طه رشيد
الحوار المتمدن-العدد: 6781 - 2021 / 1 / 7 - 14:52
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
تتقاسم شعوب الارض صفات مشتركة، فلا يوجد شعب حزين بالكامل واخر ضحّاك عن بكرة ابيه، لذا فالنكتة على سبيل المثال هي واحدة من القواسم المشتركة بين الشعوب بغض النظر عن عرقها او لونها او دينها. وكل شعب يتمتع بالنكتة التي يخترعها من اجل متعة عابرة او تنفيس عن كربة او ازمة خانقة سياسية كانت او اقتصادية او اجتماعية.
في ثمانينيات القرن الماضي، استلم احد رجال العسكر السلطة، في احدى البلدان العربية، وكان معروفا بضيق ثقافته المدنية لكونه عسكريا مسلكيا قضى معظم حياته في الجيش. نصحه احد مستشاريه باعتماد التثقيف الذاتي: سيدي الرئيس انت الان اصبحت رئيسا للبلاد وعليك ان تقرأ بعض الكتب السياسية، لذا انصحك بكتاب لينين: "خطوة الى الامام، خطوتان للخلف"..
فأجابه الرئيس: هذا كتاب تعليم الرقص وليس تعليم السياسة!
ورباط السالفة اننا في عراقنا اليوم، وبعد ان راودنا امل في الافق حين اسقط المتظاهرون حكومة عبد المهدي نهاية العام الماضي ( وهذه المرة الاولى التي تُسقط التظاهرات الحكومة بعد مرور اكثر من ستين عاما لسقوط حكومة سابقة بنفس الطريقة) وجاءت حكومة مصطفى الكاظمي التي دغدغدت مشاعر المتظاهرين والساخطين والمعوزين والوطنيين في اول خطاب لها حيث اكدت على لسان رئيس الوزراء الجديد بالاقتصاص من قتلة المتظاهرين وانها ستحارب الفساد بلا هوادة، وهذه هي بعض مطالب المتظاهرين، الذين عدّوا تلك الوعود بالخطوة الاولى المرجوّة، خطوة الى الامام!
وسرعان ما تلتها خطوات اخرى ولكن الى الوراء در!
وفاجأ الكاظمي الجميع بمن فيهم القوى السياسية المتنفذة بإعلانه موعدا للانتخابات القادمة في الشهر السادس من العام القادم 2021! وهذه الخطوة تعد ايضا الى الامام! ولكن للاسف تلتها خطوات للخلف فلا فاسد كبير من الحيتان احيل للقضاء! ولا سلاحا منفلتا احكمت الحكومة السيطرة عليه! ولا قاتلا للمتظاهرين تمت محاكمته، ولا مختطف أُطلقَ سراحه، بل على العكس فان قَتلْ المتظاهرين واختطاف البعض والتنكيل بالبعض الاخر ما زال مستمرا!
وبقيت اغلبية الشعب العراقي، تراقب تلك الخطوت، من مد بسيط وجزر كبير، وهي ترقص على حبل العوز وضعف الخدمات الاساسية وانهاك قدرته الشرائية وتفاقم الازمة السياسية، حتى اصبحت الوعود بحياة حرة كريمة وآمنة نكتة، سيموت " الشعب" من شدة الضحك عليها!
#طه_رشيد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟