|
مصير أمازيغ ليبيا خارج مشاريع المتحاربين
صلاح بدرالدين
الحوار المتمدن-العدد: 6810 - 2021 / 2 / 9 - 09:09
المحور:
القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير
خلال الاجتماعات المتتالية في غضون الأشهر الأخيرة من جانب المدنيين والعسكريين ، واللقاءات الحوارية المتكررة وآخرها المؤتمر الافتراضي لخمسة وسبعين شخصية اختارتها بعثة الأمم المتحدة والتي تمخضت عنها اختيار السلطة التنفيذية ، أي رئيس مجلس الدولة ، ورئيس الحكومة ،تميز كما يبدو باالتجاهل التام لتمثيل المكون الامازيغي في الحوارات واللجان المشاركة ، مما دفع النشطاء الامازيغ وحركاتهم المدنية الى الاحتجاج والتحرك بحثا عن خيارات تحقق مايصبون اليه . فقد أعلنت البلديات الأمازيغية في منطقتي الجبل الغربي وزوارة وجادو غرب ليبيا الملاصقة للحدود مع تونس والجزائر ، أنها قررت استحداث إقليم رابع للامازيغ يضاف الى الأقاليم الثلاثة المقررة : طرابلس ، وبرقة ، وفزان ، وذلك ردا على تجاهل شركائهم بالوطن والدين بحسب البيان وجودهم وتمثيلهم وحقوقهم ، واعتبر البيان ان استبعاد اللجنة القانونية في مدينة – الغردقة - تمثيل المكون الامازيغي وحقوقه في مشروع الدستور مبني على " المغالبة وليس على التوافق " في المدن والمناطق الامازيغية ، كما اكد على تاييد أي دستور يكتب داخل الوطن وليس باملاءات خارجية ويلبي طموحات وامال الشعب الليبي ، وقد المح البيان الى دور مصري سلبي بهذا المجال ، وشدد على الانتماء المغاربي لليبيا وعدم الانحياز للايبديولوجيا المشرقية ، هذا وقد شارك في اعداد البيان أعضاء ورؤساء المجالس البلدية في كل المدن ذات الغالبية الامازيغية الساحقة والنشطاء الحقوقييون . من الواضح ان التوجه العام غير المعلن من جانب معظم تيارات واطياف الشعب الليبي حتى الان هو إعادة بناء ليبيا كدولة اتحادية مكونة من ثلاثة أقاليم وذلك كاجراء لاحلال السلام والحفاظ على وحدة البلاد ومشاركة جميع الأقاليم بالثروة والسلطة ، لذلك من الطبيعي ان ينادي المكون القومي الامازيغي – المغيب - بحقوقه ، وبضمانات دستورية تحميها عبر إقرار إقليم خاص بهم في مناطقهم الاصلية ،خصوصا لمن مازالوا منهم ينطقون بلغتهم القومية حيث تشير الثوابت والقرائن التاريخية على ان الامازيغ يشكلون الغالبية الساحقة تاريخيا في بلدان المغرب ولكن معظمهم لم يعد يتكلمون باللغة الام . لاشك ان التطورات السريعة والتحولات الجذرية التي تحدث في ليبيا ومن ضمنها إعادة رسم هوية وطنية جديدة على قاعدة الفيدرالية المناطقية المبنية على صيغة الأقاليم تشكل نتائج وتقديمات افرزتها ثورات الربيع من اجل الحرية في احد بلدانها على طريق إعادة البناء والخلاص من المركزية الآيديولوجية المفرطة والاستبداد باسم الشعارات البراقة ، والتنعم بالحرية والكرامة ، ومن الواضح ان الطريق الى ذلك لن يكون مفروشا بالورود بل هناك عوائق جمة فالجيل الذي عاش تحت رحمة تربية واعلام نظام دكتاتوري موغل بالاجرام متعصب دموي مفرق للصفوف يحتاج الى وقت طويل حتى يرى الواقع كما هو ويتقبل الاخر المختلف قوميا وثقافيا وتاريخا وحقوقا خاصة اذا كان ذلك الجيل تاثر أيضا بمفاهيم الإسلام السياسي الأكثر خطورة على مستقبل الشعوب وتعايشها السلمي وهذا مايجري بليبيا تحديدا . مايحدث الان تجاه المكون الامازيغي بليبيا مابعد اسقاط الدكتاتورية والذي كان يتعرض الى الاضطهاد والحرمان قبل الثورة أيضا من اهمال وتجاهل لوجوده وحقوقه ،يتعرض للسياسة ذاتها من جانب تيارات الإسلام السياسي والقوميين المتزمتين وتجار الحرب ، وممثلي الميليشيات المسلحة السائدة الان في المشهد الليبي العام ليس بامر مفاجئ فقد حصل ذلك او ما يشبهه في العديد من بلدان ثورات الربيع المتعددة الاقوام ، والديانات ، والمذاهب ، وبكل اسف أقول يجري أيضا ببلادنا تجاه المكونات غير العربية وخصوصا الكرد وباشكال أخرى متعددة ، ولاشك ان ذلك الواقع المؤسف ليس ابديا بل قابل للتبديل والتطوير بفضل الوطنيين والديموقراطيين والقوى الشعبية المؤمنة بالتغيير وباهداف الثورات التي قدمت قوافل الشهداء من كل المكونات الوطنية . في عام 2013، نجح للمرة الأولى أمازيغ ليبيا الذين يشكلون الناطقون باللغة الامازيغية 10% من نسبة السكان ثلثهم بطرابلس ، في تشكيل كيان خاص بهم، خوفاً من تعمق سياسة التهميش، التي بدأت مع حقبة معمر القذافي وتواصلت إلى ما بعد ثورة 17 فبراير (شباط) 2011.ثورة علق عليها الأمازيغ طموحات ثقافية وسياسية تتمحور أساساً حول اعتماد اللغة الأمازيغية في المناهج التربوية، التي كان القذافي يعاقب من يتكلم بها.ونجح المؤتمر الوطني عام 2013 في إعلان القانون رقم 18، القاضي بتعليم اللغة الأمازيغية في المدارس الليبية، على أن تتحمل الدولة مصاريف تدريسها.لكن القانون ظل حبراً على ورق . وفي حدثين معبرين عن طبيعة نظام القذافي الشوفينية ، ولعبته في استغلال قضايا الشعوب لمعاركه الخاصة ضد خصومه ، كنت شاهدا عليهما بالأول عندما اعلن القذافي عن تأييده لقيام كردستان مستقلة ، وحينها كنت بلبنان حيث اقترحت منظمة حزبنا ( الاتحاد الشعبي ) آنذاك ان اترأس وفدا منها لزيارة السفارة الليبية واجتمعنا مع السفير – عبد القادر غوقة – وشكرنا رئيسه وكان الرجل لبقا ولم نكن ننتهي من حديثنا الا وتدخل الملحق العسكري – صالح الدروقي – متوجها الينا بالقول : لاتصدقوا الاعلام فليبيا لن ولن تكون مع قيام دولة كردية وانا اتحدث معكم ومخول من حكومة بلادي . والثاني عندما كنت مدعوا الى ( المؤتمر الشعبي العام ) بطرابلس عام 1983 وكان حاضرا أيضا وفد كردي كبير من كردستان العراق برئاسة المرحوم ادريس بارزاني ، وترأس جلسات المؤتمر نائب القذافي – عبد السلام جلود – وممثلو أنظمة – الصمود والتصدي – ( سوريا – الجزائر – اليمن الجنوبي – منظمة التحرير الفلسطينية ) وفي الجلسة الختامية عرض البيان الختامي خاليا من اية إشارة الى الكرد وحقوقهم ، وبعد رفض رئاسة المؤتمر لاية إضافات حول الحقوق الكردية ، اقترحنا إضافة بند يؤكد فيه على الصداقة الكردية العربية فتم رفضها أيضا الى درجة ان مندوبي سوريا والجزائر ( محمد حيدر وعبد القادر الحجار ) هددا بالانسحاب في حال ورود اية إشارة الى الكرد ولم يحرك – جلود – ساكنا – وكان القذافي يتابع الجلسات عبر الفيديو المباشر ولم يتدخل بل كان موافقا ، ثم علمنا ان ممثلي اليمن الجنوبي ومنظمة التحرير فقط وقفا الى جانب مقترحاتنا . مااريد توضيحه هنا ان النظم الدكتاتورية والاستبدادية أينما كانت وحيثما وجدت تقف حكما ضد قضايا الشعوب في الحرية والخلاص ومن اجل الديموقراطية وان النظم التي لاتحترم ارادة شعوبها كما في حال النظام الليبي البائد لن تكون عونا للشعوب الأخرى والمقصود هنا بهذه المقالة نظام القذافي الذي حاول يوما ما ايهامنا جميعا بانه نصير الكرد وقد صدقناه عن قصر نظر .
#صلاح_بدرالدين (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
حوار الشركاء
-
الأسد : مجموعة كردية سورية انفصالية منذ الثمانينات
-
من الذاكرة الثقافية : رابطة كاوا
-
بعد نصف قرن رابطة كاوا تعود الى الوطن الجريح
-
المسلمات العشر
-
تعقيب على مقترح المعارض السوري كمال اللبواني
-
في خصوصية اليسار الكردي السوري
-
شهادة للتاريخ
-
قراءة في تصريحات السيد – جيمس جفري –
-
بعد عقد من الثورات المغدورة
-
تصحيحا لتوصيفات خاطئة : الكرد السورييون ليسوا بارز
...
-
شعب واحد من دون حركة كردية موحدة
-
حول معارضي - كيانات المعارضة الرسمية - السورية
-
كارثة عفرين من منظور آخر
-
أثيوبيا : صراع المركزية والفدرالية
-
سابقة - ناكورنو قراباخ - هل هي فاصل بين مرحلتين ؟
-
قضايا الخلاف وأشكال الصراع في الحركة الكردية
-
تعقيب على مقابلة – مظلوم كوباني – مع المونيتور
-
– ب ك ك – يواصل العنف من أجل البقاء
-
نحن والشيوعييون السورييون
المزيد.....
-
رجل وزوجته يهاجمان شرطية داخل مدرسة ويطرحانها أرضًا أمام ابن
...
-
وزير الخارجية المصري يؤكد لنظيره الإيراني أهمية دعم اللبناني
...
-
الكويت.. سحب الجنسية من أكثر من 1600 شخص
-
وزير خارجية هنغاريا: راضون عن إمدادات الطاقة الروسية ولن نتخ
...
-
-بينها قاعدة تبعد 150 كلم وتستهدف للمرة الأولى-..-حزب الله-
...
-
كتاب طبول الحرب: -المغرب جار مزعج والجزائر تهدد إسبانيا والغ
...
-
فيروز: -جارة القمر- تحتفل بذكرى ميلادها التسعين
-
نظرة خلف الجدران ـ أدوات منزلية لا يتخلى عنها الألمان
-
طائرة مساعدات روسية رابعة إلى بيروت
-
أطفال غزة.. موت وتشرد وحرمان من الحقوق
المزيد.....
-
الرغبة القومية ومطلب الأوليكارشية
/ نجم الدين فارس
-
ايزيدية شنكال-سنجار
/ ممتاز حسين سليمان خلو
-
في المسألة القومية: قراءة جديدة ورؤى نقدية
/ عبد الحسين شعبان
-
موقف حزب العمال الشيوعى المصرى من قضية القومية العربية
/ سعيد العليمى
-
كراس كوارث ومآسي أتباع الديانات والمذاهب الأخرى في العراق
/ كاظم حبيب
-
التطبيع يسري في دمك
/ د. عادل سمارة
-
كتاب كيف نفذ النظام الإسلاموي فصل جنوب السودان؟
/ تاج السر عثمان
-
كتاب الجذور التاريخية للتهميش في السودان
/ تاج السر عثمان
-
تأثيل في تنمية الماركسية-اللينينية لمسائل القومية والوطنية و
...
/ المنصور جعفر
-
محن وكوارث المكونات الدينية والمذهبية في ظل النظم الاستبدادي
...
/ كاظم حبيب
المزيد.....
|