أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - عبدالرحمن محمد محمد - الشاعر والقصيدة… من يكتب الآخر؟















المزيد.....


الشاعر والقصيدة… من يكتب الآخر؟


عبدالرحمن محمد محمد

الحوار المتمدن-العدد: 6812 - 2021 / 2 / 12 - 12:03
المحور: قراءات في عالم الكتب و المطبوعات
    


الأدب بأجناسه المختلفة نبض كاتبه ومرآة روحه، وقد يصدُق أن يقال عنها؛ أنها تَصنع الحدث أو الحالة إلى حد ما في الكثير من الأعمال، لكن الأصدق والأقرب منها إلى النفس هي تلك التي تكون ثمرة واقع معاش ولحظةٌ أو زمنٌ تتحد فيه الروح بفرحها أو ترحها بذاك الحدث وتترجم إلى حروف نقرأ من خلالها الكاتب وما كتب عنه.
الحروف تُخلد نبض كاتبها
الكتابة، وبخاصة كتابة القصيدة، لا يمكن أن تكون وظيفية أو أن تستحضرها عنوة، فلن تستطيع كتابة قصيدة مكرهاً أو مساقاً إليها ولو دام البعد عنها سنوات، وقد تكتب عدة قصائد في يوم واحد ـ ربما صدق من قال إنه شيطان الشعر أو وحي الإبداع، إن أقبلت الفكرة، فعليك اصطيادها لأنها كماء النهر لن تعود في ذات الشكل والوقت، هي الفكرة والطّيف الجميل يحضر كملاك يدغدغ ملكوت ومخزون المشاعر والنفس والثقافة؛ لتسوقك إلى حيث فيض الكلام وجموع الحروف والمعاني في المخزون الفكري والجمالي والثقافي، فينمقها الشاعر ويرتبها وينثر عليها شيئاً من الإبداع الذاتي ويخرجها بقالب ونكهة تكاد تميزها عن غيرها من رصين الكلام وجليل العبارة، فتولد قصيدة قد تميزها من بين عشراتٍ من مثيلاتها من خلال لغة وشكل وترتيب دررها، فتأتي كقلادة فريدة باسم صائغ مبدع يُعرَف بما تتركه أنامله من أثر فريد. القصيدة تختار ولادتها في المكان والزمان حيث تشاء.
في مخاض القصيدة… استنزاف المشاعر
الكثير ممن يعيش حالة الكتابة في طقوسها وتفاصيلها يصف لحظات حضور القصيدة بمخاض الكلمات وعرس المعاني، في تلك الجزئية من الوقت والحضور الطاغي لتلك الفكرة “الومضة أو البارقة” وأنت تدرك أن عليك ألا تضيعها، تعتصر كل إمكاناتك وأفكارك، مخزون كلماتك وقراءاتك، ومن ثم عليك أن تأتي بما لم يأت به غَيرُك مِن قبل، وأنت في هذه المعمعة من صولات وجولات الشعر والأدب، تخشى ذهاب الفكرة وتتخوف من عدم قدوم التعبير، تتمسك بما هو قادم وحاضر؛ وتجوب كل عالمك لتمسك بطيف كلمة أو تصطاد تعبيراً يعبر عن معانيها المكنونة، حقاً تكون في أشد حالات الإجهاد وقمة صرف طاقاتك ولا يشفع لك إلا الجوهرة المصاغة خاصتك والتي تحمل شيئاً منك فتصوغ جوهرة جديدة لتكون الصائغ الماهر والفنان المبدع.
وكم يتألم الشاعر عندما تأتي القصيدة ولا يكون في حال يليق بمقامها، وإن غادرت ولم يحتفِ بها ويخلدها، حينها يعلم أنه خسر عزيزاً لن يعود، ما أتعس الشاعر إذا غادرته القصيدة وهي تنتحب.
الشعر بين الغوص في عوالم الاغتراب والإطلالة على الواقع
الشعر هو أن تكون بينَ بين، فلن تكون شاعراً ما لم تشعر بمن حولك وتحس وتعيش وتعاني مثلما يحسون ويعيشون ويعانون، بل ومن الواجب عليك أن تجد أو تحاول، على الأقل أن تجد حلاً ومقترحاً لما يقلق راحتهم ويقض مضاجعهم، فتكون فيهم ومنهم ولا بد للشاعر أحيانًا من الاختلاء واللجوء إلى نفسه والتحدث إلى ذاته، فالشاعر من أصدق النقاد والقيّمين على ذاته، وعليه أن يصدق مع الذات فيكون الصادق مع من حوله. بعضٌ من الاعتكاف في ظل كل هذا الضجيج الكوني ومصارحة الذات ضروريان ولا بد منهما، ولكن لا حياة ولا شعر ولا شاعر دون من يشاركك.
الحالة اليومية تصنع مفردات الشاعر وتبني مملكته
هناك دوماً مفردات تشبه جدران البيت التي لا بد منها كي تكتمل بسقف يجمعها، البعد والشوق والحرمان بل والثورة والحب والطغيان، وغيرها من المفردات، سهلة النطق كبيرة المعنى عظيمة التأويل، لولاها ما كان نص شعري ولا كان القصيد، ربما مفردات الشعراء واحدة وكذلك آمالهم وآلامهم، ولكن درجات الإحساس والتعايش مع كل مفردة تختلف من شخص لآخر، ولذا تكون بعض المفردات حاضرة لدى البعض أكثر من غيرها، فنجد أن الحب والحرمان والطغيان والغربة مفردات حاضرة في جل القصائد.
المرأة مرآة الأدب ورجع نبض الشاعر
لم تخلُ صفحات شاعر من بوح للمرأة وتأثر بحضورها وغيابها، وفي كل حالاتها، فالنص الشعري لا يكون شعراً إلا إن كان للمرأة نصيب فيه، وقد لا تجد شعراً ولن تجد شاعراً إلا وكتب عن المرأة لأن المرأة تعني الحياة والحضور الدائم، فلا حياة ولا شعر دونها. أما كيف يكون حضورها؟ فقد تكون حاضرة كحبيبة أو كزوجة أو كمقاتلة أو كوطن أو كوردة، هي دائمةُ الحضور حتى لو كانت القصيدة عن رجل؛ لأن المرأة هي من أنجبت ذلك الرجل وعاشت معه وربّته.
ولا تفوتنا الإشارة هنا إلى القلائد الشعرية التي صاغتها المرأة عندما كتبت الشعر فكان أن اتّحدت روح الصائغ بمصوغته، وتمازجت فأنتجت أجمل النصوص الشعرية وأبدعِها، وبخاصة تلك النصوص الوجدانية، ولم تكتف المرأة بأن تكون ملهمة للعديد من الشعراء وبكل أشكال حضورها، بل صاغت أجمل النصوص الشعرية وأبهى القصائد التي حملت رقتها وعذوبة حرفها ورفضها وعنفوانها وثورتها فكانت الملهمة والشاعرة والأم الروحية للشعر.
الشعر… لغة العالم
جوهر الشعر وملامسته للقلب ومداعبته للروح تبقى هي ذاتها، وإن تغيرت الجغرافية واللغات وتمايزت الكلمات، فالشعر شعور رقيق حميم وثائر منتقم يتحول في لحظات بين هذا وذاك متناغماً مع ما يخالج دواخلنا.
الإعلام سفير مملكة الشعر والأدب
لا يخفى على أحد الدور الكبير الذي لعبه الإعلام – وما زال – في التبادل الثقافي والتلاقح الفكري والتبادل المعرفي، ومن خلال وسائل الإعلام المختلفة كالتلفزيون والصحف وأخيراً الإنترنت؛ بات عشرات ومئات الآلاف من المهتمين بالثقافة والأدب وبمختلف المناهل والمشارب يلتقون كل يوم، مما ساعد بالتبادل المعرفي وتوسيع الأفق الأدبي والمفردات والعادات والتقاليد والمناهل الثقافية، وباتت الوسائل الإعلامية نافذة للشاعر والكاتب للتواصل مع العالم وتبادل المعارف والآداب، وبذلك ساهم الإعلام بزيادة التعارف والانتشار وتطوير الذات.
الشعر سهل الأدب الممتنع
لعل الكثيرين منا عندما قارب الأدب بدأ بكتابة الشعر ظناً منه أنه الأسهل في التناول وإيصال الفكرة، والكثيرين يتوهمون لمجرد كتابة عدة قصائد أنهم أصبحوا شعراء وعليهم أن يلجؤوا لما هو أرقى وأهم من الشعر، فيحاولون أن يكتبوا الرواية وهم لم يبلغوا من الشعر رشده بعد. الساحة متخمة بمن يدّعون الشعر وممن يحاولون امتطاء صهوة الرواية، أما الحقيقة فهي أن الشعر مرتبة عالية من الذوق والفن والإحساس بالجمال والألم والغربة والحب، والبحث عن مفردة وطريقة لإيصال ذلك للمتلقي، كل هذا الزخم من مفردات الحياة بلغة تتراوح بين الرصانة والبلاغة والسهولة والفصاحة والجزالة، تلك أدوات لا يملكها إلا القليلون؛ فما بالك بالرواية التي تحتاج زوادة وريادة وممارسة ودراية وفناً وتفنناً في اللغة والمكان والزمان والحدث والتشخيص والحبكة، لسنا نحن المخولين بإطلاق الألقاب على أنفسنا بل من يقرؤوننا ويعيشوننا، وفي كل عمل نقاربه علينا أن ندرك حجم المسؤولية الملقاة على عاتقنا قبل أن نفكر باللقب الذي قد يسبق أسماءنا.
الشعراء ثوار منسيون وقادة فكر مهمشون
في الكثير من المجتمعات وبالأخص في المجتمع الكردي نرى تهميش النخب المثقفة الذين يسميهم البعض ببائعي الكلام، ربما لأن الشاعر والكاتب يضع يده على الجرح الذي لا يريد له الكثيرون أن يبرأ. وربما لأن طبيعة نفس الأدباء والشعراء وطقوس عملهم تتطلب بعض الهدوء وقلة الصخب والزهد نوعاً ما في الدنيا والاكتفاء بالقليل، والأهم أن النخب التي تدير دفة الحكم وأولي الأمر في المجتمعات الشرقية تفضل المدلسين و”ماسحي الجوخ” والمنافقين، ولأن صاحب المال مفضل على صاحب القلم لدى أصحاب الحكم، وفي ظل انتشار وسائل النشر الإلكترونية لم تعد الكتابة تطعم من جوع ولا تؤمِّن من خوف.
مع ذلك لا يغيب عنا الشعراء الثوار في كل الثورات الذين كانت قصائدهم بنادق التغيير السلمي التي دعت إلى الثورة والعلم والمعرفة وغيرت الكثير، وكانت أكثر من قصيدة ثورية السبب في انضمام العشرات بل والمئات للثورات في بقاع شتى من العالم؛ فقد تغير قصيدة واحدة ما تعجز ألف بندقية عن تغييره.
كلمة لا بد منها
قيمة كل منا فيما يقدمه الآن وفيما يتركه من بعده، المئات بل الآلاف كانت حياتهم أطول بكثير من أعمارهم، عاشوا ستين أو سبعين أو ثمانين عاماً؛ لكن ما تركوه من أعمال ما زالت تمد في حياتهم منذ قرون خَلَتْ وإلى الآن وستبقى، الشاعر والفنان والإعلامي والمقاتل اليوم، وبخاصة في هذه المرحلة، عليه أن يعي ما الذي يدور من حوله ويعمل على تحسينه وتقديم الأفضل، ما يقتلنا قولنا “وهل يتوقف الأمر عليّ” وأنا أقول: نعم الأمر يتوقف عليك، فقد يكون تغيير العالم على يديك.
الحياة والتجربة هي أكبر معلم وسنتعلم في كل يوم دروساً جديدة، نحن تلاميذ في مدرسة الحياة، إن بقينا ذلك الطامح أبداً حينها ستكون تكون حياتنا أطول من أعمارنا وأن نقدم ولو شيئاً يسيراً من الحب لمن حولنا…



#عبدالرحمن_محمد_محمد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أرواح ثائرة في “رغبات مُهَشَّمة”
- قراءة في كتاب -مالفا MALVA- -بين صخب اللون وهمس الشعر-
- عيد الهالوين …بين طقوس الحصاد والاحتفاء بالموتى


المزيد.....




- تحليل للفيديو.. هذا ما تكشفه اللقطات التي تظهر اللحظة التي س ...
- كينيا.. عودة التيار الكهربائي لمعظم أنحاء البلاد بعد ساعات م ...
- أخطار عظيمة جدا: وزير الدفاع الروسي يتحدث عن حرب مع الناتو
- ساليفان: أوكرانيا ستكون في موقف ضعف في المفاوضات مع روسيا دو ...
- ترامب يقاضي صحيفة وشركة لاستطلاعات الرأي لأنها توقعت فوز هار ...
- بسبب المرض.. محكمة سويسرية قد تلغي محاكمة رفعت الأسد
- -من دعاة الحرب وداعم لأوكرانيا-.. كارلسون يعيق فرص بومبيو في ...
- مجلة فرنسية تكشف تفاصيل الانفصال بين ثلاثي الساحل و-إيكواس- ...
- حديث إسرائيلي عن -تقدم كبير- بمفاوضات غزة واتفاق محتمل خلال ...
- فعاليات اليوم الوطني القطري أكثر من مجرد احتفالات


المزيد.....

- -فجر الفلسفة اليونانية قبل سقراط- استعراض نقدي للمقدمة-2 / نايف سلوم
- فلسفة البراكسيس عند أنطونيو غرامشي في مواجهة الاختزالية والا ... / زهير الخويلدي
- الكونية والعدالة وسياسة الهوية / زهير الخويلدي
- فصل من كتاب حرية التعبير... / عبدالرزاق دحنون
- الولايات المتحدة كدولة نامية: قراءة في كتاب -عصور الرأسمالية ... / محمود الصباغ
- تقديم وتلخيص كتاب: العالم المعرفي المتوقد / غازي الصوراني
- قراءات في كتب حديثة مثيرة للجدل / كاظم حبيب
- قراءة في كتاب أزمة المناخ لنعوم چومسكي وروبرت پَولِن / محمد الأزرقي
- آليات توجيه الرأي العام / زهير الخويلدي
- قراءة في كتاب إعادة التكوين لجورج چرچ بالإشتراك مع إدوار ريج ... / محمد الأزرقي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - عبدالرحمن محمد محمد - الشاعر والقصيدة… من يكتب الآخر؟