|
البلاسة أدنى صفات الخساسة
عبدالله المشعان
الحوار المتمدن-العدد: 6789 - 2021 / 1 / 16 - 14:20
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
البلاسة تعني الوشاية ولا يُعرف بالضبط لما سميت بهذا الاسم لكن يُعتقد لأنها تُعد من أعمال إبليس، حيث لا يقدم عليها سوى الأبالسة من الأنس، وهذا أقرب تفسير لمسماها، فقد عرف هذا المسمى باللهجة الدارجة عند عرب الجزيرة، فهذه الصفة البائسة تعتبر من أسفل الصفات القبيحة، فهي تعد خيانة ولا يتصف بها سوى الناقص من الرجال، سأل الشيخ مطلق الجربا ذات يوم "عن اطيب الطيب فقال الحمية واردى الردى فقال البلاسه" لذلك كانوا العرب ومنذ القدم يشوموا عنها ويترفعوا منها ويقول الشاعر بها:
الله يجازي من مشى بالبلاسه ورى خويّه ضاريٍ بالبلايس جوّار بوّارن وصوفه خساسه تحشم عن إسمه مزبرات النجايس ناسٍ تدور عزها بالعساسه ومربا الردى مبطي يقولون خايس والله يلولا حكم نجدٍ وساسه لاودع خوي البلس طعمة بسايس وعزي لرجلٍ يفتخر في لباسه لاشك ماله بالمراجل مقايس وش حصّل البلاس غير النحاسه لو خطوته قدام عاد مترايس والخوّه اللي ميّته في نفاسه يحرم عليها إمن الصلاة النفايس وأنا بأحشم النفس دون النجاسه وألعن أبوها عيشتن باللحايس
كنت أبحث في أصل الوشاية التي سادت برامج التواصل الاجتماعي، والتي تكرس لكراهية مجتمعية، وتعكس حالة غير سوية لفعل كان عبر العصور ذميم، حيث انتشرت في الآونة الأخيرة البلاسة بين الناس وأصبح الكل يشي بالآخر، وانقلبت برامج السوشيل ميديا إلى مكب للنفايات، يجمع بها سقط المتاع ممن هو مضطرب عقلياً ومريض نفسياً وحاقد مجتمعياً، فتجده في هذه البرامج ينم عن غله ويخرج ما في نفسه
عندما نسمع في هذه الأيام من بعض مذيعي الإعلام التقليدي وخص ممن يخرجون علينا ببرامج ما تسمى "توك شو" التحريض على أشخاص بعينهم، نعرف لما هم قاموا بهذا العمل، فهم يتداولون سكربت وسيناريو بالأغلب يكون نتاج عمل استخباراتي مُعد له مسبقاً، دور عليهم أن يؤدوه لخدمة النظام الاستبدادي، ولكن ما أصبحنا نشكك فيه ولا نعرف ما هي الأسباب لتعاطيه، هو ذاك الشخص العادي في المجتمع، عندما يبدر منه مثل هذا العمل الجبان!
الوشاية من علامات الشمولية، وإفشاء الوشاة في أي مجتمع كان، هو مؤشر خطير لتحول هذا المجتمع إلى فاشي متسلط قمعي، ولكن بأدوات جديدة تتواكب مع العصر التكنولوجي الجديد، فالتطوع في العمل الاستخباراتي الآن مفتوح له المجال عبر الأونلاين، وبإمكان أي من كان أن يقدم نفسه كمخبر للسلطة، فتجده يبرز مواهبة الحقيرة ويستعرض صفاته القبيحة، بتقديم القرابين لينال ثقتها بدفاعه المستميت عنها، ونبحه على من ينتقدها ليحظى باهتمامها، وتعتمده كلب من كلابها
الواشي الذي يعد مخبر شخصي وبوليس سري، لم يعد كما كان في الدول الغربية أثناء انتشار الفاشية، فهو كان يشي بشكل سري ودون أحد أن يدري، أما الأن بشكل علني ويفاخر بوشايته وتحريض النظام أصبح من مقومات الوطنية الحديثة، ففي كل يوم يخرج من يحرض على فئة من الناس أو شخصية من الشخصيات، حتى أصبح هذا الأمر من المعتاد، فلم يعد أحد يقف عنده أو يستغرب ويستنكر فعله!
الآن وحتى من يُعتقد أنه من أعلى الدرجات الثقافية والفكرية نجد بيّن فينة وأخرى، يورد تغريدة أقرب ما يقال عنها غبية، تبتعد كلياً عن أسلوبه المعهود منه، وكأن من كتبها لا يتصل به أبداً بصله، ولهذا احتمالين لا ثالث لهما، أما أن هناك من كتب هذه التغريدة بدل عنه، وأما أنه كتبها ليؤكد على أنه يقف مع تلك السلطة الاستبدادية، وأنه يتناغم مع غبائها ولم يخرج عن طوعها ولا من تحت عبائتها، وأنه إلى الآن يستظل بظلها؛ ويحتمي تحت ردائها ويتماهى مع رداءتها، وهذا ما هو أقرب للحقيقة، فهي لم تعد تكتفي بقمع الآراء المناوئة لها والتي لا تعجبها، بل أنها وصلت إلى مرحلة أن تتوجس ممن يصمت دون أن يصفق لها ولا يمدح عملها، فهو بالنسبة لها لا يؤمن له ويُرتاب دائماً منه
توجية وتشجيع المجتمع لهذا العمل المخزي، والترويج له بأنه يندرج تحت مسمى الوطنية، وتعليق كل أمر شنيع عليه، هو نهج غير سليم بالعودة مثلاً إلى تغريدات سابقة لأشخاص كانت لهم آراء في يوم ابدوها؛ وأفكار في وقت ما انتهجوها، واخراجها من سياقها وتهديدهم بها، تعد قمة في الدناءة وأسفل أنواع الخساسة
#عبدالله_المشعان (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الشيلات كيتش البروليتاريا الرثة
-
الأكاديمية الوطنية للتطبيل
-
أما آن للعين الكريمة أن تبصر نور الحرية
المزيد.....
-
تحليل: رسالة وراء استخدام روسيا المحتمل لصاروخ باليستي عابر
...
-
قرية في إيطاليا تعرض منازل بدولار واحد للأمريكيين الغاضبين م
...
-
ضوء أخضر أمريكي لإسرائيل لمواصلة المجازر في غزة؟
-
صحيفة الوطن : فرنسا تخسر سوق الجزائر لصادراتها من القمح اللي
...
-
غارات إسرائيلية دامية تسفر عن عشرات القتلى في قطاع غزة
-
فيديو يظهر اللحظات الأولى بعد قصف إسرائيلي على مدينة تدمر ال
...
-
-ذا ناشيونال إنترست-: مناورة -أتاكمس- لبايدن يمكن أن تنفجر ف
...
-
الكرملين: بوتين بحث هاتفيا مع رئيس الوزراء العراقي التوتر في
...
-
صور جديدة للشمس بدقة عالية
-
موسكو: قاعدة الدفاع الصاروخي الأمريكية في بولندا أصبحت على ق
...
المزيد.....
-
كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج
/ زهير الخويلدي
-
معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية
/ زهير الخويلدي
-
الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا
...
/ قاسم المحبشي
-
الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا
...
/ غازي الصوراني
-
حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس
/ محمد الهلالي
-
حقوق الإنسان من منظور نقدي
/ محمد الهلالي وخديجة رياضي
-
فلسفات تسائل حياتنا
/ محمد الهلالي
-
المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر
/ ياسين الحاج صالح
-
الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع
/ كريمة سلام
-
سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري -
/ الحسن علاج
المزيد.....
|