أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - قاسم علي فنجان - بغداد تغرق في الظلام














المزيد.....

بغداد تغرق في الظلام


قاسم علي فنجان

الحوار المتمدن-العدد: 6774 - 2020 / 12 / 29 - 17:39
المحور: المجتمع المدني
    


بغداد اليوم تمر بأحلك واظلم لياليها، تسير في شوارعها فلا تلحظ أي شكل من اشكال الحياة؛ الخوف والقلق والتوتر والترقب هم السائد، مدينة تنتشر فيها الجيوش في كل مكان، وبمختلف تسمياتهم واصنافهم: ميليشيات، عسكر، شرطة، عصابات، مافيات، ومواكب قادة الميليشيات، و"ربع الله" يسيّرون دورياتهم، حاملين "التواثي"، لضرب أي "مخل" بالآداب.
بغداد مدينة انقلابات عسكرية وميلشياتيه، وانت تسير هادئا في شوارعها، وفي لحظة ما، وإذا بالجيش والشرطة تنتشر في كل مكان، وتنصب سيطراتها، وإذا بسيارات الميليشيات المسلحة تمر بقربك، تخطف روحك؛ وانت تجلس في بيتك او في النادي او المقهى وإذا بك ترتعد من صوت صواريخ "المقاومة" ومضاداتها، وتسمع ان الصواريخ سقطت على منازل الناس الأمنيين، وتشاهد الأطفال وقد تحولوا الى أشلاء، وتقرأ تصريحا للسفير او الوزير يهدد بالرد القاسي، ويتشنج ويتوتر الوضع، وبعد ذلك يحل، ويرجع كل الى قواعده.
بغداد ليست "قلعة الأسود" كما كانت تتغنى بها السيدة، أضحت قلعة لعصابات النهب والسلب الاسلامية، قلعة المعطلين عن العمل، الذين يفترشون الساحات والمقاهي، قلعة المواخير وصالات القمار والمخدرات والاتجار بالنساء، قلعة الأطفال المشردين، الذين تراهم في تقاطعات الطرق، قلعة الجيوش الملثمة والمقنعة.
بغداد اليوم لا توجد فيها معامل او مصانع تعمل، كلها توقفت، هيكلتها سلطة الإسلام السياسي وباعتها "خردة"، بغداد اليوم تزدهر فيها اعمال جديدة "بطايق نفط، كلنس، كارت موبايل، نفاخ، خبز يابس، طحين اسمر، عتيك للبيع، تصليح طباخات، عالوچه بربع" فضلا عن الاف المشردين والمشردات و "المجاديه".
بغداد اليوم تخلو من المسارح والسينما والنوادي الثقافية، بديل الناس اضحى "حملة دار" ل "شريفة بنت الحسن" او "سيد حمد الله" او "للشيخ الگيلاني، او "للكاظم"، او "لابو حنيفة"، او الى "المقابر"، فهم يرددون الجملة الشهيرة "إذا ضاقت النفوس فعليكم بزيارة القبور"، بالتالي فهي مدينة موتى.
بغداد اليوم معطلة ومشلولة تماما، لياليها موحشة، يغيب الفرح عنها، لا ابتسامة على وجوه الناس، الجوع والعوز والجهل والتخلف والبطالة والمرض، كلها سمات هذه المدينة؛ مدينة تفتقد للأمل، أقصى طموح للذين يعيشون فيها "بلكي نعيش لباچر" ناسها خائفة من المجهول القادم، انها مدينة "مذلولة" مطأطأة الرأس، منحنية، منكسرة، منذ سبعة عشر عاما وهي تنال المركز الأول "كأسوأ مدينة للعيش في العالم".
رحل عن بغداد سندباد، كما رحلت ليالي ألف ليلة وليلة، شهرزاد سكتت عن الكلام، وشهريار بقي وحيدا؛ الاربعون حرامي تكاثروا في بغداد، ولم يصب أحدا عليهم الزيت ويحرقهم، رأس المنصور ينظر ما يجري مندهشا، وأبو نؤاس قطعت اصابعه بسبب اشعاره ورفعه الكأس، المتنبي القى سيفه وترجل عن حصانه، والجواهري استمر ينشد، متعلقا بأمل ما "سينهض من صميم اليأس جيل مريد البأس جبار عنيد"، وبقي الحزن يخيم على جواد سليم ونصب الحرية، وحمامات فائق حسن اتشحن بالسواد مرة اخرى، لما رأين من مجازر ترتكب بحق شبيبة بغداد، واستمر حنين فلفل گرجي على الأيام التي مضت " انا من اگولن اه واتذكر ايامي"، نعم لقد رحلت بغداد من ذاكرة محبيها، فقد تحولت الى مدينة اشباح، وغرقت في ظلام إسلامي دامس.



#قاسم_علي_فنجان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الشيوعي العراقي ومجلس حكم بول بريمر
- الشيوعي العراقي وتغريدة مقتدى الصدر الأخيرة
- الشيوعي العراقي ورحلة البحث عن منقذ -من السيد الرئيس الى الس ...
- الشيوعي العراقي والانتخابات المبكرة- وقت مستقطع
- الشيوعي العراقي ورحلة البحث عن منقذ- من السيد الرئيس الى الس ...
- الشيوعي العراقي ورحلة البحث عن منقذ -من السيد الرئيس الى الس ...
- الشيوعي العراقي ورحلة البحث عن منقذ: من السيد الرئيس الى الس ...
- الشيوعي العراقي ورحلة البحث عن منقذ: من السيد الرئيس الى الس ...
- بين رائد فهمي ومقتدى الصدر- حوار مفترض وخيالي
- الشيوعي العراقي ودعم الدين
- الشيوعي العراقي و(الخوف على مشاعر المؤمنين)
- الشيوعي العراقي و-الدعاية ضد الدين-
- الشيوعي العراقي و -المجتمع إسلامي-
- الحزب الشيوعي العراقي والدين
- رائد فهمي ومسيرة الطلبة- هل هي لعبة جديدة؟
- هوس الحزب الشيوعي العراقي في التحالف
- ليلة تشرينية
- الرئاسات الثلاث واخفاء جريمة قتل المتظاهرين - حكاية من الفلك ...
- لمصلحة من عقلنة الطقوس والحوادث الدينية؟
- السوسيولوجيا في خدمة السلطة


المزيد.....




- ماذا يعني أمر اعتقال نتنياهو وجالانت ومن المخاطبون بالتنفيذ ...
- أول تعليق من أمريكا على إصدار مذكرتي اعتقال بحق نتنياهو وغال ...
- الحكومة العراقية: إصدار المحكمة الجنائية الدولية مذكرات اعتق ...
- العفو الدولية: نتنياهو بات ملاحقا رسميا بعد مذكرة المحكمة ال ...
- البيت الابيض يعلن رسميا رفضه قرار الجنائية الدولية باعتقال ن ...
- اعلام غربي: قرار اعتقال نتنياهو وغالانت زلزال عالمي!
- البيت الأبيض للحرة: نرفض بشكل قاطع أوامر اعتقال نتانياهو وغا ...
- جوزيب بوريل يعلق على قرار المحكمة الجنائية الدولية بحق نتنيا ...
- عاجل| الجيش الإسرائيلي يتحدث عن مخاوف جدية من أوامر اعتقال س ...
- حماس عن مذكرتي اعتقال نتنياهو وغالانت: سابقة تاريخية مهمة


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - قاسم علي فنجان - بغداد تغرق في الظلام