|
نشأة الجنسية واهميتها
نور طالب ناظم
الحوار المتمدن-العدد: 6771 - 2020 / 12 / 26 - 20:43
المحور:
دراسات وابحاث قانونية
تعتبر الجنسية من المسائل القانونية المهمة والضرورية سواء كان ذلك على صعيد القانون الداخلي او الدولي. وتعود اهمية الجنسية كونها اداة تساعد على ضمان الحقوق للفرد من خلال اضفاء الشكل القانوني عليه. لكن قبل ان نتناول موضوع الجنسية ينبغي ان نتكلم بعض الشيء عن مفهوم الدولة كونها الأسبق بالظهور . ان نشوء الدولة جاء كضرورة للجم التناقضات الاجتماعية بين الطبقات المتناحرة التي برزت داخل المجتمع بسب تطور الشروط المادية لحياة البشر بعد ظهور الزراعة. فاكتشاف الزراعة ساعد على استقرار البشر مما أدى إلى تطور وسائل الانتاج وظهور التقسيم الاجتماعي للعمل فانعكس ذلك على حياتهم الاجتماعية التي اخذت تتغير بتطور الصراع الطبقي التي تخوضه القوى المنتجة فنتج عن ذلك تغير التشكيلات الاجتماعية الذي على اثره تشكلت امبراطوريات وممالك وصولاً الى الدول الحديثة. ففي التشكيلات الاجتماعية السابقة سادت الروابط الدينية والقبلية بين الناس كنتيجة موضوعية لشكل الدول القديم الذي يرتكز على نمط انتاجي زراعي ترافقه بعض الحرف الصناعية . لكن بعد انتصار البرجوازية في أوربا أصبحت الصناعة الاسلوب الإنتاجي المسيطر بدل الزراعة فتاثرت بذلك العلاقات الحياتية بين الناس وبدأت بالتغير تطابقاً مع تغير البناء الاقتصادي للمجتمع. وكان لهذا التغير اثره الواضح على الكثير من المجتمعات، مثلاً يخبرنا المؤرخ الكبير اريك هوبزباوم "انه بعد ما كانت الكلمة التركية فطن/ وطن المستعملة في منتصف القرن التاسع عشر تعني مكان ولادة المرء او إقامته، أصبحت تحت تأثير الثورة الفرنسية تستخدم لمعنى اخر وهو الوطن /المواطن ونفس الحال بالنسبة لمصطلح الحرية فبعد ما كان يمثل تعبيراً قانونياً يقابله الرق والعبودية أصبح له مضمون سياسي ". كل ذلك وغيره ساعد على نشوء الدولة السياسية الحديثة كنتيجة لانتصار البرجوازية في اوربا التي شكلت الدولة المدنية الحديثة والذي على اثره تغيرت الكثير من القوانين وظهرت اخرى جديدة ، فقوانين حقوق الانسان وتطور القوانين الادارية كلها امثلة على ذلك. وكذلك شهدت القوانين المدنية تطوراً كبيراً . ونتيجة لهذا التغير الكبير في الحياة الاقتصادية والاجتماعية، ظهر مفهوم الجنسية كعامل يساعد على الاستقرار في النظام الاجتماعي الجديد من أجل احكام السيطرة القانونية . ولهذا اصبحت الدولة هي المسؤولة الوحيدة عن منح الجنسية للفرد ولا يمكن لأي جهة ان تتدخل لان ذلك يتعلق بسيادتها. ويرجع تاريخ ظهور المفهوم الحديث للجنسية إلى عام 1835م مع استقرار الدولة الحديثة كنتيجة لتغير العوامل الاقتصادية والاجتماعية كما شرحت آنفاً. أما في الخلافة العثمانية فيرجع ظهور مفهوم الجنسية إلى عام 1869م حيث اصدرت قانون الجنسية الذي جاء نتيجة للضغوط الأوربية . وبعد تفكك الخلافة العثمانية ونشوء الدولة العراقية الحديثة ظهر التشريع الأول الخاص بقانون الجنسية العراقية عام 1924م ثم توالت بعد ذلك التشريعات المكملة والمطورة الخاص بالجنسية. تعتبر الجنسية رابطة روحية و قانونية بين الفرد والدولة والتي تتمثل بالحقوق والالتزامات المتبادلة بينهما والتي من خلاله يستطيع الفرد ان يمارس حياته وعلاقته مع غيره داخل المجتمع .فالتعليم وحق العمل والوظيفة العامة والحماية وحق الانتخاب والترشح للمناصب السياسية وغيرها جميعها حقوق تمنحها الدولة للفرد اما فيما يخص الالتزامات فتتمثل من خلال خضوع الشخص لقانون الدولة والالتزام بالنظام العام والآداب العامة. يتضح من كل ما سبق الأهمية الكبيرة للجنسية في المجال الداخلي اما أهمية الجنسية في المجال الدولي فيكمن من خلال حق المواطن في العيش المستقر داخل بلده وتوفير الحماية له في الخارج . ولعل من أبرز الأمثلة على أهمية الجنسية ما نصت عليه الوثيقة العامة للأمم المتحدة الصادرة عام 1948م الخاصة بحقوق الانسان حيث نصت بأنه من حق الفرد التمتع بالجنسية، وجعلتها من الحقوق الأساسية كحق الحياة و الحق في الحرية و الحق في المساواة حيث في نص الماد 15 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي أكدت فيه الجمعية العامة للأمم المتحدة على حق كل فرد التمتع بجنسية ولا يجوز، تعسُّفًا، حرمان أي شخص من جنسيته. في الختام نستطيع ان نرى بوضوح كيف ان للجنسية دوراً مهماً في حياة الانسان سواء على الصعيد الداخلي او الدولي.
#نور_طالب_ناظم (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الجريمة في ضوء الرؤية المادية للتاريخ -2
-
الجريمة في ضوء الرؤية المادية للتاريخ -1-
-
تاثير النمط الانتاجي على القوانين
المزيد.....
-
هيومن رايتس ووتش تتهم ولي العهد السعودي باستخدام صندوق الاست
...
-
صربيا: اعتقال 11 شخصاً بعد انهيار سقف محطة للقطار خلف 15 قتي
...
-
الأونروا: النظام المدني في غزة دُمر.. ولا ملاذ آمن للسكان
-
-الأونروا- تنشر خارطة مفصلة للكارثة الإنسانية في قطاع غزة
-
ماذا قال منسق الأمم المتحدة للسلام في الشرق الأوسط قبل مغادر
...
-
الأمم المتحدة: 7 مخابز فقط من أصل 19 بقطاع غزة يمكنها إنتاج
...
-
مفوضية شؤون اللاجئين: 427 ألف نازح في الصومال بسبب الصراع وا
...
-
اكثر من 130 شهيدا بغارات استهدفت النازحين بغزة خلال الساعات
...
-
اعتقال رجل من فلوريدا بتهمة التخطيط لتفجير بورصة نيويورك
-
ايران ترفض القرار المسيّس الذي تبنته كندا حول حقوق الانسان ف
...
المزيد.....
-
التنمر: من المهم التوقف عن التنمر مبكرًا حتى لا يعاني كل من
...
/ هيثم الفقى
-
محاضرات في الترجمة القانونية
/ محمد عبد الكريم يوسف
-
قراءة في آليات إعادة الإدماج الاجتماعي للمحبوسين وفق الأنظمة
...
/ سعيد زيوش
-
قراءة في كتاب -الروبوتات: نظرة صارمة في ضوء العلوم القانونية
...
/ محمد أوبالاك
-
الغول الاقتصادي المسمى -GAFA- أو الشركات العاملة على دعامات
...
/ محمد أوبالاك
-
أثر الإتجاهات الفكرية في الحقوق السياسية و أصول نظام الحكم ف
...
/ نجم الدين فارس
-
قرار محكمة الانفال - وثيقة قانونيه و تاريخيه و سياسيه
/ القاضي محمد عريبي والمحامي بهزاد علي ادم
-
المعين القضائي في قضاء الأحداث العراقي
/ اكرم زاده الكوردي
-
المعين القضائي في قضاء الأحداث العراقي
/ أكرم زاده الكوردي
-
حكام الكفالة الجزائية دراسة مقارنة بين قانون الأصول المحاكما
...
/ اكرم زاده الكوردي
المزيد.....
|