|
قراءة لتقاطع القرآن لظرفي الزمان والمكان - الجزء الأول
يوسف يوسف
الحوار المتمدن-العدد: 6799 - 2021 / 1 / 26 - 02:45
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
قراءة لتقاطع القرآن لظرفي الزمان والمكان الجزء الأول أستهلال : هي سلسلة مقالات في النقد العقلاني للنص القرآني .. وسأتناول في كل مقالة نصا قرآنيا محددا ، ومن ثم سأعرض قراءتي الخاصة له بعقلانية وكل تجرد . الموضوع : في هذه الحلقة سأتناول النص التالي ( ..ْ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِّلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ ۚ وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ ۖ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا ۗ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا . 34 / سورة النساء ) . وأنقل فيما يلي شرحا مختصرا للأية أعلاه ، وفق تفسير بن كثير / نقل من موقع quran.ksu.edu.sa : وقوله تعالى ( واللاتي تخافون نشوزهن ) أي : والنساء اللاتي تتخوفون أن ينشزن على أزواجهن . والنشوز : هو الارتفاع ، فالمرأة الناشز هي المرتفعة على زوجها ، التاركة لأمره . فمتى ظهر له منها أمارات النشوز فليعظها وليخوفها عقاب الله في عصيانه فإن الله قد أوجب حق الزوج عليها وطاعته . وقد قال رسول الله : لو كنت آمرا أحدا أن يسجد لأحد لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها ، من عظم حقه عليها ، وروى البخاري ، عن أبي هريرة ، قال : قال رسول الله : إذا دعا الرجل امرأته إلى فراشه فأبت عليه ، لعنتها الملائكة حتى تصبح ، ورواه مسلم ، ولفظه : إذا باتت المرأة هاجرة فراش زوجها ، لعنتها الملائكة حتى تصبح ، ولهذا قال تعالى : واللاتي تخافون نشوزهن فعظوهن . وقوله ( واهجروهن في المضاجع ) قال علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس : الهجران هو أن لا يجامعها ، ويضاجعها على فراشها ويوليها ظهره . وكذا قال غير واحد ، وزاد آخرون - منهم : السدي ، والضحاك .. ولا يكلمها مع ذلك ولا يحدثها . وقال علي بن أبي طلحة أيضا ، عن ابن عباس : يعظها ، فإن هي قبلت وإلا هجرها في المضجع ، ولا يكلمها من غير أن يذر نكاحها ، وذلك عليها شديد . وقد قال أبو داود : حدثنا موسى بن إسماعيل .. عن أبي حرة الرقاشي ، عن عمه أن النبي قال : فإن خفتم نشوزهن فاهجروهن في المضاجع ، قال حماد : يعني النكاح . وقوله " واضربوهن " أي : إذا لم يرتدعن بالموعظة ولا بالهجران ، فلكم أن تضربوهن ضربا غير مبرح ، كما ثبت في صحيح مسلم عن جابر عن النبي : أنه قال في حجة الوداع : " واتقوا الله في النساء ، فإنهن عندكم عوان ، ولكم عليهن ألا يوطئن فرشكم أحدا تكرهونه ، فإن فعلن فاضربوهن ضربا غير مبرح ، ولهن رزقهن وكسوتهن بالمعروف " . القراءة : أولا - ليس من نص قرآني له ديمومة القبول والتطبيق في عالم اليوم - والنص السابق هو كذلك ، وذلك لأنه نص ظرفي محدد ، ولوجود حقبة زمنية تعدت أكثر من 14 قرنا ، ولا يمكن أعتبار مقولة " أن الأسلام هو الحل " / حلا لمشاكل العصر الحالي ! ، التي تدعو أليها أكثر الجماعات الأسلامية ، وقد شرحها الدكتور محمد عمارة في كتابه الذي يحمل نفس العنوان ، وبين أن الأسلام هو الحل " لجميع المشاكل التى تواجه الحياة الفكرية ، والنهضة العقلية ، والنظام السياسى ، والقضية الاجتماعية ، تحرير المرأة ، وحقوق الإنسان ، وعلاقة الوطنية بالقومية وبالجماعات الإسلامية ومشكلات الأقليات ، والسياسة الخارجية حيث العلاقات الدولية والنظام العالمى ، والجهاد فى سبيل الله " . * وأعتقد أن كل مفردة مستخدمة من كون أن الأسلام هو الحل لها ، يكون الجواب عكس ذلك تماما ، لأن الأسلام ليس حلا لأي موضوع لأنه يستخدم السيف في كل موضوعاته ، " عن ابن عمر أن رسول الله ، قال ( أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إلاه إلا الله وأن محمدا رسول الله ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة فإذا فعلوا ذلك عصموا مني دمائهم وأموالهم إلا بحق الإسلام وحسابهم على الله تعالى ) متفق عليه . " ، وليس من حل يكون السيف أداته ! .
ثانيا - رجوعا للنص الذي نحن بصدده ، هل يعقل أن يكون هذا النص منزلا من الله ! . وهل هذا النص عقلاني ! .. هنا الله يعطي ثلاث حلول لنشوز المرأة ، أولهم : " فَعِظُوهُنَّ " ، من الممكن أعتبار هذا الحل مقبولا نوعا ما ، ولكن المصيبة بالحلين اللأخرين وهما " وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ " ، فهل من قدر وحكم الله الأخلاقي أن يوصي بهكذا أمور لعباده ، وكما فسره المفسرين ، هجر المضاجع يعني " النكاح " ، هل الله يدخل بهذه التفاصيل الجنسية بين الرجل والمرأة ! ، وهل عدم / أمتناع ، معاشرة الزوج لزوجته عقابا لها ، فكيف الحال لو كانت الزوجة تعاني برودا جنسيا ، والزوج كان مهووسا بالجنس ! فماذا سيكون الحل ! ، أما الحل الثالث : " فلكم أن تضربوهن ضربا غير مبرح " ، هل هكذا حل يمكن أن يكون ألهيا ! ، هل الله يشجع على التعنيف ! . أما حديث الرسول بأنه " لو كنت آمرا أحدا أن يسجد لأحد لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها " ، وأرى أن هكذا قول يعتبر قولا فوقيا أستعلائيا على المرأة ، أما حديث أبي هريرة :" أذا دعا الرجل امرأته إلى فراشه فأبت عليه ، لعنتها الملائكة حتى تصبح " ، فأرى أن هذا الحديث يظهر أن الأعراب كان تفكيرهم بالجنس فقط ، لذا هكذا أحاديث يتم بها أستمالتهم للدين الجديد ، خاصة جملة غضب الملائكة على المرأة الممتنعة عن الفراش ! . أني أرى أن الرسول يعبر بأحاديثه عن مجتمع قبلي متخلف ، وعن رؤية تحبطنا من كون أن رسولا لله أن يحيل الرجل كصنم للعبادة ، تستحق المرأة أن تسجد له ، وهذا الأمر في غاية التحقير والتنزيل من قيمة المرأة المجتمعية ! .
الخاتمة : من النظرة البنيوية للنص ، يتبين أنه نصا ذكوريا تاما ، لا يمكن أن يكون نصا ألهيا ، لأنه يصور حلولا عن واقع مكاني وزماني معينين ، يمثلان الحقبة المحمدية للقرن السابع الميلادي ، ولمجتمع قبلي جاهلي ، وبيئة صحراوية كانت المرأة عبئا على الأسرة ، لذا كان الأعراب يأدون بناتهم " وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ * بِأيّ ذَنْبٍ قُتلَتْ / سورة التكوير " ، فالنص يتوافق مع تصور القبيلة للمرأة عموما ، وهكذا تكون لنا وضعا أجتماعيا وفق ظروفا زمانية ومكانية ماضوية ، لا تمت لعالم اليوم بصلة ، الذي به المرأة سيدة مجتمع ذا رأي وذا موقف لا يمكن أن تخضع لهكذا حلول ، ولا يمكن أن تركع ألا لربها ! . 26.1.2020
#يوسف_يوسف (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
المخفي والمعلن في صناعة الأحاديث
-
قراءة في العلم والعلماء والأسلام
-
ومضة للتعبئة القسرية للعقلية الأسلامية
-
أضاءة نقدية لأحاديث عبدالله بن عباس
-
قراءة للآية 24 من سورة النساء
-
محمد بن عبدالله .. نبي أم قائد أم نبي وقائد
-
البيت الشيعي .. أضاءة في جلد الذات
-
الفتوحات الأسلامية .. بين المعلن والمخفي
-
الأسلام بين الوطن والخلافة
-
أضاءة بين الداعية والمفكر
-
أضاءة في - تحديد عدد الصلوات في الأسلام -
-
حكام العراق - بعد 2003 / أضاءة في جلد الذات
-
الصراع الدموي على السلطة في الأسلام – واقعة الحرة 63 هجرية /
...
-
أضاءة بين الجاهلية والأسلام
-
أضاءة بين تحرير العقل وتحجيره
-
الرسول ونسائه بين المعلن والمخفي
-
أضاءة حول أستبداد الموروث الأسلامي على عقلية المسلم
-
قراءة لحديث - من أطاعني فقد أطاع الله .. -
-
مريم العذراء .. والتقاطع التأريخي للقرآن
-
أضاءة حول بناء النص القرآني
المزيد.....
-
دراسة: السلوك المتقلب للمدير يقوض الروح المعنوية لدى موظفيه
...
-
في ظل تزايد التوتر المذهبي والديني ..هجوم يودي بحياة 14 شخصا
...
-
المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه
...
-
عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
-
مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال
...
-
الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي
...
-
ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات
...
-
الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي
-
نزع سلاح حزب الله والتوترات الطائفية في لبنان.. شاهد ما قاله
...
-
الدعم الأميركي لكيان الاحتلال في مواجهة المقاومة الإسلامية
المزيد.....
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
-
الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5
/ جدو جبريل
المزيد.....
|