أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - ذياب مهدي محسن - الحلة ... الوردية ... وعباس غلآم رجل سماوي















المزيد.....

الحلة ... الوردية ... وعباس غلآم رجل سماوي


ذياب مهدي محسن

الحوار المتمدن-العدد: 6777 - 2021 / 1 / 3 - 19:06
المحور: سيرة ذاتية
    


الى البروف الأديب العم عدنان الظاهر: الذي أستمتع بظلاله.. ويديه شراعا الظلال.. أيها المعشوق المتعالي.. أعصر تعبي خمرة لرضاك.. الى الشاعر الراوية حامد كعيد الجبوري: حيث أتماهى معه بالذكريات.. زجلاً وأملاً.. وأظل أنتظر الرايات الحمر، التي تبزغ من شمس الأنتظار.. الى جذوة الروح رفيقي محمد علي محيي الدين: لأنه صوت الحق، وقارئ ألمي.. الذي جعل التشاؤم وعاء لأرادة الحياة.. مرفوع القامة يمشي.. فثلثا الولد على خواله البو غلآم .
ألحلة.... كتبنا وما كتبنا! كأنها هودج يتهدج على جمل الذكريات! كأنها مُتّبتلٌ يُصلّي في معبد عشقي، وفي حانة أور، نصيحة من سيدة البغايا المقدسات! كأنها بيضة في ( كُن) تنتظر هبوط ملائكة ثمانية تحمل عرش الرب من جديد! بابل اول ارض وطأها الله، ليبلبل عقلها الجمعي في معمورته، حيث برج بابل الحلة أول ناطحة للسحاب، يخربها الرب! وينثر سكانها بذوراً أنبتت البشرية جمعاء، فكل الدنيا من بابل، وبابل من أور، وأور سومر العراق.
الحلة كأنها في عين الذئب فريسة، وفي عين الثعلب دجاجة وفي عيني عشاقها وأهلها ماسة وحلة من ثريات السماوت.. كأنها القدس في عيون العواصم. الحلة كأنها في خيالي امرأة غجرية عاشقة يتطاير شعرها وتدفعها الريح الى أعماق المحيطات، كأنها مهرة(كحيلة) تعدو في صحاري غربتي، ذابلة عيونها فوق شفاهها، ذابلة شفاهها فوق خفوتها، تصهل في روحي، العراق في عين الحاكم أصغر من ثقب بندقية! أيها الرب أفقأ عين الحاكم حتى يخرج العراق من ثقب بندقية!!
في كل عطلة، ربيعية كانت أو صيفية، يأتي عمّي عباس غلام ويأخذنا انا وأختي سلوى لزيارة الحلة بعيدا عن اجواء الشامية والنجف، للتسلية حيث كان ما زالَ عازباً ! والسبب انه أحب بنت عمه، لكن لوقوفه ضد احد المتهورين من الشباب اليهودي في الشامية، واعتدائه المتكرر على القيم الاخلاقية لأهل الفرات الاوسط فلقد كان يتمادى في افعاله المُشينة، لكونه من عائلة ارستقراطية يهودية لها نفوذ كبير في دولة نوري السعيد المبادة. لقد تحدى هذا المتغاوي ذات يوم " عباس غلام" الذي كان يتمتع بالجمال والمال والوجاهة فضلاً عن المشيخه. كما أنه يتحدّرُ من عائلة كبيرة تشتغل بتجارة المحاصيل الزراعية ومن ملاكي مزارعها الكبار في منطقة الفرات الاوسط. لم يرعو هذا اليهودي ولم يقبل النصائح. ولكون المجتمع يومذاك كانت تحكمة الأعراف العشائرية اكثر من القانونية، وفي ليلة ظلماء أرداهُ عبّاس غلام قتيلا بالقرب من باب دارهم. سُجن، ثم قدم الى المحكمة وكانت في الحلة، حكم عليه بالاعدام، لكن بعد مسك القضية من قبل المحامي الراحل (ذيبان الغبان) وبحنكة مشتركة من اطراف عدّة إستطاع أنْ يترافعَ عنه لتصدر المحكمة قرارها ببراءته من جريمة القتل، ذلك لعدم ثبوتية الادلة!! المهم أُجلي عرفيا من الشامية فرجع الى بيت أبيه في الحلة، محلة الوردية، وحرم من الزواج من حبيبته ( أبنة عمه). وهكذا عاش رجلاً حرّاً وكذلك حبيبته، لم تتزوج، إلتزاماً بالقسم الذي أقسما فيما بينهما، لحد وفاته. غادر عمّي عبّاس الدنيا فجاءت حبه تندبه في عزائه، عزائها. وبعد رحيله بسنوات رحلت الى دار حقها. المهم كنت افرح كثيرا حين أتي الى بيت جدي الذي يسكنه عمي عباس، في محلة الوردية نظراً لما كانت توفره محلة الوردية لي من صفحات ومغامرات سن المراهقة ومن نزوات صبيانه وإغواء وغوايات.
الوردية... سُميّت الوردية نسبة للبساتين الملأى بالورود التي تحيط بها من أركانها الثلاثة والركن الرابع نهر الحلة. وقيل ان نهرها الذي يورد المياه منه.. وقيل انها من ورديات الآثار البابلية... ومنذ أنْ وطأت أقدامي أرض خريف الأحلام، غادرت نساء يقيني، وتلحفت بأهداب الصمت، أستجدي من الوردية بارقة ذكريات! أموء كهر نزق من وراء ستائر كلماتي المجنونة والمدفونة بالشهوات، أتقد كشمعة عرس في أحضان ليلة الزفة (ملهوفة روحي، ولاتكلهه أشبيج!) لا احد يطوق جسدي غير صدى مطر يدق الباب همسات، في ساحة العواطف ترتطم اشجار الماء ( صفصاف الشواطي) في نهر الكلمات، برسائل بيضاء، كانت تحاكي نوارس فرات الحلة من صوبه الصغير الوردية، عن غزواتي المراهقة، وكبرياء العائلة، والطموح، أن أكون؟ أبحث في أزقة الوردية التي درست، عن (عكد غلام، حيث بيت جدي حسون كنبرغلام) عكد يبدء من ضفة شط الحلة حيث بنيه صغيرة يقال انها مقام لبنت الحسن! وينتهي ببيت محمد الحايج ومن ثم يلتقي بالعكد الطويل لبيوت آل سرحان.. وكان من اهم بيت فيه وبنائه راقي هو بيت شقيق جدتي دلال السرحان " الحاج عزيز السرحان". ليأخذني لمكان محفور في ذاكرتي! وأرحل بالأحلام : بنت الحسن مكان على جفن الفرات الحلي في صوبها الصغير، صوب الوردية... قالوا أنه مكان غسيل إحدى العلويات المتوفية قبل سنوات خلت، والمات فات... لكنه مكان كان للتبريكات وللنذور تعتاش عليه واحدة من النسوة فقيرة الحال. إنه مكان تجتمع حوله نسوة الوردية عصاري الأيام الحلاوية، وخاصة الربيع والصيفية، شموع، وياس، وبخور، ومعارج من الأدعية وتوزيع خبز العباس وصبية تمرح مابين الخصروية والجرف، والشارع المنحصر مابين بين؟ والمراهقات! (تجولن يالحبّابات) هناك بالقرب من (عمران الأصهب) الذي كان أبيضَ البشرة كثيرا بسبب اصابته (بداء البهاق)... وقيل تشافى منه بعدما ذهبت به ( جدته ) الى بير النبي أيوب، وهناك غسلته بماء البير وكررت هذه العملية عدة اسابيع فتشافى! وهو صاحب بلم (زورق صغير) ينقل الناس من والى الصوبين، فمتى ننشد للصوبين ياحلة الفيحاء؟ أنا وأختي "سلوى" نركب للنزهة ذهابا ومجيئاً مجاناً على حساب عمنا. ومقابل بنت الحسن كان ( عكد غلآم، يلتقي مع عكد شندي) وهذا (شندي السرحان) وهو جد أبي من والدته. لرضا شندي السرحان بنين وبنات منهن، " مدينة" زوجة شيخ عشائر البو سلطان، زبيد (المرحوم عداي الجريان)، " وأمينة" زوجة الوجيه المرحوم (محمد الراضي أبو عجّة الأسدي) والد كل من، لواء الشرطة المتقاعد (مهدي محمد الاسدي) الذي كان زمان قاسم مديرا للشرطة في الحلة، وغالب مدير عام المخازن العراقية والموظف لاحقاً في السفارة العراقية في العاصمة النمساوية فيينا، زمان حكم صدام حسين، والمدرس القدير المؤمن المرحوم (عبد الهادي الأسدي) والملقب (هادي بطة) زوج أحد أخواتي، والثالثة " دلال" والدة، مهدي وعبد الحسين وعباس غلام اولاد محسن غلآم. كان أول البيوت بيتاً بشناشيل وباب كبيرة خشبية منقوشة بزخارف جميلة ثم بيوتات وبعدها بيت جدي حسون غلآم والذي سكنه عمي عباس ويلتصق شماله بيت جده عباس خضير حربه، ويلتقي مع عكد آل سرحان. على اليمين بعد بيتين دخله صغيرة فيها بيت لأحد اخوالنا من آل سرحان (صاحب كيكه) الشغيل نهارا والسكير ليلا، في ليلة قمراء، اراد ان يحلق في سماوات الله البيضاء، مقلدا العباس بن فرناس الأندلسي، لكنه هوى ارضا فرحلت روحه الى ربها راضية مرضية، وتزوج ارملته أخوه هادي، كان سائق سيارة حمل( لوري) ومن مناقبه أنه في كل عام يذهب مع قافلة الحجاج الحلاوية إلى مكة، في سيارته الحمل امتعة وزهاب الحجيج، وكان يأخذ معه قربة(عرق) تكفيه ذهابا وآيابا، شراباً طيباً من التمر والأعناب. وحين عودته يأتي الى عمي عباس مباشرة ليشربا نخب سلامته... ثم يخاطب عمي قائلاً : أبو خضير، وروح ابوك محّد حج صحيح سواي وقربتي هذه ! أما البقية فعلمهم عند ربي! في آواخر أيامه صار ضريرا ثم فارق الحياة. وكانت اخواته (مديحة والحجية نوفه وأم غايب) وهنَّ من حفيدات أخوالنا آل سرحان، يقضين حوائج عمي عباس المنزلية (طبخ، تنظيف، ترتيب). في هذه الدخلة ( الدربونة ) كانت فتاة سرحانية شهباء، بيضاء، عسلية العينين الرائعتين وردية الشفتين شطباء القامة كأنها غصن رمان ريان إسمها (جنانيت). حين أأتي الى الحلة في زياراتي المتقطعة، كنا نلتقي لقاءات حبايب، وكان غزلي طفولياً بريئاً لايخلو من لمسات وهمسات صبيانية تعلمناها مما كنا نرى في الأفلام المصرية خاصة في بيت عمي حيث تلفاز حديث، او حين نرتاد دور السينما الحلاوية وخاصة الفرات او الجمهورية. ماذا أقول للوردية التي تنقلب الآن جيادا تركض في مخيلتي وتثير الذكريات الراكدة في غربتي؟ أستحضرك جانيت" أيتها الوردية كأنك هذه الرياح الموسمية، بعبق ( طليع) النخيل ورائحة الارض الخصبة المرشوشة بالماء عصرا. أيتها السيدة الوردية أنت التي غرست روحي منارة.. كوني ثوبا مزخرفا على مداخل الكلام، وأقتربي من جسد المنثورين على ريح النسيان. يامدينة الكلام كوني كلاما على لسان البروق.. كأنك فوق الارض حجر القمر، كصفاء المرأة المتكرر.. كالصباح.. الواسعة كالليل.. العالية كالهواء.. أيتها المدينة الفيحاء أنت منديل أبيض تهزه يدالله في وجوه المدن الآخرى....!؟ اعود الى عكد شندي عكد بيت جدي حسون غلام الذي يقطنه عمي عباس.. بيوتات متتالية متراصة قسم منها بطابقين، وكانت أغلب المرافق الصحية تبنى في السطوح! وفي كل باب هناك ( سبتتنك / سبتي تنك ) وهي بالوعة لخزن مياه التصريف الصحي تُنزح بين فترة وأخرى من قبل نزاحين مختصين بذلك نُسمّي واحدهم ( نزاح الطهاير). ثم هناك ساقية وسط العكد لتصريف ماء الغسيل ومياه الامطار حيث (المرازيب) شتاءً. المياه تجري مباشرة لتصبَّ في شط الحلة . الوردية وبيوتاتها كأنها جناح وجؤجؤ طائر الرخ الخرافي جاثم على الارض، هكذا يراها مَنْ يصعدُ للسماء من تحته ، وأزقتها( اعكوده، ودرابينها ) كأنها شرايين العشق في قلب ذاكرة المكان، سطوحها مفتوحة، تيغها، تشاريفها ناصية غير مرتفعة. وهناك على بعض السطوح " كُن " للدجاج وديكة الصباح الحلي المزعجة لبعض سهارى وسكارى الليل، ومنهم عمي! ومطيرجية بصفيرهم وهشهم ونشهم على جوكاتهم الطائرة . اتذكر احدهم يُلقب (عنتر).. تحكي جدتي (دلال السرحان) عن عمي عباس تقول عنه : كان وكيحا وشقيّاً في شبابه، وكان قائد مجموعة الشبيبة الورداوية خلال صولات وجولات العراك ما بين صبية وشباب صوبي الحلة حيثُ أسلحتهم المعاجيل والكزاوي وبعض العصي والحصى وثمّةَ أهازيج النخوة وإثارة الحميّة والفزعة. تقول جدّتي اذا يوما أنهزموا نعرف ان عباساً ليس معهم! فيأتي قسم منهم راكضا مُحشّما وهم يهزجون ( يعباس ما جاك الخبر؟) فيفزع مشمرا عن ساعديه ويعطي للريح ساقيه ليلتحق مع ربعه، وحين يعلمون بقدومه يشتد عزمهم ويطفّون أهل ذاك الصوب ( يطردونهم ) فيهربون خاسرين خاسئين وهم يهزجون (طببناهم للبيوت ياحيف ما نج......هم!!) في بيت جدي هذا حديقة جميلة فيها شجرة رمان تعطي ثمرها في كل فصل وتينة وشجرة كبيرة لورد الرازقي العبق الرائحة وعند عمي عباس كلب كبير الحجم كأنه نمر بشعر كثيف لونه رصاصي مابين الغامق والفاتح نأخذه صباحاً انا وأختي سلوى حيث بالقرب من الخصرويه كانت حديقة " منتزه الوردية" فيها ملاعب للتسلية (مراجيح، زحليقات، مساطب متحركة) وكان هذا الكلب الألماني الذي جلبه عمي الطيار محمد حسن له، واسمه (وآيز) . كان عباس غلام حين خروجه عصر كل يوم وفي اغلب الأحيان صباحا، يذهب مباشرة الى صديقة الحميم صاحب المقهى والبستان المشترك (حمود هجول) وكنت أراقبهما عن بعد وهما يحتسيان خمرتهما تحت إحدى أشجار البرتقال،. قال عدنان الظاهر في بعض ذكرياته عن الحلة وأهلها وعن عباس غلام :[[ لا أنسى شخصية هذا الرجل المتميّزة الآسرة وهيبته وجمال وجهه النوراني ثم ترفه فيما يرتدي من ملابس ووقاره لكأنه أنسان أسطوري ]]. رحم الله الجميع وأسكنهم فسيح جنانه. كنت اشاهد اطفال المحلة وهم يلعبون، بنات وبنين، حين يخرج عمي من بيته وهو المعروف بلباسه المتناسق، كل شيء فيه مابين الابيض والبيجي المصفر، سبحته الكهرب وساعته الذهبيه كل شيء فيه بلون واحد، طويل، شامخ، مهيب، كريم لحد اللعنة، وسيم، وجهه ابيض مشرّبٌ بحمرة، عيناه مزيج لونين الخضرة والزرقة واسعتان، كل شيء فيه جميل، كما يذكره الشاعر حامد كعيد الجبوري. حين يأخذني عصرا الى المقهى مقابل الجسر القديم ذي الممر الواحد، مقهى ( لآل عبكه) او (مقهى محمد الحايج) بالقرب من جامع السنة، وهو من جوارينهم، او خان محمد الحسن، اشاهد صبية المحلة يتركون العابهم، دعبل او كرة صغيرة او ختيله او توكي وغيرها ويصطفون على الجدار! كان قسم منهم يركض ليمسك يده ليقبلها، وهو بهيبته، في يده نقود من فئة عشرة فلوس يعطي كل واحد منهم قطعة منها. لكن حين تكون " جانيت " واقفة تنتظرني لرؤياي وأنا الشبيه بعمي عباس { كان أهلنا ولا زالوا يقولون عني (عباس الزغير) } يضع في يدها حين تهم بتقبل يده عملة مسكوكة فئة، خمسة وعشرون فلسا، ثم يلتفت نحوي مبتسما ويقول : ذيبان سلم على خطيبتك! كنت افرح في داخلي، لكني كنتُ خجلاً ظاهريا، أوف! يامحلاها تلك الأيام؟ أسماء بعض بيوت الجيران لم أزلْ اتذكرها : بيت أبو حيدر الأخ الأصغر لصكبان آل بشبوش السرحان، وهو مقابل بيت غلآم، بيت محمد الحايج وأخوته، ثم بيت حربية أم الباقلاء والطرشي الأحمر اللذيذ، بيت آل خنزيره، بيت سيد صادق العلاق وبيت زيدان الخلف والد نومي ورمان، (أبراهيم و فاضل) هكذا تسعفني الذاكرة... بيت أبن عمتنا كاظم باصي. ولقد حدثني في لقاء لي معه في عمان، الروائي المغترب الحلي الكبير برهان الخطيب حيث قال: نحن من جيران بيت عباس غلآم ومن اصدقائه. وكذلك حدثني استاذي الفنان الكبير الحلي سعد الطائي وقال: نحن جيران ومن المقربين لبيت عمك عباس غلآم، آي أنهم من سكنة الوردية.. وكان بيتنا ملاصقاً لبيت والد لأم جدتي دلال السرحان، فطومه خضير حربه شقيقة عباس خضير حربه، جد عمي عباس وأبي مهدي وعمي عبد الحسين...." طُرفة ": يذكرها الأخ حامد كعيد الجبوري يقول: أذكر أن أبا حسن سُرقت منه مسبحة كهرب وحينها جلبوا أحدهم وهو ساحر أعمى، او ما ينعت بابي مراية " مرآة " وطلب صبياً لأنجاز المهمة بعد أن يضعَ على رأسه ( عرقجين) وكنت أنا ذلك الصبي الذي أستطاع أن يجيب على أسئلة ذلك الساحر والوصول للمسبحة المسروقة في المعسكر من قبل الجندي مُراسل الضابط الطيار محمد حسن غلام. ويتذكر" مأساة ": وهي أراد علي الأكرع الدميم أن يتزوج فلم يعطوه أمرأة من الوردية لمعرفتهم بدمامة خلقته. ذهبت أمه للصوب الكبير وخطبت له فتاةً فاتنة لا يستحقها، وافق أهلها بعد أن جلبت لهم صورة رجل أخر. إنها أخذت لهم صورة عمي (جبارغلآم) فوافقت العروس. ليلة الدخله أمتنعت الزوجة عن تسليم جسدها لهذا المدعي زوجها، أرسلوا في طلب إمها وكانت إمراة فاضلة ولكنها ظالمة. إتفقت مع الزوج الدميم وربطوا الزوجة بحبل وشدوها لسريرها وكممت فمها، فأفتض بكارتها. وهكذا مابين ذاكرة جميلة ومأساة حزينة وتلك كانت أيام ذاك الزمان. لعمي أصدقاء منهم مثلاً غازي بنيّان الجبوري مدرس اللغة الأنكليزية المعروف في مدارس الحلة، والشاعر محمد علي بنيان، أبن خاله محمد حربة، والمفكر محمد مهدي مبارك. الطريف أنَّ سجائر عمي عباس آل غلام يبتاعها من محل واحد بعينه هو محل عبد الجليل التتنجي لايدخن الا سجائر روثمان . أما الخمرة فمن محل صديقه أبو سلام او من شاكر فرانسو متعهد نادي الموظفين في ناحية سدّة الهندية. وصاحب محل لبيع المشروبات الروحية في الحلة، وكذلك من محل حبيب طربيه. كان عرق المستكي العراقي مشروبه المفضّل. لجانيت حبيبة الصبا :
" تأتين كأنك بئر تمشي، تفيض على جفاف ذاكرتي.. تأتين كأنك سرب فراشات تصنع ربيعا لفصولي.. كأنك عيون مليئة بعيون الغروب، كأنك غروب مليء بالغربة.. تأتين للقائي ومعك مناديل الوداع.. فألتفت اليك كأنك بلورتي السحرية.."
الوردية.. الحلة. كأنها في خيالي امرأة غجرية عاشقة يتطاير شعرها وتدفعها الريح الى أعماق المحيطات. كأنها مهرة أصيلة ( كحيله) تعدو في فراديس غربتي. ذابلة عيونها فوق شفاهها، ذابلة شفاهها فوق خفوتها، تصهل في روحي : عراقُ يا عراق! والعراق في عين الحاكم أصغر من ثقب بندقية. أيها الرب إفقأ عين الحاكم حتى يخرجَ العراقُ من ثقب البندقية.
أضافة من اخي وأبن العم وصاحبي، الشاعر حامد كعيد الجبوري مشكورا((يقول الشاعر حامد كعيد الجبوري : رائع سردك صديقي العزيز واسمح لي بتصويب بعض ما فاتك وقلتها لك حينها، عكد بيت غلآم كما نسميه نحن أهل الوردية يضم بيوتا عدة منها بيوتات ال السرحان المتجاورة لبعضها، وبيت فضيلة الغزالة التي كانت تشتري الصوف وتغسله وتحويله إلى خيوط صوفية لصنع العباءة الرجالية، وعندها مجموعة كبيرة من نساء الوردية يعملن عندها كل في بيتها، المسألة سهلة جدا تسلمها فضيلة ام الغزل 5كغم صوف تستلمه 5كغم غزل وتستلم أجرها، اما عمي عباس غلآم وخالي محمد علي بنيان الجبوري وعمي حمود هجول والحاج علي الحربه ووالدي الحاج كعيد حميد الجبوري ورجالا آخرون يعدون من وجهاء الوردية فتتعامل معهم فضيلة معاملة خاصة فنوع الغزل الذي يشترونه منها يختلف عن جميع رجالات الحلة، لون العباءة هم من يختارها وكذلك سمك الغزل يطلق عليه حينها غزل ابو النص ربع، ارتبط عمي عباس غلآم بعلاقة وثيقة بعمي والد زوجتي حمود هجول وخالي الشاعر محمد علي بنيان الجبوري وكانوا يسهرون كل ليلة اما في بستان حمود هجول،ومحسن غلآم أو بستان آل بنيان، وأعتقد اني قلت لك يا صديقي أن السيد صادق العلاق ولداه نومي ورمان وليس كما ذكرت، اما زيدان الخلف رجل الوردية فولده إبراهيم زيدان الخلف، ومعلوم أن آل زيدان الخلف يملكون المال والشجاعة فكانت لهم دور متقاربة في السرحة التي هي جزء من الوردية، ولو توسعت يا صديقي وهو مشروع كبير أجد لزاما عليك ذكر رجالات آل حربه واسماءهم، وذكر عكد البيات ورجاله ومنهم بيت ابو حميد شقاوة الحلة ورجل الوردية، وبيت آل جبار الحساني الذي قادوا مختارية الوردية، وكذلك ال الطائي وال الجيلاوي وال مطلك وال البراك ، اعذرك لأنك سلطت الضوء على عمنا الرجل الرجل عباس غلآم، شكرا للعم عدنان الظاهر وشكرا للوردية التي تجذرت فيها الوطنية وأنجبت رجالا لهم اسمهم بتاريخ النضال العراقي ))



#ذياب_مهدي_محسن (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كنت على وهم؛ ولكن هذا ما حدث...!
- طويرة الجنة ولقاء قبل الدوام ...
- صوفيا - صوفي - والجندي الاحتياط ذياب
- قمر ... ودخول السنة في النجف ...
- ناردين بعد منتصف الليل ...
- نتاشا وذكريات في ناظم المشخاب
- تارا وليلة حمراء في البيتونة
- من المهن النجفية خياطة النساء
- من ملحمة الشلامچه معركة نهر جاسم للدريهمية وابوسفيان
- ذيبان فوق نخلة ديرية خلاسية
- شريعة نهر أبو چفوف وشهرزاد
- مضيف وليلة صيف وست قمر
- ذياب أبو سفيان ويهتم وهسهسات روحية
- وتلك الأيام وضحه وذيبان وچل البوه ..
- نسائم ذكرى بعطر الشيح والبابنگ والگيصوم
- نفحات جندي منزوع السلاح ... ذياب أبو سفيان النجفي
- شگره آيَةٌ في الجمال ( تسواهن )
- معرض تشكيلي في كالري الفنان المغترب حيدر عباس عبادي
- وقامة قيامة العراق فهللويا هللويا :......
- حين رقصت مع إيليا بفرحة العلم العراقي


المزيد.....




- وفاة الملحن المصري محمد رحيم عن عمر يناهز 45 عامًا
- مراسلتنا في الأردن: تواجد أمني كثيف في محيط السفارة الإسرائي ...
- ماذا وراء الغارات الإسرائيلية العنيفة بالضاحية الجنوبية؟
- -تدمير دبابات واشتباكات وإيقاع قتلى وجرحى-.. حزب الله ينفذ 3 ...
- ميركل: سيتعين على أوكرانيا والغرب التحاور مع روسيا
- السودان.. الجهود الدولية متعثرة ولا أفق لوقف الحرب
- واشنطن -تشعر بقلق عميق- من تشغيل إيران أجهزة طرد مركزي
- انهيار أرضي يودي بحياة 9 أشخاص في الكونغو بينهم 7 أطفال
- العاصفة -بيرت- تتسبب في انقطاع الكهرباء وتعطل السفر في الممل ...
- 300 مليار دولار سنويًا: هل تُنقذ خطة كوب29 العالم من أزمة ال ...


المزيد.....

- سيرة القيد والقلم / نبهان خريشة
- سيرة الضوء... صفحات من حياة الشيخ خطاب صالح الضامن / خطاب عمران الضامن
- على أطلال جيلنا - وأيام كانت معهم / سعيد العليمى
- الجاسوسية بنكهة مغربية / جدو جبريل
- رواية سيدي قنصل بابل / نبيل نوري لگزار موحان
- الناس في صعيد مصر: ذكريات الطفولة / أيمن زهري
- يوميات الحرب والحب والخوف / حسين علي الحمداني
- ادمان السياسة - سيرة من القومية للماركسية للديمقراطية / جورج كتن
- بصراحة.. لا غير.. / وديع العبيدي
- تروبادورالثورة الدائمة بشير السباعى - تشماويون وتروتسكيون / سعيد العليمى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - ذياب مهدي محسن - الحلة ... الوردية ... وعباس غلآم رجل سماوي