أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادارة و الاقتصاد - عبد الحسين شعبان - جائحة الدينار














المزيد.....


جائحة الدينار


عبد الحسين شعبان

الحوار المتمدن-العدد: 6775 - 2020 / 12 / 30 - 16:14
المحور: الادارة و الاقتصاد
    


بتفاقم جائحة كوفيد-19 "كورونا" التي شهدت أرقاماً قياسية كبيرة خلال الأسابيع الماضية فقد داهمت العراق جائحة جديدة لا تقلّ خطراً عن جائحة "كورونا" ألا وهي جائحة الدينار؛ وهو ما أخذ يتندّر به العراقيّون، خصوصاً تأثيرها المباشر على الفقراء لأنها تتعلّق بقُوتهم اليومي، فقد تمّ خفض سعر الدينار مقابل الدولار، حيث بدأ البنك المركزي في 20 ديسمبر (كانون الأول) تطبيق السعر المنخفض للدولار البالغ 1450 ديناراً عوضاً عن السعر السابق البالغ 1190 ديناراً عراقيًّا لكل دولار أمريكي، وعمدت الحكومة العراقيّة على اتخاذ هذه الخطوة بعد عجزها لشهرين متتاليين من دفع رواتب الموظفين، إضافة إلى استمرار الأزمة مع إقليم كردستان وتعقيداتها بشأن دفع الرواتب من جهة، وواردات النفط من جهة أخرى، تلك التي استمرّت بالتعتّق منذ سنوات.
وعلى الرغم من أن الحكومة اتخذت هذه "القرارات الصعبة" كما تقول لكنّها من أجل تصحيح الأوضاع بتبرير أنّ التأسيس كان خاطئاً للنظام السياسي والاجتماعي المُهدّد بالانهيار بالكامل، فإمّا الفوضى العارمة وإمّا عمليّة قيصريّة للإصلاح، كما ورد على لسان رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي. ويذهب وزير المالية علي علاوي أكثر من ذلك حين يعتبر "الورقة البيضاء" بمثابة "مانيفستو" الإصلاح، الذي يعني "حكم الضرورة"، إلّا أنّ "تجربته" تفتّقت عن اقتطاع رواتب الموظفين بخفض سعر الدينار الذي أثار موجة عاصفة من ردود الفعل.
أمّا حركة الاحتجاج التشرينيّة فقد ندّدت بتلك الإجراءات وشدّدت على تحقيق مطالبها بمحاسبة الفاسدين ووضع حدٍّ للفساد ومساءلة المتّهمين بارتكاب جرائم أودت بحياة أكثر من 600 إنسان وجرح وإعاقة نحو 20 ألف آخرين، علماً بأنّ هذه الانتهاكات ما تزال مستمرة دون رادع أو حسيب، مثلما يستمر قصف مواقع الهيئات الديبلوماسية وانفلات السلاح وهشاشة الوضع الأمني، وما ضاعف من معاناة الناس هو انحدار الوضع الاقتصادي والمعاشي وتدهور الوضع الخدمي الصحّي والتعليمي وتآكل البُنية التحتيّة، خصوصاً في فترة الشتاء وتساقط الأمطار.
إن قرار خفض سعر الدينار يضيف عبئاً إضافيًّا على الاقتصاد العراقي المتهالك أصلاً، إذْ سيسبّب موجات تضخّم اقتصادي جديدة، بتراجع مستوى الدخل في العراق بنسبة 22.5%، ولأنّ الاقتصاد العراقي في مجمله هو اقتصاد استهلاكي يقوم على الاستيراد، فستكون نتائج خفض سعر العملة المحلية فادحة، وبالأساس على الطبقة الوسطى، التي سينحدر الكثير من أوساطها إلى الطبقات الفقيرة والمسحوقة، بينما يبقى الأغنياء يزدادون غنىً، سواءً من القوى الحاكمة أو القريبة منها باستمرار الفساد المالي والإداري الذي بدّد الموارد الهائلة والتي تُقدّر بما يزيد عن 700 مليار دولار خلال الفترة من العام 2005 إلى العام 2014، فلم يبقَ أمام الحكومة سوى تخفيض سعر الدولار والاقتراض من البنك المركزي واللجوء إلى الاقتراض الخارجي، وهي السياسة التي اتّبعتها وزارة المالية في مشروع قانون الموازنة المقترح للعام 2021.
إنّ تخفيض سعر الدينار يعود إلى أسباب تتعلّق بالسياسة النقدية للحكومة، فضلاً عن جانب موضوعي يتعلّق بالعقوبات المفروضة على سوريا وإيران، حيث يشكّل العراق المنفذ الأساسي لهذين البلدين للحصول على الدولار وإنعاش احتياطيّيهما النقديّين منه، وإذا تركنا جانباً زيادة الطلب على الدولار وهو ما يؤدي إلى ارتفاع سعر الأخير، فإنّ أحد الأسباب المهمّة هو تهريب العملة الصعبة من خلال مبيعات البنك المركزي للدولار يوميًّا لأصحاب المصارف فيما يُسمى المزاد اليومي للدولار تحت عنوان "إنعاش السوق" بالدولار بزعم تثبيت سعر الدينار بحدود معيّنة، علماً بأنّ بعض التجار يقوم بشراء الدولار من البنك المركزي لحساب آخرين، جزء منهم يتبع للقوى السياسية المتنفّذة.
لقد سبّب ارتفاع قيمة الدولار في رفع قيمة المواد الاستهلاكية وغالبيّتها الساحقة مستوردة، لأنّ الدولار يعتبر العمود الفقري للتجارة العراقيّة في ظل النظام الذي اتّبع ما بعد الاحتلال والذي أطلق عليه "الاقتصاد الحر"، ومع ارتفاع سعر الدولار أصبح كل شيء باهظ الثمن في السوق، لا سيّما لأصحاب الدخل المحدود، وبالفعل فقد تأثّر السوق بذلك على الفور وتقلّصت الحركة فيه على الرغم من الاستعداد لاستقبال عيد رأس السنة الميلادية، وغالباً ما ترتفع الحركة خلال هذه الفترة من السنة.
لقد ازدادت معدّلات الفقر إلى مستويات مريعة، وتستمر التوقعات المتشائمة في ظل استمرار "جائحة كورونا"، وانخفاض أسعار النفط وانكماش الاقتصاد، يضاف إلى ذلك استشراء الفساد المالي والإداري وغياب الخطط الاقتصاديّة العقلانيّة البعيدة النظر، ناهيك عن الترهّل الوظيفي في أجهزة الدولة مع وجود موظّفين وهميّين أو موظّفين يستلمون أكثر من راتب، وعدم الشروع بتنمية القطاعات الإنتاجية المحليّة وارتفاع نسبة البطالة. وقد توقّعت ممثلة الأمم المتحدة في بغداد جانين هينس بلاسخارت خلال إحاطتها الأخيرة أمام مجلس الأمن الدولي "انكماش الاقتصاد العراقي بنسبة 9.7% مع ارتفاع معدّلات الفقر إلى نحو 40% في العام الحالي 2020، فضلاً عن توقّعات حدوث انخفاض في الفرص الاقتصادية"، وقد تزيد جائحة الدينار الوضع سوءًا خلال فترة التحضير للانتخابات المقرّرة في شهر يونيو (حزيران) المقبل.

نُشرت في جريدة "الخليج" الإماراتية وجريدة "الزمان" العراقية بتاريخ 30/12/2020



#عبد_الحسين_شعبان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كتاب وحكاية: مذكّرات صهيوني يوميّات إيغون ريدليخ في معسكر تي ...
- مقدّمة كتاب د. محمد الزين محمد السودان - الطريق إلى الدولة ا ...
- بايدن والأمن السيبراني
- عن فلسفة التسامح
- جذور الاتحاد ورهاناته اللّاحقة
- في معنى أن تكون -ماركسياً- 2/2 هل توقفت -الماركسية- عن التطو ...
- بهاء الدين نوري... و-ألم- تشيخوف
- -أنسنة- الإنسان
- اللحظة الصينية: أهي واقع أو يوتوبيا؟
- بايدن واللحظة الدولية 
- في معنى أن تكون -ماركسياً- 1/2 ماركس الحلقة الذهبية الأولى ف ...
- -جرائم- المعلوماتية والمادة - 19
- بومبيو في محتشدات الاستيطان
- -الوطنيّة- و-الحقوق-
- فلسطين عنوان الحرّية
- وداعاً .. السيّد الصادق المهدي
- قمة الرياض 20 G والأمن الإنساني
- في الحاجة إلى التسامح
- في فلسفة المطالبة بإلغاء عقوبة الإعدام
- -البايدنيّة- وكلمة السر


المزيد.....




- البنك الدولي: إسرائيل دمرت 93% من فروع البنوك في غزة
- يقترب من الـ 51 .. سعر الدولار اليوم في البنك المركزي والبنو ...
- كلنا هنلبس دهب براحتنا من تاني “تراجع  سعر الذهب اليوم عيار ...
- إحصاءات أوروبية: روسيا ثاني مورد غاز للاتحاد الأوروبي بعد ال ...
- “27 لاعب في القائمة” تشكيلة العراق المتوقعة في كاس الخليج.. ...
- وفد إسباني يزور الجزائر لتعزيز العلاقات بعد رفع القيود على ا ...
- الكشف عن أسباب تأخير إرسال الموازنات: أضرار اقتصادية هائلة! ...
- شركات نفط الإقليم تعلن عن زيادة بالإنتاج هذا العام
- بلومبيرغ: -هوندا- و-نيسان- تستعدان لمفاوضات اندماج
- بريطانيا تفرض عقوبات على 20 ناقلة نفط من أسطول الظل الروسي


المزيد.....

- الاقتصاد الاسلامي في ضوء القران والعقل / دجاسم الفارس
- الاقتصاد الاسلامي في ضوء القران والعقل / د. جاسم الفارس
- الاقتصاد الاسلامي في ضوء القران والعقل / دجاسم الفارس
- الاقتصاد المصري في نصف قرن.. منذ ثورة يوليو حتى نهاية الألفي ... / مجدى عبد الهادى
- الاقتصاد الإفريقي في سياق التنافس الدولي.. الواقع والآفاق / مجدى عبد الهادى
- الإشكالات التكوينية في برامج صندوق النقد المصرية.. قراءة اقت ... / مجدى عبد الهادى
- ثمن الاستبداد.. في الاقتصاد السياسي لانهيار الجنيه المصري / مجدى عبد الهادى
- تنمية الوعى الاقتصادى لطلاب مدارس التعليم الثانوى الفنى بمصر ... / محمد امين حسن عثمان
- إشكالات الضريبة العقارية في مصر.. بين حاجات التمويل والتنمية ... / مجدى عبد الهادى
- التنمية العربية الممنوعة_علي القادري، ترجمة مجدي عبد الهادي / مجدى عبد الهادى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادارة و الاقتصاد - عبد الحسين شعبان - جائحة الدينار