|
مشاركة القدس والمقدسيين عنوان لنزاهة الانتخابات
نهاد ابو غوش
(Nihad Abughosh)
الحوار المتمدن-العدد: 6790 - 2021 / 1 / 17 - 13:55
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
حسم المرسوم الذي أصدره الرئيس محمود عباس بتحديد مواعيد انتخابات المجلس التشريعي، ورئاسة دولة فلسطين، والمجلس الوطني، جزءا كبيرا من الجدل والخلاف والتوجس الذي يسود الساحة الفلسطينية منذ سنوات، لكنه لم يحسم كل الخلافات والمشكلات بالطبع، وإنما وضع المجتمع الفلسطيني وقواه الفاعلة أمام تحدي الإجابة على الأسئلة التي ما زالت عالقة. المرسوم لقي ترحيبا واسعا من مختلف القوى الفلسطينية على الرغم من الغموض الذي يعتري بعض تفاصيله، والملابسات التي سبقت إصداره، فليس واضحا حتى الآن لماذا شمل المرسوم إجراء الانتخابات لرئاسة "دولة فلسطين" وليس لرئاسة السلطة الفلسطينية. مع الفارق الواضح بينهما وهو أن الأول هو من اختصاص المجلس الوطني الفلسطيني الذي يمثل الشعب الفلسطيني في كل أماكن تواجده في الوطن والشتات. بينما رئاسة السلطة، وكما ينص القانون الأساسي ينتخبها المواطنون الفلسطينيون في الأراضي المحتلة عام 1967 أي في الضفة الغربية بما فيها القدس وقطاع غزة دون غيرهم. الإشكال الثاني الذي لم يوضحه المرسوم هو حول انتخابات المجلس الوطني، حيث من المفهوم ضمنا أن أعضاء المجلس التشريعي المنتخبين هم أعضاء "غرفة الداخل" للمجلس الوطني الفلسطيني، ولكن ماذا بشأن أعضاء الخارج ووفق أي قانون سيجري انتخابهم، وهل جرى أي إحصاء سكاني لتحديد حصة كل ساحة، والأهم هل جرى التفاهم مع الدول الرئيسية المستضيفة للفلسطينيين وخاصة الأردن وسوريا ولبنان، أم أن الأمر برمته متروك للعبارة الفضفاضة التي تقول "التوافق على اختيار أعضاء المجلس الوطني حيثما تعذر الانتخاب" ؟ الأمر الآخر الذي قد يشوّش على الاحتفاء بالمرسوم هو أنه جاء بعد أيام قليلة فقط من القرارات بقوانين التي طالت السلطة القضائية والتي أثارت اعتراضات واسعة لدى الهيئات القانونية والحقوقية ونقابة المحامين، والتي وصفها البعض بأنها مجزرة بحق القضاء، وتكريس لتغوّل السلطة التنفيذية على السلطة القضائية، وهي مسالة ليست بعيدة بل وثيقة الصلة بقضية الانتخابات التشريعية لأنها تتصل بالمحاكم التي ستبت في جميع المشكلات والطعون المتعلقة بالانتخابات وتضمن الحد المطلوب لنزاهتها. ومهما يكن الأمر، فإن معظم القوى السياسية والمجتمعية استقبلت المرسوم الرئاسي بالترحيب، عملا بالحكمة التي تقول "أن تأتي متأخرا خير من ألا تأتي أبدا"، لكن ذلك لا يعفيها من مسؤولية التوحد وبذل كل الجهود المطلوبة للإجابة بمسؤولية عالية عن كل الأسئلة المطروحة، وإيجاد الحلول لكل الإشكالات سواء تلك التي أوجدها الاحتلال، أو التي طرحها الواقع وغياب الانتخابات لفترة طويلة، أو التي خلفها عهد الانقسام المرير، وكذلك الثغرات والالتباسات التي حملها المرسوم والقرارات بقوانين التي سبقته. من أهم القضايا المتصلة بالانتخابات ضرورة مغادرة، أو على الأقل تقليص الوهم بان الانتخابات هي هدف وغاية في حد ذاتها وأنها قادرة على حسم كل خلافاتنا، أو أن الانتخابات هي آلية لتداول السلطة، ففكرة تداول السلطة في ظل الاحتلال هي تعبير عن تداول المنافع وتقاسمها لأن السلطة الحقيقية على الأرض وعلى الأجواء والحدود وحتى على السكان هي للاحتلال الذي يتحكم في كل شيء وما يتبقى للتداول هو الفتات الهزيل. الانتخابات هي في الجوهر وسيلة وأداة لإعادة ترتيب أمورنا، وتنظيم شؤوننا، على قاعدة أن قضيتنا الرئيسية هي الخلاص من الاحتلال، وبالتالي فإن الانتخابات هي أداة لإعادة بناء الشراكة الوطنية وتحمل أعباء النضال والمسؤوليات، وتجسيد شعار الشراكة في القرار الوطني والمجتمعي كما هي الشراكة في النضال وفي بناء الوطن، لهذا السبب بالتحديد تصبح المشاركة في الانتخابات مسؤولية وطنية وينبغي تسهيل مشاركة جميع الأطراف فيها من خلال توفير ضمانات النزاهة من جهة، وإشراك الجميع في مهام التحضير والإشراف والرقابة، والتوحد في مواجهة محاولات الاحتلال اللعب على هذا الوتر من خلال التعرض لبعض المرشحين والفئات بالاعتقال أو منع الحركة. من أهم المسائل على الإطلاق قضية مشاركة القدس والمقدسيين في الانتخابات، حيث من المقرر أن تجري هذه الانتخابات بعد 25 عاما من إجراء الانتخابات الأولى عام 1996، و15 من الانتخابات التشريعية عام 2006، وخلال هذه الأعوام مرت مياه كثيرة من تحت الجسر، وكثفت سلطات الاحتلال من إجراءاتها لتهويد القدس وسلخها عن محيطها الفلسطيني، وبعد أن اعترف الرئيس ترامب بسيادتها، شددت دولة الاحتلال إجراءاتها ضد كل ما يرمز للوجود الفلسطيني في القدس، فاعتقلت محافظ القدس ووزيرها ومعظم المسؤولين المرتبطين بالسلطة وسحبت هويات نوابها ووزيرها السابق، وباتت تتصدى لأي نشاط ذي صبغة فلسطينية حتى لو كان نشاطا رياضيا أو اجتماعيا. من الطبيعي إذن أن تسعى إسرائيل لمنع إجراء الانتخابات الفلسطينية في القدس، أو تقليصها إلى أضيق نطاق ممكن، والمؤسف أن بعض الفلسطينيين بات يتطوع لاقتراح حلول إدارية لهذه المشكلة وكأن الأمر هو كيفية التحايل على القيود الإسرائيلية. مشاركة المقدسيين في الانتخابات هي قضية وطنية بالدرجة الأولى قبل أن تكون استحقاقا ديمقراطيا أو شأنا إداريا وإجرائيا، إنها قضية السيادة الحقيقية المستمدة من إرادة الشعب على المدينة المقدسة وعاصمة الفلسطينيين الروحية والثقافية قبل أن تكون عاصمتهم السياسية، وما دامت القضية كذلك فهي تستحق معركة حقيقية يخوضها الشعب الفلسطيني بكل إمكانياته معززا بدعم دولي واسع ولا جدال فيه حول تبعية القدس الشرقية ومواطنيها وانتمائهم لفلسطين، ومعركة كهذه تستحق أن تحتل مكان الصدارة في اهتمام القوى السياسية والمجتمعية باعتبارها العنوان الأول لنزاهة أي عملية انتخابية في المستقبل.
#نهاد_ابو_غوش (هاشتاغ)
Nihad_Abughosh#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
لا بديل عن الانتخابات لتجديد الشرعية
-
العلاقات التركية الاسرائيلية: مصالح عميقة وتوتر فوق السطح
-
كيف نهزم أنفسنا؟
-
انقلاب السحر على نتنياهو
-
صناعة السلاح الإسرائيلي قاطرة للنمو ومدخل للنفوذ
-
لا تتركوا المقدسيين وحدهم!
-
إسرائيل تتغلغل شرق أوروبا لتطيل قرارات الاتحاد الأوروبي ودعم
...
-
القدس في مهب التهويد والتطهير العرقي
-
إسرائيل العنصرية تراود القارة السمراء
-
اسرائيل: يمينا در!
-
شعب فلسطيني موحد أم تجمعات سكانية؟
-
قرار العودة للتنسيق الأمني ومخاطره على المصالحة
-
الجيش الإسرائيلي مركز السياسة والمجتمع في إسرائيل
-
قرار صادم للقيادة الفلسطينية
-
عن اعلان الاستقلال الفلسطيني
-
الفلسطينيون ومرحلة جو بايدن
-
عن حق تقرير المصير للشعب الفلسطيني
-
ياسر عرفات أبو الوطنية الفلسطينية
-
حين يكون الرئيس الأميركي مديرا لعلاقات إسرائيل العامة
-
من المستفيد من نجاح بايدن: الفلسطينيون أم إسرائيل
المزيد.....
-
أشرف عبدالباقي وابنته زينة من العرض الخاص لفيلمها -مين يصدق-
...
-
لبنان.. ما هو القرار 1701 ودوره بوقف إطلاق النار بين الجيش ا
...
-
ملابسات انتحار أسطول والملجأ الأخير إلى أكبر قاعدة بحرية عرب
...
-
شي: سنواصل العمل مع المجتمع الدولي لوقف القتال في غزة
-
لبنان.. بدء إزالة آثار القصف الإسرائيلي وعودة الأهالي إلى أم
...
-
السعودية تحذر مواطنيها من -أمطار وسيول- وتدعو للبقاء في -أما
...
-
الحكومة الألمانية توافق على مبيعات أسلحة لإسرائيل بـ131 مليو
...
-
بعد التهديدات الإسرائيلية.. مقتدى الصدر يصدر 4 أوامر لـ-سراي
...
-
ماسك يعلق على طلب بايدن تخصيص أموال إضافية لكييف
-
لافروف: التصعيد المستمر في الشرق الأوسط ناجم عن نهج إسرائيل
...
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|