|
الربع الاخير.. تخاريف (13)كوفيد 19
نضال عرار
الحوار المتمدن-العدد: 6778 - 2021 / 1 / 4 - 14:39
المحور:
سيرة ذاتية
كانت نًوت آلهة السماء قد أوصت إبنتها إيزيس التي ستلي العرش من بعدها بألا تكون آلهة لشعبها تستمد سلطتها من القداسة الإلوهية ، بل أوصتها بأن تكون حاكمة رحيمة عادلة . طالما بحثت البشرية عن العدالة وطالما بحث الفلاسفة والكهنوت وحتى رجال الدين عن العدالة . وقعت العدالة بين الدنيوي والمقدس وكذا قيم الأخلاق على نحو ما . فطالما كانت أكثر الإمبرياليات وحشية الأكثر حديثا عن حقوق الانسان ! شهدت القرن الماضي تحولات كبيرة في مجال الفكر وإنتشار واسع للأفكار الثورية وعلى مقاعد الدراسة غزت مجموعة من المسطلحات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية رأسي ولا سيما الماركسية منها على الخصوص ، وعلى نحو دراماتيكي أضحى العالم لدي بمثابة معسكرين لا أهم الثالث بينهم إما معسكر التحولات الثورية تقوده الطبقة العاملة أو معسكر الإمبريالية العالمية حتى ذهبت لتخوين الإشتراكيات الديموقراطية حينها ورأيت بها خيانة ليس إلا . تقول الإسطورة المصرية القديمة أن نزاع نشب بين أوزوريس إله الحساب والبعث ، وأخيه ست .كان الصراع على العرش حيث ذبح ست أخوة أوزوريس وإستولى على العرش مما أحزن زوجته إيزيس وأم إبنه حورس إله الشمس . تعج مواقع التواصل الاجتماعي بخبر وفاة الفنان السورى حاتم علي ، وثق التغريبة الفلسطينية ، والكثير من الأعمال ورحل ، لروحه السلام . حطت الطائرة بي في مطار العاصمة البلغارية صوفيا ، شتاء عام 1983 تلك البلد التي كانت من المعسكر الإشتراكي ، يحكمها آنذاك الحزب الشيوعي البلغاري . لم يكتف ست بذبح أوزوريس بل قطع أوصاله ووزعها على الإقليم المصري . المستشرقة الاسرائيلية سمدار بيري في مقالتها بصحيفة يودعوت قالت أن الجنرال ملتان فلنائي أخيرها أن الجنرال عون ( رئيس لبنان ) قد نزل تحت ركبتيه عام 1983 . كانت الملكية العامة لوسائل الإنتاج هي نمط الدولة البلغارية ، حيث تسيطر البروليتاريا عل مقدراتها نظريا ، بينما كانت بيروقراطية الدولة تنهش بالبلاد . عمليا كان الحزب الحاكم يعيث فسادا في البلاد ، كانت الواسطة والمحسوبية بين اعضاء الحزب وصفة لشكل نظام الحكم ، لم تكن بلغاريا دولة صناعية لحظة انتصار الحزب وقيادة البلاد بل تحكمها الملكية في نظام إقطاعي. جماهير دمشق بدورها ودعت فنانها الراحل حاتم علي بالتصفيق والشكر والعرفان ، المفارقة ان الرجل رحل في القاهرة عام 2020 ودفن في دمشق عام 2021 . لم أرى في صوفيا المدينة الفاضلة ولم أرى أن حلم البشرية في دولة العدالة قد تحققت ، فالعدالة وقمع الحريات لا يستويان لذلك غدوت تحريفيآ لدى أبناء المدرسة الشمولية التي لا تجيد سوى أمران الترديد عن ظهر قلب لمقولات الماركسية اللينينية والثانية الوصفات الجاهزة للرؤية النقدية ، فقد قدس سر لينين وهكذا كان التيه بين الدنيوي والمقدس . حزنت إيزيس على مقتل زوجها أوزوريس فتحالفت مع إله التحنيط أنوبيس من أجل إستعادة أشلاء زوجها وبعثه للحياة من جديد . في مسرحية ايزيس للدكتورة نوال السعداوي أناطت بدور رئيس لإيزيس في الحياة السياسية والفكرية أكثر من زوجها ايزوريس بل هي التي علمته الفلسفة والطب والزراعة والكتابة والفنون . يقال أن طريق جهنم معبد بالنوايا الحسنة ، هذا الدرب سلكه زعيم السوفييت غورباتشوف ، أراد الرجل إصلاح البلاد والحزب واعادة البناء والشفافية في الحزب والمجتمع فكانت النتيجة أن فكك الإتحاد السوفيتي ودبت الفوضى تعصف بالمنظومة الإشتراكية وسقط جدار برلين وبقت صوفيا قلعة صامدة ، إلى أن جاء التغيير بقرار داخلي بحت . فقط الفوضى التي شاعت في كل مكان ، إختفت البضائع والمواد الغذائية وكأنما عاد الإله ست لينشر الفوضى والعواصف . كانت الجماهير البلغارية مخدوعة بالدعايات الغربية والحياة الغربية ، كانت العاصمة تكتظ بالدعايات المعادية ساعد في انتشارها ممارسات البيروقراطية وفساد الشيوعيين . كنت أخرج ومجموعة من الطلبة العرب نشارك الشيوعيين في حملاتهم الإنتخابية ومهرجاناتهم ، كنا تماما كمن يقف بوجه الإنهيار وإن فاز الحزب حينها ، لحظتها كنت ما زلت مؤمن أن الموقف من فلسطين مركز للكون وما زلت أفعل . إستطاعت الدعاية الامبريالية زعزعة وتفكيك النظام الإشتراكي الشمولي ، بينما إستطاعت الآله إيزيس أن تلملم أشلاء زوجها أوزوريس لتنجب منه إبنها حورس ليخوض حربه ضد مغتصب عرش أبيه ست . كنت أرى في الإمبرياليات الغربية وحشا ومازلت كذلك غير أن الشمولية الستالينية لم تكن الحل الأمثل للشعوب فسقطت على نحو دراماتيكي يوحي بالخذلان والذهول . إن الشرارة التي أطلقتها نقابات العمال في بولند وإضراباتها قد أتت أوكلها أكثر وأكبر مما كان يأمل العمال البولنديون أنفسهم ، بين لحظة واخرى إنكشفت هشاشة التوليتارية وسقط جدار برلين . تباكى الشيوعيون العرب على حليفهم الأعظم ومنهم من القى بنفسه من القارب لحظة حالفه الحظ ، أما اليسار الفلسطيني فما زال إلى اليوم يعيش أزمة الهويه والبحث عن الذات . غادرت صوفيا بعد تخرجي من الجامعة تاركا ورائي الفوضى ولا شيئ غير الفوضى السياسية والفكرية تعصف بكل أنحائها وكأنما الآلهة ست قد تربع على عرشها . أما حورس إبن إيزيس فقد خاض معارك إنتصر فيها على ست الذي إغتصب عرش والدة . تلك الأيام كانك بداية لتحولات فكرية لدي ، تبرئت من المركزية الديموقراطية ، باتت الديموقراطية الواحدة أقرب إلي ولم يعد العمل الملموس أساس في العملية الإقتصادية بل يشاركة الإبداع الفكري بوصفه مجرد كذلك الأمر وكذا الحريات الفردية والعامة والشفافية وسيادة القانون . تنويه .... أذكر أنني كتبت يوما ، إذا لم تغير رأيك طوال تلك السنون بأحداثها وتقلباتها فتحسس دقات قلبك أو نبضك ، لعلك مت دون أن تدري
#نضال_عرار (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الربع الاخير .. تخاريف (12 ) كوفيد 19
-
الربع الأخير .. تخاريف (11) كوفيد 19
-
الربع الأخير ...... تخاريف ( 10 )كوفيد 19
-
الربع الأخير ..تخاريف (9) كوفيد19
-
الربع الأخير ...تخاريف (8) كوفيد-19
-
صديقتي العرافه ، لا أريد صداقة كهذه 2-2
-
الربع الأخير .... تخاريف (7) كوفيد - 19
-
الربع الأخير ... تخاريف (6)كوفيد 19
-
الربع الأخير .... تخاريف (5) كوفيد -19
-
الربع الأخير .... تخاريف (4) كوفيد - 19
-
الربع الأخير ... تخاريف (3) كوفيد 19
-
الربع الأخير .... تخاريف (2) كوفيد 19
-
الربع الأخير ... تخاريف كوفيد-19
-
صديقتي العرافه ، لا أريد صداقة كهذه 1-2
-
ما بين الثقافة والسياسة
-
أمل أسود ...تداعيات مبعثرة !!!
-
في الديموقراطية والإغتراب
-
ما أضيق الرحلة ، ما أوسع الفكرة سلامة كيله وداعآ
-
فوضى .... دراما التواطئ
-
بين الثقافة والسياسة
المزيد.....
-
بالصور..هكذا يبدو حفل زفاف سعودي من منظور -عين الطائر-
-
فيديو يرصد السرعة الفائقة لحظة ضرب صاروخ MIRV الروسي بأوكران
...
-
مسؤول يكشف المقابل الروسي المقدّم لكوريا الشمالية لإرسال جنو
...
-
دعوى قضائية ضد الروائي كمال داود.. ماذا جاء فيها؟
-
البنتاغون: مركبة صينية متعددة الاستخدام تثير القلق
-
ماذا قدمت روسيا لكوريا الشمالية مقابل انخراطها في القتال ضد
...
-
بوتين يحيّد القيادة البريطانية بصاروخه الجديد
-
مصر.. إصابة العشرات بحادث سير
-
مراسل RT: غارات عنيفة تستهدف مدينة صور في جنوب لبنان (فيديو)
...
-
الإمارات.. اكتشاف نص سري مخفي تحت طبقة زخرفية ذهيبة في -المص
...
المزيد.....
-
سيرة القيد والقلم
/ نبهان خريشة
-
سيرة الضوء... صفحات من حياة الشيخ خطاب صالح الضامن
/ خطاب عمران الضامن
-
على أطلال جيلنا - وأيام كانت معهم
/ سعيد العليمى
-
الجاسوسية بنكهة مغربية
/ جدو جبريل
-
رواية سيدي قنصل بابل
/ نبيل نوري لگزار موحان
-
الناس في صعيد مصر: ذكريات الطفولة
/ أيمن زهري
-
يوميات الحرب والحب والخوف
/ حسين علي الحمداني
-
ادمان السياسة - سيرة من القومية للماركسية للديمقراطية
/ جورج كتن
-
بصراحة.. لا غير..
/ وديع العبيدي
-
تروبادورالثورة الدائمة بشير السباعى - تشماويون وتروتسكيون
/ سعيد العليمى
المزيد.....
|