بسام العيسمي
الحوار المتمدن-العدد: 1617 - 2006 / 7 / 20 - 11:41
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
الجزء الأول
الدستور ما بين مبضع الأنظمة والحقوق الانسانية للأفراد
ان الدستور هو الأساس لاي نشاط تقوم به الدولة .وهو القانون الأساسي والمصدرالقانوني لكل أو لجميع السلطات . وهوأعلى من السلطة المكلفة بممارسته , ويسمو على القوانين العادية , كون هذا السمو خير ضمانة لحقوق الأفراد وحرياتهم و لتحقيق انسانية الانسان , ويتّصل اتصالاً وثيقاً بنماذج السلطة والدولة عبر تطور المجتمعات البشرية ,وينظم علاقة الدولة بالفرد من الناحية السياسية ويتناول تشكيل السلطة التشريعية وعلاقتها مع السلطتين التنفيذية والقضائية
والدساتير عادة ما تُصاغ بعبارات واضحة يعرّف الأفراد حقوقهم من خلالها ويزداد تعلقهم بالأمور العامة ليعرفوا ما لهم وما عليهم 0 وتعتبر الضمانة الناجحة لحماية الأفراد وحرياتهم من التعسف المتأتي من ظلم الحكام , وتعمل على توعية أفراد الشعب من الناحية السياسية وتساعد على رفع مستوى وعيها الوطني بما تتضمنه هذه الدساتير من أحكام تسهل على الشعب معرفة حقوقه والتمسك بها ومحاسبة أصحاب القرار على مخالفتها والمبادىء الدستورية التي تهيمن على القسم الأكبر من عالم اليوم ليست وليدة الفكر السياسي المعاصر فحسب وانما ساهمت العوامل التاريخية والأحداث التي مرت بها الشعوب والتجارب والنضالات التي خاضتها وأشكال الحكم التي تقلبت عليها وما قدمته من تضحيات في مواجهة الأنظمة المستبدة والمطلقة للمطالبة بحقوقها وتثبيتها دستورياً في وثيقة مستقلة تلزم أصحاب القرار باحترامها
وكان لمبادىء الثورة الفرنسية حديثاً الأثر الأكبر في صياغة الوثائق والقواعد التي تحدثت عن حقوق الانسان الطبيعية كقحه بالعيش الكريم والحرية وتمتعه بالأمن والأمان والمساواة وتأمين الحماية له لممارسة جميع الحقوق واداء جميع الواجبات على قدم المساواة مع الجميع دون أي تمييز بسبب اللون أو الجنس أو الرأي أو الثروة أوالميلاد أو أي وضع آخر 0
حيث أن فكر الثروة الفرنسية أعتبر الشعب هو مصدر السلطات وسيادة القانون ومظهراً لارادة الأمة 0
تجسدت هذه المبادىء بوثيقة حقوق الانسان التي أقرتها الثورة الفرنية عن طريق جمعيتها التأسيسية عام 1989. وسرعان ما سرت هذه الوثيقة خارج فرنسا ثم جرى تدويلها وتداولها عالمياً فدخلت عصبة الأمم عام 1920 ومثياق الأمم المتحدة عام 1945 والأمم المتحدة عام 1948 تحت ما يسمى الاعلان العالمي لحقوق الانسان كمنظومة قانونية وأخلاقية وانسانية في مواجهة الظلم والطغيان الواقع على الأفراد حيث يقول به الفيلسوف الكبير مونتسكيو
((يقوم الطغيان على استئصال شأفة التفوق , والضرب على الثقافة وكل ما يفتح الأعين للنور والتخلص من أصحاب العاطفة والحؤول دون كل ما يوجب الشجاعة والثقة بالنفس ومنع الراحة والفراغ والجمعيات والحفلات المشتركة وأي اجتماع آخر يجد فيه الناس تسلية مشتركة واتخاذ التدابير التي من شأنها أن تُبقي الناس جاهلين بعضهم بعضاً .
والتعرف على تنقلات المواطنين , ومعرفة كل مايفعلون وما يقال وزرع الشحناء والبغضاء بينهم وتعويدهم على العبودية المستمرة وانزال الفقر المتزايد بالناس وشغلهم بالسعي والكد من أجل قوتهم اليومي فلا يبقى لديهم متسع من الوقت للتآمر ))
والدستور هو القانون الأعلى للبلاد مما يفرض احترامه والتقيد بأحكامه من قبل جميع سلطات الدولة فيجب على السلطة التشريعية أن تحترم ما تقرره من تشريعات وعلى السلطة القضائية احترامه وتطبيق أحكامه , ويتعين على السلطة الادارية التقيد به فيما تجربة من أعمال وتصرفات .
والغاءه أو تبديله لا يتم الا بقانون دستوري لأنه لا يمكن للأدنى أن يعّدل أو أن يلغى الأعلى لكن النص الدستوري المكتوب هل هو كاف لاحترام الحياة الانسانية ؟؟؟؟؟
وهل يمنع السلطة الحاكمة أو يشُل قدرتها باللجوء للعنف والعسف بمواجهة الأفراد بما يعرّض أمنهم للخطر من خلال تغييب حرية الأشخاص في التفكير والاعتقاد وتقييد الحرية الفردية في الحركة والانتقال ومصادرة حق التعبير السلمي عن الرأي وبما يُرتبه كل هذا من ضياع احترام الحياة الانسانية , وما يخلقه من حالة عدم الاحساس بالأمان والرعاية والعدالة والانصاف لدى أفراد المجتمع .
ولا بد من الاعتراف بأن جميع هذه الحقوق المدنية والشخصية المتعلقة بالحقوق الأساسية للانسان في هذا العالم لايكاد يخلو منها أي دستور في أي دولة على اختلاف مشاربها والتي حرصت جميعاً على تزيين دساتيرها بهذه الحقوق والحريات التي لو كانت موضع تتطبيق فعلي لكفلت احترام انسانية الانسان وضمنت حقه بالعيش الكريم وحريته في ابداء رأيه والتعبير عنه بالاجتماع والتظاهر السلمي ومكّنته من التمتع بالفرص المتساوية مع غيره من المواطنين دون تمييز وحمتهُ من التعدّي والتعسف لتفجير طاقاته الكاملة نحو حياة كريمة .
فضمان حقوق الأشخاص يرتبط بصيانة الوطن وحمايته وهذا ما عبّر عنه أيضاً الدستور السوري حيت ورد في مقدمته ((حرية المواطن لا يصونها الا المواطنون الأحرار))
وتضمّن أيضاً الدستور السوري مجموعة من المواد التي تتضمن الحريات المدنية والسياسية للأفراد فيما إذا كانت موضع تطبيق فعلي 0
ونورد على سبيل المثال ماورد في المادة /28/ من الدستور :
1 – إن المدعى عليه بريء حتى يُِدان بحكم قضائي مبرم 0
2 – لايجوز تحري إحد أو توقيفه إلا ّ وفقاً للقانون 0
3 –
4 – إن حق التقاضي وسلوك سبل الطعن والدفاع أمام القضاء مصون بالقانون 0
وغيرها من المواد ( ولا أجمل ) تكفل الحرية والمساواة م (25) ( وحرية الرأي م38 )
إلاّ إن هذه المواد هل يكفي إن تكون موجوده في الدستور فقط ؟
إذا لم ترافقها الحماية التي تكفلها النصوص التشريعيه بإطار تمتع السلطه القضائية بالاستقلالية والحياد التام دون تأثير أو هيمنه من قبل السلطة التنفيذيه وذلك من خلال إعمال مبدأ فصل السلطات الذي يؤدي إلى حسن استعمال السلطة , إذ تقوم كل هيئه على مراقبة الآخرى التي تحاول المجاوزه بسلطاتها لأن كل سلطة تتمتع بنفوذ ما تتمادى فيه حتى تجد حدوداً توقفها .
ولا بد أيضاً من وجود هيئة مستقلةً ومخولة بصكّ احداثها مراقبة دستورية القوانين العامة والمختلفة ومدى انطباقها مع نصوص الدستور , وإن تبقى العين الساهره لتأمين احترام وتطبيق النصوص الدستورية والتصدي لكل محاولات خرقها أو تعطيلها أو العمل بخلاف أهدافها ومراميها من قبل أي سلطةً كانت أو صاحب نفوذ 0
لكن مشكلة الدساتير في غالبية دول العالم وخاصةً في الدول ذات الانظمة الشمولية التي تغييّب مجتمعاتها عن دائرة الاهتمام بالشأن العام تكون السلطة التنفيذية مهيمنه على باقي السلطات في الدولة مما يجعل كثيراً من المواد والنصوص الدستورية تعاني من النسيان كونها ليست نصوصاً يُعمل بها يومياً , وقد يصل تناسيها إلى حد الاعتياد على خرقها والتناقض المستمر معها نتيجة تراكم التجربه السلبيه فيصبح الدستور في واد والحياة كلها تسير في واد آخر , وذلك في ظل عدم وجود مرجع فعّال يلجأ إليه المواطنون يصلح للتذكير بنصوص الدستور المعطله أو الذي يعُمل بخلافها0
أما في المجتمعات الحيه والديمقراطية والناشطته والاخذة بدورها في الاهتمام بالشأن العام والمشاركة السياسية في ادارة شؤون البلاد سرعان ما يتنبه المجتمع أو الفئات الاجتماعية أو الافراد إلى الممارسات التي تخرق الدستور وتضيق حقوقهم المكفوله فيه فيسارعون إلى التصرّف لاعادة الامور إلى نصابها وفي الوقت المناسب 0
وغالباً ما يأتي خرق الدستور أو تعطيل بعض نصوصه 000 إمّا عن طريق القوانين الاستثنائية التي تجعل النصوص الدستورية فاقده لاثرها واهميتها 000 وإما لتسرّب بعض التشريعات غير الدستورية أو المتناقضه مع أحكامه بجزئيتها أو كليتها والمتأتيه من ضعف صلاحيات الهيئة المكلفة بمراقية دستورية القوانين وقصر وظيفتها مما يحول دون قدرتها للتصدي لمثل تلك التشريعات 0
وما يهمنا هنا الحالة السورية وكيف تتم الرقابة على دستورية القوانين المعمول بها بموجب الدستور السوري الصادر عام 1973 والذي لازال نفذاً حتى الآن 0
فمن هي الجهة المخولة بمراقبة دستورية القوانين في سوريه ؟ ؟
وما هي حدود وظيفتها ؟ ؟ وما مدى فعاليتها في تأمين تلك الحماية ؟ ؟
#بسام_العيسمي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟