عن هولندا

حسان الجودي
(Hassan Al Joudi)

الحوار المتمدن-العدد: 6817 - 2021 / 2 / 18 - 23:31
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    

أجد دليلي الذي أحتاج في إثبات فكرتي ، قرب يدي تماماً. أنظر إليها، وهي تمسك البطاقة الذكية لتدفع أجرة التنقل في أرجاء هولندا ،هذه البلاد الواطئة. أليس غريباً أن تخلو من جبل واحد!
إن أكثر من نصف أراضيها يقع في منسوب أدنى من منسوب سطح البحر. وهي معرضة لأخطار الفيضانات دائماً . غير أن أحلام الإنسان الهولندي، لم تصعد الجبال والمرتفعات بحثاً عن إنجازات خارقة. لقد امتدت أفقياً في كل أرجاء البلاد، واستطاعت بما يشبه المعجزة إنشاء وسائل حماية من الفيضان فريدة من نوعها في كل العالم. ثم إن هولندا تتميز بالكثافة السكانية العالية، ورغم ذلك فإن فلسفة ناطحات السحاب تبدو غريبة عليها، وحتى أن القاهرة تتفوق على مدينة روتردام الأشهر بأبنيتها العالية في عدد ناطحات السحاب. لكن لا أحد على الإطلاق يتفوق على الشعب الهولندي في استخدامه للدراجات . يتجاوز عدد الدراجات عدد السكان، وهناك دراجات للطفل الذي يبلغ بضع أعوام ودراجات للعجوز التسعيني. تمتد طرقات الدراجات الأنيقة كممرات أوكسجين في الجسد الهولندي، وهي تحمل الفرح الحقيقي لأنها من أبسط المتع وأكثرها نجاعة في توفير المال والوقت.يا لبساطة حياة الهولندي . حياة ذات منسوب مكاني متدنٍ عن ناطحات السحاب والمآذن والكنائس والأبراج السكنية . لكنها حافلة بتفاصيل النشوة بصنفيها الجسدية والنفسية.حياة سعيدة بلا شك، وفق تصنيفات دولية عديدة. تتناقص أعداد السجون باطراد، وتحوّل لأماكن للاجئين، ولفنادق سياحية. تباع ممتلكات الكنيسة، ويمنع حمل الشعارات الدينية بكافة أشكالها، لكن المعيار الأخلاقي الصارم الذي يتمتع به الأفراد لا يضاهى. يسمح بتخين الماريجوانا الشخصي برقابة حكومبة صارمة على زراعتها والاتجار بها، ويتدفق السياح على امستردام لتدخينها في جلسات المقاهي، لكن هولندا من أقل البلدان الأوربية أعداداً من المدمنين على المخدرات. حياة جنسية حرة دون قيود أو شروط، نظام صحي طبي صارم، يجعل من الهولنديين من أكثر الشعوب طولاً في الأعمار.
لا كذب، ولا نفاق، ولا مجاملة. الكلمة هي الميثاق وهي العهد وهي الشرف، تماماً كما كانت عند ذلك البدوي المنقرض.
يوتوبيا؟ لا بالتأكيد. لكن البلاد العربية هي ديستوبيا بكل تأكيد.
يقول أخيراً جرّاح العظام (العربي) : أؤسّس ُ متحفاً ضخماً لتشوهات رفع الرأس المزمن نحو الأعلى!

#حسان_الجودي (هاشتاغ)       Hassan_Al_Joudi#          

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات