|
من كان السباق في أبتكار الرقص / البشرية أم الطيور ...
مروان صباح
الحوار المتمدن-العدد: 6815 - 2021 / 2 / 16 - 12:08
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
/ تجدر الإشارة قبل كل شيء ، أن معظم المواد الاستشراقية انحسرت في ترهات حمقاء أو شطحات ثرثارة لأن الطبيعة التأملية كانت غير مستقرة للمستشرق ، وثمة أختيار مشوه للتشبيه ، ولعل المؤسسة الاستشراقية أعلم باختلاق الفكر الغربي ومنعطفات باطنه ، فالشرق عند الغرب هو الآخر المجهول والذي يختبئ في الماضي ، وكما كانت تصنيفاته للاخر اختزالية ، ايضاً تعامل مع الصوفية بجانبها الخرافي وترك الجانب العلمي ، بل ساهم في إطفاء ما هو فقهي ، وراكم على كل شيء تشتغل به العامة ، مثل الرقص 💃 ، والمتأمل لراقصات وراقصين الباليه ، سيجد هناك تطابق كبير بين المولوية والباليه ، لأن ما يميز الطرفين ، هو خروج الراقص من دائرة السرور طالما يدور حول نفسه ، ويعود إلى ثنائية الفرح والحزن عندما يتوقف عن الدوران ، وهنا ايضاً يصح تأكيد بأن المولوية الصوفية والتى ابتكرها جلال الدين الرومي تسبق الباليه بأربعمائة سنة أو أقل بقليل ، وعلى الرغم أن الرقص قديم جداً ، قِدمه مع قدم الطيور ، فإن الإنسان الحضري حرص على تطويره بشكل كبير ، فقد ربط 💃 التعبير الجسدي والحركة الجسدية على الإيقاع والمشاعر ، بالفعل مع أول إنجاب بشرى تفاعل الإنسان مع مولوده بشكل استثنائي ، بل قد يكون لم يرقص بالمعني الحقيقي للرقص الحديثي ، لكنه صنع حركات تشير ☝ عن الفرح ، وهذا الرقص المتعدد الطرائق قد نقلته الجداريات المصرية تحديداً ، لكن بالتأكيد خلت المراحل الأولى من الإيقاع الموسيقي ، بل الفنون كانت تشبه تلك الجمعات التى مازالت تعيش الحياة البدائية وبالاخص في المناطق الأفريقية ، التى توحى على الأغلب بأنها أصولها تعود إلى اقتباسات واضحة من الحيوانات .
في المقابل ، لا يتوقف المرء دراسة المشهد من زاوية أخرى ، ليست متناقضة ، بل هي أقرب إلى أبعاد بعيدة وبالتالي الاتكاء عليها يسمح للمتكئ فهم الحدود الدنيا من المفاهيم ، لقد بدأ الرقص كحالة فردية اقتداءً بالطيور ، ومن ثم أخذ شكله الجماعي ، وهذا الشكل أنقسم بين المنتظم والعشوائي ، لكن سرعان ما عاد إلى فرديته ، فكلما أحتاج الرقص إلى فنون 🖼 خاصة ونوعية ، تتطلب ذلك الاعتماد على الفرد الواحد ، بل في انعطافات متفرقة ، جاء على شكل السلودانس ( Slow dance ) بين شخصين أو بشكله التانجوي ، وكل هذا في الأصل يعود إلى الإله ( إنكي ) إله السحر والماء ، بالطبع حسب الرواية الاغريقية ، والذي نقل هذا النوع من الفنون مجموعة من الكهنة ، إذنً ، الفنون اجمالاً أرتبطت بالعالم الجن ، أو بالأحرى بما يسمى بالعبقرية تحديداً ، لأن وادي عبقر كان يُعرف عند العرب بوادي كبار الجن ، وبالتالي ، المواظب من الشعراء على زيارات الوادي كان لا بد أن يأتي بشيء غير مألوف وخارج عن السائد والطبيعي والفطري ، فمثل هذه الصفات ، يُطلق على صاحبها بالشخص العبقري ، بالطبع التسمية تعود إلى أحد كبار الجن اسمه ( عبقر ) .
جاء الرومي برقصة المولوية من قاعدة الانفراد والاستفراد ، بالطبع بعد لقائه مع شمس ☀ الدين التبريزي الملقب بعالم الروحي للرومي ، الرجل الذي نقل جلال الدين من منابر الفقه الكلاسيكي إلى الحياة التجريدية ، إذنً ابتكر الرومي الدوران حلول الذات 💃 ، أي أن وحسب اعتقاد الرومي ، الرقص هنا 👉 يُعتبر في حقل المولوية التى تعني البحث من خلال الرقص على المعشوق 🥰 ، فيدور العاشق على المعشوق حتى يحضر الحضور الإلهي من خلال الدوران ، الآن ، قد يصل الإنسان إلى مكان ما بالذكر ومع حالة الدوران ، وهذا جعل البعض يعتقد 🤔 أن الدوران يشبه قيام الليل ، ربما لأن الرومي صرح بأن الدوران نابع من الكواكب والافلاك ، تماما 💯 كما كانت ومازالت تدور العفاريت رقصاً حول إبليس، بل الناظر للباس المولويين ، سيجد أنه مستوحاة من الموت ، فالاسود هو ظلمة القبر ، والأبيض هو الكفن ، والقبعة الطويلة تُعتبر شاهد القبر ، وبالتالي القارئ لسيرة جلال الدين الرومي وبالاخص الفترة التى قضاها مع شمس التبريزي ☀ ، سيخرج باستنتاج أن الرومي جمّع مذهبه المولوي من جملة مواقف إجتماعية لم يكن يعيشها بقدر أنه كان يأمر بالنهي عنها من منبره ، لكن عندما عايشها واقعاً ، حاول أن يجمعها في المولوية ، بهدف استقطاب من عايشهم في الحانات والطرقات وغيرهما ، ومن ثم ربط ذلك بالإيقاع الخارجي مع الإحساس الداخلي وثم تطورت الحكاية ليصبح الإحساس مرتبط مع الإيقاعات الموسيقية وفي لحظات معينة ، عندما يشتد الدوران يفقد الراقص جميع الإيقاعات الأرضية حتى يجد نفسه متصل مع الإيقاعات الكواكبية والنجومية وهو أشبه بالرقص الفالس الذي يُطلق عليه في الغرب بالظاهرة التزامنية ، لكن حتى الآن المولوية لم تترجم تصوراتها إلى إثباتات علمية ، الذي يدرجه البعض على أنه رقص 🕺🏼يشبه بالخلاط الكوكتيل ، تماماً 💯 كما هي كانت مخالطة الرومي مع التبريزي والتى عايشها في المدينة التى كان يجهلها .
هذه الخلاصة لا تلغي مع ذلك ، حقيقةً أن الرقص 💃 المولوية والباليه يحتاجان إلى جهاز عصبي سليم وقوي وبنية جسدية خاصة ، على الرغم أن الطيور علمياً أثبتت ايضاً لديها موهبة الرقص ، لكنها لا يُعرف عنها ، أنها تمتاز بالبنيوية القوية ، كما هو حال راقصين 👯♂ الباليه والتانجو والمولوية ، على سبيل المثال ، رقصة التانجو الارجنتينية ، الشهيرة والمعقدة ، تتطابق في كثير من حركاتها مع بعض الطيور الراقصة ، وهنا نؤكد فقط بالحركات وليست بالبنيوية الجسدية ، تحديداً عندما يرفع الطير الساق ويثنيها إلى الأمام، تتحرك من هي أمامه بتحريك ساقها إلى الخلف وبسرعة ، وهذا التقليد ليس بالغريب ، لأن العائد ببساطة إلى بدايات الإنسان ، سيكتشف بأن الغراب هو لا سواه من عرّف الإنسان طريقة الدفن الميت ، على الرغم من أن الرياح أيضاً من وظائفها الكبيرة صنع ذلك ، فالرياح الشديدة تحرك الرمال التى بدورها تدفن كل ما هو في طريقها ، وهنا لا بد من التذكير بمسألة غاية من الأهمية ، لقد إستطاع الحيوان عموماً تعليم الإنسان التغريد والدفن والصيد والطيران وكثير من الاشياء ، فالحيوان معلم كبير ، لكن الإنسان أخفق في تعليم الحيوان التكلم باستثناء الببغاء ، وهذه المحاولة الفاشلة تسببت في تسميته بهذا الاسم .
وهكذا كان الانشقاق الذي لجأ إليه الفرنسي Jean Noverre ، شاق وغير متوقف على الرقص 💃 الباليه الكلاسيكي ، لقد نقله من حلقات الحفلات الارستقراطيين إلى خشبة المسرح الاوبري ، معه بدأت الدراما التعبيرية أو التفعيلية التى عبر عنها من خلال القضايا الوطنية أو الكونية ، لكنها مازالت منذ القديم حتى الآن جميعها مرتبطة مع الكهنة بشكل أو بآخر ، عالم الخوارق ، وهذا بالطبع ، نقطة الالتقاء بين المولوية والباليه ، هي محاولة الخروج من الذات إلى الاعلى ، بل الوقوف والرقص على أصابع القدمين ، ولبس التنورة التى تتحول مع الدوران إلى مروحة طائرة ✈ ، ليس سوى محاولة للطيران . والسلام ✍
#مروان_صباح (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الثورجيون السابقون واللاحقيًن ، أتباع روبسبيار ...
-
المعنى الحقيقي للسيادة عند رسول الاستقلال ( خوسيه مارتي ) ..
...
-
الحزن العراقي / انعكس ذلك على الشعر والحنجرة .
-
شريكة الحكم والدم / ميانمار الجغرافيا العصية على الإتحاد .
-
الصراع المتواصل بين الديمقراطية الليبرالية والاستقراطية اليم
...
-
تونس الجديدة / صراع بين الاخوة الديمقراطيون على مراكز القوى
...
-
ماذا يريد نتنياهو من الهند ... بعد الشرق الاوسط والمغرب العر
...
-
بعد الشرق الاوسط والمغرب العربي وصولاً لافريقيا ، ماذا يريد
...
-
بين القديم والحديث ، عالم يتغير لا يعترف باللبوث ...
-
اختيارات الرئيس الأمريكي بايدن دلالة على إستراتيجيته الخارجي
...
-
خمسمائة عاماً حتى تمكنت إمبراطورية التاج إقامة دولة اسرائيل
...
-
إذا وجد المخرج الجيد يمكن ايجاد عمل مميز ..
-
بعد يهودية الدولة تخطو الصهيونية بخطى ثابتة إلى المملكة السل
...
-
الربيع الأسود أي زمن هذا ...
-
الجميع يتجسس على الجميع ...
-
التاريخ فن قبل أن يكون علم / المغرب الأقصى والارتباط التاريخ
...
-
فرسان التيار
-
الطاقة الإيجابية / بين العقد الاجتماعي والاستعمار والاجتهاد
...
-
عدم استقرار المغرب ، فرصة للعبث في شمال أفريقيا ...
-
من الضروري للمعارضة العربية مراجعة الطريقة التى تفكر بها ...
المزيد.....
-
مع شروق الشمس فوق واشنطن.. شاهد لحظة ظهور حطام طائرة في نهر
...
-
بعد التأجيل.. إسرائيل تبدأ بإطلاق سراح فلسطينيين من سجونها
-
مقتل سلوان موميكا الذي أحرق القرآن في السويد، ماذا نعرف عنه؟
...
-
مقتل سلوان موميكا الذي أحرق نسخاً من القرآن في السويد
-
إعادة بناء غزة ـ سعي مصر لجني مكاسب.. ما ثمن ذلك عند ترامب؟
...
-
مسؤول مصري يكشف سبب التأخر في إخراج المصابين في غزة عبر معبر
...
-
السويد تقدم لأوكرانيا أكبر حزمة مساعدات عسكرية منذ 2022
-
دولة أوروبية تواجه 72 ساعة من الظلام بسبب الخروج من نظام الط
...
-
هيئة الاتصالات الروسية تعلن التصدي لنحو 11 ألف هجوم إلكتروني
...
-
الجنود الفرنسيون يغادرون آخر قاعدة لهم في تشاد
المزيد.....
-
الخروج للنهار (كتاب الموتى)
/ شريف الصيفي
-
قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا
...
/ صلاح محمد عبد العاطي
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
المزيد.....
|