أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - الفرفار العياشي - مخيمات تندوف و الهوية العارية














المزيد.....

مخيمات تندوف و الهوية العارية


الفرفار العياشي
كاتب و استاذ علم الاجتماع جامعة ابن زهر اكادير المغرب

(Elfarfar Elayachi)


الحوار المتمدن-العدد: 6779 - 2021 / 1 / 5 - 11:21
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


يعتبر مشكل الصحراء من اقدم النزاعات في العالم، نزاع ظل معلقا لاكثر من اربعين سنة على مفاوضات لاتنتهي لاسيما في ظل تحولات عالمية متسارعة .
التدبير السياسي كان مكلفا وطويلا ، طغيان التدبير السياسي افقد المشكل كثافته ،من خلال اختزاله في صراع حول الارض . الجزائر التي نجحت و لأكثر من 40 سنة في خداع العالم ،عبر ترسيخ اعتقاد انها مجرد دولة جوار، و مراقب لما يقع و داعم لحق الشعب في تقرير المصير.
التعامل الاختزالي و حصرالقضية في البعد السياسي جعل الرؤية معتمة ،مما ساهم في تضخيم الابعاد السياسية للنزاع ،و تغيب العنصر الاهم في القضية : البعد الانساني و وضعية المحتجزين / اللاجئين بمخيمات تندوف.
محتجزي -مخيمات تندوف حسب تصورات ورؤية الدولة المغربية،ولاجئي تندوف حسب تصورات الدولة الجزائرية و من معها - يعيشون وضعا استثنائيا ، باعتبارهم الاساس الذي اصبح غير اساسي في صراع طويل.
سكان تندوف و ضعهم شبيه بوضع الرهائن ، لا يملكون حتى الحق في الكلام عن انفسهم و عن مصالحهم ، هم فقط رهائن يخضعون للمساوة و البيع والشراء. هذه هو عمق الازمة و عمق المشكل ، الموضوع ليس موضوع ارض، ومجموعة شعارات ملونة حول الوطن و الحق و الانتماء ، انما جوهر المشكل حول انسان يعيش بلا هوية و بكرامة و لا يملك الحق الحديث عن نفسه .
تابعت مجموعة من الاشرطة الوتائقية حول واقع المخيمات ،و قرات تقارير المفوضية السامية لشؤون اللاجئين حول مخيمات تندوف لاسيما تقرير ،2018 جملة ملاحظات صادمة استوقفتني و كانت سببا في التفاعل و كتابة هذا المقال.
بنيات تحتية منعدمة , امراض و اوبئة بكل مكان , اكثر من 35 الف تلميذ لا يجدون الفضاءات الملائمة للتمدرس شروط العلاج هشة , الماء يوزع بكميات محدودة لدرجة ان كمية الماء الخاصة بكل فرد لا تتجاوز 18 لتر و هي كمية لا تكفي حتى للوضوء.
الاطار العام للحياة يكشف ان مخيمات تندوف هي اطار للموت ، بلا شك ما يقع بالمخيمات هوعملية ابادة جماعية و تحويل المواطن الصحراوي الى وسيلة للضغط و المساومة السياسية في حرب غير اخلاقية , حيت المستفيد/ التاجر يجيد الاختباء ، فغياب الماء و الصحة و حقوق التمدرس و عزل المحتجزين / اللاجئين في خيم يكشف البعد الحربي و العسكري لعمليات الاحتجاز و التوطين .
ما يقع بالمخيمات هو تجريد من الانسانية اولا ، ان تجميع مجموعة من البشر في الصحراء و لمدة تزيد عن 45 سنة ، و بلا امل في حياة عادية ، فالامر يقود الى مسلسل القتل البطئ ،و تجريد من الهوية عبر تعرية المواطن الصحراوي و جعله عاريا يفقد علاقته بهويته و بوطنه و بكبريائه و تحويله الى مجرد متسول يعيش على الفتات و التسول و الكثير من الاهانات ، و بالمقابل هناك من يتغذى على الماساة و ينتعش انهم تجار الازمات و الذين يزداد ربحهم بعمق الماسي و الازمات ،حيت استطاعوا حولوا القضية الى صفقة تحقق عائدا ماليا او سياسيا لمن يتحكم في تمويل و صناعة المخيم .
محتجزو تندوف , و اختياري لهذه الاسم ليس انحيازا غير مبرر لاطروحة بلدي ، وانما انحيازا للواقع لان مفهوم اللاجئ تقتضي عنصر القسر و الاكراه في ترك الوطن ، في حين ان الوطن يرحب بجميع ابنائه تجسيدا لرؤية الملك الحسن الثاني ان الوطن غفور رحيم.
فسكان المخيمات هم كائنات معلقة ، و بلا هوية مسلوخين من واقعهم ،ومن هويتهم و من ماضييهم , يعيشون بلا دولة و بلا وطن ، و بلا قيمة . والنتيجة المزيد من الانتظار في انتظار ما لا يتحقق ، لان مصيرهم ليس بايدهم ،و لكن بايدي من يتاجرون بالملف .
فالمقولات الملونة التي ينتجها اعلام الجزائر حول الحق في تقرير المصير ،و الاشتراكية ، و بناء الوطن هي مجرد تعبيرات أيديولوجية للتضليل و اخفاء الحقيقة .
الحقيقة تسكن في الواقع و ليس في غيابه او تغيبه ، فالمناضل لا يتسول و لا يعيش على التسول و على الشفقة و مساعدات الاخرين. المناضل لا يقبل الحلول الوسطى ، و لا يقبل الشفقة ، ينتصر او يموت ،لانه يعيش من اجل المبادئ و على التسول و الاعانات .
ان تحتجز اكثر من 120 الف مواطن فوق رمال حارقة ، و تحت شمس حارقة ، و بين الحريقين مساومات و مفاوضات للربح جعلت من الصحراوي رهينة ، امر يكشف عمق المشكلة و تعقيداتها .
النظام الجزائري , يتاجر بالقضية بجعل المواطن المحتجز عاريا ، و تحت اشعة حارقة حتى الماء يوزع بالكوطا و ربما بالزبونية ، ان يصبح المواطن الصحراوي عاريا معناه ان يفقد علاقته بالارض و بالهوية و بالوطن و بتقافته التي تعتبر التسول سبة و احتقارا.
المناضل لا يتسول ، و لا يسمح باستعماله كرهينة للمتاجرة و البيع و الشراء ،و لا يوظف سلاحه بمقابل , لعل من اسؤا ما يقع بمخيمات تندوف ان الصحراويين يعيشون في مكان ليسوا منه و ليس لهم ،, مكان الانسان الصحراوي هو الحرية و الثقافة و الشعر و النخوة و الكبرياء ، التاريخ شاهد و يضمن الكثير من الشواهد ،و كيف كانت شراسة الشيخ ماء العينيين في مواجهة من تحق مواجهتهم .
الخيام هي امكنة مؤقتة , يتم بناءها على امل الرحيل يوما ، لكن في مخيمات تندوف نصبت الخيام و منذ اكثر من 45 سنة و مازلت منتصبة ، ستظل مادامت الجهة التي نصبتها لم تقبض الثمن ، او على الاقل استخلاص ثمن حراستها لكل هذه المدة .
فالخيمة في المدلول السوسيولوجي هي رمز للفراغ المكاني ، وهي رمز للمؤقت ،لذا فهي هشة شريعة الزوال ، , لكن تجار الازمات جعلوا منها عنوانا للازمة ، و فرصة للتجارة و ارتهان مواطن و عزله عن جدوره ،و هو ما عبر المفكر ورجيو اجامبيين في كتابه حالة الاستثناء و الحياة العارية : ان المخيمات هي مخلفات ما يتركه الجنود بعد المعركة.
تجربة المخيمات تجربة اليمة لانها شكلت تجربة لتعرية مواطن يعيش بالكبرياء و حولته الى مواطن هش وعاري يعيش بالتسول .



#الفرفار_العياشي (هاشتاغ)       Elfarfar_Elayachi#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الرقاة و التطبيع : الجني اليهودي و حق الاقامة .
- العدالة و التنمية بعد التطبيع : حين اصبح الحزب عاريا .
- الإنسان المقدس او الانسان و المقدس : حين تختلط الامور على ما ...
- الصحراء وفلسطين بين العقل و القلب : الحاجة الى خيار ثالث
- السيادة على الصحراء : من اجل وطن غير عابر للحدود
- الجزائر و المغرب : حين يغيب الملح يصبح الكسكس بلا طعم
- احتجاجات منتصف الليل.. الخفافيش لا تخرج إلا ليلا
- فيروس كرونا والهروب من الحقيقة
- العالم القروي و التحولات الاجتماعية في زمن العولمة دراسة است ...
- جائحة كورنا : الحاجة الى دولة سبينوزا
- ازمة فيروس كورونا و انسحاب الاليات التقيلة .
- لماذا تحترم النساء قرارات الحظر ويقاومه الذكور؟
- فيروس كورونا و المعرفة القاتلة
- التواصل الافتراضي و الهوس بالذات: - السيلفي نموذجا -
- التهرب الضريبي : و قيم المواطنة السلبية دراسة استكشافية بمنط ...
- العنف الرياضي ومجموعات الالتراس : طبيعته و اسبابه مقاربة سوس ...
- برنامج انطلاقة : الحاجة الى استعادة الدولة القوية .
- حين صبح الخبز تجارة !
- التجمع الوطني للاحرار و مسار الثقة : الانتصار للمساواة و فوض ...
- اخنوش و الطريق الى الجنة !


المزيد.....




- السعودية تعدم مواطنا ويمنيين بسبب جرائم إرهابية
- الكرملين: استخدام ستورم شادو تصعيد خطر
- معلمة تعنف طفلة وتثير جدلا في مصر
- طرائف وأسئلة محرجة وغناء في تعداد العراق السكاني
- أوكرانيا تستخدم صواريخ غربية لضرب عمق روسيا، كيف سيغير ذلك ا ...
- في مذكرات ميركل ـ ترامب -مفتون- بالقادة السلطويين
- طائرة روسية خاصة تجلي مواطني روسيا وبيلاروس من بيروت إلى موس ...
- السفير الروسي في لندن: بريطانيا أصبحت متورطة بشكل مباشر في ا ...
- قصف على تدمر.. إسرائيل توسع بنك أهدافها
- لتنشيط قطاع السياحة.. الجزائر تقيم النسخة السادسة من المهرجا ...


المزيد.....

- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال
- الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية / خالد فارس
- دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني / فلاح أمين الرهيمي
- .سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية . / فريد العليبي .


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - الفرفار العياشي - مخيمات تندوف و الهوية العارية