|
القانون غير عادل
حكمة اقبال
الحوار المتمدن-العدد: 6802 - 2021 / 1 / 31 - 02:47
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
هل يقرأ المواطن العراقي قانون الإنتخابات ليتعرف على نصوصه ومن ثُم يرى العدالة في القانون وبعد ذلك يقرر مشاركته في الإنتخابات القادمة ؟ وهل تناقش الأحزاب السياسية على مستوياتها القيادية والقاعدية محتوى القانون ، والنتائج المترتبة عن نصوصه ، وتقرر المشاركة من عدمها ؟ ولماذا تقبل الأحزاب السياسية ، على اختلافها ، عدم عدالة القانون وتشارك في الإنتخابات ، رغم عدم وضوح مستوى النتائج المتوقعة من العملية الإنتخابية بمجملها ؟ لقد نجح مجلس النواب العراقي في إجراء تعديلات مستمرة على القوانين الإنتخابية تضمن سيطرة الأحزاب المتنفذة على قوام المجلس ، ومصادرة حق الإحزاب الصغيرة في الحصول على مقاعد بمقدار الأصوات التي حصلت عليها ، وفي كل إنتخابات سابقة كان تزوير النتائج سمة ملازمة ، وكانت المحكمة الإتحادية تصادق عليها تحت ضغوطات الأحزاب ، رغم التلاعب الواضح في تفسير القانون والدستور .
هل أراد ابناء انتفاضة تشرين أن تجري الإنتخابات المبكرة تحت غطاء قانون غير عادل؟ لقد أهمل التشرينيون ، بدون معرفة وبسبب تنوعهم ، كيف يمكن لقانون الإنتخابات أن يقرر تركيبة مجلس النواب القادم ، الذي كان أحد أهداف الإنتفاضة هو تغيير العملية السياسية لصالح وطن يتسع للجميع .
احاول هنا إبراز عدم عدالة قانون الإنتخابات رقم 9 لسنة 2020 المنشور في العدد 4603 من جريدة الوقائع العراقية في 9 تشرين الثاني 2020 ، والذي كما ورد في الفقرة رابعاً من المادة الثانية " ضمان عدالة الإنتخابات وحريتها ونزاهتها " . - يقر القانون ان الناخب يجب ان يكون قد أتم الثامنة عشر في السنة التي تجري فيها الإنتخابات ، ولكن مُنع هذا الناخب من حق الترشح قبل ان يتم 28 سنة من العمر في يوم الإقتراع . في غالبية قوانين الإنتخابات في دول العالم المتحضر يكون حق الترشح والإنتخاب لمن أتم 18 سنة في يوم الإقتراع ، وفي القانون العراقي ستفتقد تشكيلة المجلس لطاقات شابة تعبر عن شريحة كبيرة من المواطنين ، ونسبتهم عالية بين السكان . - في الفقرة رابعاً من المادة 8 يشترط للمترشح أن يكون حاصل على الشهادة الإعدادية ، وهذا سيحرم شريحة العمال والفلاحين الكبيرتين والمهمتين من إيصال مندوبيها الى المجلس ، وهذه نظرة دونية لهم من قبل المشرع . وفي تكملة للفقرة كلمة "أو مايعادلها" وهذه تمرير قانوني لمن يحصل على شهادة دراسية من حوزات دينية وتتم معادلتها بشهادة الآعدادية ، وهذا تفضيل بدون حق للأحزاب الاسلامية . - اشترطت الفقرة سادساً من المادة 8 ان يقدم المرشح قائمة من 500 اسم يدعمون ترشيحة في الدائرة الإنتخابية ، وهذا إجراء صحيح ، ولكن هل ينسحب ذلك على الكيانات السياسية الجديدة التي يجب ان تقدم اسماء بأعداد أكبر بكثير ، خاصة وان الأحزاب المتنفذة الكبيرة تنتج كيانات عديدة ، وقد وصلت الى 400 كيان سياسي حتى الآن ، وهي أكثر من عدد مقاعد البرلمان ، وهذا مثير للسخرية . - بعد ان أقر القانون كوتا للمكونات المسيحية في خمس محافظات ، ومقعد واحد لكل من الصابئة واليزيدية والشبك والكرد الفيلية في محافظات محددة ، عاد في الفقرة ثالثاً من المادة 13 بالقول ان مقاعد المسيحين والصابئة ضمن دائرة انتخابية واحدة . وهذا تمييز واضح وغير منصف ، ويجب اعتبار كل مقاعد أي مكون ضمن دائرة انتخابية واحدة ، لأن هذه المكونات منتشرة في محافظات العراق ، فالأكراد الفيلية أكثر منهم في بغداد مما هم في واسط ، وكذلك الشبك والأيزيدية . - تتجلى عدم عدالة القانون في المادة 15 المتعلقة بالنظام الإنتخابي الفقرة أولاً حيث تقسم المحافظة الى دوائر انتخابية متعددة ، وهذه تعني تشتيت أصوات مؤيدي الأحزاب الصغيرة المدنية داخل المحافظة الواحدة ، وسيسهل على الأحزاب المتنفذة التي تملك المال والسلاح تمرير مرشحيها . واذا كان التيار المدني قد حصد 5 مقاعد في إنتخابات 2018 فحظوظه أضعف هذه المرة ، واذا افترضنا ان التشرينيون سيشتركون بأحزاب جديدة فستواجههم معضلة تفريق أصواتهم بين دوائر المحافظة الواحدة .
حتى تتحقق العدالة يجب ان تكون كل محافظة دائرة واحدة ، وتوزع 192 مقعد (60%) على المحافظات بحسب نسبة سكانها ، وبهذا نضمن التمثيل المناطقي لكل العراق ، وتوزع 128 مقعد (40%) على اعتبار العراق دائرة انتخابية واحدة ويفوز الأعلى ، وسيحقق هذه التقسيم فرصة تجميع أصوات الأحزاب الأصغر لتحصل على مقاعد بعدد قوتها التصويتية ، وليس ضياع أصواتها بين الدوائر المتعددة ، وتحتفظ المكونات بمقاعدها التسعة ، وان تحتسب أصوات كل مكون على مقياس الدائرة الإنتخابية الواحدة ، وبدون تمييز بين مكون وآخر . - رغم الصراخ والدعوى لإعتماد النظام البايومتري لتسجيل الناخبين ، لكن المادة 18 من هذا القانون تقول باعتماد بيانات سجل الناخبين وفقاً لقاعدة بيانات البطاقة التموينية ، ومعروف من الإنتخابات السابقة منذ 2005 التزوير في هذه البيانات ، وأعترضت عليها القوى المتنفذة نفسها . تُكمل المادة بالقول " لحين إجراء التعداد السكاني " ولا أحد يعلم متى يتم ذلك بعد كل هذه السنوات ، رغم اعلان وزارة التخطيط لأكثر من مرة استعدادها ، ومن الواضح ان السبب سياسي لصالح القوى الماتنفذة ، بينما حددت الفقرة رابعاً من المادة 39 ان يصوًت عراقيو الخارج لصالح دوائرهم الانتخابية باستخدام البطاقة البايومترية حصراً ، وهذا تمييز واضح ، حيث يرى بعض عراقيو الخارج ، وأنا منهم ، ان الاستمارة المعروضة في السفارات لتسجيل اعداد الناخبين تتضمن اسئلة لاعلاقة لها بالإنتخابات مما يدفعهم للتردد في تسجيل اسمائهم . - يبدو جميلا كل ما ورد في الفصل السابع المتعلق بالدعاية الإنتخابية ، وقائمة الممنوعات الواردة في فقرات الفصل لم تشر الى اجراء عقابية لمن يخرق هذه الممنوعات ، والتجارب السابقة في التجاوز عليها ماثلة ، ولم يتم تطبيق هذه النصوص سابقاً . - يبدو جميلاً أيضاً نص المادة 46 التي تقر بالزامية ان يؤدي المرشح الفائز اليمين الدستورية خلال مدة أقصاها شهر من تاريخ الجلسة الأولى ، ونتذكر اسماء من لم يؤدي اليمين الدستوري بعد الإنتخابات الأخيرة ، ولن يمنعهم نص القانون في المرة القادمة .
اذا ارادت الأحزاب المدنية المشاركة في الإنتخابات عليها مراجعة قوتها الإنتخابية وتحديد توزعها على الدوائر المتعددة في كل محافظة ، حتى تقدر امكانية وصول ممثليها للبرلمان ، ولا أرى ان من المفيد خوض التجربة لمعرفة قدراتها ومواقعها بين الجماهير ، خاصة وان التحالفات بينها يجب ان تركز على منح أصواتهم لمرشحين محتملين للفوز دون تشتيت الأصوات بينهم في الدائرة الواحدة ، وبغض النظر عن انتماء هذا المرشح لهذا الحزب المدني أو ذاك .
أرى ان تسأل الأحزاب المدنية نفسها عن مدى تأثيرها ، عند حصولها على عدد محدد من المقاعد ، في مجمل عمل البرلمان ، وان تجد جواب السؤال حتى لاتتكرر تجربة إستقالة بعض النواب لعدم إتسجامهم مع عمل البرلمان والحكومة ، وذهبت أصواتهم الإنتخابية في غير محلها . أرى ان تسأل الأحزاب المدنية نفسها أيضاً عن النتائج المترتبة عن عدم المشاركة في الإنتخابات ، والإعلان بوضوح عن اسباب عدم المشاركة ومنها عدم عدالة القانون ، على صعيد تعزيز حضورها الجماهيري ، والعمل المستفبلي على توفير أرضية سليمة لإنتخابات نزيهة وعادلة حقاً .
في ظل هذا القانون الإنتخابي الغير عادل ستكون النتائج غير عادلة أيضاً ، وعكس ما أرادة شباب الانتفاضة التشرينية ، رغم الثمن الكبير من الضحايا ، واذا أراد التشرينيون ، ومن يؤيدهم ، تحقيق نصرهم ، عليهم العمل مع من يساندهم ، لإعادة تعديل قانون الإنتخابات أو كتابة قانون بديل ، وبدعم مباشر وفعال من الأمم المتحدة والإتحاد الأوربي ، يؤمن عدالة توزيع الدوائر وعدالة حساب الأصوات للفائز الأعلى ، عدا ذلك فلن تكون المشاركة أو المقاطعة ذات معنى مؤثر في التغيير المنشود .
#حكمة_اقبال (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
جيش العراق؟؟
-
الحزب الشيوعي والإنتخابات القادمة
-
كلا أخو عماد ، انت مخطئ
-
أخو عماد ، أخفض جناحيك
-
يوميات دنماركية 200+43
-
يوميات دنماركية 200+42
-
نُشارك أم نُقاطع ؟
-
يوميات دنماركية 240+1
-
يوميات دنماركية 200+40
-
يوميات دنماركية 200+39
-
يوميات دنماركية 200+38
-
يوميات دنماركية 200+37
-
يوميات دنماركية 200+36
-
يوميات دنماركية 200+35
-
يوميات دنماركية 200+34
-
عدالة قانون الانتخابات
-
يوميات دنماركية 200+33
-
يوميات دنماركية 200+32
-
يوميات دنماركية 200+31
-
يوميات دنماركية 200+30
المزيد.....
-
-عيد الدني-.. فيروز تبلغ عامها الـ90
-
خبيرة في لغة الجسد تكشف حقيقة علاقة ترامب وماسك
-
الكوفية الفلسطينية: حكاية رمز، وتاريخ شعب
-
71 قتيلا -موالين لإيران- بقصف على تدمر السورية نُسب لإسرائيل
...
-
20 ألف كيلومتر بالدراجة يقطعها الألماني إفريتس من أجل المناخ
...
-
الدفاع الروسية تعلن تحرير بلدة جديدة في دونيتسك والقضاء على
...
-
الكرملين يعلق على تصريح البنتاغون حول تبادل الضربات النووية
...
-
روسيا.. اكتشاف جينات في فول الصويا يتم تنشيطها لتقليل خسائر
...
-
هيئة بريطانية: حادث على بعد 74 ميلا جنوب غربي عدن
-
عشرات القتلى والجرحى بينهم أطفال في قصف إسرائيلي على قطاع غز
...
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|