|
فاس لا تئن من الفقر والجوع فقط !
حميد طولست
الحوار المتمدن-العدد: 6811 - 2021 / 2 / 11 - 12:52
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
عبثا حاولت رحمة بنفسي وسلامة لعقلي ، الابتعاد عن الخوض فيما يقع بمدينة فاس والذي أحدث ضجة اجتماعية وسياسية نقلتها وسائل التواصل ، حتى لا أتهم ، كالعادة ، بمعاداة جهة معينة من مدبري الشأن المحلي ، لكني لم استطع غض الطرف عما نزل بها من تعسف يزيدها تعاسة ويأس وبؤس ، فوجدتني والحالة هته ، ضعيفا أمام سطوة عشقها المتحكم ، أغرق في السؤال المحير: لماذا تُستباح المدن بهذا الشكل المهين؟ وتُترك أحياؤها الفقيرة للإرتهال وساكنتها للبهدلة والهوان ، ويُدفع بفقرائها والعاطلين بها للتظاهر والاحتجاج على قدر مدينة يتآكل ما كان فيها من جمال ، فهل هي إستراتيجية ممنهجة لجعل لاستباحة المدن المناضلة وأهلها ، أم أن في الأمر عقوبة لها على ما أبدته عبر العصور من مظاهر السبق والتميز على غيرها ، كما هو حال فاس مند غابر الأزمان وتواريخها ، أم هو مجرد انزعاج الذين لا يتحكمون في سلوكهم ، من مكانة ولياقة ولباقة أهلها ، وانفاديتهم حتى في إبداء الغضب بإشعال الشموع وإرسال "النفاخات" ضد من يفضلون العيش خارجها ويستنزفون خيراتها ، الذين لم يتركوا مطلباً لها لا يُحتج من أجله ، من بطالة أكثرا انتشارا من أي مناطق البلاد ، و لقمة عيش أقل منالاً مما في غيرها ، والذين كيف يمنح الذين يصعب عليه التكلم لغتها، لأنفسهم حق قمع كل تنديداتها أو احتجاجاتها بدون حق ، وكأنه عيب أن تحتج المدن التي أصبح لاجئة في ربعها الذي لم يعد يستطيع المرء فيها تغذية الأولاد بأجر يومي ، بعد أن كان يجد في رزقه منها لذة لا يجدها من يأكل ممّا يُساق إليه وافرا عبر إبرام صفقات آخر تقليعات المشاريع العشوائية العديمة التأثير على أحوال أهلها ، وواقع المدينة التي لم تعد تقف مكانها بل تتراجع إلى الوراء ، الذي يلف أطرافها بالفشل والتهميش والغنائمية والتفقير ، ويعمم الجوع والبؤس والتعاسة واليأس في فضاءاتها التي طالها الإهمال وتراكمت في كل محيطاتها الازبال ، وانبعثت الروائح الكريهة من جنباتها ، بسبب منظومة سياسية مبهمة التي لم يعد يحتمل الشعب الفاسي التعايش مع فشل وفساد خياراتها وعجزها عن إدراك معاناة المنتفضين وتلمس مدى وعيهم ودرجة احتقانهم وانضغاط أوضاعهم الاقتصادية والاجتماعية ، الذي يدفعون فواتيره ، عوضا عن الذين يتحملون لوحدهم مسؤولية تدهورها كاملة.. فهل يضرب مسيرو الشأن المحلي موعداً مع التاريخ ، ولو من باب المحاولة على الأقل،ويعودوا إلى وعيهم ويقيموا ما أوصلت إليه المدينة نتيجة تصوراتهم الغيبية الخاطئة ، ويتلمّسوا تعقيدات أوضاعها المأزوم ، بفتح سجال مجتمعي ، يتناول أطروحات ومفاهيم فكرية وسياسية تجترح الحلول لها ، بدلا من إغراق الساحة الراهنة في دوامة مستمرة من السباب والهجاء والتنابز بالألقاب المشهرة والفاضحة للأعرض ، والكلمات النابية المستنفرة للغرائز المذهبية ، والألفاظ الدخيلة واللامفهومة الموغلة في تمزيق نسيج المجتمع وتماسكه . ورحم الله من عرف قدره وجلس دونه ، وغفر سبحانه وتعالى لمن أخفق في التدبير واعترف واستغفر وانصرف عما لا يعرف إلى ما يعرف ، ولم يكن كائنا سلطويا، مشغولا بالحكم ، لا يتوانى عن السعي لحيازته بكل الوسائل ، التقية أو السلاح، أو هما معاً . حميد طولست [email protected]
#حميد_طولست (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ليس بالتفاؤل وحده تتحقق الأماني !
-
ما هو الإنسان إن لم يكن سؤالاً؟.
-
معضلة الانتخابات8
-
بمناسبة السنة الأمازيغية ID N USGGAS !!
-
رجل العام .
-
التكريم ظاهرة حضارية .
-
معضلة الانتخابات7
-
معضلة الإنتخابات!6
-
قراءة في التحية ب -السلام على من اتبع الهدى- !!
-
التطبيع يحتاج الى تحليل وتفهم وليس الى تخوين وتكفير
-
معضلة الانتخابات5
-
التَّرحم مجاملة اجتماعية وليس عقيدة أو عبادة !
-
معضلة الانتخابات!4
-
معضلة الإنتخابات !3
-
الوطنية لا تحتاج إلى دروس ، بل إلى أحاسيس صادقة !
-
معضلة الإنتخابات !2
-
معضلة الإنتخابات!
-
كما لو كان ذلك قدراً مقدراً على حينا الشعبي !.
-
سمو الإيديولوجية الإسلاموية على الوطنية !
-
الأمل يضعف ولا يموت .
المزيد.....
-
مفتي داغستان يصدر فتوى بشأن النقاب خلال الأيام المقبلة
-
الإسلام السياسي وحرب غزة.. التأثيرات الإقليمية وتحولات المست
...
-
تردد قناة طيور الجنة الجديد 2024 على القمر الصناعي النايل سا
...
-
إعلامية مصرية ترد على رقصها داخل حرم المسجد
-
إيهود أولمرت لـCNN عن دعوة الكونغرس لنتنياهو: تتناقض تماما م
...
-
اليهود المتشددون في إسرائيل يحتجون ضد الخدمة العسكرية الإلزا
...
-
الإلحاد في الأديان
-
اليهود الحريديم يتظاهرون مجددا ضد قرار تجنيدهم بجيش الاحتلال
...
-
ماما جابت بيبي ياولاد.. تردد قناة طيور الجنة الجديد 2024و أه
...
-
ماما جابت بيبي..فرحوا أولادكم نزل تردد قناة طيور الجنة على ا
...
المزيد.....
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
-
الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5
/ جدو جبريل
-
جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب
/ جدو جبريل
-
سورة الكهف كلب أم ملاك
/ جدو دبريل
-
تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل
...
/ عبد المجيد حمدان
المزيد.....
|