|
تساؤلات حول الانتخابات الفلسطينية
ابراهيم ابراش
الحوار المتمدن-العدد: 6796 - 2021 / 1 / 23 - 15:03
المحور:
القضية الفلسطينية
الانتخابات العامة في الحالة الفلسطينية ليست مجرد استحقاق ديمقراطي كما هو الحال في الدول المستقلة، لأن الشعب يخضع للاحتلال والاحتلال نفيٌ للسيادة، وعندما تغيب سيادة الشعب وسيادة كل المؤسسات الرسمية القائمة في مناطق السلطة الوطنية فإن الانتخابات الفلسطينية تخرج عن سياق الديمقراطية وتصبح تحدياً وطنياً لوقف انهيار النظام السياسي ولإنجاز الوحدة الوطنية لمواجهة الاحتلال وللخروج من حالة العدمية السياسية، وليس مجالاً للصراع والتنافس على منافع ومكاسب سلطة خاضعة للاحتلال. نعم الانتخابات أصبحت ضرورة ليس لأنها استحقاق ديمقراطي فقط ولا لأن اتفاقية أوسلو نصت عليها والدول المانحة تريد جهة شرعية للتعامل معها وإدارة بايدن طالبت بها، بل لأن هناك مصلحة وأسباب وطنية بإجرائها وخصوصاً بعد فشل كل محاولات التوافق الوطني وهذه الأسباب هي :- 1- لأن الأمور وصلت لحد لا يطاق على كافة المستويات شعبياً ورسمياً وعربياً وأصبح التغيير ضرورة وطنية. 2- لمواجهة العدمية السياسية ومنح الشعب أمل بالمستقبل وبالتغيير. 3- لأنه لا يمكن التغيير من خلال خروج الشعب بثورة تطالب بإسقاط النظام أو بالانقلاب على السلطة القائمة سواء في غزة أو الضفة كما جرى في الحالة العربية. 4- لأن المخلصين والوطنيين في الطبقة السياسية وصلوا لقناعة بأن بقاء الأمور على حالها ستؤدي لدمار القضية الوطنية. 5- لأن هناك ضرورة ومصلحة وطنية لتغيير الطبقة السياسية التي وصلت لطريق مسدود. 6- لأن هناك معركة تسوية سياسية ومفاوضات قادمة ومطالب دولية لتجديد شرعية النظام السياسي قبل الدخول في التسوية. 7- لأن الانتخابات ستؤدي لوحدة وطنية أو تمهد لها وهذا ضروري لمواجهة مخطط الانقسام. 8- لأنه لا يمكن مواجهة الكيان الصهيوني ومشاريعه الاستيطانية إلا بالوحدة الوطنية. 9- كما أن الانتخابات وما سينتج عنها من تشكيل حكومة وحدة وطنية ستنزع الذرائع من الدول المُطبِعة أو التي تريد التطبيع مع الكيان الصهيوني وتبرر تدخلها في الشؤون الفلسطينية وكأنها المنقذ للفلسطينيين من فشلهم في إدارة أمورهم الداخلية كما صرح بعض المسؤولين الخليجيين. 10- ولأن الانتخابات تعيد ثقة الشعب بنفسه وتشعره بأنه شريك وفاعل في النظام السياسي ويستطيع التأثير فيه. لكل هذه الأسباب ومع إدراكنا لتعقيدات وتحديات المسألة الانتخابية في فلسطين الخاضعة للاحتلال، لا بد من الانتخابات. ولكن تحقيق الأهداف المُشار إليها أعلاه من الانتخابات لا يتم إلا بانتخابات تجري في إطار وضمن شروط تضمن ما يريده الشعب وتؤدي لوحدة حقيقية، وفي هذا السياق نبدي الملاحظات التالية ليس بهدف التشكيك بالانتخابات، بل لقطع الطريق على من يريد توظيفها لأغراض شخصية أو المبالغة في المراهنة عليها، وقد سبق وأن كتبنا عن رأينا في الانتخابات أكثر من مرة وبعض الملاحظات التالية إعادة وتأكيد عليها:- 1- كنا نأمل لو تم البدء بمنظمة التحرير والمجلس الوطني سواء من خلال الانتخابات أو التوافق حتى تكون منظمة التحرير جامعة للكل الفلسطيني ويتم وضع حد للصراع حول الشرعية العليا للشعب الفلسطيني وحتى تكون منظمة التحرير الجديدة ضمانة في حالة فشل الانتخابات التشريعية والرئاسية أو تم إنهاء السلطة الوطنية لأي سبب من الأسباب . 2- الانتخابات التشريعية والرئاسية لن تنهي الانقسام وتداعياته مباشرة لأن سبب الانقسام ليس خلافات فتح وحماس، بل هو مشروع إسرائيلي إقليمي حتى وإن شاركت فيه أطراف فلسطينية. 3- لا قيمة لانتخابات إن لم تُحدث تغييراً جوهرياً على الطبقة السياسية، وفي حالة تصدُّر نفس الوجوه والقيادات للقوائم الانتخابية فستفقد الانتخابات قيمتها لأن لا قيمة لانتخابات لا تجدد الطبقة السياسية . 4- كانت الانتخابات مجرد ملف من عدة ملفات أو قضايا محور حوارات المصالحة، وأن يتم القفز نحو الانتخابات دون التفاهم أو حل القضايا الخلافية الأخرى مثل الأمن والجماعات المسلحة والأراضي والموظفين والقضاء والموقف من المفاوضات مع إسرائيل والبرنامج السياسي الخ قد يقطع الطريق على استكمال مسلسل الانتخابات وقد يؤدي إلى فشل حكومة الوحدة الوطنية التي سيتم تشكيلها بعد الانتخابات . 5- حتى الآن يتم تجاهل أو الهروب من مسألة البرنامج السياسي سواء للأحزاب أو للحكومة التي سيتم تشكيلها بعد الانتخابات. 6- بسبب حالة الفقر وربط حياة الناس بالرواتب والمساعدات فسيكون للمال السياسي دور كبير في التأثير على خيارات الشعب. 7- نؤكد مرة أخرى على ما كتبنا عنه في مقال لنا عن الانتخابات في شهر أكتوبر والذي كان بعنوان (حتى لا تتحول الانتخابات لملهاة جديدة للشعب) حيث حذرنا من فكرة القائمة المشتركة بين فتح وحماس لأنها تقفز على الواقع وتسيء استراتيجياً لحركة فتح وإن كان لا بد من تحالفات فلتكن بين فصائل منظمة التحرير. 8- مع تفهم حق غير المنتمين للأحزاب في تشكيل قوائم خاصة بهم لخوض الانتخابات إلا أنه يجب الحذر من تمييع الحالة السياسية وتشتيت الأصوات وتسلل بعض الانتهازيين ومن يملكون المال والدعم الخارجي للمجلس التشريعي الجديد. 9- النجاح في الانتخابات التشريعية وفي تشكيل حكومة وحدة وطنية على أساس برنامج سياسي مشترك هو الذي سيحدد إن كان مسلسل الانتخابات سيتواصل بالانتخابات الرئاسية وفي إعادة بناء منظمة التحرير أم تعود الأمور أسوأ مما كانت. 10- النظام السياسي المُجدَد بالانتخابات والحكومة الجديدة ستكون في مواجهة مرحلة جديدة من التسوية السياسية والمفاوضات مع الكيان الصهيوني، وهي مرحلة غير مسموح بها اللجوء لأي عمل عسكري فلسطيني أو التهديد به وخصوصاً من طرف المشاركين بالانتخابات وفي الحكومة التي ستنبثق عنها، الأمر الذي يتطلب التوافق على استراتيجية للمقاومة الشعبية السلمية حتى تتضح معالم التسوية السياسية الجديدة، والتي في رأينا لن تكون أفضل حال من تسوية أوسلو. 11- الانتخابات ليست قراراً فلسطينياً خالصاً بل هناك اشتراطات إسرائيلية وأوروبية وأمريكية وعربية، وإن لم تبرز بوضوح حتى الآن فمن المتوقع أن تطرح هذه الجهات اشتراطاتها قبيل إجراء الانتخابات. 12- هناك التباس إن كانت انتخابات لسلطة حكم ذاتي مقيدة باتفاقية أوسلو أو انتخابات لمجلس تشريعي للدولة وخصوصاً أن القيادة قررت التراجع عن قرار سابق بوقف العمل بالاتفاقات مع إسرائيل؟ وكيف تكون الانتخابات الرئاسية لرئيس دولة فلسطين والتشريعية لانتخاب مجلس تشريعي لسلطة حكم ذاتي؟ وإن كان رئيس السلطة هو نفسه رئيس الدولة فما هو وضع رئيس منظمة التحرير الفلسطينية، وهل رئيس الرئاسات الثلاثة سيخضع للقانون الأساسي للسلطة أم للنظام الأساسي لمنظمة التحرير !. كلنا أمل أن تنجح الحوارات القادمة في القاهرة في تفكيك كل أو بعض القضايا العالقة وأن يصاحبها اتصالات مكثفة مع الجهات العربية والدولية لضمان نزاهة الانتخابات من جانب وضمان قبول الكيان الصهيوني والعالم بنتائجها من جهة أخرى، وفي جميع الحالات فإن اللجوء للانتخابات أفضل من بقاء الأمور على حالها. [email protected]
#ابراهيم_ابراش (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
آفة العدمية السياسية في العالم العربي
-
الأفتراء على منظمة التحرير الفلسطينية
-
جنون ترامب وحكمة الرئيس أبو مازن
-
حتى يكون العام الجديد منطلقاً للأمل
-
الفلسطينيون أولى بالاحتفال بعيد ميلاد السيد المسيح
-
القضية الفلسطينية في زمن التطبيع العربي
-
التطبيع لن يضمن أمن واستقرار الأنظمة المطبعة
-
الصهيونية غير اليهودية بنسختها العربية
-
الفلسطينيون وتحدي العودة للمفاوضات مع إسرائيل
-
هوامش على إشكالية الانقسام والمصالحة الفلسطينية
-
الفلسطينيون في مواجهة استراتيجية الإلهاء والتدمير الذاتي
-
من يقف وراء التصعيد في مشكلة الصحراء؟
-
إسرائيل كيان هش بالرغم من قوته الظاهرة
-
هوامش على الانتخابات الأمريكية
-
في ذكرى قائد أبى أن يترجل إلا شهيداً
-
هل سيكون الشرق الأوسط أفضل في عهد بايدن؟
-
المبالغة في المراهنة على الانتخابات الأمريكية
-
ليس هكذا يتم الدفاع عن الإسلام وحمايته
-
الوجه الخفي والخطير لتدهور العلاقات الرسمية الفلسطينية العرب
...
-
حتى لا تتحول الانتخابات إلى ملهاة جديدة للشعب
المزيد.....
-
لحّن إحدى أغانيه الأيقونية.. محمد عبده يرثي ناصر الصالح بحفل
...
-
فرنسا: بايرو يعلن أنه سيلجأ للمادة 49.3 من الدستور لتمرير مش
...
-
مباشر: عمليات عسكرية إسرائيلية جديدة في الضفة الغربية وأربعة
...
-
مشاهد منسوبة لأحمد الشرع في سجون العراق.. هذه حقيقة الفيديو
...
-
هل تتحول العلاقة بين ترامب والسيسي إلى -فاترة- بسبب غزة؟ - ن
...
-
تبادل الاتهامات بين روسيا وأوكرانيا بشأن قصف مدرسة في كورسك
...
-
إسرائيل تُعيّن إيال زامير خلفا لهاليفي.. ماذا نعرف حتى الآن
...
-
فيدان: ندعم بيان القاهرة حول مواجهة مشروع تهجير الشعب الفلسط
...
-
مراسلتنا: المستوطنون حرقوا مسجدا بالضفة الغربية ومطالب فلسطي
...
-
الشـرع يصل إلى الرياض في أول زيارة خارجية
المزيد.....
-
اعمار قطاع غزة بعد 465 يوم من التدمير الصهيوني
/ غازي الصوراني
-
دراسة تاريخية لكافة التطورات الفكرية والسياسية للجبهة منذ تأ
...
/ غازي الصوراني
-
الحوار الوطني الفلسطيني 2020-2024
/ فهد سليمانفهد سليمان
-
تلخيص مكثف لمخطط -“إسرائيل” في عام 2020-
/ غازي الصوراني
-
(إعادة) تسمية المشهد المكاني: تشكيل الخارطة العبرية لإسرائيل
...
/ محمود الصباغ
-
عن الحرب في الشرق الأوسط
/ الحزب الشيوعي اليوناني
-
حول استراتيجية وتكتيكات النضال التحريري الفلسطيني
/ أحزاب اليسار و الشيوعية في اوروبا
-
الشرق الأوسط الإسرائيلي: وجهة نظر صهيونية
/ محمود الصباغ
-
إستراتيجيات التحرير: جدالاتٌ قديمة وحديثة في اليسار الفلسطين
...
/ رمسيس كيلاني
-
اعمار قطاع غزة خطة وطنية وليست شرعنة للاحتلال
/ غازي الصوراني
المزيد.....
|