كلمة ( هاؤم ) بين المعنى المعنى والتاصيل الحلقة الثالثة والرابعة

تحسين هاشم

الحوار المتمدن-العدد: 6807 - 2021 / 2 / 6 - 00:00
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    

الحلقة الثالثة
ورسم الكلمة في بيت الشعر السابق تؤكد ما ذهبنا اليه الى ان الرسم القراّني كان يجب ان يكون على شكل ( هاءوم ) .
وكذلك يروي بن منظور حديث محمد المعروف باسم حديث الربا ( لاتبيعوا الذهب بالذهب الا هاء وهاء ) وقد اختلف المفسرون كالعادة في تفسير الكلمتين المقصودتين وفي الاعم الاغلب يذهب الى ان معناها هات وخذ ولجلاء المعنى إستشهد بقول دعبل الخزاعي :
وجدت الناس نائلهم قروض كنقد السوق خذ مني وهات
والاهم في الامر ان الاختلاف بين اهل الحديث الذين قالوا ( ها وها ) والصحيح كما يراه الخطابي المتوفي سنة 388 هجرية هو ( هاك وهات ) وفي المحصلة لم يتطرق الى كلمة هاؤم رغم انه اختتم كلامه بالـ ( هأهأة ) وهي اخر مطافه وملخص الكلام ان بن منظور ايضا يميل الى انها أي ( ها ) اداة تنبيه .
اما الخليل بن احمد الفراهيدي المتوفي سنة 170 هجرية فيقول في كتاب العين المجلد الرابع صحيفة 283 ان كلمة ها بمعنى خذ ويدخل مباشرة في تفسير الاية 19 من سورة الحاقة موضوع بحثنا فيقول ان معنى كلمة ( هاؤم ) خذوا ثم يرجع ليقول ان ( ها ) حرف يؤخذ للمناولة ويقصد به هات وهاك او خذ الا انه يدخل مدخلا مختلفا تماما بعد عدد من الجمل فيقول ان ( ها ) للتنبيه ويستدرك بالقول بعد برهة بان الـ ها غير مستحسنة اذا جاءت قبل الهمزة الا اذا كان بينهما حرف لازم ( وليس حرف علة ) ثم يستشهد بقول النابغة الذبياني :
ها إنَ تا عذرة الا تكن نفعت فان صاحبها قد تاه في البلد
كتاب العين للخليل بن احمد الفراهيدي المجلد الرابع صحيفة 283 – 284 .
ومن إعراب هذا البيت الوارد في نهاية معلقة النابغة الذبياني والتي مطلعها :
يادار مية بالعلياء فالسندي اقوت وطال عليها سالف الابدي
( وقوله: «ها إنّ تا» الخ ... ها: للتنبيه. و «تا» اسم إشارة، لما ذكره في قصيدته من يمينه على أنه لم يأت بشيء يكرهه. وهي مبتدأ خبره: عذرة ) . وهذا الاعراب منقول عن كتاب شرح الشواهد الشعرية لمحمد بن محمد حسن شراب ( 1938 – 2013 ) .
كما ان مرتضى الزبيدي المتوفي 1205 هجرية في تاج العروس لم يخرج كثيرا عن باقي اللغوين وربما اعتمد على ما اورده الرازي في مختار الصحاح وغيره من اللغويين وفي تفسيره لكلمة ( ها ) استشهد بقول أبو حزام غالب بن الحارث العكلي :
فهاؤا مضابئة لم تؤل وقد ذكر في ضبأ
ها] وها، بفخامة الألف: كلمة تنبيه للمخاطب ينبه بها على ما يساق إليه من الكلام. قالوا: ها السلام عليكم، فها منبهة مؤكدة؛ وقال الشاعر:
وقفنا فقلنا ها السلام عليكم فأنكر ها ضيق المحم غيور
يقال: هاك وهاءك .... قال سيبويه: في كلام العرب هاء وهاءك بمنزلة حيهل وحيهلك، وكقولهم النجاءك، قال: وهذه الكاف لم تجئ علما للمأمورين والمنهيين والمضمرين، ولو كانت علما للمضمرين لكانت خطأ لأن المضمر هنا فاعلون، وعلامة الفاعلين الواو كقولك: افعلوا، وإنما هذه الكاف تخصيص وتوكيد وليست باسم، ولو كانت اسما لكان النجاءك محالا لأنك لا تضيف فيه ألفا ولاما، قال: وكذلك كاف ذلك ليس باسم . قال الليث قد تجيء الهاء خلفا من الألف التي تبنى للقطع، قال الله، عز وجل: هاؤم اقرؤا كتابيه أي خذوه واقرؤوا ما فيه لتعلموا فوزي بالجنة .
ولغة ثانية: هاء يا رجل، وهاآ بمنزلة هاعا، وللجميع هاؤوا، وللمرأة هائي، وللثنتين هائيا، وللجميع هائين – انتهى اقتباس الزبيدي ) تاج العروس لمرتضى الزبيدي الجزء 20 صحيفة 425 – 426 .
هذا ما استطعنا اختصاره عن كلمة ها الواردة في الاية 19 من سورة الحاقة العجيبة في كلماتها وتسلسل اياتها وسردها المتقطع غير المتوازن .
الحلقة الرابعة
اما الهمزة فبعد الرجوع الى القواميس والمعاجم نختصرها بان الهمزة نوعان ( همزة القطع هي الهمزة التي ينطق بها سواء كانت في بدء الكلام أم آخره.
مواضع همزة القطع : جميع الأسماء عدا عشرة أسماء وهي : أيم، أيمن، إمرؤ، إمرأة، إثنان، إثنتان، إسم، إبن، إبنة، أُست .
الهمزة المتوسطة أربع حالات:
1 ـ مفردة على السطر: مفتوحة وما قبلها ألف : قراءَة مفتوحة وما قبلها واو مد : مقروءَة
2 ـ على الألف : مفتوحة وما قبلها مفتوح : سَأًلَ
مفتوحة وما قبلها ساكن: مسْأَلة
ساكنة وماقبلها مفتوح: فَأْس
3 ـ على النبرة : مكسورة: طائِر
وقعت بعد كسر : السَيِّئَة
وقعت بعد ياء مد : مشِيئْة
4 ـ على الواو : مضمومة وما قبلها ساكن: مَسْؤُول (استثناء: تكتب الهمزة في كلمة المَوْءُودَة على السطر بالرغم من أنها مضمومة وما قبلها ساكن، إذ لا يمكن هنا كتابتها على حرف الواو، ذلك أن الحرف لا يتكرر ثلاث مرات متتالية في الكلمة في اللغة العربية)
مضمومة وما قبلها مفتوح : يَؤُمُّ
مضمومة وما قبلها مضموم : شُؤُون
ساكنة وما قبلها مضموم : رُؤْية
مفتوحة وما قبلها مضموم : سُؤَال
وهذا يؤيد قولنا بان كلمة هاؤم من مقطعين منفصلين وليس كلمة واحدة لانها لو كانت كذلك لكان رسمها ( هاءوم ) .
هذا ما يتعلق بالكلمة معنى" وهجاءا ولكن ماذا ورد عن هذه الكلمة في تفاسير القران المختلفة بين الشيعة والسنة ولنبدا بتفسير الطبري المتوفي سنة 310 هجرية ( قول تعالى ذكره : فأما من أعطي كتاب أعماله بيمينه، فيقول تعالى ( اقْرَءُوا كِتَابِيَهْ ) .
كما حدثني يونس بن عبد الأعلى، قال: أخبرنا ابن وهب، قال، قال ابن زيد، في قول الله : ( هَاؤُمُ اقْرَءُوا كِتَابِيَهْ ) قال: تعالوا. ) تفسير الطبري الجزء 23 صحيفة 585 ويكتفي الطبري بذكر مجموعة من الروايات المعنعنة التي تصب في نفس سياق المعنى .
اما الشوكاني المتوفي سنة 1255هجرية وهو من المفسرين المتأخرين ففي كتابه فتح القدير ({فَيَقُول هَاؤُمُ اقرؤا كتابيه} يقول ذلك سروراً وابتهاجاً. قال ابن السكيت، والكسائي: العرب تقول: ها يا رجل، وللاثنين هاؤما يا رجلان، وللجمع هاؤم يا رجال. قيل: والأصل هاؤكم، فأبدلت الهمزة من الكاف، قال ابن زيد: ومعنى {هاؤم}: تعالوا. انتهى ) وفي هذا عدم اتزان في ربط الجمل حيث ابتدا بان ها للتنبيه ثم اعطاها معنى مفترض ومسحوب من معاجم اخرى وهو ( هاؤكم ) وهو من الاستعمالات الضعيفة بالعربية لثقله على لسان العربي وعدم توافقه مع سلاسة الكلام المعروفة في لسان العرب والدليل على انها كلمة افتراضية قوله ابدال الهمزة من الكاف وهذا التباس لغوي صريح حيث ان ابدال القاف الى الهمزة وارد وقد اورد بن السكيت المتوفي سنة 244 هجرية في اصلاح المنطق صحيفة 84 مثلا لهذا قوله كلمة ( زهاق ) أي ( حوالي او تقريبا ) فيصبح نطقها ( زهاء ) واورد مثلا ( زهاق مائة رجل ) لتصبح ( زهاء مائة رجل ) وابدال القاف همزة او العين همزة وارد جدا بدليل رسم حرف الهمزة الذي وضعه الخليل بن احمد الفراهيدي المتوفي سنة 170 هجرية وهو راس العين ( ء ) لاختلاط حرف العين بالهمزة نطقا احيانا ويكمل الشوكاني الشرح بالقول ( وقال مقاتل: هلم. وقيل: خذوا؛ والذي صرح به النحاة أنها بمعنى خذ، يقول: ها بمعنى خذ، وهاؤما بمعنى خذا، وهاؤم بمعنى خذوا، فهي اسم فعل، وقد يكون فعلاً صريحاً لاتصال الضمائر البارزة المرفوعة بها ) فتح القدير للشوكاني الجزء 29 صحيفة 565 – 566 .

#تحسين_هاشم (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات