|
تأريخ ميلاد النبي يحيى بحسب النصوص المندائية (من كتاب صابئة فلسطين والغنوصية المحدثة)
أحمد راشد صالح
الحوار المتمدن-العدد: 6778 - 2021 / 1 / 4 - 16:33
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
(من كتاب صابئة فلسطين والغنوصية المحدثة ـ احمد راشد صالح)
لم تذكر لنا لفائف حران تأريخ ميلاد النبي يحيى تحديدا، وانما اشارت الى عمره ووفاته، وقد حددت وفاته بـ 60 عاما قبل اندلاع الثورة اليهودية الاولى، وبحسب رأي رجل الدين المندائي د. عصام الزهيري فان وفاة النبي يحيى (يهيا يوهانا) كان بحدود 10م، وولادته بحدود 54 ق.م، استنادا الى نص مخطوطة مخابئ حران الذي يقول: (وبعد مرور ستين عاما من عروج يهيا يوهانا، حدث ان اليهود كعادتهم استرجعوا قدراتهم السابقة، واولوا ثقتهم بروح الشر وأدوناي، فأصابهم الغرور والكبرياء الزائف والغطرسة.) ويذكر د. عصام ذلك كما يلي :(من المعروف بأن سقوط أورشليم القدس قد حدد تاريخياً بالعام 70 ميلادي، على يد القائد تيتوس. فإذا افترضنا بأن سقوط أورشليم القدس حصل 60 عاماً بعد وفاة النبي يحيى "كما ورد في حرّان كويثا" فإن وفاته كانت بحدود 10 بعد الميلاد. وبما إن عمره عند الوفاة كان 64 عاماً لذا فستكون ولادته في 54 قبل الميلاد، وان رسالته النبوية قد بدأت في 32 قبل الميلاد عندما أصبح عمره 22 عاماً. وبعد التدقيق بالمعادلة نرى ان د. عصام [1] احتسب تأريخ سقوط اورشليم بدلا من تأريخ بداية استيلاء اليهود على اورشليم، وكان من المفترض ان يحسب بداية استيلاء اليهود على اورشليم عام 66 م بدلا من السقوط، كون النص لم يشر الى سقوط اورشليم في الحرب الأولى، وانما الى بروز اليهود كقوة في اورشليم، وبالتالي ارى ان تأريخ ميلاد النبي يحيى واستنادا الى ذات المعادلة التي اجراها فضيلة الكنزبرا د. عصام تكون كالتالي: عمر النبي يحيى 64 عاما، بينما تأريخ الثورة اليهودية 66 م بالتالي 66 م تاريخ الثورة اليهودية ناقصا 60 عاما وهي الفترة الفاصلة بين وفات النبي يوهانا وقيام الثورة، فعليه يكون تأريخ وفاته عام 6 م وليس 10 ميلادي. اما ولادته فتكون عمره ناقصا سنة وفاته (64 - 6) ويساوي عام 58 ق.م. في حين تكون رسالته النبوية قد ابتدأت عام 36 ق.م (22 - 58). وبما ان مرياي وياقيف وبنيامين قد لحقوا به واضحوا من اتباعه، بعدما كانوا قد سبقوه في الظهور بحسب نصوص كنزا ربا السالفة الذكر، فبالتالي من المرجح ان يكون تمردهم على الموروثات اليهودية الدخيلة، متقارب مع فترة ميلاد النبي يحيى، بدلالة نص حران كويثا، والمتعلق بولادة النبي يحيى، والذي يشير الى ان هنالك فئة او مجموعة، تكونت من اجل الخلاص من حكم اليهود، ترافق ظهورها زمنيا مع حمل انشبي بالمولود يحيى، كما في النص التالي :((لقد خططت الحياة العظمى لتكوين مجموعة، تستطيع ان تدمر اسرار ادوناي، وقد جاءت عبر البحار، من اجل تدمير خطة الشر وادوناي ومن جاء من بيت الشر (الروها) ... وفي تمار اليردنا الطاهر، بعد ان شهدت تلك المجموعة بشهادة الحق، تشكلت بذرة طاهرة في اليردنا الكبير وجيء بهذه البذرة وألقيت في رحم انشبي، ومنها تكون مولود نبي بأمر من الرب العظيم ذي الوقار مسبح اسمه. لقد جاء من اجل تدمير ما بنته الروهه وادوناي (الاشرار)، في البيت الذي شيدته هي وابناؤها السبعة (. ان التأريخ الذي نستنتجه من النصوص المندائية لظهور مرياي، وكذلك الموثق لميلاد النبي يحيى عام 58 ق.م، وانتقاله عام 36 ق.م الى اورشليم لإحياء المندائية هناك، كل ذلك نراه يتوافق تماما مع الظروف السياسية التي مرت بها المنطقة، فنحن نعلم ان الدولة الحشمونية (مملكة اليهودية) دخلت في احتراب داخلي، بلغ أوجه في العقد الأخير من حياتها كمملكة مستقلة، وان دخول الرومان عام 63 قبل الميلاد كان بمثابة الإعلان الرسمي لذلك الانهيار، لتتحول بذلك الى دويلة خاضعة لروما منذ العام 63 ق.م، وهي الفترة التي دخل فيها القائد الروماني بومبي القدس فاتحا، باستثناء الفترة بين عامي 40 ق.م - 37 ق.م ، والتي قاد فيها نجل ارسطو بولص الثاني انتيغوتا تمردا ضد الرومان بدعم واسناد من الفرثيين، وهذه الفترة والتي لم تتجاوز الثلاث سنوات، ومع انها مثلت مرحلة انتقام وتنكيل بالسكان، ممن حاول ترك اليهودية والعودة لديانته الأولى، الا انها لم تتمكن من قتل الرغبة الجامحة لدى أولئك السكان في العودة لديانتهم الأولى، فالتهديدات الرومانية كانت تحيط به من كل جانب، وبالفعل فقد استطاع هيرودس الكبير وبمساعدة من الرومان الاطاحة بانتيغوتا عام 37 ق.م، لذلك فان توجه النبي يحيى الى اورشليم في سنة 36 ق.م، اي بعد عام واحد من سقوط انتيغوتا بحسب المصادر المندائية اي بعد هدوء الأوضاع، نراه يتوافق تماما مع الاحداث السياسية آنذاك، في وصول حاكم ذا توجه علماني، اطلق العنان لكل التوجهات الدينية في ان تعبر عن ايديولوجياتها الفكرية، على العكس تماما مما تذكره لنا الموروثات اليهودية، والتي انتقلت بدورها الى الدوائر المسيحية، باعتباره حاكم مستبد وطاغية، ذلك ان الدلائل التاريخية تؤكد على ان فترة حكمه مثلت انتعاشا اقتصاديا وازدهارا ثقافيا قلّ نظيره، فأعماله الجليلة في البناء استطاعت ان توفر رخاءً اقتصاديا، ساهم الى حد بعيد في عزوف الناس عن المليشيات الدينية المتطرفة. ومن الامثلة على ذلك اعادته بناء مدينة السامرة وقيصرية وماريتيما، وبنائه المسارح الفخمة وميادين السباق وقنوات الارواء المائية، ناهيك عن ادخاله الحمامات الرومانية الحارة وكذلك بنائه مرفأ قيصرية والذي يعد، من أضخم المرافئ في المنطقة لسعة حجمه، وكذلك حصون مسعدة وهيروديون وأيضا بنائه معبد القدس الكبير لليهود. التحولات السياسية هذه والتي ادت الى انهيار المؤسسة الدينية لليهود كقوة حاكمة، نراها جليتا في نصوص كنزا ربا، وان جاء ذكرها بصيغة لاهوتية شعرية: من كتاب كنزا ربا* الجزء الاول ص 182 -183- 184 ((ايها الرجال العادلون، افرحوا وامدحوا اياه، هدئوا قلوبكم، تواضعوا في نياتكم وتجنبوا الاشرار من الناس، يا رجال العهد ذوو الروح المخلصة. لقد دوى نداء على وجه البسيطة كلها، لقد أُفِل نجم المدينة في كل افاقها، مُعَرِفْ الحياة (مندا اد هيي) تجلى للعيان في مدينة الخاطئين، نقيا طاهرا، كشجرة كرم في اورشليم، لا يثقل رأسه كبرياء الملوك، وليس في مظهره ما يدل على انه وثني، انها الحياة بذاتها التي نشأة منذ الازل والعهود كانت منذ بدء الخليقة، افتحوا لمشاعركم الابواب، وامدحوا بنية صافية، لماذا تفضلون أنتم النوم حبا به، وتتعثرون تعثر الساقطين، اسوة بأولئك الاولين الذين زلوا وارتكبوا الهفوات، فلم يمدوا ايديهم امامي الى العهد. طوبى لكم ايها الرجال، ذوو العدل والانصاف، يامن ضفرتم خصلات شعر جباهكم على الرأس، ان اجركم هو أكثر روعة من جميع العوالم، ووجوهكم تنير بالسرور. يامن لبستم المعاطف من كل نوع وصنف ابتغاء للتنكر [2]، فأصبحتم ضحية لمطاردة المضطهِدين، وتعقبهم في هذه الارض، غير انكم مع هذا لم تخرجوا عن دينكم، سأجعل النور كسائكم، على النقيض من اولئك المضطهٍدين، اذ سوف اجعل من العار والرذيلة لباسهم، اننا توكلنا على الحياة، وقد افعمت الثقة فيها قلوبنا، وكانت العهود تصحبنا على الطريق مرافقة، ولقد أصبحنا عظماء، من خلال عظمة المعرفة التي استقيناها من الحي، ان الحياة نهضت واقفة رحمةً بكم من اجل الحب للحقيقة والعدل. أُلبسكم انا واغطيكم بغطاء الحق، ليصبح لكم درعا كبيرا كدرع ارض الاثير، من اجل الحب الذي تشعرون أنتم به اتجاه مُعَرِفْ الحياة (مندا اد هيي)، اقيمت على رؤوسكم اكاليل من النصر. اما بعد لتجعلوا اسمي رفيعا عاليا في الارض وسبحوا بحمدي في جميع انحاء العالم. ثم سيكون نور الحياة الذي تتجلى هي به مني اجرة وصدقة لكم ايها الرجال ذوي الخبرة بالعدل والانصاف، سوف تستجم ارواحكم حينئذ تحت نور الحياة، وسوف تأخذ بالإنارة زوجا زوجاً بنور مشترك، سوف يصبح اسمكم أكثر روعة من الاسماء الأخرى، وسيكون بهاءكم أكثر نقاوة من غيره، ونوركم اشد تألفا من سواه، كل حسب اعماله واجره. .......حين علا نداء على وجه الأرض، فقد خبا نجم المدينة في جميع زواياها، مُعَرِفْ الحياة (مندا اد هيي) تجلى لجميع بني آدم، وأنقذهم من الظلام وأرشدهم الى النور، خلصهم من العتمة الكثيفة، وقادهم الى نور الحياة. اتركوا الصحراء القفر ورائكم، وابتعدوا جانبا عن الخدعة واعمال السحرة الباطلة في هذا العالم.)) الظروف السياسية الجديدة هذه، سمحت الى حد كبير للنبي يحيى في ان يستمر في نشر رسالته مدة اثنان واربعون عاما. وتذْكر لنا نصوص تعاليم النبي يهيا، الى انه كان يمارس الصباغة بشكل يومي، فيما كان يدرس الناس في الليالي، مما يدل على انه كرس حياته كلها لإحياء المندائية، وحتى الزواج والذي يعد في المندائية من الواجبات المقدسة، فانه تردد كثيرا في هذا الجانب، مخافة ان يأخذه بعيدا عن اهدافه في إعادة الحياة الى المندائية، الا انه في نهاية المطاف تزوج[3] من امرأة تدعى أنهر، وبحسب المصادر المندائية فقد انجبت له ثمانية ابناء، كما وتشير حواشي كتاب الكنزا ربا الى عائلة تعود الى نسب النبي يحيى (يهيا يوهانا) وتدعى يهياوي. توفي النبي يهيا عن عمر ناهز 64 عاما ويوافق وفاته كما مر ذكره عام 6 ميلادي. وتذكر النصوص الدينية المندائية الى انه توفي على يد الملاك الذي اتاه بصفة طفل يطلب الصباغة . ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [1] راجع موضوع تأريخ ميلاد نبينا يهيا يوهانا للدكتور الكنزبرا عصام خلف الزهيري – موقع اتحاد الجمعيات المندائية .03 نيسان 2013 [2] وهذه اشارة واضحة اخرى تؤكد ما ذهبنا اليه حول تخفي المندائيين تحت العباءة اليهودية انطلاقا من مبدأ التقية. [3] ونقتطف هنا نصا من دراشا اد يهيا وهو يشير الى هذه المسألة: ((يا يحيى إنك كالجبل الذي سعفته النار ولم يعد يعطي عنبا في هذا العالم، إنك كجدول جف ولم تعد تنبت على ضفتيه الاشجار، اصبحت بيتا بلا قيمة ... من سيخلف اسمك ومن سيزودك بالمؤونة ... وعندما سمع النبي يحيى الصوت تجمعت دمعتا في عينيه وقال.. سيكون من السار ان اقترن بزوجة، وسيسعدني ان اخلف اطفالا، ولكن لوا أنى اقترنت بزوجة ثم جاء النوم والرغبة فيها تملكتني ونسيت ذكر الرب .... ما ان قال يحيى ذلك حتى جاءته رسالة من اباثر تقول ... يا يحيى تزوج وكون عائلة وانظر بان لا تسمح لهذا العالم بان يصل الى نهايته..))
#أحمد_راشد_صالح (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ماذا نعرف عن الحاخام اليهودي الذي عُثر على جثته في الإمارات
...
-
الاتحاد المسيحي الديمقراطي: لن نؤيد القرار حول تقديم صواريخ
...
-
بن كيران: دور الإسلاميين ليس طلب السلطة وطوفان الأقصى هدية م
...
-
مواقفه من الإسلام تثير الجدل.. من هو مسؤول مكافحة الإرهاب بإ
...
-
الإمارات تعلق رسميا على مقتل -الحاخام اليهودي-.. وتعلن القبض
...
-
الإمارات تعلق رسميا على مقتل -الحاخام اليهودي-.. وتعلن القبض
...
-
من هم المسيحيون الذين يؤيدون ترامب -المخلص-؟
-
المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية: مذكرتا اعتقال نتنياهو وجال
...
-
الأميرة المسلمة الهندية -المتمردة- التي اصطادت النمور وقادت
...
-
تأسست قبل 250 عاماً.. -حباد- اليهودية من النشأة حتى مقتل حاخ
...
المزيد.....
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
المزيد.....
|