أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - مصطفى العمري - رحيل مخضب بدموع اليتامى














المزيد.....

رحيل مخضب بدموع اليتامى


مصطفى العمري
(Mustafa Alaumari)


الحوار المتمدن-العدد: 6809 - 2021 / 2 / 8 - 17:44
المحور: المجتمع المدني
    


هل بإمكان الكلمة ان تأدلق الحزن و تزيحه الى زاوية النسيان, كيف لموجوعٍ تهاوت جميع أعضائه الى البلادة و العتمة و التيه ان يعبر عن وجده وحزنه, الأمر محال, لكن وكما يقولون ربّ كتابة تهون على الروح وجع السياط, أي سياط تكون أرحم من فقد و رحيل يمزق فيك كيانك و أحشائك و ذاكرتك, وانى لمأسور الجوى, مختنق بالاسى ان تخفق به الكلمة فينتفض بها و يرسم معالم الحزن العميق من خلالها.

لم يكن أبو فراس غريباً على ذاكرتي فهو ابن عمي الحاج الوجيه الكبير نعمة الشبيب, تربى في بيت مملوء بالعزة و الأخلاق و العمل الحسن. فقد أثّر سلوك والده, الذي كان مضرباً للأمثال بالقيم و الشجاعة و الكرم و التدين الحقيقي, أثر فيه و بنى قوامه الاجتماعي من معين ذلك الوالد الزاهد.

المبدئية التي تربى عليها أبو فراس, هي عدم المهادنة او الإذعان فكان مشروع لثورة تهز عرش الحكم.

لكن للقدر نصيب و اختيار و تفكير مغاير وقبل ان ينقض عليه شبح الاعتقال او الإعدام, هاجر او هجر البلاد الى غير رجعة.

وبعد مرور أكثر من عقدين ولازال صاحبنا الذي كان طفلاً عندما غادر أبو فراس البلاد, يتذكر أحاديث قيلت عن ابن عمه و محاولات لتقريب صورته في ذهنه.

شاء ذات القدر ان يجمعهما بطريقة أقرب للخيال منها للواقع.

لقاء دام لأكثر من عقدين, فيه أحداث جديدة و مواقف محفورة بذاكرة الشاب, فأبو فراس يغدق بالمروءة و النبل و الكرم, وسِفره عظيم و شاسع.

وبرغبة عميقة في تدوين بعض من تلك المواقف يتذكر صاحبنا الشاب كيف إلتقى بإبن عمه لأول مرة, فقبل اللقاء خطب أحدى بناته وبعد مداولات و نقاشات لم تدم طويلاً وعلى غير العادة, وافق أبو فراس لتزويج بنته الى ابن عمه, وعندما ألتقيا دار بينهما حديث طويل, مكتظ بلوعة الفراق و طيف اللقاء.

يتذكر الولد كلمة قالها له أبو فراس:

قال هل تعلم لماذا وافقت على خطبتك لأبنتي ؟

لأنك أبن عمي عبدالواحد و أكيد أنك تحمل شيئاً من صفاته التي أثرت بي كثيراً, أسمع هذه ابنتي هي زوجتك و أمانة عندك.

وما ان أنهى أبو فراس كلمته الصادقة ،حتى نقش الولد تلك الكلمة في عقله و ذهنه و وجدانه.

وبعد زواج أكثر من عشرين عاماً لازالت تلك الكلمة منقوشة بالعقل و الفؤاد.

هاجس أبو فراس الكبير هم الايتام و العوائل المتعففة ولأنه يعرف الإنسانية من فلسفة العمل وليس الشعار فقد أسس مؤسسة خيرية للأيتام و المحتاجين وقد استفاد منها الآلف من الفقراء و اليتامى.

قلت له ذات مرة لماذا لا تنشر دعاية عن مؤسستك؟

قال لا أرغب بالعمل الذي فيه دعايات فأنا أعمل بصمت أفضل من التهريج و التكلف.



ليس عندي رغبة بأن انهي حديثي عنك يا أبا فراس, ورغم اني لم أقل شيئاً ذات قيمة لكنه محاولة لتخفيف من حجم الاسى وعمق الدنف الذي يمزق الروح من الداخل. وجودك هو كيان عظيم إتكأ عليه العديد من محبيك, فمحاولة الموت الاقتراب منك, هي محاولة لانهيار بناء إجتماعي و إنساني, لندعوا الموت و نحذره من ان يلمس ظفرك او يعبث بشعرك او يسرق ضحكتك و ابتسامتك, أنت يا سيدي رجل استثناء وجودك ضرورة يحتمها الواقع, وتوجبها الشرائع و القوانين.

كيف لهذا الموت محاولته الوصول اليك؟

ألا يعلم الموت كم طفلٍ يتيمٍ مرهق سينتزعه املاق الجوع و الفقد بعدك؟

هل أمكن للموت النظر الى أرضك التي أعمرتها و أصلحتها و زرعت فيها أطايب الثمار؟

لكنه القدر المحتوم شاء مرة أخرى, شاء ان يرحل أبو فراس رحيل أبدي, ترك خلفه مؤسسة من الايتام تنتحب لفراقه, هجرنا أبو فراس هجراناً مكتظاً بالاسى و الدجن.

رحيلك يا أخي لوعة مزقت ذواتنا و أدمت قلوبنا, كيف لا وانت الفارس الذي يظهر بالاحتدام و الشدة. أخي أبا فراس أنعيك بل أنعى روحي الممزقة لفراقك أنعى قلبي الذي يلهج بإسمك, ستبقى في قلبي المملوء بالوجع وان غيبك الموت فستبقى مخلداً في قلوب محبيك. وداعاً اخي أبو فراس و داعاً وقبلة لوجهك و على جبينك.



#مصطفى_العمري (هاشتاغ)       Mustafa_Alaumari#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- وهم الاعقادات الدينية وباء من نوع آخر
- الإلحاد طفو سطحي أم عمق ذاتي؟
- محطات في الذاكرة
- العقل و أسئلة الجدل التأريخي..
- سلطة البيئة في الهيمنة على الأفراد .. سفرتي الى مصر
- الوجدان العربي و تخمة الهتافات عند الجماهير
- الاسلام و الحداثة
- أسئلة في العمق
- العقل البشري .. بين حذاقة الاستقلال و سفاهة التقليد
- عرب في أمريكا
- داعش .. نحن عندما نتمسك بالنص الديني
- نصوص الفقه و خطاب السيد علاء الهندي
- الخطاب الواعي تجسير بين ضفتين .. لقائي بالشيخ عبدالفتاح مورو
- الإلحاد من منظور اسلامي
- إحذروا مساجد ضرار
- الإلحاد .. ظاهرة أم إعتقاد
- لا عقل مع الايمان المطلق ..قوة التدين تطيح بقوة العقل
- التضحية و إشكالية المصطلح
- روح شيوعية بثقافة إسلامية
- قراءة في كتاب / ذكريات الزمن القاسي


المزيد.....




- الأردن.. مقتل شخص واعتقال 6 في إحباط محاولتي تسلل
- بورل: أندد بالقرار الذي اعتمده الكنيست الاسرائيلي حول وكالة ...
- بوريل: اعتقال نتنياهو وغالانت ليس اختياريا
- قصف الاحتلال يقتل 4 آلاف جنين وألف عينة إخصاب
- المجلس النرويجي للاجئين يحذر أوروبا من تجاهل الوضع في السودا ...
- المجلس النرويجي للاجئين يحذر أوروبا من تجاهل الوضع في السودا ...
- إعلام إسرائيلي: مخاوف من أوامر اعتقال أخرى بعد نتنياهو وغالا ...
- إمكانية اعتقال نتنياهو.. خبير شؤون جرائم حرب لـCNN: أتصور حد ...
- مخاوف للكيان المحتل من أوامر اعتقال سرية دولية ضد قادته
- مقررة أممية لحقوق الانسان:ستضغط واشنطن لمنع تنفيذ قرار المحك ...


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - مصطفى العمري - رحيل مخضب بدموع اليتامى