أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الهجرة , العنصرية , حقوق اللاجئين ,و الجاليات المهاجرة - عبد السلام الزغيبي - قيم اجنبية تحتل شارع -آخرنون- في وسط أثينا














المزيد.....

قيم اجنبية تحتل شارع -آخرنون- في وسط أثينا


عبد السلام الزغيبي

الحوار المتمدن-العدد: 6823 - 2021 / 2 / 24 - 17:03
المحور: الهجرة , العنصرية , حقوق اللاجئين ,و الجاليات المهاجرة
    


يبدو شارع "آخرنون" في العاصمة اليونانية أثينا الذي يمتد على مسافة خمسة كيلومترات طويلاً٬ لكنه أقصر بكثير للسائرين بعدما تراصفت على جانبيه محال يملكها ويديرها مهاجرون من آسيويين وعرب٬ وفدوا إلى اليونان٬ تبيع كل شيء: هواتف محمولة مستعملة٬ مراكز إتصال مع البلاد البعيدة٬ بقالة ، تحويل أموال٬ مطاعم قلاقل وشاروما٬ صالونات حلاقة٬ بضائع رخيصة معروضة بصورة عشوائية٬ محال خياطة أو ترقيعها بعد أن ترك الزمن أثاره الشاخصة عليها.
بالمقابل لا يزال أهل البلاد من اليونانيين يضعون أيديهم على ما تبقى من مهن يحتضنها الشارع: مقاه، مكاتب الجنائزات، تصليح الأقفال والمفاتيح، محال لبيع الخمور٬ وأخرى للمكسرات، عيادات البصريات، ستوديوهات التصوير الفوتوغرافي، محطات الوقود، مطاعم، ساحات خاصة لوقوف السيارات٬ وصيدليات. وهي مهن من الصعوبة أن يتنافس فيها الأجنبي مع اليوناني في سوح الشارع.
آخرنون" ويبدو للذهنية العربية ان الاسم هو لحرف النون الأخير"
٬ لكنه استمد تسميته من بطل أسطوري إغريقي٬ وله أنشد المغني ستاميتس كوكوتاس أغنيته "شارع آخرنون" الذي يشير فيها إلى بيوت المتعة الرخيصة التي تعلق على أبوابها ضوءاً أحمر للدلالة٬ مركزاً على معاناة بنات تلك البيوت اللواتي يبيعن أجسادهن٬ المكتويات بالفواجع٬ أمام سهو ولا مبالاة الآخرين الباحثين عن متعهم الذاتية.

الشارع الذي يبدأ من ساحة" فاثيس" مروراً بعدد كبير من الأحياء والطرق الفرعية٬ وصولاً إلى " نيو خالكيذونا". فهو يتوسط مركز المدينة وطريقاً يصل بكل الجهات٬ ولرخص منازله٬ اتخذه الأجانب الذين وفدوا إلى اليونان خلال العقدين الأخيرين٬ مستقراً لهم٬ لهذا لامسه التغيير بعدما غلفوه بعاداتهم وسلوكهم وطبيعية علاقتهم.
جذب الشارع في العقود الماضية٬ الطبقة الوسطى٬ وبعض العوائل الثرية٬ وهذا ما يمكن ملاحظته من المنازل القديمة التي لا تزال ماثلة٬ مشيرة إلى العز الذي عاشته ماضياً.
حاضراً لم يعد مكاناً لذلك العز الغارب٬ فروائح الشرق وتوابله اكتسحت المكان٬ في حيت تعرض المحال بضاعتها الرخيصة بطريقة تشير علناً إلى ضعف الانتماء للمكان٬ وثمة أمثال عربية كثيرة تزدري المكان الذي لا يعرفك أحد فيه٬ ويمكنك أن تمارس حريتك غير المشروطة في سوحه.
في تجوالي في "شارع آخرنون" شاهدت ما تركته الهزة المالية التي عصفت في اليونان٬ كذلك آثار فايروس كوفيد. هنا تلاحظ الكثير من النتائج المدمرة التي فرضت على اليونان: أكشاك مغلقة، نواد ليلية هجرها الساهرون، حانات أوصدت أبوابها، كازينوهات ومسارح خاوية بعدما كانت ذات زمن عامرة بزبائنها.
في المساء، ومع حلول خيوط العتمة الظلام، تدب الحياة في الشارع بعد إجازة نهارية. في الليل تبدأ الحياة تسري في جسد الشارع٬ حيث تمتلئ مقاهي الشيشة٬ فيما يقف أمام مطاعم الشاورما والفلافل زبائن بانتظار طلباتهم، وثمة حشد من المارة على جانبيه. تتكرر المشاهد في "آيوس باندليمنو" و"كاتو باتيسيا" وغيرها من ميادين يواصل الشارع امتداده عبرها٬ لتمنحه شهيق الحياة بعد إجازة نهارية قصيرة.
يشارك الغجر الروم حشود اللاجئين في "شارع آخرنون"٬ حيث وجدوا متسعاً لبيع الفاكهة والخضروات التي يشترونها من مزارع بعيدة بسعر رخيص ليبيعوها في زوايا الشارع ما يوفر لهم هامشاً من الربح.
ورغم البضائع العروضة على أرصفة الشارع٬ إلا أن هناك بضاعة مخفية يحتويها الشارع٬ إذ ينتشر المهربون الذين يبيعون وعود السفر إلى شمال أوروبا٬ أمل أغلب اللاجئين الباحثين عن مستقر بعدما ضاقت بهم أوطانهم.
تتوزع على الشارع صالونات حلاقة يديرها عراقيون ومغاربة٬ موسيقى وأغان شرقية لجذب الزبائن من أبناء جلدتهم٬ ولتحريض الذاكرة عن وطن بعيد لا يزال يعيش في قلوبهم. أغان تحمل الكثير من لوعة الحب والفراق.
في موقف الحافلة خلال انتظاري اقترب مني طفلان صغيران٬ لبناني وعراقي٬ على ما يبدو٬ عرضا عليً سجائر أجنبية مهربة رخيصة الثمن قياساً للسعر الرسمي. أخفيا علب السجائر في جيوب داخلية بملابسهما. قلت لهما: أنا لا أدخن٬ غادرا بحثاً عن زبون محتمل آخر.

قيمة الإيجارات في "شارع آخرنون" كانت رخيصة٬ نتيجة اكتضاضه٬ ولكن مع هجمة اللاجئين واحتلاله٬ شهدت إيجارات المنازل والمحال صعوداً ملحوظاً٬ بالمقابل انتعاش الشارع كان فرصة ذهبية لهيئة التامينات الاجتماعية "الايكا" ومصلحة الكهرباء والبلدية من قيمة الخدمات التي يدفعها هؤلاء الأجانب الذين منحوا الشارع فرصة الحياة بعد أن كاد الأوكسجين عن ينقطع عن رئيته.

في "شارع آخرنون" الذي يتوسط العاصمة اليونانية تسمع عبارات وجمل عربية وباكستانية وأخرى بنغالية٬ وسحنات تحمل سمات تلك لدول٬ وقيم مرتبطة هناك..حتى تشعر أنك ليس في أوروبا أبداً٬ بل في تلك البلاد البعيدة بكل تفاصيل الحياة.



#عبد_السلام_الزغيبي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العين في التراث الغنائ الشعبي الليبي
- ذكريات سينمائية في البيضاء الليبية
- من عادات الشعوب...شعب المكرونة....
- أنقذوا ارشيف ليبيا التاريخي
- فنجان قهوة...
- الزرازير..والبشر في ليبيا
- لا عزاء للمشككين والرافضين ... التطعيم بدأ
- عيد الميلاد في اليونان وجائحة كورونا
- كناري محاصر بالعذاب..
- فضاءات مسرحية مفاهيم واتجاهات
-   عازف الاكورديون...ينثر البهجة في الشوارع
- أثينا بين الصمت والهذيان
- عازف الاكورديون...ينثر البهجة في الشوارع
- الكلاب في زمن الكورونا
- معمرة يونانية نموذج من أمهات الماضي
- طبيبتي الصغيرة مرضت
- شطيرة سمك التونة بالهريسة الحارة
- * شاعر الشباب والحب... سامحنا
- قراءة في كتاب الحركة المسرحية في بنغازي
- بلد العميان...


المزيد.....




- -جزيرة النعيم- في اليمن.. كيف تنقذ سقطرى أشجار دم الأخوين ال ...
- مدير مستشفى كمال عدوان لـCNN: نقل ما لا يقل عن 65 جثة للمستش ...
- ضحايا الهجمات الإسرائيلية على قطاع غزة تتخطى حاجز الـ44 ألف ...
- ميركل.. ترامب -معجب كل الإعجاب- بشخص بوتين وسألني عنه
- حسابات عربية موثقة على منصة إكس تروج لبيع مقاطع تتضمن انتهاك ...
- الجيش الإسرائيلي: اعتراض مسيرة أطلقت من لبنان في الجليل الغر ...
- البنتاغون يقر بإمكانية تبادل الضربات النووية في حالة واحدة
- الجيش الإسرائيلي يعلن مقتل أحد عسكرييه بمعارك جنوب لبنان
- -أغلى موزة في العالم-.. ملياردير صيني يشتري العمل الفني الأك ...
- ملكة و-زير رجال-!


المزيد.....

- العلاقة البنيوية بين الرأسمالية والهجرة الدولية / هاشم نعمة
- من -المؤامرة اليهودية- إلى -المؤامرة الصهيونية / مرزوق الحلالي
- الحملة العنصرية ضد الأفارقة جنوب الصحراويين في تونس:خلفياتها ... / علي الجلولي
- السكان والسياسات الطبقية نظرية الهيمنة لغرامشي.. اقتراب من ق ... / رشيد غويلب
- المخاطر الجدية لقطعان اليمين المتطرف والنازية الجديدة في أور ... / كاظم حبيب
- الهجرة والثقافة والهوية: حالة مصر / أيمن زهري
- المرأة المسلمة في بلاد اللجوء؛ بين ثقافتي الشرق والغرب؟ / هوازن خداج
- حتما ستشرق الشمس / عيد الماجد
- تقدير أعداد المصريين في الخارج في تعداد 2017 / الجمعية المصرية لدراسات الهجرة
- كارل ماركس: حول الهجرة / ديفد إل. ويلسون


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الهجرة , العنصرية , حقوق اللاجئين ,و الجاليات المهاجرة - عبد السلام الزغيبي - قيم اجنبية تحتل شارع -آخرنون- في وسط أثينا