أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - داود السلمان - العقل عند المعري1/ 2














المزيد.....

العقل عند المعري1/ 2


داود السلمان

الحوار المتمدن-العدد: 6819 - 2021 / 2 / 20 - 18:34
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


يقسّم المعري الناس الى فئتين: عقلاء، ومجانين فاقدين الشعور والصواب. فالعقلاء يتبعون منطق العقل فلا يدينون بأي دين (يقصد إن الدين لا ينسجم والعقل) والمجانين غالبًا ما يتبعون دين بعينه اذ يرونه هو الحقيقة المطلقة وغيره من الديانات الاخرى المتعددة باطلة ومضللة "اثنان أهل الأرض: ذو عقــلٍ بلا ديــن وآخر ديِّنٌ لا عقل لهْ". لذلك نجد الاديان تقتل بعضها بعضًا، ويكفّر بعضها بعضًا، بل وصل الامر الى إن الدين الواحد صار يكفّر بعضه بعضًا، بعد إن تحول الى فرق ومذاهب وملل ونحل. فالمعري يشجب هذا الفعل، أعني الدين الذي يفرق الناس ويخرب المجتمعات المتحابة وفق هذه المبادئ (مبادئ التكفير) فهي لا تستند الى العقل ولا للمنطق السليم، والدليل هو ما فعلته الاديان بكثرتها، وعلى مدى تاريخها الطويل، من حروب واقتتال وكوارث إنسانية الى يومنها هذا؛ فالمعري يحذرنا من مغبة هذه الاديان، وإن نتحكم الى العقل فهو المعيار الصحيح لقياس الاشياء وهو المُهدي الى سبيل النجاة.
يؤمن المعري بالعقل ويدعو جميع العقلاء الى اتخاذه معبرًا للوصول الى الضفة الاخرى وهي شاطئ الامان، حيث نهتدي، ومن خلال هداية العقل، الى الصواب وتجنب التيه والضلال، الذي اضلت فيه الامم السابقة، من حيث إنها لم تتخذ العقل الميزان الذي تزن به قضاياها المصيرية، فتجاوزته ولم تعطه اهمية تُذكر، بل استهانت بالعقل وجعلته مقصّرا وقاصرا في الوصول الى كنه حقائق كثيرة في الوجود، فهو بمعنى آخر عاجز عن ذلك!، اذ كان يرى افلاطون إن العقل يصيبه العجز امام قضايا لا يدركها، ظواهر كثيرة ماورائية فهو محدود ولا يمكن أن نقيس به كل الاشياء، على حد تعبير افلاطون. وجاء بعد ذلك الغزالي فاتبع نهج افلاطون في نظرته الى العقل فاتفق مع افلاطون في ذلك، حتى جاء ايمانويل كانت الفيلسوف الالماني فحاول أن يحد من ادراكات العقل متفقًا مع افلاطون والغزالي، وليس هذا فحسب، بل إنه انتقد العقل نفسه وهو اول فيلسوف ينتقد العقل لاسيما في كتابه "نقد العقل المحض" وقال كانت في كتابه هذا، إن الفلاسفة الذين سبقوه كانوا ينتقدون كل الافكار والاطر الفلسفية من خلال العقل، إي انهم جعلوا العقل هو المعيار في ذلك، ولم يتسن لأحدهم أن نقد العقل، فكانت وضع منهج خاص في نقد العقل.
المعري يعد العقل جوهرة ثمينة، وهذه الجوهرة هي التي تميزنا عن بقية المخلوقات الاخرى من حيوانات غير ناطقة وغيرها، فالناطقية قد تقصر، فمثلا المجنون يستطيع النطق، بل احيانًا يكون نطقه سليمًا اكثر من سواه، لكنه فاقدا للعقل، فهو هنا يتساوى مع الحيوان بل قد يكون الحيوان افضل منه في احيايين كثيرة، فثمة مجانين يكونون بطبعهم عنفيين يقومون بأعمال ضرب واعتداء على الآخرين، بل واحيانا يضربون انفسهم ويعتدون حتى على الطبيب المعالج. فالعقل يجعلنا متزنين نفكر بكل الامور قبل الاقدام على القيام بها، فاذا رأيناها منسجمة مع العقل والمنطق وليس فيها اضرار للناس ولأنفسنا، وفيها فائدة عامة أو خاصة نفعلها ونحن باطمئنان تام لأنها موافقة للعقل، فالأبله والساذج ومحدود الوعي لا يمكن أن تظمئن اليهم القلوب ولا يمكن مشاورتهم بمشورة او بقرارات مصيرية، بل الصحيح أن نتبع اصحاب العقول فنجالسهم ونستمع الى مشورتهم ونستأنس الى رأيهم، ولا ضير أن نتخذهم اساتذة ومعلمين ومثل اعلى ناطقين بالمعرفة والحكمة والفلسفة.
ايمان المعري بالعقل لم يأت عن فراغ وهو الحكيم العاقل، فهو درس الفلسفة اليونانية وتأثر ببعض العلانيين منهم وعلى رأسهم ارسطو فمنطق ارسطو واضح في تأثيره على فلسفة المعري، اذ كان ارسطو واقعي بعكس استاذه افلاطون المثالي، وقد القت واقعية ارسطو بظلالها على فلسفة المعري، فالمعري واقعي يتبع العقل، فلا نعرف الواقعية الا من خلال العقل، والمثالية يصعب تطبيقها على ارض واقعنا المرير، فالنظرية التي وضعها افلاطون في جمهوريته صعبة المنال، كذلك مثالية الفارابي في مدينته الفاضلة حيث نهج النهج ذاته لدى افلاطون.



#داود_السلمان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العقل عند المعري2/ 2
- علي شريعتي المفكر الثائر2/ 2
- علي شريعتي المفكر الثائر1/ 2
- شقشقة
- نعم
- هل الاسلام يحرّم الفنون الجميلة!؟
- شذرات
- سعدي الحلي صوت نشاز لخراب آخر
- عبد الجبار الرفاعي وخزعل الماجدي
- بعد طول انتظار
- برهان البعرة وابتسامة ايمانويل كانت
- من هو المثقف الديني الناقد؟
- (غبار الهذيان) قصيدة داود السلمان.. رؤية انطباعية
- غبار الهذيان
- نداء البحر
- ملامح الدهشة في نص(الغارقون بأحلام منفية)داود السلمان*
- جحيم ابيض!
- مكابرة غير يائسة
- حانة الدرويش
- لربما


المزيد.....




- فوضى في كوريا الجنوبية بعد فرض الأحكام العرفية.. ومراسل CNN ...
- فرض الأحكام العرفية في كوريا الجنوبية.. من هو يون سوك يول صا ...
- لقطات مثيرة لاطلاق صاروخ -أونيكس- من ساحل البحر الأبيض المتو ...
- المينا الهندي: الطائر الرومنسي الشرير، يهدد الجزائر ولبنان و ...
- الشرطة تشتبك مع المحتجين عقب الإعلان عن فرض الأحكام العرفية ...
- أمريكا تدعم بحثا يكشف عن ترحيل روسيا للأطفال الأوكرانيين قسر ...
- -هي الدنيا سايبة-؟.. مسلسل تلفزيوني يتناول قصة نيرة أشرف الت ...
- رئيس كوريا الجنوبية يفرض الأحكام العرفية: -سأقضي على القوى ا ...
- يوتيوبر عربي ينهي حياته -شنقا- في الأردن 
- نائب أمين عام الجامعة العربية يلتقي بمسؤولين رفيعي المستوى ف ...


المزيد.....

- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي
- فلسفات تسائل حياتنا / محمد الهلالي
- المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر / ياسين الحاج صالح
- الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع / كريمة سلام
- سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري - / الحسن علاج


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - داود السلمان - العقل عند المعري1/ 2