|
-بغداد لم تسقط وانما اسقطت-
هلال عبيدي
الحوار المتمدن-العدد: 1623 - 2006 / 7 / 26 - 05:10
المحور:
قراءات في عالم الكتب و المطبوعات
وردت هذه العبارة من بين سطور رواية "سطوة الألم "للكاتبة الدمشقية(أماني محمد ناصر)،وفي ثنايا الرواية الاجتماعية الرومانسية الاجتماعية ،التي تحمل نفسا شجيا على سقوط بغداد على يد الاحتلال الانكلو_أمريكي،فقد أسقطت الكاتبة فيضا من مشاعرها على غزو بغداد في 9/4/2003.حيث يجد القارىء لصفحات الرواية إن الكاتبة تحمل قلبا يحوي هموم وطن وأمة كاملة ،فيلتمس حماسه منقطة النظير في رواية "سطوة الألم"273ص الصادرة عن دار كيوان_دمشق.
فرات الكاتبة أن تجد لمقالاتها صدرا يسعها ،كونها امتازت بالجرأة والصراحة والتنديد بالمحتل بمختلف أنواعه وأشكاله.فكانا لها حضورا في القصة القصيرة ،والمقالات التي لم تغب عن الذاكرة ومنها(أمريكا ماما والأربعين إرهابي)،(رايس في بلاد العجائب)ومن مقالاتها(معاملة أسرى الحرب وخرق أمريكا وإسرائيل لمعاهدة جنيف). يشعر القارىء لراوية"سطوة الألم"ومن سطورها الأولى انه ،يساير هموم المواطن العربي ،حيث توشح بين العاطفة الوجدانية والقضايا القومية المعاصرة،للأمة تجاه فلسطين والعراق ،لقد توفقت أماني ناصر في إعداد الصورة الملحمية معبرة عن قضايا الإنسان بوقتنا الحاضر ،فخاضت ملحمة مع صراعات الزمن والحب والمرآة والوطن... فتلق كلماتها في سطورا وعبارات وجمل ،عن سقوط بغداد فتقول"قطع المذيع برامج الإذاعة ليعلن على الملا:إن بغداد قد سقطت ..وان آخر معاقل الكرامة قد دكت حصونها وتهاوت عروشها ..سقطت بغداد ؟!! اسقط الحق والخير والجمال..وشرع المجهول أبوابه على الهاوية!!ما ذنبنا؟؟!فكرنا؟؟!! أشلاؤنا؟!!هاروننا؟مرواننا ؟ماموننا ؟وامعتصماه ..سقطت بغداد !!!ما ذنبنا إننا وجدنا في زمن الرشوة والخداع ..في زمن الضالة والضياع..بغداد لم تسقط وإنما أسقطت...ولتسالوا الذين قبضوا الثمن!!!ما ذنبنا إننا وجدنا في زمن القشور والبيع والشراء والأبطال المقنعة ...سقطت كل الأقنعة ..فسقطت بغداد !!!ارث بغداد بعثرته الأيادي الغريبة ..مساجدها ..مآذنها..سيوفها..قمحها..مصانعها..منازلها..أشلاء مبعثرة..سقطت بغداد!! إباؤها..أجداده..نساؤها..أطفالها ..شيوخها..أشلاء مبعثرة..وأنا اليوم مثلك يا بغداد..أشلاء مبعثرة!!!"72ص. وأيضا تضيف بان المعركة الحقيقية ستكون بعد احتلال بغداد،فتقول"ربما يحتلون بغداد..ولكن المعركة الحقيقية ستكون ما بعد الاحتلال"32ص. ولا يختلف اثنان بان الغزاة قطعوا المسافات بقوافلهم والبحار والمحيطات والخلجان بالاتهم الحربية ليغزوا بغداد،ليغزوا حضارة عمرها 4000سنة،ولا تزل بغداد تتحدى وتقف صامدة تشع ضياء،فتقول الكاتبة"ومن الذي لا يخشع بل ويركع إجلالا في محاريب أعتابها ؟!من ذا الذي لا يطير شوقا إلى نهلة من مائها أو حفنة من ترابها؟!ثم من ذا الذي لا ينتشي قلبه طربا لتهليل نواقيسها وتكبر قبابها؟؟بغداد مزقتها أحقاد وأطماع العدو...وعثرتها جحافل الغزو القادم المبطن بحقد تغذيه رؤؤس عيونها على البترول في كل مكان"97ص. واصفة الشعب العراقي بأنه ذو ثقافة عالية وليس يحتمل الضيم وإهانة المحتل الغريب..فتقول"إن الشعب العراقي ذو ثقافة عالية ولديه من الكرامة وإباء الضيم ما لا يستهان به ..وليحمه الله وليحرس بغداد "32ص. رؤية الكاتبة إن الوطن لا يحجم وليس هو الأرض فحسب بل هو كل شيء من خلال كلماتها فتقول"الوطن ليس فقط تلك الأرض التي نعيش عليها ،وذلك المكان الذي نشغله وإنما هو كل شيء نحتمي به ..ونستند إليه..ونرى الدنيا من خلاله.."110ص. وتنتقل بقارئها إلى العاطفة ،فتتناول مفردة الحب،وبمواقع وتعريفات مختلفة ،لتصفها للقارىء بقولها"فالحب ضعف مليء بثورات الجنون ..والحب سهم ليس يرجع،وبركان حنون..الحب تكون أو لا تكون.."157ص. وتضيف أيضا بان الحب"الحب ليس قيدا يضعه الرجل في محبو بته ..الحب ليس قضبانا يحصر بها الرجل محبو بته ..الحب ليس عبودية..الحب معجزة إلهية يهدها الله إلى قلبين صادقين"256ص. وكانت الأنثى حاضرة بنصوص الكاتبة فتقول برؤية خاصة"الأنثى تكابر وتخشى ..ويغلبها حياؤها حينما تباغتها أحاسيس جديدة ..كفرح ألام بطفلها الأول وتحزن من فقدان تلك المشاعر،كحزن أم فارقت طفلها فلذة كبدها"وتضيف عن مفردة العشق"العشق أرجوحة يتجاذبها الممكن والمستحيل" فتعاتب الدنيا والزمن ،ومن خلال نصوصها،وتؤكد بأنها وبيومها الثاني ،حين تكون عليك "آه منك أيتها الدنيا الغدارة..لا تعرفين معنى الصدق والبراءة ..ذهب الأمان من قلوبنا وحل غدر الزمان..آه منك أيتها الدنيا الحمقاء لا تتركينا ومشاعرنا ..نخاف أن نهوى ..نخاف من مصير هوانا منذ البداية..مصير هوانا السائر نحو الهلاك ..دنيا غدارة..نشتري الحب فيها بأغلى ما لدين..بقلوبنا فتسقينا علقم الهجر وحنظل الفراق.آه من الدنيا الغدارة..آه من سطوة الألم حينما تكمن الفؤاد..عن رؤية هواه"101ص. يتلمس القارىء مشاعر أماني ناصر،على طول صفحات الرواية ليجدها حاضرة معه بكل الحواس ،ويجد رقة في الأسلوب،فتقول"أهديتك يا زهرة عمري حب الأرض للأمطار..وما رضيت...أهديتك يا قبلة روحي حب العاشق للأقمار..وما رضيت ..أهديتك يا مهجة روحي حب الفراشة للأزهار"253ص. تمنح القارىء الإقبال على إن يميز إصرارها الواضح على إن الحقيقة أنبل ما في الوجود،وليس الأحلام التي نرها بيقضتنا أو بنومنا،أو الأوهام..السراب:فتقول"بنيت لي قصرا من الأوهام فتناثرت على صدري بقايا رماله تكسرت على صخور الحقيقة أمواجه..وبنيت لك كوخا من الحب فما حركته الرياح ولا هدته الأعاصير "254ص. وتقف عند مدينة دمشق وأزقتها الضيقة ،لتصور الياسمين الذي ينمو بين المنازل والزنبق،لتريك مدينتها ،مدينة دمشق القديمة،فتقول"بيوت دمشقية رائعة البنيان ،وأزقة ومناظر آية في الإتقان ..ياسمينة هنا وهناك ..تضمها زنبق دمشقية،كنت أسير في حارات دمشقية ضيقة وهمس الياسمين وبوح الزنبق،ينقر على مسامعي ويهدهد.." وتختم ما كتبت بان بغداد ليست عاصمة للعراق فحسب،بل للوطن العربي اجمع،فان سقطت بغداد سقطت أقطار الأمة العربية،فتقول"بغداد لن تسقط يا جهاد وستقاوم حتى آخر قطرة من دماء أبنائها..لو هددت لا قدر الله"،"إن سقطت بغداد سقط العرب..سقطت الكرامة..سقطت حرية العرب..وسقط الضمير العربي"86ص.
#هلال_عبيدي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
رفقآ بالزعيم العربي
-
وهل سيكون العراق موحدآ..؟؟
-
متى سيكون الرجل الماسب في المكان المناسب في العراق
-
الطيور المتحجرة
-
ضياع شفق
-
اعياد ارض اشور
-
غربة الامنيات السعيدة
-
ارض الرافدين
-
المكونات الحية فى النظام البيئى لرواية دابادا دراسة لبيان ال
...
-
فناء منديل/نص ادبى رمزى
المزيد.....
-
بدولار واحد فقط.. قرية إيطالية تُغري الأمريكيين المستائين من
...
-
عوامل مغرية شجعت هؤلاء الأمريكيين على الانتقال إلى أوروبا بش
...
-
فُقد بالإمارات.. إسرائيل تعلن العثور على جثة المواطن الإسرائ
...
-
واتسآب يطلق خاصية تحويل الرسائل الصوتية إلى نصوص
-
بعد العثور على جثته.. إسرائيل تندد بمقتل إسرائيلي في الإمارا
...
-
إسرائيل تعلن العثور على جثة الحاخام المختفي في الإمارات
-
هكذا يحوّل الاحتلال القدس إلى بيئة طاردة للفلسطينيين
-
هآرتس: كاهانا مسيحهم ونتنياهو حماره
-
-مخدرات-.. تفاصيل جديدة بشأن مهاجم السفارة الإسرائيلية في ال
...
-
كيف تحوّلت تايوان إلى وجهة تستقطب عشاق تجارب المغامرات؟
المزيد.....
-
-فجر الفلسفة اليونانية قبل سقراط- استعراض نقدي للمقدمة-2
/ نايف سلوم
-
فلسفة البراكسيس عند أنطونيو غرامشي في مواجهة الاختزالية والا
...
/ زهير الخويلدي
-
الكونية والعدالة وسياسة الهوية
/ زهير الخويلدي
-
فصل من كتاب حرية التعبير...
/ عبدالرزاق دحنون
-
الولايات المتحدة كدولة نامية: قراءة في كتاب -عصور الرأسمالية
...
/ محمود الصباغ
-
تقديم وتلخيص كتاب: العالم المعرفي المتوقد
/ غازي الصوراني
-
قراءات في كتب حديثة مثيرة للجدل
/ كاظم حبيب
-
قراءة في كتاب أزمة المناخ لنعوم چومسكي وروبرت پَولِن
/ محمد الأزرقي
-
آليات توجيه الرأي العام
/ زهير الخويلدي
-
قراءة في كتاب إعادة التكوين لجورج چرچ بالإشتراك مع إدوار ريج
...
/ محمد الأزرقي
المزيد.....
|