|
وتظاهرنا في ميت أبو الكوم
مصطفى مجدي الجمال
الحوار المتمدن-العدد: 6772 - 2020 / 12 / 27 - 06:09
المحور:
سيرة ذاتية
عندما تولى السادات حكم مصر بدأ تدريجيًا في ممارسة سياسات خجولة في البداية وتنافي سياسات من أورثه حكم بلدنا العريق في ظرف ملتبس وصراع بادٍ على السلطة مع مجموعة قوية متمترسة في التنظيم الطليعي (الجهاز السري حسب تسميته الشائعة وقتذاك) وفي سائر مؤسسات الدولة، خاصة الأمنية منها.
انتصر السادات بسهولة غريبة على تلك المجموعة، رغم ادعائها بالتمسك بصحيح الناصرية، ولكن شكلية الاتحاد الاشتراكي وتبعيته عمليًا للسلطة التنفيذية، وانعدام التنظيمات الشعبية والنقابية والاجتماعية المستقلة، أتاحت للسادات الانتصار معتمدًا على أجهزة الدولة ذاتها، وبدعم الرأسمالية الكبيرة وأغنياء الريف والبرجوازية البيروقراطية.. وتيارات سياسية أغرتها شعاراته عن التصحيح بالديمقراطية والحريات..
كانت مصر تغلي بالغضب والحيوية منذ هزيمة 1967 وأخذت الاحتجاجات الجماهيرية طابعًا أكثر جذرية وسفورًا.. وكالعادة كما شهد تاريخ مصر الحديث، كان الطلاب (خاصة في الجامعات) من أكثر الفئات الاجتماعية جرأة في النقد والتحرك، ولكن دون الوصول إلى حد العداء الكامل للنظام الناصري الذي تدين له الجماهير بمنجزات كبيرة وتاريخية (بل خلق نظام يوليو ثلاث قوى طبقية جديدة هي فلاحو الإصلاح الزراعي وعمال القطاع العام والمهنيون خريجو التعليم الجامعي المجاني).
أخذ التململ الطلابي يتصاعد في الجامعات، بما في ذلك الجامعات الجديدة في المنصورة وطنطا والزقازيق.. وقد كانت حرب الاستنزاف بمثابة الدواء المهديء للمشاعر الطلابية الثائرة. وبلغت الاحتجاجات الطلابية ذروتها قبل حرب أكتوبر بقليل، ولقيت الدعم من نخب ثقافية مهمة. ولم يُخفِ السادات ومناصروه غيظهم من الحركة الطلابية ووصموها بمؤامرات ورزالات "اليمين الرجعي واليسار المغامر".. بل وحتى خدمة العدو الصهيوني بالضغط من أجل الحرب دون استعداد كافٍ.
أخذ يتبلور في عين السادات وأجهزته تياران سياسيان شديدا الخطور هما التيار الناصري والتيار اليساري. أولهما، أي التيار الناصري، كان ضخم الحجم وعالي الصوت وينافس النظام على مشروعيته الزائفة بأنه استمرار للعهد الناصري.. وثانيهما، التيار اليساري الذي كان أقل حجمًا ولكن تأثيره ملحوظ جدًا في بعض الجامعات. وتشكل التياران من روافد شتى وكان داخل كل واحد منهما تنويعاته وانتماءاته وخلافاته أيضًا.
من الناحية العملية كانت حرب أكتوبر بالغة الفائدة لشعبية السادات التي بدأت تطغى على منطق التعبئة الأساسي في الحركة الطلابية، وهو المطالبة بالحرب. وبالفعل بدأ جزر واضح في الحركة الطلابية وانسحبت قواعد طلابية واسعة من تأييد التيارين المذكورين.
ومع ذلك اكتشف السادات أنه، رغم تسليم الإعلام لعناصر رجعية وعميلة ومتسلقة، لا يملك تيارًا سياسيًا فعالاً داخل الجامعات، فكان الرد التعيس الذي لجأ إليه لخلق ولاءات له في الحركة الطلابية، أن أقدم على الحماقة الكبرى بالتصدي لنفوذ الناصريين واليساريين بإفساح المجال للجماعات الإسلامية بكل تنويعاتها لتمارس التكفير والعنف بتشجيع من الأجهزة الأمنية والبيروقراطية.
ولكن بعد دخول السادات في مفاوضات منفصلة مع إسرائيل، وتورطه مع كيسنجر، وانكشاف انفتاح "السداح مداح".. أخذت الحركة الطلابية الراديكالية بجناحيها الناصري واليساري تسترد بعض عافيتها ولكن ليس إلى حد التحدي. وعندها استشعر النظام الخطر فأقدم على تغيير اللائحة الطلابية بحيث يمنح سلطات للأساتذة على كل النشاط الطلابي المنظم. وأثار التعديل غضب الطلاب وأدى إلى عكس مراد النظام.
وجاء انعقاد مؤتمر اتحاد طلاب الجمهورية عام 1976 بكلية هندسة شبين الكوم/ منوفية، ليشكل مناسبة هامة للصدام المتوقع في هذا الموضوع وغيره. وكان الاتحاد يدعو أيضًا لحضور المؤتمر (دون التصويت) عددًا من القيادات الطلابية غير الأعضاء في لجان الاتحادات.
ووجهت لي الدعوة كالعادة، ربما لسبب أساسي هو اقتناع قيادات اتحادية بمهارات خاصة لي في الصياغة السريعة، وليس إعجابًا بالطبع بميولي السياسية. كما وُجهت لآخرين من "الجيل الذهبي" بجامعة المنصورة مثل أخي محسن الجمال (الاستشاري الآن في بريطانيا)، وكذلك لصديق عمري المرحوم سالم سالم (الأستاذ بطب المنيا فيما بعد) بصفته من القيادات الأقدم لاتحاد طلاب الجمهورية والزعيم الطلابي البارز. بالإضافة لذلك كان لجامعتنا طالبان يتبوآن مركزين قياديين في الاتحاد، هما المرحوم سعد الشريف (الطبيب في بريطانيا في بعد) وكمال زايد (القيادي الناصري المعروف).
وكملاحظة جانبية أقول إن وفد جامعة المنصورة، كمجمل الحركة الطلابية فيها، كان مجموعة من المتحابين جدًا والذين عرفوا ممارسة العمل السياسي مخلوطًا بالجرأة والود والمرح، رغم أي خلاف أو تباين.
في الجلسة الافتتاحية التي أدارها سعد الشريف جلس على المنصة عدد معتبر من الوزراء يتوسطهم فؤاد محيي الدين نائب رئيس الوزراء. وبدخول الوزراء ارتفعت عقيرة كما أبو عيطة (وزير العمل فيما بعد) بالهتافات الناصرية.. وخاصة ضد على ومصطفى أمين، أذكر منها: "لا لا لا يابو قلب حقود لا لا لا ضغطك مرفوض مش علشان القائد غاب تكتر علينا الدياب.."
بذكائه الحاد أدرك فؤاد محيى الدين الهوى الناصري في القاعة، فاستهلك الجزء الأكبر من كلمته، وهو الخطيب المفوه، في تمجيد الزعيم والقائد، ولم يكن غريبًا أن يُقابل بتصفيق حاد وهتافات لمرات عديدة (منها مثلاً: "َللناصريين ألف سلام.. الحقيقيين ألف سلام").. إلى أن وصل إلى النقطة الحرجة في خطابه فقال إنه إذا كانت أبواق الثورة المضاده ترتفع الآن فهذه ضريبة الديمقراطية التي يجب أن ندفعها، وأن الشعب سيحمي ثورته...
أصابتني كلمته بحمية غريبة لم أستطع السيطرة عليها، فوقفت على المقعد رافعًا يدي بطلب الكلمة، فاعترض صديقي الحبيب سعد الشريف بإصرار لأن المتفق عليه هو أن الجلسة الافتتاحية جلسة احتفالية لا نقاش فيها.. ولكني قلت له: "هاتكلم يعني هاتكلم".. وبالفعل ردد أعضاء كثيرون "سيبه.. سيبه".. فرضخ سعد.
قلت كلمة موجزة فحواها إذا كانت ضريبة الديمقراطية هي إطلاق الحبل على الغارب للأخوين أمين ومن على شاكلتهما، فلماذا يتعرض الكتاب الوطنيون للاعتقالات والمنع. وإذا كان السيد فؤاد محيي الدين يعترف بأن هناك ثورة مضادة في في مصر فإنني أقول له إن على رأس الثورة المضادة الآن الرئيس السادات شخصيًا!!
ران على المدرج صمت رهيب لثوانٍ، فقد كان من النادر وقتها توجيه مثل هذا الاتهام للسادات نفسه.. وفوجئت بأخي محسن يصفق بحماس تبعه ـ وياللعجب ـ تصفيق حار في القاعة.
لم يعقب على كلمتي أحد بشيء، وبمجرد أن جلست كان "السواعد" (لجنة الانضباط في المؤتمر المكونة من أبطال المصارعة وكمال الأجسام).. وخاطبني أحدهم قائلاً: "اقعد بقى ياله وماعدتش تتكلم". وبعد انتهاء الجلسة ذهبت إلى حجرتي بينما انشغل سعد الشريف بتوديع الزوار ثم أخذ يبحث عني كالمجنون، وحينما وجدني قال لي: "مبسوط ياخويا انك قلتها.. هافضل مرعوب عليك".
جدير بالذكر أن بعض الوفود الطلابية العربية قد دُعيت للمؤتمر، وتناقشنا كثيرًا بالذات مع وفد الاتحاد الوطني لطلاب سوريا (معارض).. وأعجبني بشكل خاص هتافهم الغنائي "الاتحاد الوطني قوة طليعية".. ولهذا قصة.
كان معروضًا على المؤتمر تقريران، هما التقرير المالي والتقرير "الأدبي" (هكذا كان يسمى تقرير يستعرض إنجازات الاتحاد ومواقفه).. وكان أكثر شيء يقلق قادة الاتحاد أن يناقشهم أحد في التقرير المالي. وهي نقطة استخدمناها بذكاء تكتيكي، وبالأحرى ابتزازهم، خاصة عندما أبلغهم سالم بأن مصطفى "ضقرم" في المحاسبة وينوي مناقشة التقرير المالي.. وكنا عند كل خلاف مع المنصة نهتف هتافًا اخترعته على منوال السوريين: "التقرير المالي قوة طليعية"!! وبالطبع كان تكتيكًا نافعًا.
وحين جاءت مناقشة موضوع اللائحة.. صغت هتاف أعجب الكثيرين "إحنا هنا أهوا الحركة الطلابية.. شيلوا اللايحة الزايفة وهاتوا الحقيقية".. ووصل النقاش إلى مرحلة اختيار القرار الذي سيتخذه المؤتمر.. فتم الاتفاق على صياغة وثيقة يتم تسليمها لرئيس الجمهورية بمطلبنا.. ودارت في الأروقة مساومات صعبة حول الصياغة.. حتى توصلنا إلى صياغة قرار بتحديد يوم 12 أبريل كيوم للإضرابات واستقالة الاتحادات الطلابية..
وبذل سالم وسعد وأنا جهدًا لإضافة جملة بالغة القوة فحواها أنه باستقالة الاتحاد يصبح من حق جميع الطلاب تشكيل تنظيماتهم المستقلة.. وبالطبع كان هذا دونه خرط القتاد بالنسبة للأجهزة الأمنية والسياسية..
لم يقف الأمن متفرجًا وإنما لاعَبنا بحيلة أخرى وهي تقدم وفد طلاب جامعة الأزهر بمطلب أن تتضمن الوثيقة مطلب تطبيق الشريعة الإسلامية فورًا..
في الحقيقة أُسقِط في يدنا.. وكان هذا التحدي قويًا في وقت يجب أن نحصل على إجماع المؤتمرين. فرددنا بأنه لا يجوز إرفاق مطلب عقيدي بمطلب نقابي، وأن هذا يشق الصف لا يوحده في لحظة مواجهة حاسمة.
اتخذ المؤتمر قراره بأن يقوم وفد من رئاسة الاتحاد بطلب مقابلة السادات وتسليمه الوثيقة. وهنا طرأت على ذهني، ووافقني سالم وسعد، فكرة أريبة بأن ننظم مسيرة من كل أعضاء المؤتمر إلى استراحة السادات بقريته ميت أبو الكوم التي تبعد كيلومترات قليلة، وكان مقيمًا بها وقتذاك.. وأذكر أن أحدهم قال لي: أنت مجنون؟ هو أنت تقدر تعمل مسيرة احتجاج في تكريت أو القرداحة؟!!
طبعًا كانت هذه فكرة "جهنمية" قوبلت بالرفض مبدئيًا، ولكن فوجئنا في اليوم قبل الأخير بقبول طلبنا بشرط واحد هو أن تكون مسيرتنا صامتة بدون هتافات أو لافتات.
وبالفعل جاءت الحافلات الحكومية في الموعد المحدد، ومعنا أعداد كبيرة من رجال الأمن الذين يرتدون البِدَل المدنية. جلست بجوار سالم غير مصدقين أنفسنا.. وتفجرت قريحتي على صياغة حورت أغنية الشيخ إمام "تك تك تك.. تك تك بوم.. يابلدنا ياخُم النوم"، إلى: "..... صحي النوم يا ميت أبو الكوم".. فانفجر ضحك هستيري، وجاءني من يقول لي: "لو سمحت المسيرة صامتة".. فقلت له "احنا لسه في الأتوبيس يا جدع"..
عندما وصلنا ميت أبو الكوم وجدنا أنفسنا على طريق أسفلتي يقسم القرية إلى ناحية بيوتها فقيرة بائسة.. وفي الناحية الأخرى قصر بحديقة بها أراجيح. وفجأة صعدت إلى السماء طائرة عمودية خطفت أبصارنا..
استقبلنا وزير الإدارة المحلية وهو رجل أنيق بمظهر أرستقراطي.. ووقف على كرسي يخاطبنا فقال إن الرئيس غادر فجأة في مهمة وأن "الهانم" موجودة ويمكن أن تقابلنا، فقلنا "لا" بحزم. واستلم الوزير الوثيقة وقال جملة عبقرية واحدة: "أهلاً بكم أمام هذا البيت المتواضع"!! فأنزله الطلبة، وتركناه، وأخذنا الفضول لنشاهد القرية.. تبعثرنا، وانزعج الأمن، وتساءلنا أين الناس؟ القرية مهجورة تمامًا.. لكننا فوجئنا بأن أعدادًا مهولة من الأمن المركزي تحتجز كل سكان القرية وراء البيوت..
استفزنا المشهد.. فهتف حمدين صباحي: "بلادي بلادي لكِ حبي وفؤادي" وأكملنا بهتافنا الأثير: "مصر يا أم البلاد لسه فيكي اضطهاد في السياسة والاقتصاد عايزة ثورة يا بلادي"
ارتعب الأمن وأخذ يتوسل إلينا كي نعود إلى الحافلات، وبدوا كمن على وشك أن يحملونا حملاً حتى لا يحدث صدام في قرية الرئيس لتكون فضيحة عالمية..
في المساء قرأت همت مصطفى نشرة الأخبار في التلفزيون وعنوانها الرئيسي "طلاب مصر يسلمون الرئيس وثيقة تأييد ومبايعة مكتوبة بالدم".
#مصطفى_مجدي_الجمال (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ويبقى أنيس مورقًا فينا
-
كيف أحرجنا رجال السادات
-
أركيوبتركس
-
الأم جونز
-
كنت ضيفًا على المخابرات السودانية
-
عشر سنوات على خطاب أوباما الثقافي
-
كرهت أستاذي.. والسبب ناصر
-
رفيقي الملاكم اليساري
-
حوار خصب مع سمير أمين
-
حقارة أن تتهكم على شعبك ولا ترى عيبك
-
الكيماوي الأمريكي الحلال
-
آخر أوراق سمير أمين
-
أعراض ليبرالية
-
اليسار والتغيير الاجتماعي
-
حاورت خالد محيى الدين
-
من ليالي المشقة والفزع
-
خرافة الحديث غير الرسمي للمتحدث الرسمي
-
الشفاء من الليبرالية
-
حتى لو كانت صفقة أو تمثيلية
-
شذرات من حكايتي مع الأدب والفن
المزيد.....
-
الجيش اللبناني يعلن تسلمه 3 معسكرات تابعة لفصائل فلسطينية لب
...
-
منظر مذهل في تركيا.. تجمد جزئي لبحيرة في فان يخلق لوحة طبيعي
...
-
إندونيسيا تحيي الذكرى العشرين لكارثة تسونامي المأساوية التي
...
-
ألمانيا تكشف هوية منفذ هجوم سوق الميلاد في ماغديبورغ، وتتوعد
...
-
إصابات في إسرائيل بعد فشل اعتراض صاروخ حوثي
-
شولتس يتفقد مكان اعتداء الدهس في ماغديبورغ (فيديو+ صور)
-
السفارة السورية في الأردن تمنح السوريين تذكرة عودة مجانية إل
...
-
الدفاع المدني بغزة: القوات الإسرائيلية تعمد إلى قتل المدنيين
...
-
الجيش الروسي يدمر مدرعة عربية الصنع
-
-حماس- و-الجهاد- و-الشعبية- تبحث في القاهرة الحرب على غزة وت
...
المزيد.....
-
سيرة القيد والقلم
/ نبهان خريشة
-
سيرة الضوء... صفحات من حياة الشيخ خطاب صالح الضامن
/ خطاب عمران الضامن
-
على أطلال جيلنا - وأيام كانت معهم
/ سعيد العليمى
-
الجاسوسية بنكهة مغربية
/ جدو جبريل
-
رواية سيدي قنصل بابل
/ نبيل نوري لگزار موحان
-
الناس في صعيد مصر: ذكريات الطفولة
/ أيمن زهري
-
يوميات الحرب والحب والخوف
/ حسين علي الحمداني
-
ادمان السياسة - سيرة من القومية للماركسية للديمقراطية
/ جورج كتن
-
بصراحة.. لا غير..
/ وديع العبيدي
-
تروبادورالثورة الدائمة بشير السباعى - تشماويون وتروتسكيون
/ سعيد العليمى
المزيد.....
|