|
الجهالة والتجهيل برداء اسلامي
ادهم ابراهيم
(Adham Ibraheem)
الحوار المتمدن-العدد: 6806 - 2021 / 2 / 5 - 14:07
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
هناك تيارا اسلاميا يعتقد باننا من دون حضارتنا العربية الاسلامية في جاهلية ، وبها نقود العالم . ومن دونها سنعود الى الجاهلية الاولى . وبهذه الحضارة سنتخلص من جاهليتنا الجديدة .
وقد نسي من يتبنى هذا الاعتقاد ان الحضارة العربية الاسلامية قد شاخت وذبلت نتيجة ركود الفكر وجمود العقل في اواخر ايامها . واننا لايمكن ان نبني حضارة جديدة من حيث ماانتهت لاننا في هذه الحالة سنعود الى نفس صيغتها القديمة التي شاخت . ولذلك نحن بحاجة الى تجديدها باخذ مشعلها من الحضارة الانسانية الحالية ، والبناء عليها من القيم العليا التي ولدت هذه الحضارة .
ان الجاهلية الجديدة ناتجة عن استحضار الجاهلية الاولى ، في الثبات على تقاليد الاباء والاجداد ورفض التجديد ، نتيجة الجهل ، وسيادة الفكر القبلي ، ووأد المرأة .
كما تفعل بعض الانظمة والحركات العربية والاسلامية الآن . فانظر الى افغانستان التي وأدت المرأة اجتماعيا وثقافيا ، ومنعت النساء من التعليم والثقافة . وانظر الى داعش الذي حطم الاثار بدعوى كونها تماثيل . او دعوات بعض الوعاض بتحطيم الاهرامات في مصر . وهم نسوا او تناسوا ان هذه الاثار كانت موجودة عند الفتوحات الاسلامية ولم يتعرض لها المسلمون الاوائل لانهم كانوا رسل حضارة انسانية لا بدع وفتاوي متخلفة جاهلة . هذه هي الجاهلية الجديدة التي اتخذت الاسلام غطاء لها ، نسخة مكررة من الجاهلية الاولى ، ولكنهم مازالوا في غيهم يعمهون .
ومن الجاهلية الجديدة الدعوة للقضاء على مايسمونه الطابور الخامس ، ويقصدون به مواطنيهم ، بحجة انهم خط الدفاع الاول عن العدو . . وهذا ماكان سائدا في الجاهلية الاولى فقد كانت القبائل تقاتل بعضها بعضا ، في حالة من الفوضوى يرثى لها . وما اشبه اليوم بالبارحة ، حيث نقتل بعضنا بعضا ، متجاهلين اعداءنا . ولا نعلم متى سنقضي على (الطابور الخامس) للتفرغ للعدو . ان نظرية تصفية المواطنين (الكفار) بدأت في الجزائر في تسعينيات القرن الماضي ، حتى تكبد الشعب الجزائري مئات ألآلاف من الضحايا . وهذا ماشاهدناه في سوريا ، وفي دولة الخرافة "داعش" في العراق التي شملت جرائمهم كل فئات المجتمع ولم يفرق " المجاهدون المسلمون " بين الشباب والشيوخ أو النساء في كرنفالات القتل والتعذيب ، تحت اصوات التهليل والتكبير . وهم يستندون على الفتاوى التي تبيح لهم مالايباح .
ومازال إصدار الفتاوى مستمرا حتى وصل عددها عام 2018 الى مايقرب من مليون فتوى ! وهذا يعكس حالة الجهل والجمود الفكري عند العرب والمسلمين ، وحاجتهم الى الوصاية والهيمنة على الفكر والسلوك . دون اعمال الفكر . فالحق بين والباطل بين .
وقد وصلت الفتاوي المتهافته الى حد تحريم ملامسة بعض أنواع الفواكه والخضروات من قبل النساء بدعوى اثارتهن جنسيا !
وهكذا تواترت الفتاوى الدينية التي تقلل من قيمة المرأة وتختزلها في الجانب الجنسي ، ووصفها بالعورة .
اضافة الى تحريم الفنون بكل أشكالها من الموسيقى والمسرح والنحت وباقي الفنون التشكيلية .
وهم كذلك يؤكدون تمسكهم بمفاهيم انكار الآخر ، وانعدام التعايش مع فئات عديدة من المجتمع ، من خلال التعنت بافكارهم المتخلفة والدفاع عنها باستماتة .
ان التحديات التي تواجه العرب والمسلمين في العصر الراهن تكمن في الجهالة والتجهيل . واتخاذ الدين وسيلة للسيطرة على العقول والسطو على حرية الفكر . وقد جعل المتطرفون من الأرهاب وسيلة لتحقيق أغراضهم في اشاعة الخوف الذي ولد رد فعل سئ لكل ماهو اسلامي لدى شعوب الارض كافة .
ويبدو ان مبادئ الأسلام الحقة التي تستند على القيم العليا مثل التعاطف والتراحم والتسامح قد نسيت .
وبعد هذا كله اما آن الآوان لمراجعة انفسنا وسلوكنا وثقافاتنا التي تكرس التفرقة وتشيع روح الكراهية للاخرين . لنتخلى عن الصدأ الذي طرأ على الإسلام الحقيقي نتيجة فتاوي التحريم والتحليل على مدى عقود طويلة ، وندعوا الى التجديد والتحديث في كل مايتعلق بفهم الشريعة وتفسيرها الخاطئ .
ان تكفير الآخرين ، والاحجام عن التماهي مع الحضارة بدعوى التشبه بالغرب ، تعد من اكبر العقبات امام اي اصلاح او تحديث . وتجعل مجتمعاتنا العربية والاسلامية تغوص في مستنقع الجهل والتخلف ، وتحبط اي محاولة للتقدم والتجديد ، وتقف حجر عثرة امام الانفتاح على شعوب العالم المتحضر .
ان الجاهلية الجديدة تكمن في كل ما يفعله الاسلاميون الجدد بمجتمعاتهم من تخريب وتحريض على القتل والذبح ووأد النساء اجتماعيا . استجابة لتفسيرات عقيمة وفتاوي خاطئة . وهي بذلك تعيد نفس طباع الجاهلية الاولى ، وتتسم بصفاتها في الجمود والتخلف ، والاستسلام للواقع المزري . ولذلك فاننا بحاجة الى ثورة اخرى في وجه الجاهلية الجديدة . كما جاء الاسلام ثورة على واقع الجاهلية الاولى . وبعكسه فان توجهاتنا وافكارنا المتخلفة ستكون عائقا امام تقدمنا اسوة بشعوب الارض . وسنذهب الى الانقراض والابادة اذا لم نستجب لمتغيرات الحياة الجديدة وهذه من سنن الحياة .
#ادهم_ابراهيم (هاشتاغ)
Adham_Ibraheem#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
اشكالية التمسك بالماضي والحداثة
-
الصراع الدولي والاقليمي حول مشروع ميناء الفاو
-
ملامح سياسة بايدن في الشرق الاوسط
-
بيت العراق من يرممه ؟
-
رسالة مفتوحة الى ممثلة الامم المتحدة في العراق
-
انتفاضة اكتوبر العراقية . . الواقع والمآل
-
عقوبة الاعدام بين مؤيديها ومعارضيها
-
فشل النموذج الامريكي للديموقراطية
-
الدعوة للاقليم السني
-
قتل المدرس الفرنسي. بين التعصب والتسامح
-
الكاظمي والمزمار السحري
-
هل وصل قطار التطبيع الى بغداد ؟
-
الانفتاح خيار الحياة
-
اخفاق الاحزاب القومية في الدول العربية
-
الاسلام السياسي في العراق والمستقبل المجهول
-
الذكرى السنوية لانتفاضة اكتوبر . . المسيرة مازالت مستمرة
-
تجريم الطائفية تعزيز للوحدة الوطنية
-
الحسد وصيبة العين
-
هل ستنهار دول الشرق الاوسط ؟
-
تعطيل المنظومة الكهربائية . . العودة الى ماقبل الصناعة
المزيد.....
-
أمين عام الجهادالاسلامي زياد نخالة ونائبه يستقبلان المحررين
...
-
أجهزة أمن السلطة تحاصر منزلا في محيط جامع التوحيد بمدينة طوب
...
-
رسميًا “دار الإفتاء في المغرب تكشف عن موعد أول غرة رمضان في
...
-
ساكو: الوجود المسيحي في العراق مهدد بسبب -الطائفية والمحاصصة
...
-
هآرتس: إيهود باراك مؤسس الشركة التي اخترقت تطبيق واتساب
-
الاحتلال يسلم عددا من الاسرى المحررين قرارات بالابعاد عن الم
...
-
هآرتس: الشركة التي اخترقت تطبيق واتساب أسسها إيهود باراك
-
السويد ترحل رجل دين ايراني دون تقديم توضيحات
-
10 أشخاص من الطائفة العلوية ضحايا مجزرة ارهابية وسط سوريا
-
الجنة الدولية للصليب الاحمر تتسلم الاسير الاسرائيلي كيث سيغا
...
المزيد.....
-
السلطة والاستغلال السياسى للدين
/ سعيد العليمى
-
نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية
/ د. لبيب سلطان
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
المزيد.....
|