فلاح أمين الرهيمي
الحوار المتمدن-العدد: 6796 - 2021 / 1 / 23 - 11:18
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
في ذلك الصباح الذي تلبدت فيه السماء بالغيوم عندما دخلت موجة البرد الشديد من سيبيريا كانت تجلس مع أطفالها وزوجها (مهدي) حول صحن من الحديد فيه جمرات تتصاعد منها النار لتدفئة الغرفة وكانت الزوجة تحلق بعيونها من شباك الغرفة نحو السماء المتلبدة بالغيوم وحينما هم مهدي للنهوض ليذهب مع عربته المكدسة فيها ملابس (اللنكات) تمنت أن يبقى معهم ولم يغادرهم في هذا اليوم المتجهم في البرد الشديد، إلا أن مهدي نهض وذهبت معه الزوجة حاملة طفلها حتى باب الدار وهو يدفع عربته وبقيت ترنو بعيونها نحوه حتى غاب عنها حاملاً معه فراق الموت ليسري على خطى من راحوا .. جلست الزوجة تحيط بها الأطفال تغسل ملابس الأطفال في باحة البيت فسمعت دوي اهتز البيت منه فارتجفت منه وأصابها فزع وخوف وسط صراخ الأطفال ... يا ضفاف الهموم لقد رحل (مهدي) وحملت الرياح في دربها النائي بقاياه وشراع تحدرت تحت مرساة الليالي وتمطى الحداء في فمه يخترق الصمت قلبه وامتصه المدى المنداح وما طوقت به الألواح على خطى من راحوا والمسافات دونما يترامى في مداهن تائه سواح .. أيها الراحل المتعب الخطوات .. كثيرون تعبوا واستراحوا وكثيرون أثقلتهم خطاهم .. لا استراحوا ولا انتهوا فارتاحوا ... أيها المسافر الموغل خلف المدى الذي لا يساح .. آن أن يستريح بين أحنائك جرح الهموم وتمحى أتراح .. آن أن تستريح عذابات السنين أيها العذابات والأسى والجراح ويا ذلك الصدى النواح .. المسرات لم تكن غير وهم والأماني محارم تستباح .. أيها الراحل السابق ارتعاشه الخطوات في دروب تلفها الأشباح لم تكن غير أنت حينما تجهش الزوجة بالبكاء .. أيها الراحل يا آخر ابتسامة شاهدتها يا نواح .. كنت أروي إليك كل همومي وأملي .. فتهفو لي وأرتاح .. كنت أشتاقك اشتياق الحكايا .. واليوم أنظر لأطفالك وذكرياتك جرح يتنزى ومبضع جراح وانتظار يولمني ويؤرقني .. دون أن يدنو أحد على غربتي .. فالذين أنتظرتهم (أمي وأبي) الذين احتسبتهم قد رحلوا وراحوا واستراحوا.
كم هي الدماء التي تفجرت من جراحك يا عراق ؟
وكم من القلوب مكلومة تنزف منها الدماء ؟
وكم من الأيتام والأرامل استنقذوا أمس بقايا من الدموع ؟
#فلاح_أمين_الرهيمي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟