|
مصطلحات الحداثة في خطاب جماعات الرجعية
عبدالله محمد ابو شحاتة
الحوار المتمدن-العدد: 6785 - 2021 / 1 / 11 - 11:49
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
في الوقت الذي تزايدت فيه الاعتداءات والقتل في حق النساء تحت ستار الشرف وغيره من المفاهيم الرجعية التي لا تنتمي إلا لمجتمع رجعي بدائي ابوي لا يزال يربط شرفه بما بين أفخاذ النساء ، وفي الوقت الذي تعاني منه نسائنا من التحرش الذي يبرره المجتمع بكل وقاحة مُديناً الضحية ومبرراً سلوك الجاني ، وفي الوقت الذي تعاني منه المرأة في العالم الأسلامي من محدودية نطاق حريتها الشخصية في مظاهر متعددة كالحجاب الاجباري الذي يُفرض بشكل أسري ومجتمعي أو حتى بشكل قانوني من قبل بعض الحكومات الرجعية الإرهابية كالحكومة الإيرانية التي تجلد و تسجن النساء لرفضهم للحجاب الأجباري كما حدث مع الناشطة نسرين سوتوده التي حكم عليها بالسجن والجلد أو الحكم بالسجن ثلاثين عاماً على الناشطات ياسمين آرياني، ومنيرة عربشاهي، وموجغان كيشافارز ، ووسط كل هذه المهازل والانتهاكات لكرامة وحرية الأفراد في بلدان العالم الإسلامي الغارق في الفاشية الدينية ، تجد جماعات الاسلام السياسي وإعلامهم يزخر بأدعاء المظلومية من ذلك الغرب العنصري الذي يعاني من الإسلاموفوبيا والذي يحارب حرية النساء المسلمات في أرتداء الحجاب ، وكأن الحرية عند هؤلاء تسير في اتجاه واحد فقط وهو الأتجاه الذي يوافق أهوائهم وأيدلوجيتهم الرجعية ، فالحرية عند هؤلاء مجرد كلمة جوفاء أو مجرد مطية يستخدموها وفقاً لمعاييرهم الخاصة و بما يتماشى مع رؤيتهم المتخلفة ، وتظهر لنا تفسيرات غريبة للحرية من قبل اتباع تلك التيارات الرجعية ،كقولهم أن الحرية فقط فيما لا يناقد الدين أو الحرية بما لا يغضب الله أو انت حر ولكن لا تنتهك قيم المجتمع ، وغيرها من الأقوال التي تدل في الحقيقة على انك تجادل اشخاصاً فاقدون لأي موضوعية ويفتقرون لأي منطق في النقاش ، فكيف تكون الحرية حرية إذا تم تقييدها بما يتوافق مع دينك وأيدولوجيتك و كيف اكون حراً وانت تريد أن تحركني وفقاً لمعتقدك ورؤيتك الخاصة، و لا يعني هذا بالطبع أن الحرية مطلقة ولا مُحددات لها، ولكن محددات الحرية يجب أن تكون محددات موضوعية، فلا يمكن أن يكون دينك انت و عاداتك أنت وتقاليدك أنت محددات لحريتي انا ، فلا يوجد تعريفاً افضل للأرهاب والقمع من محاولة تقييد سلوك الأخرين وفقاً لمعتقداتك الخاصة ، اما فيما يخص الديمقراطية فهناك تصور مغلوط ينشر ويروج من قبل تيارات الإسلام السياسي وأتباعهم في الشرق أو من المهاجرين في الغرب ، وهذا التصور يأخذ الديمقراطية كمبرر لتطبيق أيدلوجيتهم حتى أن بعضهم يأخذها كمبرر لتطبيق الشريعة ، قائلاً إذا أرادت الشعوب الإسلامية بأقرار الأغلبية تطبيق الشريعة فمن الذي من حقه أن يمنعها ؟ وبالطبع تقوم تلك الحجج على تشويه فج لمفهوم الديمقراطية ، فالديمقراطية ليست مطلقة وليس كل شئ عرضه للأستفتاء وألا يمكنني ان اقول بنفس المنطق أنه من حق الأغلبية في أوروبا طرد جميع المسلمين من أراضيها إذا أرادت ذلك !! أما الديمقراطية في الحقيقة لا يمكن أن تناقد حقوق الأفراد أو تنقد أسس المواطنة والعقد الأجتماعي الذي يساوي بين جميع المواطنين بالضرورة ، والحرية الشخصية و حقوق الأفراد والأقليات ليست عرضه للأستفتاء أو أخذ الرأي في نظام ديمقراطي حقيقي،
إن ما تغير في خطاب تلك الجماعات في الفترات الأخيرة إنها أصبحت تستغل التأثير الإيجابي والرنان لبعض المصطلحات التقدمية كالحرية والديمقراطية بل وتستخدمها في كل مناسبة وبشكل مُفرط ولكنها في نفس الوقت تعمل على تشوية معناها واعطائها مدلولاً مزيفاً يتوافق مع ايدلوجيتها ، ويحاولون جاهدين زرع تلك المفاهيم المزيفة التي اخترعوها في وعي العامة من البسطاء ، ولا يوجد في الحقيقة أمر أكثر خطورة من تشويه المصطلحات والمفاهيم و إخفاء معناها الحقيقي خلف معنى آخر مصطنع وهو أمر يحتم علينا بلا شك أن نتمسك دائماً بالمفاهيم الصحيحة وننشرها في كل مكان ولا ننساق بسهولة خلف كل من أطلق مصطلحات تقدمية بعد أن أن تلاعب بمدلولها وسبغها بسبغته الخاصة ، وعلينا أن نعلم أن هذه في الحقيقة محاولة يائسة من تلك التيارات لتوفيق نفسها مع موجة الحداثة والتقدمية بعد أن عجزت عن مجابهتها والحقيقة أن جميع محاولتهم البائسة ستنتهي بالفشل فالتاريخ يسير للأمام ولا يمكن يعود للخلف وإن كانت هذه الجماعات تُحدث ثباتاً وقتياً أو تقهقراً مؤقتاً لقطار التقدم فليس هذا إلا عرضاً زائلاً وليس إلا مجرد إحداث تأخير لعجلة التاريخ ولكن لا يمكن على أي حال من الأحوال لتلك العجلة أن تدور في عكس اتجاهها الطبيعي .
#عبدالله_محمد_ابو_شحاتة (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
المجتمع وحق التملك
-
اليهود بيننا
-
هل توجد علاقة طردية بين تدين المجتمعات و فسادها..؟؟
-
مجتمعات العصا ومجتمعات الحوار
-
التعليم والضفائر الفوشيا في مصر
-
الحرية وحدود القانون
المزيد.....
-
لاستعادة زبائنها.. ماكدونالدز تقوم بتغييرات هي الأكبر منذ سن
...
-
مذيع CNN لنجل شاه إيران الراحل: ما هدف زيارتك لإسرائيل؟ شاهد
...
-
لماذا يلعب منتخب إسرائيل في أوروبا رغم وقوعها في قارة آسيا؟
...
-
إسرائيل تصعّد هجماتها وتوقع قتلى وجرحى في لبنان وغزة وحزب ا
...
-
مقتل 33 شخصاً وإصابة 25 في اشتباكات طائفية شمال غرب باكستان
...
-
لبنان..11 قتيلا وأكثر من 20 جريحا جراء غارة إسرائيلية على ال
...
-
ميركل: لا يمكن لأوكرانيا التفرّد بقرار التفاوض مع روسيا
-
كيف تؤثر شخصيات الحيوانات في القصص على مهارات الطفل العقلية؟
...
-
الكويت تسحب جنسيتها من رئيس شركة -روتانا- سالم الهندي
-
مسلسل -الصومعة- : ما تبقى من البشرية بين الخضوع لحكام -الساي
...
المزيد.....
-
المسألة الإسرائيلية كمسألة عربية
/ ياسين الحاج صالح
-
قيم الحرية والتعددية في الشرق العربي
/ رائد قاسم
-
اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية
/ ياسين الحاج صالح
-
جدل ألوطنية والشيوعية في العراق
/ لبيب سلطان
-
حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة
/ لبيب سلطان
-
موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي
/ لبيب سلطان
-
الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق
...
/ علي أسعد وطفة
-
في نقد العقلية العربية
/ علي أسعد وطفة
-
نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار
/ ياسين الحاج صالح
-
في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد
/ ياسين الحاج صالح
المزيد.....
|