ضيا اسكندر
الحوار المتمدن-العدد: 6778 - 2021 / 1 / 4 - 12:59
المحور:
سيرة ذاتية
في طريقنا إلى الضيعة، توقّفنا عند دكّان لبيع الخضار في إحدى القرى للتزوّد بما نحتاجه لوجبة السَّلَطة. فوجئنا بأن كافة مستلزماتها متوفرة باستثناء النعناع. قلت للبائع ممازحاً: «هل يُعقل أن نتناول السلطة بدون نعناع؟»
كان على مقربة منّا صبيٌّ لا يتجاوز العاشرة من عمره يصغي إلينا، فما كان منه إلّا وأسرع صوبي مبتسماً وصاح بنبرة الظافر: «عمّو نحنا زارعين نعنع جنب البيت، دقيقة بس انتظرني رح جبلك باقة» وانطلق راكضاً كالسهم باتجاه بيته، متجاهلاً ندائي بألّا يعذّب نفسه.
وبالفعل، خلال أقل من ثلاث دقائق كان الصبيُّ يلهث مبتسماً وهو يمدّ يده إلينا المغطّاة بباقة نعناع ذات الرائحة الشهية.
مددتُ يدي إلى جيبي لأدفع ثمنها، لكنه سرعان ما قفز مبتعداً وهو يردّد بصوتٍ طفولي رائع النغمة: «ألف صحة عمّو، انشالله ألف صحة». وخلال ثواني غاب عن أنظارنا!
----------------
هذه عيّنة من شعبنا الطيب الشهم الكريم، الذي لم تشوّهه كل الممارسات البشعة التي أنتجتها الأزمة اللعينة التي ما زلنا نرزح تحت وطأتها، دون أن يلوح أيّ ضوء بالأفق يشير إلى اقتراب نهايتها حتى الآن!.
#ضيا_اسكندر (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟