|
كوردستان ايران في فترة مابين الحربين العالميتين
رستم محمد حسن
الحوار المتمدن-العدد: 6808 - 2021 / 2 / 7 - 21:13
المحور:
القضية الكردية
كوردستان ايران في فترة مابين الحربين العالميتين:
ساعدت سياسة إدارة الشاه رضا في كوردستان إيران على تفكك النظام البطريركي - القبلي ، ودخول العلاقات النقدية التجارية ، الأمر الذي ضاعف من التقسيم الطبقي للمجتمع الكوردي . فقد تحولت قيادة العشيرة إلى تجار ومرابين ، في حين أن جماهير السكان الكرد الأساسية ، تحولت إلى أجراء وعمال زراعيين ورعاة، وانتقلت ملكية العشيرة إلى الملكية الخاصة للخانات ، والبكوات ، ورجال الدين وغيرهم . وعموما كانت العشيرة الكوردية تتصف بالمحافظة على حق الملكية الخاصة للاسرة المالكة على المراعي وسلطة زعيم القبيلة ورؤساء العشائر . ولكن رغم أن السياسة ( المركزية ) لم تمس الأساس الاقتصادي للعلاقات الإقطاعية العشائرية ، فقد جددته فقط ، وقلصت من حقوق القيادة القبلية ، التي اعتادت على السيادة الفردية في ممتلكاتها الإقطاعية . إضافة إلى ذلك لم يستوعب زعماء العشائر سياسة ( التفريس ) أيضا ، طالما أنهم حافظوا ، وبصورة تقليدية ، على علاقاتهم المعادية لطهران . وكان ذلك أحد الأسباب التي أدت إلى قيادة الخانات الكرد لأغلب الثورات الكوردية . وفي غضون ذلك شاركت القيادة القبلية في الثورات خشية ضياع نفوذها بين الجماهير ، لكنها كانت تتعقب مصالحها الطبقية الضيقة ، وفي نهاية المطاف خانت الثوار . ومرارا ، كان زعماء العشائر يتقدمون بطلب ( الاستقلال ) ، الذي كان بحوزتهم قبل ( المركزية ) ، أي الحفاظ على خط الحياة الاجتماعية التقليدية للعشائر الكوردية . وردا على ذلك شددت السلطات المركزية من سياسة ( تفریس ) المناطق الكوردية ، والإرهاب ، وممارسة التنكيل ضد سکان کوردستان إيران . وهكذا فقد جرى في تشرين الأول عام 1923، اعتقال عاهل سردار ماکو ، الذي كان لديه بلاط وجيش ، وحتى كان ينتهج سياسة خارجية مستقلة ( العلاقات مع الأتراك ) . فقد تمت مصادرة جميع أمواله ، بما في ذلك كميات كبيرة من السلاح . ومع القضاء على ( استقلال ) خانة ماكوغي جرى تعيين حاكم عسكري من المركز في ماکو. كما انعكس نهوض الحركة الكوردية في تركيا ، وعدم الارتياح من قرارات مؤتمر لوزان على تنشيط نضال الكرد في كوردستان إيران ، حيث اشتد عسف الادارة الايرانية وضغطها، ولوحظ قيام حركات العشائر الكوردية في جميع أرجاء کوردستان عمليا . فقد ثارت عشيرتا قلخاني وكوراني وأيدتهما عشيرتا ولوبكي وباباجان ، اللتان كانت لهما مع العشيرتين السابقتين اتفاقية حول الأعمال المشتركة . نکلت الإدارة الإيرانية تنكيلا شديدا بالكرد . فقد قامت قطعات الجيش الإيراني بقيادة باغيرخان باعتقال رئيس عشيرة قلخاني ، فاتح علي سلطان واحتفظت به رهينة لتهدئة العشيرة . وبهذه الوسيلة تمكنت ، ولبعض الوقت ، من تهدئة قلخاني. كما قامت في العشرينات حرکات عديدة في كوردستان ایران ، بقيادة زعماء العشائر ، تهدف إلى الاعتراف ( باستقلال ) هذه الأراضي أو تلك ، ويمكن أن ننسب إلى هذه المجموعة من الحركات الكوردية انتفاضة السردار رشید ، وإسماعيل آغا سمکو ، ورشيد بك ، وجعفر سلطان وغيرهم . وفي عام 1923 ايضا قام رئيس عشيرة كلهور السردار رشید ، الإقطاعي الكبير بتمرد معاد للحكومة ، مطالبا باعتراف الحكومة الإيرانية بممتلكاته الاقطاعية ، وعدم المساس بها والغاء المحافظة الحكومية ، وقاتل في صفوف فصائل رشید آلاف الأشخاص ، لكن الجيش الايراني قمع التمرد . أما السردار رشید نفسه فقد اعتقل ووضع تحت الحراسة لبعض الوقت ، لكن الشاه رضا عفا عنه في ما بعد . وفي الوقت الذي جرت فيه حركة السردار رشید المسلحة ، قامت حركة أخرى في الجزء الجنوبي من کوردستان ایران بقيادة جعفر سلطان ، زعيم عشيرة هورامان التي كانت تعیش على الخط الفاصل بين كوردستان ایران و کوردستان العراق ، وأيدت الشيخ محمود البرزنجي . فعندما قام الشيخ محمود برزنجي في عام 1919 بثورة ضد المحتلين الإنكليز في كوردستان العراق ، انضم إليه کورد عشيرة هورامان القاطنون في الأراضي الإيرانية، ورغم المقاومة الجدية ضد القوات الحكومية ، منیت حركة جعفر سلطان بالفشل . أما جعفر سلطان نفسه ، فقد اضطر للاختفاء في العراق . في عام 1924 انتقلت الحكومة الإيرانية إلى تنفيذ السياسة المركزية في المقاطعات الشمالية - الغربية والشمالية ، بما في ذلك خراسان ، حيث عاش التركمان والكرد . في بادئ الأمر شرعت السلطات الإيرانية في اخضاع خانة بروجرد ، التي كان يعيش فيها الكرد من عشيرة شادلو . وأضحى رفض معزز خان بروجرد تسديد بقية استحقاق الضرائب للخزينة لعدة سنوات ذريعة لدخول القوات الحكومية إليها . وأفضت مطالب السلطات إلى انتفاضة الشعبين الكوردي والتركماني في الخانة . ففي الأيام الأولى من شهر كانون الثاني عام 1924 ، توجه من طهران الى حدود خانه بروجرد ، فوج من حرس الخيالة وآليات جبلية تنقلها الخيول ومزود ب 12 رشاشة ، لقمع هذه الانتفاضة . وفي الوقت ذاته توجهت قوات من مشهد لكي تتحدد مع القطعات المرسلة من طهران ، ولمحاصرة الخانة واجتياحها . وقد قمعت الحركة . في هذه الأثناء لم يظهر الزعماء الكرد الحزم ، لكنهم ألقوا السلاح ، بعد أن وجهوا رسالتين إلى قائد الفرقة الشرقية ، والزعيم الروحي في بروجرد ، عبروا فيها عن الندم لما قاموا به من أعمال ، وطلبوا تحديد مكان لإجراء المفاوضات ، التي أسفرت عن نزع السلاح من أكثرية الكرد ودون عائق. في أواخر عام 1924 ، اندلعت في غرب بحيرة أورمية انتفاضة كوردية جديدة بقيادة سمکو . لكن رضا خان تمكن في أوائل عام 1925 من قمع هذه الانتفاضة أيضا وتواری سمکو عن الأنظار في كوردستان تركيا . وعندما أبدى الزعماء الكرد عدم الثبات والحزم ، تبعا للخطر الذي كان يحدق بهم ، فإنهم غيروا بسهولة من توجههم ، وأقدموا على التواطئ مع الموظفين الحكوميين ، الذين قمعوا بمساعدتهم المتمردين ، وفي نهاية المطاف نکلوا أيضا . وإلى جانب ذلك ، فإن المستوى الضعيف جدا لتطور الوعي الطبقي والسياسي لدى الفلاح الكوردي لم يسمح له بأن يعي الفرق بين مصالحه الطبقية ومصالح الإقطاعيين الكرد ، فلم يستطع الفلاحون تکوین نظرتهم وتحديد مواقفهم الخاصة في مجرى الانتفاضة وصياغة مطاليبهم والدفاع عنها . ولكي لا تثير السلطات الإيرانية المركزية هياج الكرد المتذمرين أكثر من ذي قبل ، بسبب وجود حشد كبير للقوات الإيرانية على الأراضي الكوردية ، قررت سحب جزء كبير منها من مناطق سكن الكرد والتركمان ، بعد أن أحلت محلها وحدات شكلتها من أفراد القوميات المحلية. في عام 1926 ، اتخذت الحكومة الايرانية قرارا باخضاع الكرد لها خضوعا تاما ولهذا الغرض جرى في عام 1926 إدخال القوات إلى أهم مناطق کوردستان إيران . ووقفت ضد القوات الحكومية التشكيلات الكوردية المتحدة بقيادة سالار الدولة ، وجعفر سلطان ، التي مع ذلك منیت بالفشل . وفي هذا الوقت شنت عشيرة بشدر هجومها على مدينة سردشت ، وانضمت إليها العشائر التي كانت لها صلة قربى معها وهي : عشائر نورالدين ، وقلباخي ، وهموند ، ومنصور ، وجعفر ،بزعامة بابكر علي ، الذي تمكن من دحر القوات الحكومية والاستيلاء على مدينة سردشت . لكن الثوار لم يتمكنوا من التحصن طويلا في المدينة . وضاعفت الحكومة من قطعات الجيش النظامي ، وسيطرت على المدينة من جديد . وفي أعقاب ذلك زج بالقوات الإيرانية لقمع حركة سمكو الجديدة . وقبل تزايد نشاط سمکو ، قامت الحكومة المركزية بعدة محاولات لمنع قيام حركته وذلك عن طريق المفاوضات . لم تتكلل هذه المحاولات بالنجاح ، لكن الحكومة استغلت في غضون ذلك ، الأسرى من الزعماء الكرد لشق صفوف اتباع سمکو ، مما أسفر عن انتقال عدد من العشائر الصغيرة إلى جانب السلطات الإيرانية . وإلى جانب ذلك تعاطف الجنود من قطعات الجيش الايراني النظامي ، الذين جندوا من الفلاحين المحليين مع سمكو، وفضلا عن ذلك رفض جنود حامية سلماس القتال ضده . إلا أنه تبين أن ميزان القوى العام لم يكن لصالح سمکو ، بحيث بعد أن بالفشل عند كوهنه - شیهر ، اضطر إلى الانسحاب إلى غيراك . والانتفاضة الكبيرة التالية ، كانت انتفاضة الفلاحين في خراسان بزعامة الفلاح الكوردي زلفو ، البالغ من العمر 28 عاما ( من قوجان ) . وكان سبب الاستياء هو الظلم الشديد واستغلال الملاكين الكبار المحليين للفلاحين . فقد أصبح الظلم أشد وطأة بعد إدخال الإدارة الايرانية إلى هذه المنطقة . وأفضى الابتزاز الشديد ، ورشوة الموظفين والخدمة الإلزامية العامة وكذلك عسف الإدارة الإيرانية إلى هروب الفلاحين من منطقة أوغاز عام 1927 إلى تركمانيا السوفياتية. بعد أن قاد زلفو والذي لقبته الصحافة ب (بادیشاه بلاد الفرس الجوال ذو الفقار قوجاني) انتفاضة الفلاحين في قوجان - شیروان منطقه خراسان ، تقدم بطلب إلغاء إصلاحات اللباس والخدمة العسكرية ، واحتكار الدولة للأفيون. وحاول فرض الضرائب على الملاكين ، واستولى على مستودعات الأفيون ، ووزع ما فيها على الفلاحين لبيعها وقتل الموظفين الحكوميين الذين استولوا على ممتلكات الفلاحين الفقراء وفرضوا عليهم أتاوات كبيرة . وعلى المدى المنظور ، عزم زلفو على الاستيلاء على قوجان ، وطرد الإدارة الإيرانية وغيرها من المستغلين منها، مستغلا تمتعه بنفوذ كبير بين صفوف الفلاحين المحليين ، ففي المقاطعة لم يكن هناك ثمة بيت من بيوت الفلاحين إلا ويجري فيه الحديث عن زلفو ، ولم يكن هناك فلاح لم يقم بإخفائه عن الأنظار عند الحاجة ، ويساعده بكل ما هو ضروري، وكانت قواته في تزايد دائم . أرسلت الحكومة لواء عسكريا كاملا لقمع حركة زلفو، و كانت القوى غير متكافئة . وفي إحدى الاشتباكات مع فصيلة حكومية أصيب زلفو بجرح ، ووقع في الأسر ، ومن ثم أرسل الى مشهد . حيث استجوب في ثلاثة أيام ، ثم أعدم في إحدى ساحات مشهد على مرأى حشد كبير من الناس. بعد القاء القبض على زلفو تشتتت فصيلته، وكان النضال الذي بدأ به ، يستجيب لطموحات الفلاحين الكرد . وحاول مواصلة قضيته شقیقه کامو وعمه حیدر اللذان أصيبا بجروح اثناء القبض على زلفو ، لكنهما تمكنا من الاختفاء عن أنظار السلطات ، وبعد أن تماثلا للشفاء ، قام الاثنان بتشكيل فصيلة جديدة ، قامت بأعمال معادية للحكومة، لكن القوات الحكومية حطمت هذه الفصيلة أيضا . إلى جانب القيام بالعمليات العسكرية ضد الكرد ، حاولت السلطات الشاهنشاهية بث بذور الفرقة والخصام بين العشائر الكوردية ، وشق صفوفها . ففي عام 1924 أرسلت سلطات الشاه إلى کوردستان ، وزير الحربية السابق عبدالله خان طهماسب ، الذي حاول عن طريق الوعود والهدايا استمالة رؤساء العشائر الكبيرة إلى جانب الحكومة . ومع ذلك تواصلت في عام 1928حركات الكرد ضد إدارة الشاه . وفي عام 1929 ازداد نشاط الكرد من جديد بزعامة سمکو ، فوجهت الحكومة التركية إنذارا إلى سمكو في أيار 1929 بمغادرة کوردستان تركيا والتوجه إلى ملاطية أو إلى أرضروم . لم ينفذ سمکو هذا الإنذار ، وطلب من الحكومة الايرانية من السماح له بالسكن في منطقة سوماي - برادوست . رفضت الحكومة الفارسية هذا الطلب وسمحت له فقط بالسفر إلى تبريز أو إلى طهران . عندئذ ظهر سمكو في كوردستان إيران ، حيث أخذ بتشكيل الفصائل الكوردية المقاومة للقوات الحكومية مقاومة مسلحة . لكن القوات الايرانية وجهت ضربة قوية إلى فصائله ، بعد أن أرغمته على الانسحاب إلى الأراضي التركية في باشكاله ، ومن هناك حاول إقامة اتصال مع ممثلي السلطات التركية . ولما فشل في ذلك ، اتجه إسماعيل خان إلى سيرو - زارفا ومن سيرو - زارفا اتصل ثانية بممثلي الحكومة الإيرانية ، وفي هذه المرة وافق على اقتراح السكن في طهران أو تبريز . وبعد أن سمح له بعبور الحدود الإيرانية وصل ( برفقته فصيلة مؤلفة 20 شخص) إلى شنو ، حيث توقف عند خورشید ، رنیس عشائر هركي التركية ، أجرى قائد حامية شنو المفاوضات مع إسماعيل خان حول السفر إلى تبريز ، لكن الأخير أرجأ موعد السفر . وفي هذا الوقت أخذ الكرد البارزانيون يأتون إليه من الأراضي العراقية ، والذين شكلوا تدريجيا فصيلة كبيرة مؤلفة من 500 شخص. في مثل هذه الأوضاع قررت السلطات الإيرانية التخلص من سمكو ، فأصدرت أمرا بإرسال كتيبتين من المشاة وسريتين للرشاشات من أورمية وصاوجبلاق إلى شنو ، فشنت في مساء 18 تموز عام 1930 ، بالاشتراك مع حامية شنو هجومها على الكرد . وفي أثناء الاشتباكات قتل اسماعیل خان في مساء ذلك اليوم عند اجتماع في ساحة المدينة ، ألقى فيه محافظ أورمية خطابا ، وصف فيه نشاط سمكو بأعمال قطاع الطرق ، وهنأ الجيش الإيراني الذي ( خلص السكان من إرهاب سمکو ). كانت حركة سمكو حركة متناقضة في نواح كثيرة، فقد كفلت مطالبته بتحرير الكرد من الرجعية التركية والإيرانية ، تأييد الكرد له في شمال - غربي إيران وفي المقاطعات النائية من کوردستان - تركيا ، الذين عاهدوا بتقديم المساعدة ، وبفضل ذلك لاقت حركة سمکو صدی واسعا بين صفوف الكرد عامة ، والكادحين منهم خاصة . كما شاركت فيها الجماهير الفلاحين الكوردية بنشاط . ولكن لا يجوز اعتبارها من الحركات الفلاحية ، طالما قاندها نفسه كان ممثلا للأوساط الإقطاعية الكبيرة ، علاوة على ذلك ، أظهر سمكو عن عدم الثبات في مواقفه ، فقد غير مرارا توجهه، حيث كان يتجه طورا نحو الأتراك ، ونحو الفرس طورا آخر ، ونحو الإنكليز طورا ثالثا . وبالنتيجة وجد نفسه عمليا ، دمية في أيدي الرجعية المحلية والاستعمار الانكليزي ، ومع ذلك ظلت الحركة بزعامة اسماعیل خان في وعي أكثرية الكرد بمثابة حركة تحررية . بعد القضاء على حركة سمكو لم تتوقف الحركات في كوردستان إيران، ففي الثلاثينات جرت انتفاضات كثيرة ذات طابع محلي، وهذه الانتفاضات ، التي كانت تفتقر إلى قيادة موحدة وأهداف مشتركة ، تحولت إلى حرکات تمرد فلاحية ، جعلت القوات الإيرانية قادرة على القضاء عليها بوحشية بصورة سريعة . ويمكن الحكم على طابع التدابير ونطاقاتها ، التي اتخذتها الحكومة الإيرانية للقضاء عليها ، ولو من خلال نشاط الجنرال الإيراني أحمدي ، الذي كان يتمتع بصلاحيات من الشاه رضا في محاربة الحركة التحررية الكوردية . فقد أعدم بأمر أحمدي ، أو رمي بالرصاص 10 آلاف شخص ، وزج في غياهب السجون أكثر من 4 آلاف شخص من الكرد ، الذين مات الكثيرون منهم نتيجة التعذيب والضرب . ورغم فشل الحركات الكوردية في هذه المرحلة ، فإنها لم تمر دون أن تترك أثرا ، بعد أن لعبت دورا في تشكيل الوعي الكردي القومي ، الأمر الذي خلق المقدمات لتشکیل منظمات كوردية سياسية ومستقلة. إن الحركة الكوردية القومية تمثل جزءا من حركة التحرر الوطني الإيرانية ، التي بدأت تحت تأثير أفكار ثورة أكتوبر الاشتراكية ، وتطورت تحت شعار النضال ضد الإدارة الايرانية والامبريالية الانكليزية ، اللتين كانت تتصرفان في الأراضي التي يسكنها الكرد دون عائق . لم يكن للانتفاضات الكوردية ، ولفترة طويلة ، برنامج واضح وتكتيك محدد . لقد انبثقت هذه الانتفاضات من ضرورة التصدي للظالمين ومبادرة الجماهير الشعبية ، وكان في قيادة الانتفاضة عادة رؤساء العشائر ، الذين لم يكن لديهم كثير من الصفات الضرورية لقادة الحركات الشعبية ، ولهذا السبب منيت مثل هذه الانتفاضات ، في نهاية المطاف بالفشل . وهكذا كان السبب الهام في الفشل الانتفاضات الكوردية ، يكمن في الحفاظ على التركيب القبلي - العشائري . وقد ساعد اشتراك رؤساء العشائر فيها ، على أن الإمبرياليين وعملائهم تمكنوا عبر هذه القيادة العشائرية من استغلال الحركة الكوردية لأغراضهم ، وتوجيه انظارها عن مهام النضال القومي - التحرري الأساسية . إن ضعف الطبقة العاملة القومية ( نتيجة ضعف التطور الاقتصادي في المناطق الكوردية ) وغياب حزب ثوري حقيقي قادر على قيادة الكرد في النضال من أجل حقوقهم القومية كان أيضا من أسباب فشل المفاوضات الكوردية . وحتى نهاية الأربعينات لم يصدف أن قامت حرکات عمالية في كوردستان ایران . ترتبط عملية فرز القوى الاجتماعية - الطبقية في الحركة الكوردية القومية في إيران ارتباطا وثيقة بالوضع الداخلي والدولي . ففي العشرينات والثلاثينات كانت خصائصها في کوردستان ایران مقرونة بالانتقالية في تطور العلاقات الاجتماعية الاقتصادية ، عندما تعرضت البنية العشائرية – القبلية التقليدية للهدم تحت تأثير دخول العلاقات الرأسمالية بصورة متزايدة . ونشأت في هذه المرحلة تناقضات احتدمت تدريجيا ، وأدت إلى أشكال صراع حادة ، وثورات مسلحة كبيرة تحت شعار إقامة ( کوردستان مستقلة وموحدة ) . وإلى جانب ذلك لوحظ في الحركة الكوردية القومية في العشرينات والثلاثينات ، وبوضوح ، اشتداد نزعة أخرى مرتبطة بحصرها في أطر تلك الدول ، التي تدخل في عدادها أجزاء معينة من کوردستان . فقد جرى استبدال الشعار المجرد ( کوردستان مستقلة وموحدة ) ، بشعارات تنطوي على مطالب واقعية للكورد في هذه المرحلة أو تلك ، في هذا الموقف أو ذاك . وقد تخللت هاتان النزعتان جميع أشكال الحركة الكوردية المختلفة، وختاما يمكننا القول ان الحركة الكوردية القومية في العشرينات والثلاثينات في إيران تمثل مرحلة تحضيرية لتطوير حركة أكثر تقدمية في الأربعينات .
المصدر : كتاب الحركة الكوردية في العصر الحديث، المؤلفون: جليلي جليل م . س . لازاريف _ م .أ حسرتيان _ شاكرو محویان _ اولغا جيغالينا ترجمة د . عبدي حاجي من ص 188 الى ص 196
#رستم_محمد_حسن (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
حفصة خان
-
تل نوشيجان
-
فوهر (الرمز الزرداشتي المقدس)
-
حزب هيوا (الأمل)
-
الرموز الموجودة على جدران لالش
-
(إله العاصفة Teşşub) كبير الالهة الحوريين
-
اللولوبيين
-
جريمة الانفال
-
ادريس البدليسي
-
مصطلح ميزوبوتاميا
-
الفنان الكوردي محمد شيخو
-
مصطلح اقليم كوردستان في تاريخ الشرق
-
الساميون (دراسة عامة)
-
كيف رسمت الحدود التركية _ السورية واثر ذلك على الكورد
-
قدري جان
-
الخلق والتكوين لدى اليارسانيين
-
مملكة كوما جين
-
أحمد كايا
-
الشاعر الكوردي رضا الطالباني
-
الاختام الحورية
المزيد.....
-
مقارنة ردة فعل بايدن على مذكرتي اعتقال بوتين ونتنياهو تبرزه
...
-
كيف أثر قرار إصدار مذكرات اعتقال بحق نتنياهو وغالانت على دعم
...
-
سفير ايران الدائم بالأمم المتحدة: موقفنا واضح وشفاف ولن يتغي
...
-
سفير ايران بالأمم المتحدة: أميركا وبريطانيا تساهمان في استمر
...
-
كنايسل تنتقد ازدواجية المعايير لدى الغرب تجاه مذكرات الاعتقا
...
-
-المملكة المتحدة ستفي بالتزاماتها القانونية-.. لندن تعلق على
...
-
5 شهداء وعشرات الإصابات بقصف الاحتلال خيام النازحين بخانيونس
...
-
شهيدان وأكثر من 20 جريح بقصف الاحتلال خيام النازحين بخانيونس
...
-
مدفيديف: روسيا تدعم قرارات الأمم المتحدة لحل الصراع الفلسطين
...
-
مذكرة اعتقال نتانياهو.. هل تتخذ إدارة ترامب المقبلة -خطوات ع
...
المزيد.....
-
سعید بارودو. حیاتي الحزبیة
/ ابو داستان
-
العنصرية في النظرية والممارسة أو حملات مذابح الأنفال في كردس
...
/ كاظم حبيب
-
*الحياة الحزبية السرية في كوردستان – سوريا * *1898- 2008 *
/ حواس محمود
-
افيستا _ الكتاب المقدس للزرداشتيين_
/ د. خليل عبدالرحمن
-
عفرين نجمة في سماء كردستان - الجزء الأول
/ بير رستم
-
كردستان مستعمرة أم مستعبدة دولية؟
/ بير رستم
-
الكرد وخارطة الصراعات الإقليمية
/ بير رستم
-
الأحزاب الكردية والصراعات القبلية
/ بير رستم
-
المسألة الكردية ومشروع الأمة الديمقراطية
/ بير رستم
-
الكرد في المعادلات السياسية
/ بير رستم
المزيد.....
|