نحو تأسيس مركزي وطني متخصص لمكافحة التدخين في العراق وفق المعايير الدولية

سوسن شاكر مجيد
(Sawsan Shakir Majeed)

الحوار المتمدن-العدد: 6810 - 2021 / 2 / 10 - 11:21
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    

تعاني معظم المجتمعات والدول المتقدمة والنامية من مشكلة التدخين بين الشباب والكبار ، كما انها انتشرت بشكل واسع بين صفوف الأطفال والمراهقين من طلاب المدارس الأبتدائية والثانوية ، وان هذه الظاهرة تعد وباءا خطيرا تهدد صحة ملايين من السكان وتشكل عبئا اضافيا يقع على عاتق المؤسسات الصحية فضلا عن استنزاف الثروات للأسرة والمجتمع.
فأشارت الأحصائيات الصادرة عن منظمة الصحة العالمية لعام 2013 الى ان العالم يستهلك حوالي 4.2-5.5 مليار كغم من التبغ وان 65%-85% من التبغ يتم استهلاكه في صورة سكائر مصنعة والباقي منتجات أخرى.
وان عدد المدخنين يقدر عدهم ب 1.1 مليار شخص وبنسبة 3.4% من السكان. منهم 800 مليون من الدول النامية ، وان عدد المدخنين من الرجال 700 مليون والنساء 100 مليون. ونسبة المدخنين من الرجال عالميا 47% والنساء 12% . ويموت شخص واحد على المستوى العالمي كل (5 او 6) ثواني جراء تعاطي التبغ. وان التبغ يؤدي سنويا بحياة ستة ملايين من الأشخاص ويتسبب بخسائر اقتصادية تزيد على نصف تريليون دولار سنويا.
وان استخدام منتجات التبغ المختلفة تزيد من مخاطر الأصابة بانواع مختلفة من السرطانات فضلا عن امراض القلب والأوعية الدموية والجهاز التنفسي.
واشارت الدراسات العلمية الى ان الأشخاص الذين يبدأون التدخين في سن المراهقة يواظبون على ذلك لعقدين أو أكثر من الذين لم يسبق لهم التدخين أبدا .
واقع مشكلة التدخين في العراق:
اما على مستوى العراق فقد اشارت دراسات وبائية التبغ التي اجرتها وزارة الصحة عام 2002 أن نسبة انتشار التدخين بين الأفراد الذين هم بعمر (15) سنة فأكثر تبلغ (2 , 23 %)، وقد بلغت نسبة الذكور 85% والإناث 15% من مجموع المدخنين . وأن 49% من مجموع الذكور المشمولين بالبحث قد جربوا التدخين ولو لمرة واحدة في حياتهم على الأقل . وأن 10% من مجموع النساء المشمولات بالبحث قد جربن التدخين ولو لمرة واحدة في حياتهن على الأقل .
علما ان العراق سبق وان منح من منظمة الصحة العالمية الميدالية والشهادة التقديرية لسنتين متتاليتين 1996 - 1997 وذلك لتميزه بفعاليات مكافحة التدخين في منطقة إقليم شرق المتوسط .
وان العراق شكل أول لجنة عليا لمكافحة التدخين في نيسان 1989 ، فضلا عن توقيعه على الإتفاقية الإطارية لمنظمة الصحة العالمية بشأن مكافحة التبغ في حزيران عام 2004 وثم المصادقة عليها في عام 2007.
وتم افتتاح عيادتين استشاريتين لمكافحة التدخين الأولى في الموصل والثانية في بغداد / مستشفى الكندي التي كانت تقدم خدمات التوعية فقط ولم تستمر مدة طويلة لعدم توفر الدعم اللازم لها .
ونفذ العراق مشاريع تهدف إلى التوعية لمنع التدخين في الأماكن العامة وأهمها : مشروع مؤسسات صحية خالية من التدخين ، ومشروع كلية طب خالية من التدخين ، ومشروع تحصين الأطفال من الشروع في التدخين وإنتاج وتوزيع مواد توعية مختلفة .
اما اليوم فقد ازدادت نسب التدخين بين الشباب والكبار والمراهقين ولم تتخذ الدولة اية اجراءات او سياسات للحد من انتشاره
وحددت منظمة الصحة العالمية ستة تدابير مستندة بالبينات لمكافحة التبغ وهي :
1- سياسات رصد وتعاطي التبغ والوقاية منه.
2- حماية الناس من دخان التبغ
3- عرض المساعدة على الأقلاع عن تعاطي التبغ.
4- تحذير الناس من مخاطر التبغ.
5- فرض حظر على الأعلان عن التبغ والترويج له ورعايته.
6- زيادة الضرائب المفروضة على التبغ
واشار تقرير منظمة الصحة العالمية لعام 2013 الى ان 43% من البلدان أصبحت خالية من الدخان، وان 21% توفر برامج للإقلاع عن التدخين، و30% تقدم تحذيرات صحية، و37% تستخدم النشر في وسائل الأعلام، و24% تستخدم الحظر عن الأعلان، و32% تفرض الرسوم والضرائب.
اما العراق فلم ينفذ ماتم وضعه من سياسات من قبل منظمة الصحة العالمية
ترتيب العراق بين دول العالم في مستوى التدخين:
احتلت كل من دول صربيا المرتبة الأولى وتليها اليونان، وروسيا، ومولدوفا، اما العراق فقد أحتل المرتبة 57 من مجموع 185 دولة في العالم وتم اتخاذ معيار معدل عدد السكائر للبالغ الواحد سنويا. ويتضح ان معدل السكائر / الشخص الواحد في العراق بلغت 864 سيجارة، ونسبة الذكور المدخنين 30.8% ، والنساء المدخنات 4.5%، ونسبة المدخنين من الذكور والأناث بعمر 13-15 سنة بلغت 3.2%
ومن اجل معالجة المشكلة لابد من الأطلاع على تجارب الدول المتقدمة في مكافحة الظاهرة والقضاء عليها وهي:


اولا: مركز ويسكونسن لأبحاث التبغ والتدخل Wisconsin Center for Tobacco Research & Intervention
تأسس في جامعة ويسكونسن مركز ابحاث التبغ والتدخل عام 1992 وحدد هدفه في توسيع الفهم حول آثار الأدمان على التبغ والعلاج.
كما انه يهتم بتصميم وتنفيذ التدخلات التي من شأنها ان تقلل الى حد كبير من أستخدام التبغ داخل وخارج الولاية.
ويقدم المشورة والمساعدة للأقلاع عن التدخين من قبل المرضى.
ويجري المركز ابحاثا عن التبغ ودراسات حول سبل تحسين العلاجات وتحسين فعالية الأستجابات المجتمعية والوطنية للحد من العواقب الجسدية والعاطفية والمالية للتدخين.
ويقوم المركز بالتدريب المجاني لأي شخص من ولاية ويسكونسن، كما يقوم بالتوعية وتقديم الخدمات الصحية. كما انه يقدم البرامج التي تستهدف الحوامل والأطفال الصغار للإقلاع عن التدخين.

ثانيا: مركز السيطرة على التبغ (ابحاث وتعليم) Center for Tobacco Control Research and Education
ويقع في جامعة كاليفورنيا سان فرانسيسكو ويقدم مجموعة واسعة من الخدمات لمساعدة الناس على التخلص من ادمانهم على النيكوتين . ويقدم مجموعة متنوعة من البرامج للأقلاع عن التدخين لعامة الناس فضلا عن المرضى في المستشفيات. كما وتتاح موارده عبر شبكة الأنترنت.
ويقوم المركز بالبحث العلمي وتسهيل التغييرات السياسية التي سوف يشارك اكثر العاملين في مجال الرعاية الصحية في جعل الأقلاع عن التدخين متاحا للجميع.
وتحسين فعالية الصحة العامة والتدخلات السريرية للحد من استخدام التبغ على الصعيدين الوطني والدولي. ومن اهم المجالات البحثية هي:
-الفوائد الصحية في الأقلاع عن التدخين
-تطوير وتنفيذ السياسات للتخلص من التدخين وطنيا ودوليا
-دراسة المحددات السلوكية لمتعاطي التبغ والمؤشرات الحيوية لوظائف القلب.
-الآثار الصحية للتدخين السلبي على الأفراد والمجتمع والبيئة.
-دراسات استقصائية وبحوث حول كيفية تسويق صناعة التبغ ومنتجاته.
-يقدم المركز مجموعة واسعة من البرامج التعليمية والتدريبية بما في ذلك برنامج واسع متعدد التخصصات حول الأدمان على النيكوتين
-تقديم العديد من المحاضرات والندوات حول نتائج ابحاث التبغ
-تقديم الزمالات مابعد الدكتوراه والفرص التعليمية والبحثية المتنوعة لطلاب الدراسات العليا.
-يقدم المركز مجموعة من موارد المصادر العامة للجمهور ووسائل الأعلام وصناع السياسة حول مواضيع تتراوح بين الأدمان على النيكوتين والتدخين السلبي وصولا الى وثائق صناعة التبغ.
-تقديم مجموعة من الخدمات لمساعدة الناس على التخلص من الأدمان على النيكوتين.

ثالثا: جمعية معالجة متعاطي التبغ والمدمنين Association for the Treatment of Tobacco Use and Dependence

وتهدف الجمعية الى :
-تقديم الخدمات والعلاج لمتعاطي التبغ والمدمنين ،
-وضع المعايير الأساسية للكفاءات والمهارات من اجل القيام بالتدريب ومنح التراخيص لمقدمي برامج معالجة التبغ.
-تبادل المعلومات بشأن افضل الممارسات والأبتكارات في العلاج من خلال المحافل المتعددة
-تعزيز الوعي وتوفير العلاجات الفعالة لمستخدمي التبغ
-تعدد الموارد الموثوق بها في معالجة متعاطي التبغ القائم على الأدلة ، وعلاج المدمنين، والرعاية الصحية ،
-تعزيز وتنفيذ فرص الحصول على الممارسة المبنية على الادلة لمختلف الوان الطيف من طرق العلاج عن طريق السياسات والتمويل والتغييرات في النظام.
-كما انها تقدم البرامج التدريبية المتنوعة وتمنح الاعتماد لأخصائي برامج مدمني التبغ.

رابعا: المركز الوطني للإقلاع عن التدخين والتدريب National Centre for Smoking Cessation And Training NCSCT
انشيء المركز من أجل تقديم التدخلات للأقلاع عن التدخين ودعم الخدمات الصحية الوطنية والسلطات المحلية لتنفيذ البرامج الفعالة لمكافحة التبغ القائمة على الأدلة وتقديم برامج التدريب والتقييم لوقف التدخين وغيرها من الممارسات المهنية في مجالات الرعاية الصحية.
-تدريب المهارات والمعارف لمساعدة المدخنين على الوقف الفعال للتدخين.
-اجراء البحوث في مجال الدعم السلوكي المعين للمدخنين
-توفير التدريب واجراء المراجعة المستقلة وتقييم وتقديم الخدمات
-تنظيم سلسلة من المشاريع البحثية
-تدريب مجموعة من الموظفين من اجل تقديم المشورة عن التدخين وتم معالجة اكثر من 10000 حالة من جميع انحاء انكلترا
تقديم الخدمات والارشاد والادلة للاقلاع عن التدخين.


مقترحات منظمة الصحة العالمية:
1- اعتماد وتنفيذ التدابير التشريعية والتنفيذية والإدارية التي توفر الحماية من التعرض لدخان التبغ في أماكن العمل، ووسائل النقل، والأماكن العامة.
2- تطبيق السياسات الضريبية والسعرية على منتجات التبغ للحد من أستهلاكه.
3- أختبار وقياس محتويات منتجات التبغ والأنبعاثات الضارة الصادرة عنها.
4- اجراء الفحص والكشف عن منتجات التبغ المستورد ومحتويات التبغ وانبعاثاته.
5- عدم الترويج للتبغ عن طريق تغليف المنتج وتوسيم أي منتج من منتجات التبغ بأي وسيلة كاذبة او مضللة او خادعة او قد تعطي انطباعا خاطئا عن خصائصه او آثاره الصحية أو أخطاره أو انبعاثاته.
6- ان تحمل كل علبة من منتجات التبغ تحذيرات صحية تصف آثار التبغ الضارة وتكون معتمدة من قبل الجهات الوطنية.
7- توعية الجمهور وتثقيفهم بقضايا مكافحة التبغ وتوسيع نطاق الأستفادة من البرامج الفعالة الخاصة بالمخاطر الصحية والأدمانية للمستهلك وفوائد الأقلاع عنه.
8- وضع برامج فعالة وملائمة للتدريب والتثقيف والتوعية بشأن مكافحة التبغ تكون موجهة للعاملين الصحيين والعاملين في المجتمعات المحلية والمرشدين الاجتماعيين والعاملين في المجال ألأعلامي والمربين وصناع القرار والأداريين وسائر الأشخاص المعنيين.
9- توجيه منظمات المجتمع المدني والمؤسسات غير الحكومية في وضع أستراتيجيات وبرامج مشتركة بين القطاعات من أجل مكافحة التبغ.
10- فرض حظر شامل على الاعلان عن التبغ والترويج له ورعايته للحد من استهلاكه.
11- وضع مباديء توجيهية مناسبة وشاملة ومتكاملة قائمة على القرائن العلمية وأفضل الممارسات من اجل التشجيع للأقلاع عن تعاطي التبغ.
12- اقامة برامج ضمن مرافق الرعاية الصحية ومراكز التأهيل الصحي للتشخيص وإسداء المشورة والوقاية من الاعتماد على التبغ وعلاجه.
13- القضاء على جميع أشكال الأتجار غير المشروع بمنتجات التبغ كالتهريب والتصنيع غير المشروع والتقليد.
14- منح الأهتمام اللازم لحماية البيئة وصحة الأفراد فيما يخص زراعة التبغ وصناعته داخل اراضيها المعنية.
15- اقامة المؤتمرات من أجل تبادل المعلومات عن الآثار الصحية لاستهلاك منتجات التبغ والتعرض للدخان والمعلومات عن التشريعات والأنظمة السارية والمعاهدات القائمة.
16- تعزيز برامج البحوث الوطنية والتقييمات في ميدان مكافحة التبغ ومعالجة العوامل الحاسمة في استهلاك التبغ والتعرض لدخانه وعواقبهما.
17- تشجيع وتعزيز التدريب والدعم الموجه لجميع العاملين في أنشطة مكافحة التبغ بما في ذلك البحث والتطبيق والتقييم وبدعم من منظمات المختصة الدولية والإقليمية.
18- تيسير استحداث ونقل واحتياز التكنولوجيات والمعارف والمهارات والقدرات والخبرات المتعلقة بمكافحة التبغ.


مقترحات الباحثة:
1- ضرورة انشاء مركز وطني متخصص لمكافحة التدخين في العراق يرتبط بوزارة الصحة وتكون له فروع في محافظات العراق.
2- وضع أستراتيجية وطنية لمكافحة التدخين في العراق تستند الى رؤى ومؤشرات منظمة الصحة العالمية وتحدد بفترة زمنية من اجل خلو العراق من هذه المشكلة الوبائية.
3- ضرورة قيام مراكز الأرشاد التربوي في الجامعات والمعاهد والمدارس العراقية بدورها في ارشاد وتوجيه الطلاب للحد من التدخين وتطبيق الضوابط بحقهم.
4- عقد ندوات متخصصة تربوية هادفة من اجل دراسة الظاهرة من جميع جوانبها ووضع المعالجات التربوية للحد منها.
5- ضرورة تدريب الباحثين والمعالجين الصحيين على استراتيجيات الأقلاع عن التدخين مستفيدين من تجارب الدول المتقدمة في هذا المجال.
6- الأستفادة من المواقع الألكترونية على الأنترنت المخصصة لمعالجة مشكلة التدخين واصدار الأدلة التوجيهية الهادفة من خلال الأستفادة من أدلة الدول المتقدمة في هذا المجال.
7- منع التدخين في دوائر الدولة، والأسواق، ووسائط النقل، والمتنزهات وغيرها من اجل الحد من التلوث.
اجراء البحوث والدراسات ذات العلاقة بآثار التدخين على الجوانب النفسية والسلوكية والصحية والأقتصادية من قبل الجامعات العراقية وخصة فيما يتعلق بالأطفال والمراهقين، والنساء الحوامل.

#سوسن_شاكر_مجيد (هاشتاغ)       Sawsan_Shakir_Majeed#          

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات