أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - مصعب قاسم عزاوي - تهافت المفكرين والخبراء الخلبيين














المزيد.....

تهافت المفكرين والخبراء الخلبيين


مصعب قاسم عزاوي
طبيب و كاتب

(Mousab Kassem Azzawi)


الحوار المتمدن-العدد: 6785 - 2021 / 1 / 11 - 20:33
المحور: المجتمع المدني
    


حوار أجراه فريق دار الأكاديمية للطباعة والنشر والتوزيع مع مصعب قاسم عزاوي.

فريق دار الأكاديمية: ما هو سبب رفضك لتوصيفات «مفكر»، و «خبير» وما كان على شاكلتها؟

مصعب قاسم عزاوي: هناك نموذج خطير من «تمايز المعرفة المخاتل» المقترن بأطروحة أن «كل خبير في حقله عليم»، وهو ما أنتج في كثير من الأحيان استقالة لعقل الإنسان العادي في التفكر بكل ما هو «تخصصي لا بد من تركه للخبراء وأولي العلم» سواء كان ذلك في الاقتصاد أو المجتمع أو السياسة أو الثقافة. وهو نموذج مهول في نتائجه السلبية على صحة أي مجتمع. فالحقيقة أنه لا يوجد أي مستوى من المعارف الذي وصلت إليه البشرية متضمناً أعقد الكشوفات الطبية في علم المورثات والطب المورثي، وحتى الفيزياء النووية لا يمكن تبسيطها بشكل ممنهج ومنظم يُمَكِّنُ أي طفل في المرحلة الثانوية من استيعابها بشكل واف، والتحدث عنها لاحقاً لأقرانه، والحوار النقدي الفاعل بخصوصها إن استدعت الضرورة لذلك. ولكن مصالح «أولي العلم والأمر»، تقتضي توطيد ذلك «الوهم المعرفي» بأن هناك بشراً اعتياديين غير قادرين على فهم «العلائق المعقدة في الحقول التخصصية» ولذلك لا بد من الاستعانة بأولئك «الخبراء»، الذين يستمرئون بدورهم ذلك «المقام الرفيع»، إذ أنه «مفتاح ثمين» للحفاظ على «مورد رزقهم»، وهو ما يقتضي منهم لضمان عدم «تنطع أي عقل غير ذي خبرة» على ذلك «المورد الثمين» الاستمرار في تعقيد كل ما يمكن تبسيطه وتكثيفه بشكل ميسر لأي «إنسان عادي»، في تورية عامدة للحقيقة بأن القدرات العقلية بين البشر متقاربة جداً في قدرتها على الفهم و الاستبطان و إعادة الإنتاج حينما يتم تقديم المعارف لها بشكل مبسط وميسر ودون تعقيد متعمد.

وأعتقد بشكل جازم بأن هناك الكثير من المجتهدين الذين لم تتح لهم ظروفهم الحصول على تأهيل أكاديمي رفيع مشخص بشهادة «دكتوراه» أو غيرها، دون أن يقلل ذلك من الأهمية الاستثنائية لجهودهم المعرفية الحقة والضرورية لتأصيل «العقلانية» الضرورية في كل المجتمعات البشرية إذا كان لهذه البشرية أن تستمر في وجودها على كوكب الأرض.

ومن ناحية أخرى فهناك الكثير من «الخبراء الخلبيين» الذين هم في أحسن الأحوال من نموذج «مثقفي الأبراج العاجية» المتباهين بألقاب رنانة من هنا وهناك يتم استخدامها لإضفاء صفة من المصداقية على مقولهم النابع من كونهم «خبراء ومؤهلين بألقاب طنانة»، وهو ما يعزز عملية التشويش المتعمد الذي يقوم به الكثير من «الخبراء» للحفاظ على مورد رزقهم، و هو ما لا يساعد أبداً في تأصيل المصارف الأساسية الضرورية لمساهمة كل إنسان عادي وبسيط في دوره اللازم في المساهمة النقدية الفاعلة في محيطه الاجتماعي، وكل ما يتعلق بشروط الحفاظ على ذلك المجتمع وحيوات أبنائه ومستقبلهم؛ وهو ما يعني ببساطة إعادة الاعتبار لقيمة الإنسان «ككائن اجتماعي فاعل» وراغب باستخدام قدراته العقلية الفطرية بطاقاتها القصوى، لاكتشاف الحقائق بنفسه، والوصول إلى الاستنتاجات الضرورية للحفاظ على وجوده الاجتماعي ومستقبل من يهتم لأمرهم بنفسه أيضاً، دون أن يترك ذلك الخيار «الوجودي» لأولئك الخبراء ذوي الألقاب الرنانة الطنانة.

وفيما يتعلق بصفة «المفكر»، أظن أنها جزء من أدوات صناعة «الأبواق الإعلامية الوظيفية» التي تستخدمها آلات الدعاية السوداء بكثافة في العالم الغربي منذ الحرب العالمية الأولى وحتى اللحظة الراهنة، وهي تهدف إلى إضفاء صفة من «القدسية» على النتاج الفكري لفرد ما بوصفه «مفكراً»، لتعزيز «انتشار وتأثير» ما قاله ويقوله، والذي غالباً ما يتصادف أنه يصب في مصلحة الفئات المهيمنة المسيطرة وأذرعها الإعلامية في لحظة ما. وهو ما يجعل ويقود ذلك «المفكر» لفهم شروط اللعبة واستمرائها، ومن ثم الإيغال في «تكرار وترديد» ما تريد الفئات المهيمنة منه قوله دون أن تفصح عن ذلك بصراحة. وهنا يولد «اللبيب المفكر الوظيفي» الذي فهم الإشارة واستمرأ «رنين ووهج» لقب «المفكر» الذي أُسبغ عليه، والذي لا بد له من «الاجتهاد الوظيفي» بعد ذلك للدفاع والحفاظ عليه، وإن اقتضى ذلك لاحقاً «لي عنق المعرفة والحقيقة»، إذ لا يعلو هدف فوق هدف «الاحتفاظ باللقب».

وبشكل أكثر تشخيصاً أعتقد أن مصطلح «مفكر» هو مصطلح «متهافت» من الناحية اللغوية كحد أدنى. فالحقيقة أن التفكر السببي، والقدرة على التحليل والاستنتاج والاستبصار هي صفة فطرية لدى جميع البشر، وهي الصفة الوحيدة التي ميزت البشر عن غيرهم من أقرانهم في مملكة الحيوانات. وبشكل واقعي وأخلاقي منصف أظن بأن جهد التفكير الذي يضني أماً تجاهد ليل نهار لإيجاد قوت أبنائها، وحمايتهم من الشرور التي تحيق بهم من كل حدب وصوب، أو جهد التفكير المبرح لأب وهو ينقب عن مصير ابنه المغيب في غياهب سراديب المستبدين، أكثر عمقاً وأكبر كماً وأغنى كيفاً من نتاج تفكر «عظام المفكرين الساحقين» على أقنية وشاشات كل وسائل الإعلام المتسيدة.

وحتى إن كان جهد ذلك «المفكر» أو ذاك عرمرماً، فإنه لا يستدعي «الاستمراء النرجسي لعظمة الذات» إذ أن ذلك «وعي متعام» عن الحقيقة الدامغة بأن التفكير والتثقف والتعلم من نتاج السابقين، والبداية من حيث انتهوا كانت السمة الأكثر أهمية في صناعة المعرفة البشرية التراكمية. إذ أنه لا يوجد «مفكر اختراقي ملهم» أنتج من «بنات وحفيدات أفكاره» معرفة جديدة لم يسبقه لها أحد، على الرغم من أن الظاهر للعيان قد يكون ذلك. فالحقيقة في تاريخ المعرفة البشرية عموماً والكشوف العلمية خصوصاً هو أن الاتصال، وإعادة إنتاج المعارف السابقة بشكل أكثر نضجاً هو القاعدة شبه المطلقة لكل معرفة أنتجها بنو البشر.



#مصعب_قاسم_عزاوي (هاشتاغ)       Mousab_Kassem_Azzawi#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بعض الطرق الوقائية والعلاجية الطبيعية للتعامل مع الأمراض الا ...
- محو الذاكرة التاريخية
- أسباب وأعراض سرطان الرحم
- حركية التاريخ وانعطافات الربيع العربي
- مرض السكري من النوع الثاني: بعض الأساليب الوقائية والعلاجية ...
- تحولات اللغة و التزامات المثقف
- أسباب وأعراض سرطان الأمعاء
- تنويعات المقام الاستبدادي
- بعض الطرق الطبيعية لتحسين نسب الكوليسترول والدهون الثلاثية ف ...
- لقاحات كوفيد 19 وفيروس كورونا: تحليل علمي مخلص ورأي طبي صدوق
- أسباب وأعراض سرطان عنق الرحم
- المعدة بيت الداء والعقل رأس الدواء
- جلجلة الصحفي الحقِّ
- أسباب وأعراض سرطان المبيض
- مداخل طبيعية لعلاج الاكتئاب
- هل من صحفي مستقل؟
- أسباب وأعراض سرطان الثدي عند المرأة
- كيف يؤثر الضغط النفسي والتوتر على صحتك العقلية والجسدية؟
- غرامشي وشرعنة الوعي الزائف
- اضطرابات التواصل الجسدي النفسي عند الأطفال


المزيد.....




- تقنية التعرف على الوجه سلاح الجيش الإسرائيلي للإعدامات والاع ...
- نائبة مندوب روسيا لدى الأمم المتحدة تشير إلى ازدواجية معايير ...
- أول رد فعل من نتنياهو بعد اعتقال اثنين من مكتبه في قضية التس ...
- حماس: اتفاق يوليو الماضي هو المفتاح لوقف الحرب وعودة الأسرى ...
- ممثل الأمم المتحدة يؤكد للسيستاني عدم التدخل في شؤون العراق ...
- فيديو: ما وراء قرار الاحتلال وقف عمل وكالة الأونروا؟
- السيسي يؤكد لعباس دعم مصر للسلطة الفلسطينية وحماية حق تقرير ...
- بعد توقيف 4 أشخاص بمكتب نتنياهو.. اعتقال ضابط إسرائيلي في قض ...
- أسامة حمدان: حظر الاونروا يؤكد اصرار الكيان على التمرد والاس ...
- موسكو تطلق سراح بعض العسكريين الأوكرانيين الأسرى


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - مصعب قاسم عزاوي - تهافت المفكرين والخبراء الخلبيين