة
-
جريدة -إلى الأمام-: عدد 19 - يناير 1974 - من وثائق المرحلة ا
...
-
من وثائق المرحلة الثورية من تاريخ منظمة -إلى الأمام-: نشرة -
...
-
من وثائق الخط الثوري لمنظمة -إلى الأمام-: - ضد الأساليب الخا
...
-
جديد منشورات موقع 30 غشت
-
بيان الذكرى الخمسون لتأسيس منظمة -إلى الأمام- الماركسية اللي
...
-
بلاشفة منظمة -إلى الأمام- الماركسية – اللينينية -- المحترفون
...
-
موقع 30 غشت - خمس سنوات على الانطلاقة -
-
إصدار جديد: -الصراعات الطبقية بالمغرب وحركة 20 فبراير: السيا
...
-
منشورات جديدة: الخط التحريفي (1980 1994):-مجلة إلى الأمام-
-
في الذكرى الثانية والأربعون لاستشهاد الرفيقة الشيوعية المارك
...
-
في الذكرى الخامسة والأربعين لاستشهاد الرفيق القائد الشيوعي ا
...
المزيد.....
-
أعضاء يساريون في مجلس الشيوخ الأمريكي يفشلون في وقف صفقة بيع
...
-
شولتس أم بيستوريوس ـ من سيكون مرشح -الاشتراكي- للمستشارية؟
-
الأكراد يواصلون التظاهر في ألمانيا للمطالبة بالإفراج عن أوجل
...
-
العدد 580 من جريدة النهج الديمقراطي
-
الجبهة المغربية ضد قانوني الإضراب والتقاعد تُعلِن استعدادها
...
-
روسيا تعيد دفن رفات أكثر من 700 ضحية قتلوا في معسكر اعتقال ن
...
-
بيان المكتب السياسي لحزب النهج الديمقراطي العمالي
-
بلاغ صحفي حول الاجتماع الدوري للمكتب السياسي لحزب التقدم وال
...
-
لحظة القبض على مواطن ألماني متورط بتفجير محطة غاز في كالينين
...
-
الأمن الروسي يعتقل مواطنا ألمانيا قام بتفجير محطة لتوزيع الغ
...
المزيد.....
-
الثورة الماوية فى الهند و الحزب الشيوعي الهندي ( الماوي )
/ شادي الشماوي
-
هل كان الاتحاد السوفييتي "رأسمالية دولة" و"إمبريالية اشتراكي
...
/ ثاناسيس سبانيديس
-
حركة المثليين: التحرر والثورة
/ أليسيو ماركوني
-
إستراتيجيا - العوالم الثلاثة - : إعتذار للإستسلام الفصل الخا
...
/ شادي الشماوي
-
كراسات شيوعية(أفغانستان وباكستان: منطقة بأكملها زعزعت الإمبر
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
رسالة مفتوحة من الحزب الشيوعي الثوري الشيلي إلى الحزب الشيوع
...
/ شادي الشماوي
-
كراسات شيوعية (الشيوعيين الثوريين والانتخابات) دائرة ليون تر
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
كرّاس - الديمقراطيّة شكل آخر من الدكتاتوريّة - سلسلة مقالات
...
/ شادي الشماوي
-
المعركة الكبرى الأخيرة لماو تسى تونغ الفصل الثالث من كتاب -
...
/ شادي الشماوي
-
ماركس الثورة واليسار
/ محمد الهلالي
المزيد.....
|