أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - فاخر السلطان - الإكراه الديني يعادي الإيمان














المزيد.....

الإكراه الديني يعادي الإيمان


فاخر السلطان

الحوار المتمدن-العدد: 1615 - 2006 / 7 / 18 - 12:30
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


تُردد مدرسة الإسلام الفقهي أو ما يسمى بالإسلام التقليدي المحافظ، أن للفقه دورا رئيسيا في إرساء مفهوم الإيمان في المجتمع وفي تقوية العلاقة الروحية بين الإنسان وربه. لكن ذلك لم يحدث قط ولن يحدث أبدا.

فبالنظر إلى أن الإيمان يعتمد على اللاإكراه، أي على رضا الإنسان الكامل تجاه عمله وتجاه علاقته بالباري دون إجبار من جهة ما أو ضغوط من أخرى، فإن ذلك يتعارض مع الأسس التي يستند إليها الفقه في نهجه وفي عمله.

كما أن شكل الإيمان يتنوع بتنوع الشخصيات المؤمنة ويتغير بتغير الأزمنة. فهو ممارسة طقوسية ونوع من الفن الإنساني للوصول إلى حالة الارتباط القلبي، لذا هو عرضة للتنوع والتغير والتطور أيضا. فحينما يغوص الفرد في تأمل عظمة الله وعدله ويناجيه بشعور المحب، فإن تلك المناجاة لا يمكن لها أن تتشابه بين جميع البشر، وهو أمر لا يرضى به نهج الفقه.

وتعتبر الحرية مطلبا أساسيا في ممارسة الإيمان، لذلك لا يمكن للقانون المناهض لحرية الفكر والتعبير أن يتعايش مع الإيمان وأن يتدخل في تحديد شكل المناجاة، إذ سيؤدي ذلك إلى فتح المجال أمام الإكراه لبسط نفوذه، وسيجبر ذلك المناجي على استخدام صور طقوسية محددة غير متنوعة، ما يؤدي بالأمر إلى أن يكون أقرب إلى التلقي والإكراه منه إلى ممارسة الإيمان بحرية وباشتياق المحب إلى محبوبه.

وبما أن للفقه صفة حقوقية وقانونية وبالتالي جبرية وإكراهية لاستناده إلى مفهوم الحق المطلق مقابل الباطل المطلق، فإنه لن يساهم في بلوغ الإنسان مرحلة راقية ومتطورة ومتنوعة من شعور الإيمان، وسيعادي الحرية التي تعتبر أساس اللاإكراه في التديّن، لأنها – أي الحرية – تعرقل استبداد الفقه.

ففقه معين مرتبط بمذهب ما قد يشرح سبل ممارسة الإيمان ويوضحها لأتباعه، لكنه في نفس الوقت نفسه قد يساهم في عرقلة ممارسة الإيمان لعدد آخر من الناس ممن لا ينتمون إلى ذلك المذهب. والأمثلة على ذلك كثيرة في البلدان الإسلامية بطوائفها ومذاهبها وحتى في فئاتها الدينية الضيقة. فأنصار الصوفية من السنة أو الشيعة يتعرضون لمضايقات كثيرة من قبل المدارس الأصولية أثناء ممارستهم طقوسهم، بسبب أن الفقه السني أوالشيعي الأصولي لا يعترف بتعددية الممارسات الطقوسية، وفي معظم الأحيان يعتبر طقوس الصوفية بِدعا يجب وقفها عند حدها ومنعها ولو بالقوة أو بالإرهاب الفكري. هذا إذا ما استثنينا الممارسات السنية المماثلة ضد طقوس الشيعة والأخرى الشيعية ضد طقوس السنة والتي عادة ما يُشتَم منها رائحة الإرهاب الفكري أيضا. كذلك إذا ما استثنينا استبداد الفقه الإسلامي تجاه ممارسة غير المسلمين طقوسهم الإيمانية.

وفي هذا الإطار لابد من التأكيد على لزوم إعادة النظر في الخطاب الديني الإسلامي القائم على أساس التلقين والإكراه، والمستند إلى رفض التعددية الفكرية ومنع التنوع في التفسير وفي ممارسة الطقوس الإيمانية، وضرورة فتح المجال أمام نقد الذات لمعالجة ثقافة استبداد الآخر الديني، ووضع حد للتلقي الديني المعرفي والإيماني القائم على الإكراه، والدعوة إلى مجتمع ديني في ذاته قبل أن يكون في ظاهره.

والفقه، بوصفه يمثل قشر الدين وظاهره، لن يستطيع أداء وظيفته الدينية إلا إذا ساهم في المحافظة على ذات الدين بعدم تدخل رجاله في غير اختصاصاتهم، كتدخلهم في تحديد وسائل الارتباط الإيماني بين الإنسان وباريه، واعتبارها الوسائل المطلقة والوحيدة في هذا الإطار، ما يهدد شكل الحرية وصورة الإيمان في المجتمع ويخلق حالة من الإكراه والاستبداد الديني، ليس ضد مسلمين آخرين وإنما ضد عموم المؤمنين من الديانات السماوية وحتى غير السماوية.

فالإيمان من شأنه أن يكون إيمانا إذا سبقته الحرية، إذ من شأن أي مجتمع أن يوصف بالمتدين إذا ما استند إلى هذا النوع من الإيمان. فمن خطأ فتاوى الكراهية والاستبداد الصادرة عن المدرسة الفقهية التقليدية أنها تضيق على الإيمان وعلى الحرية الدينية بذريعة محاربة "البدع". فالأنبياء لم يرسلوا لإرعاب القلوب وطرد الإيمان منها، بل لحض الناس على التسليم لله وطاعته وتقوية علاقتهم به اعتمادا على الإيمان القلبي القائم على الحرية. فسلطان الأنبياء سيطر على الأرواح وليس على الأبدان، حيث انعكس نسيم الروح على الجسم ثم ساهم في تحريكه. فمجتمع الأنبياء كان مجتمعا إيمانيا وروحانيا وليس فقهيا وبدنيا وظاهريا. والأنبياء بدأوا رسالتهم بالإيمان واعتمدوا في ذلك على القلوب ثم عرجوا بعد ذلك إلى الفقه، بعكس الفقه الراهن وفقهائه الذين توجهوا للظاهر وللأبدان ولم يبالوا بما إن تغيّر القلب أم لم يتغير. وكان الأنبياء على قناعة بأن الجبر من شأنه أن يبني مجتمعا فقهيا ظاهريا، وأن أمر الإيمان ليس بالسهل واليسير ولا يمكن أن يتم من خلال الإكراه "أنلزمكموها وأنتم لها كارهون" (28 – هود).

إن الإيمان لا يتشكل إلا في ظل الحرية ولا ينبني إلا في إطار اللاإكراه، وبتعبير آخر يتشكل في ظل الحب ولا يمكن أن يتشكل في ظل الجبر، إذ لا يمكن أن نجبر فردا على أن يحب فردا آخر ولا يمكن للحب أن يسكن القلوب بالإكراه، فكيف سيصبح الوضع إذا ارتبط الحب بالله؟!.



#فاخر_السلطان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- استبداد المدرسة الفقهية
- اخوان الكويت.. ومعركة رئاسة البرلمان
- خسارة السيد المعمم
- جدل الانتحار في غوانتانامو
- إهداء إلى المحزونين على الذباح
- نضال الكويتية
- الفهم الديني.. ومسوغات التكفير والإلغاء
- الإنسان.. محور غائب في الفهم الديني
- لماذا ترفض واشنطن رسالة نجاد؟
- اختلاف الفهم الديني.. وتهم البدعة والزندقة
- الفهم الديني غير المقدس.. ضرورة اجتماعية
- تصريحات مبارك.. في أي اتجاه تصب؟
- في حوار واشنطن مع الإسلاميين
- أفغانستان تتغير
- بين تعريف الحقيقة الدينية والتحقيق فيها
- هل الحقيقة الدينية واضحة؟
- هل تكفي النصوص المقدسة لمعالجة مشاكل دولة الولاية؟ 3 – 3
- تحرير حقوق المرأة من أسر الخطاب الديني
- هل يمكن إصلاح سلطة مرتبطة بالسماء؟ 2-3
- مجالات الإصلاح في دولة ولاية الفقيه 1-3


المزيد.....




- طلع الزين من الحمام… استقبل الآن تردد طيور الجنة اغاني أطفال ...
- آموس هوكشتاين.. قبعة أميركية تُخفي قلنسوة يهودية
- دراسة: السلوك المتقلب للمدير يقوض الروح المعنوية لدى موظفيه ...
- في ظل تزايد التوتر المذهبي والديني ..هجوم يودي بحياة 14 شخصا ...
- المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه ...
- عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
- مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال ...
- الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي ...
- ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات ...
- الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي


المزيد.....

- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - فاخر السلطان - الإكراه الديني يعادي الإيمان