30 نيسان 2003
عجب عجاب! بالأمس فقط، كانوا يبكون دما من سقط متاع قلد نفسه السلطة مستعينا بحثالة لا ينتمون للإنسان بشيء. الملك الضحاك حرم عليهم حتى الحلم ببعض فرات أو حتى الندب عليه، فأبدلوا الشعر إستمنائا وهذيانا محموم. بالأمس فقط، بل ومازالوا شتاتا كحفنة رمل ذرت بيوم عاصف غاضب، لا يدرون أين هم ومتى العود ولو لبعض تراب. بالأمس فقط شربوا كل خمور النسيان ولم ينسوا.
اليوم، نشم نسيم عليلا يريدون له أن يكون لظى من جهنم الحمراء. إننا متنا كثيرا لأننا لم نرقص بعرس الملك الضحاك على أيدي حثالة لعراقيين، نعم كانوا منك يا عراق، وها هم من كانوا يرقصون بيوم ميلاده يرقصون اليوم أيضا ويحملون لنا موتا زؤام تحت الثياب ولا يريدون لنا أن نتنفس عطر الحرية، وكأن العراق لهم فقط، والعجب العجاب حقا أن تجد من مات في الأمس على يدي الملك الضحك وزبانيته يبصق بوجوه العراقيين ويريد قتل الحرية هذيانا، خدعوه إذ سموه شعرا. هو الذي من كان قتيلا واليوم يبكي على الزبانية ومليكهم الضحاك.
عجب عجاب، يا من تريدون لنا أن نبقى نموت وأنتم منا!
عجب عجاب، يا من ملئتم الدنيا بكاء، لأننا صرنا شتاتا كحفنة رمل ذرت بيوم عاصف، واليوم تريدون لنا أن نكون في أسر النسيان!
أفيقوا يا من كتبت عليكم المهانة، فلا تكرروا ما أخطأ به السلف، فمن زهد بحقه من السلطة والسلطان على أرضه وبيته وأرضه وعرضه ومستقبل أجياله لا يستحق العيش. أفيقوا يا من ختم الله على قلوبهم فلم يجدوا بأنفسهم أهلا لأن يكونوا ونكون.
أفيقوا قبل فوات الأوان، فلا تضنوا كما ضنوا علينا، ولا تتغابوا كما غفلوا، ذلك أن من يلدغ من جحر مرتين فهو أغبى من غبي.
أتبكون على من منع البكاء عليكم يوم أماتوكم بأيديهم؟ أي غباء هذا!
من أعطاكم الحق بأن تحكمون علينا أن نبقى أمواتا، إن أردتم أن تكونوا كذلك فإلى جهنم وبئس المصير، أما نحن فنريد أن ننعم بعراق لا ملك ضحاك فيه ولا جلاوزة ولا موت زؤام. إننا نريد للفرات أن يعود بمائه وللأهوار بأسماكها وقصبها.