أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالاله سطي - استراتيجية التنمية البشرية في المغرب2















المزيد.....

استراتيجية التنمية البشرية في المغرب2


عبدالاله سطي

الحوار المتمدن-العدد: 1623 - 2006 / 7 / 26 - 05:03
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


الفصل الأول: المبادرة الوطنية للتنمية البشرية خارطة طريق بدفتر تحملات (أسس ومقومات).

جاءت "المبادرة الوطنية للتنمية البشرية" التي أعلن عنها العاهل المغربي في خطابه السامي ب18 ماي 2005 كخطوة متقدمة في المنظور السياسي من أجل إيجاد حل للمعضلة الاجتماعية التي تتخبط فيها بلادنا. هذه المبادرة التي تعتبر في نظر العديد من المهتمين بمثابة خارطة طريق نحو الدفع بعجلة التنمية المستدامة الشاملة لكافة (أشكال العجز و الإقصاء والتهميش) و إرساء أسس الدولة الحكيمة، بإدماج كافة فعاليات المجتمع كعنصر و "دينامو" و فاعل اجتماعي وسياسي في المجهود التنموي.فما هو إذن السياق العام الذي ظهرت فيه هذه المبادرة؟ و ما هي الأسس و المرتكزات التي تقوم عليها؟ و أيضا ما هي الفلسفة العامة التي تتبناها في معالجة الآفة الاجتماعية؟ وعلى أية آليات ووسائل اعتمدت؟ وكيف كانت ردود ومواقف الفاعلين السياسيين جرائها؟

المبحث الأول : السياق العام.


إذا كانت كل مبادرة سياسية وليدة شروط و ظروف معينة، فإن الإعلان عن "المبادرة الوطنية للتنمية البشرية" لم يأتي اعتباطا أو عفويا بل جاء متفاعلا مع ظرفية سياسية واجتماعية(سواء على المستوى الوطني أو المستوى الدولي) متسمة بالعديد من التقلبات و التطورات المهمة نسوقها فيما يلي.


المطلب الأول : السياق الوطني.


جاء الخطاب الملكي المعلن عن " المبادرة الوطنية للتنمية البشرية" في مناخ وطني يعرف العديد من التطورات والتغيرات تبرز أهم مميزاتها وتجلياتها في:
1ـ مرور سنتين على أحداث 16 ماي الإرهابية التي هزت الدار البيضاء مخلفة وراءها العديد من الضحايا و الأبرياء. و التي كشفت من بين ما كشفت عليه في العمق، مدى العجز الكبير الحاصل على المستوى الاجتماعي، خصوصا و أن جل المنفذين لتلك العمليات الشنيعة ينحدرون من إحدى دور الصفيح البئيسة و المهمشة (حي سيدي مومن).
2ـ صدور التقرير السنوي للبرنامج الإنمائي التابع للأمم المتحدة المتعلق بالتنمية البشرية لسنة 2005 واضعا المغرب في الرتبة 124 من بين 177 دولة شملها التصنيف المتعلق بالتنمية البشرية، وهي رتبة لا تشرف بلدا تواق إلى إرساء قوائم وقواعد الدولة الحديثة والديموقراطية، خصوصا و أن التصنيف يضعنا في خانة الثلث الأخير من دول العالم في التنمية البشرية.
3ـ صدور تقرير التنمية الانسانية العربية2004 غير بعيد عن التقرير السابق في تشخيص الهشاشة الاجتماعية بالمغرب. والذي وصف الدول العربية و من بينها المغرب "بالثقب الأسود"، في إحالة على الثقب الأسود الموجود في الفضاء.

4ـ صدور تقرير مكتب الدراسات الأمريكي "ماكنزي" بطلب من المغرب، "كاشف عن وجود عدة عراقيل مازالت تحول دون تطور النشاط الصناعي في
المغرب بصفة خاصة و لتطور الاقتصادي بصفة عامة"، حيث يحتل المغرب حسب التقرير على مستوى التنافسية مراتب جد متدنية مقارنة مع الدول التي لها نفس إمكانيات المغرب الاقتصادية مثل تونس والأردن والسنغال.
ليقر في الأخير أن على المغرب أن يعمل على تجاوز هذه العراقيل حتى لا يتجه نحو الإفلاس الكامل.
5ـ صدور تقرير لجنة الشؤون الخارجية بمجلس العموم البريطاني في مطلع شهر أبريل 2005، و الذي اعتبر المغرب مرتعا للإرهاب نتيجة تردي الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية بالبلاد.
6ـ القرير الأمريكي الذي صدر هو الآخر في متم شهر أبريل 2005 و الذي حذر من تأثير عوامل الفقر و البطالة في انتشار ظاهرة > و مدى تأثيرها على استحقاقات 2007.
7ـ تحذيرات البنك الدولي المتتالية من حدوث توترات اجتماعية بسبب الفقر والتهميش، في حالة عدم تسريع النمو الاقتصادي و خلق مناصب شغل في غضون العشرية القادمة، كما أشاد التقرير على أن خلق مناصب الشغل للشباب والساكنة النشيطة يستدعي تسريع النمو الاقتصادي وتكثيف المجهودات من أجل تسهيل وصول الفقراء و المهمشين إلى الخدمات والفرص المتاحة. كما كشف التقرير على أن 15% من عدد السكان تعتبر من عداد الفقراء، مشيرا على أن الثلث منها يقبع بالعالم القروي، ومؤكدا على أن عدد الفقراء في تزايد مستمر، قد يصل مع متم 2011 إلى ضعف ما هو عليه الآن.
8ـ وفي ذات السياق دخلت على الخط العديد من الأحداث المتفرقة التي شهدتها عدة مناطق بالمملكة تتوزع مابين الشمال و الجنوب( تامسينت،طاطا،وسيدي إفني بالاضافة إلى بعض المداشر..) و التي عرفت احتجاجات وتظاهرات ضخمة للمطالبة بالماء الصالح للشرب و تحسين ظروف العيش. بالإضافة إلى ارتفاع وتيرة الطقوس الاحتجاجية اليومية للأطر المعطلة ، هذا فضلا عن الجفاف الذي ظرب كسادا على معظم مناطق المملكة، مما دفع إلى الرفع من درجة الانذار بالخطر.

9ـ كما أن المبادرة جاءت في سياق يكشف في العمق عن المكانة المتقدة للمسألة الاجتماعية في أجندة الحكم على اعتبار أنها أضحت منذ سنة1999 ضمن مجالات> إلى جانب المسألة الحقوقية و النهوض بأوضاع المرأة و تدبير مسألة التعدد الثقافي و اللغوي، بالإضافة إلى سلسلة الإصلاحات القانونية التي دشنها المغرب في السنتين الأخيرتين.

إذن كل هذه العوامل وعوامل أخرى ساهمت على المستوى الوطني من قريب ومن بعيد في دفع الدولة إلى إعادة النظر في سياستها التنموية وفي مقاربتها للوضعية الاجتماعية.فمحاربة الإرهاب و عوامله لا يمكن أن يقتصر فقط على المقاربة الأمنية وحدها، و الآفات الاجتماعية لا يمكن معالجتها إلا عبر تصحيح الاختلالت التي تطفو على المستوى الاجتماعي و اجتثاثها من جذورها، هذا بالنسبة للسياق الوطني.


المطلب الثاني : السياق الدولي.


أما على مستوى السياق الدولي فقد صادف الإعلان عن المبادرة مناخ دولي دولي من تحديداته وتجلياته:
1ـ التزام الدولي ببنود عدة اتفاقيات دولية ومصادقته عليها، والتي تحث في مجملها على دور التنمية على دور التنمية البشرية و التنمية البيئية في إحلال الاستقرار و إرساء دعائم الدولة الحديثة و المتقدمة.
2ـ بروز مفهوم "التنمية البشرية وهيمنة قيم التنمية والموارد البشرية على الخطاب العالمي"(1) و مدى انعكاسها على وتيرة تقدم المجتمعات ورقيها و معالجتها لإختلالاتها الاجتماعية و الاقتصادية والسياسية.
3ـ صدور تقرير البنك الدولي عن التنمية في الشرق الأوسط و شمال إفريقيا، و حثه على ترسيخ مفهوم الحكامة الجيدة لاعتباره أن "الحكم الجيد الذي تعمل المؤسسات العامة فيه بصورة متجاوزة وشفافة هو أساس التقليص من معدلات الفقر و حفز النمو وقد أظهرت دراسات عديدة أن الحكم الرديء يؤدي إلى تباطؤ النمو، و إلى خدمات قليلة الفعالية و إلى تفويت الفرص للتنمية البشرية بسبب مشاركة الموظفين المحدودة في صنع مستقبلهم".
4ـ اتجاه مجتمعات الألفية الثالثة التي عقدت مؤتمرها خلال السنة الماضية بنيويورك، نحو تشييد مجتمعات المعرفة والإعلام، من أبرز توصياته التي خلص إليها، تعميم التعليم و الإنقاص من حدة الأمية بالبلدان المتخلفة إضافة إلى نشر قيم المعرفة و التقنية المعلوميتين.
5ـ إنشاء منتدى المستقبل ـ الذي عقد مؤتمره الأول بالمغرب ـ من أبرز شعاراته" من أجل تنمية مستدامة و عادلة بمنطقة الشرق الأوسط الكبير"، وهو مشروع يهدف إلى ضخ دم التنمية ومحدداتها بشريين البلدان التي تندرج ضمن هذا الأخير، عن طريق تشجيع الاستثمارات و المنافسة الاقتصادية و توطيد دور فعاليات المجتمع المدني في عملية التنمية المحلية.
6ـ كما ساهمت تحديات الشراكة الاقتصادية والأسواق الحرة المقبل عليها المغرب مع العديد من التكتلات الاقتصادية، في التعجيل بالوقوف على الوضعية الاجتماعية و الاقتصادية حتى تكون بلادنا بمستوى هذه الرهانات و التحديات.
7ـ كما أن منطق العولمة و آلياتها التي أصبحت تتحكم في تسيير دواليب العالم على كافة مستوياته، أصبح يدعو أكثر من أي وقت مضى إلى بناء دول ذي مقومات و ثوابت حديثة ومتينة، سياسيا واقتصاديا واجتماعيا وثقافيا، حتى يتسنى لها أن تكون فاعلة بدورها في هذه المنظومة الكونية التي لا ترحم أحدا من المتخلفين عن قوانينها.
كل هذه العوامل وتلك بدت واضحة و جلية في الخطاب الملكي ل18 ماي،2005 فمعالجة الأزمة الاجتماعية و القضاء على البطالة و التهميش و الفقر والحرمان و تبعاتهم، أكيد يحتاج إلى سياسة حكيمة و عزيمة مبيتة، منفتحة على كافة شرائح المجتمع بمختلف مستوياته، تأخذ في اعتبارها الإكراهات والتحديات و العوامل الداخلية والخارجية.



#عبدالاله_سطي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- استراتيجية التنمية البشرية في المغرب1
- الفاكانس ياحبيبي...والله الله
- المغرب من استراتيجية الخوف إلى استراتيجية الأمل
- في البدء كانت التنمية البشرية في المغرب؟
- هيأة الانصاف والمصالحة وقانون ساكسونيا
- المبادرة الوطنية للتنمية البشرية و إشكالية الديمقراطية في ال ...
- قصة قضية الصحراء المغربية الغربية من المسيرة الخضراء إلى خ ...
- بؤس المثقف المغربي/ في نقد الانتلجانسيا المغربية
- *في نقد الحداثويون
- قراءة في كتاب (الصراع الطبقي و التحولات الاقتصادية والسياسية ...
- قراءة في كتاب( الصراع الطبقي والتحولات الاقتصادية والسياسية ...
- توابع التبعية دراسة في ميكانزمات أزمة تخلف المجتمعات العالم ...


المزيد.....




- مدفيديف: الناتو منخرط بشكل كامل في الصراع الأوكراني
- السعودية.. إحباط 5 محاولات لتهريب مئات آلاف حبوب -الكبتاغون- ...
- مصر.. الداخلية تكشف تفاصيل واقعة مصرع عامل دليفري بعد تداوله ...
- اليونيفيل: إصابة 4 جنود إيطاليين من قوات حفظ السلام في جنوب ...
- محمود الهباش: وجود إسرائيل في غزة لن يكتسب شرعية مهما طال
- مشاركة عزاء للرفيق رؤوف الحباشنة بوفاة جدته
- من هو الكاتب بوعلام صنصال وما مصيره منذ وصوله للجزائر؟
- خبير عسكري: الاحتلال يستهدف مربعات سكنية بسبب تعثر عمليته ال ...
- هل اكتشفت أم محمد هوية الواشي بنصر الله؟
- قوات الاحتلال تقتحم جنين ونابلس واعتداءات للمستوطنين في الخل ...


المزيد.....

- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال
- الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية / خالد فارس
- دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني / فلاح أمين الرهيمي
- .سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية . / فريد العليبي .


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالاله سطي - استراتيجية التنمية البشرية في المغرب2