لأول وهلة يبدو هذا السؤال ساذجاً أوغريبا على كل من يقرأ العنوان، وقد تتبادر للذهن فوراً أسئلة كثيرةً وفي الوقت نفسه تكون على شكل أجوبة مناقضة له
ـــ كيف يمكن ان تكون هذه المعادلة ما بين الحاكم السابق والمحكوم المطارد الآن ؟.. كيف المقارنة مع من كان يمتلك السلطة والجاه والسلطان والقوة المفرطة والمنفلته بشكل وحشي، ومن أصبح طريداً فاراً يخاف من خياله؟ كيف تكون الرحمة وكانت بيد صدام وزمرته يستعملها متى يشاء ويحجبها متى يريد، وهو يستجديها الآن من الذين طردوه من عرشه القائم على آلاف الجماجم لا بل يطاردوه لألقاء القبض عليه ؟
كان في السابق كل ما يتمناه ويريده يحققه بإشارة من رمشة عينيه ،وكذلك أقطابه الطغاة ، حتى التفكير كان يريده وفق مواصفات وضعت للناس من قِبله، وأصبح الموت أو بالمعنى الواضح القتل والإعدام والتصفيات بأي طريقة مناطة به يعدم من يشاء ويعفي عن من يشاء، .. كيف يمكن مقارنة فقدان النعمة وطاعة الناس والتمتع إلى أقصى الحدود بالملذات بدون تحفظ أو مانع، لا من قوانين تحددهم لأنهم وضعوها وفق مصالحهم، ولا من قوة معينة تمنعهم لأنهم فرضوا القوة المطلقة ضد الآخرين.. وهذه القصور، والأموال والأراضي، والبساتين والحقول .. لا بل الناس كانت مرهونة بإشارة من أصبع القائد الضرورة والحزب القائد والمخابرات والعشيرة والعائلة.. وقد لا يصدق الكثير أن مجلس ما يسمى بقيادة الثورة منح ضفتي دجلة والفرات لأم الشبلين!! عدي وقصي ساجدة الزوجة الأولى لصدام الهاربة المتخفية هي وبناتها بعد ذلك العز والجاه والحياة الباذخة ابنة خير الله طلفاح المعروف بعنصريته وكراهيته واستيلائه على ممتلكات وأموال الناس بالقوة وبدون أن يرف ضميره.. وقد نشر حينها هذا المرسوم في الوقائع العراقية..
كيف تكون رحمة من هذا الإحتلال وقد سلبوهم كل شيء، اصبحوا مشردين مختفين يلوذون بالذين كانوا يلوذون بهم.. يرتعدون كالجرذان، يخافون حتى الهمس لكي لا يعرف الناس مكانهم مثلما فعلوا مع الشعب الذي كان يتوجس من ظلاله.. لماذا لا نقول عليه أنه نقمة لهم ولعوائلهم المترفة سابقاً؟
نقول جواباً ، لماذا نقمة وطارق عزيز في مأمن وربما سيمنح اللجوء السياسي بحجة أنه كان عميلهم ولماذا لا وهو عديل الجاسوس المعروف منير روفا الذي هرب بطائرته إلى إسرائيل، وكيف سيجري التعامل مع أولئك الذين ساعدوا على انشاء برامج اسلحة الدمار الشامل وغيرهم..؟ أليس هم بمأمن من يد الشعب؟
أقول لكم بصراحة لو أن التغيير كان بيد الشعب، ماذا كان سيحصل لهؤلاء؟ كيف كانوا سيعاملون .. المفجوعون بزوجاتهم وبأخواتهم وأولادهم واخوانهم واقربائهم.. عوائل واقرباء الأكراد الذين فقدوا في الأنفال وحلبجة وغيرها .. المفجوعات بأزواجهن وأولادهن وآبائهن واخوتهن ، ماذا سيفعلون لو أطلق العنان لهم وقبضوا على هؤلاء الطغاة المجرمين؟ على الرغم من أننا ضد القتل بهذه الطريقة لأننا نريدهم أحياء لنعرف الحقائق منهم لكي يدوّنها التاريخ ولا تبقى طي الكتمان، ولكي نثبت هذه الحقيقة فلنقارن بما فعلته الجماهير مع أصنام وجداريات الحاكم المطلق. ولا أزيد فالجميع شاهَد على أرض الواقع ( النعل والتمثال.. )
والآن هل عرفتم كيف هي الرحمة بالنسبة لأقطاب النظام أليسوا محظوظين حتى في ذلهم الجديد وهم يسلمون أنفسهم إلى قوات الإحتلال بدلاً من يقبض عليهم الشعب ؟
ستغيب الحقائق
نحن نعتقد أن إعتقالهم أو تسليم أنفسهم لقوات الإحتلال وبدون وجود عراقيين أثناء ذلك سوف تغيب حقائق كثيرة عنا كما أننا لن نعرف جميع الحقائق وربما سنطلع على النزر القليل منها.
وتسليم البعض من أقطاب النظام الدكتاتوري أنفسهم وانقاذ رؤوسهم من الشعب أو من المحاكمات العلنية والتستر على أعمالهم الإجرامية هي الرحمة التي هبطت من السماء عليهم وستكون الرحمة أيضاً على الآخرين الذين سينجون من قبضة الجماهير وعقابها الذي لا يرحم.. وها هم يلوذون بالذين كانوا يعتبرونهم الإمبريالية والإستعمار وأعداء الأمة والشعب العراقي والمجرمين العلوج والجرذان والجبناء والأنذال وغيرها من سقط الكلام حيث توعدوهم بالقتل والتدمير وأنهم سيهربون حاملين قتلاهم وسوف ينتصرون بجرة قلم وزلة لسان..
هاهم أقطاب النظام الدكتاتوري اللإنساني من الطغاة وجبابرة القتل الساديين أصحاب دموع التماسيح على ضحاياهم لا يركنون إلى الذين وزعوا عليهم 8 ملاين قطعة سلاح ليدافعوا عنهم بل إلى الأعداء ليحتموا بهم من أجل شهقة هواء ذليلة، الذل عندهم أكبر المقدسات التي كانوا يتمشدقون بها ويفرضونها على الآخرين..
فهل يجب أن نسكت عنهم ولا نطالب بهم ليكونوا أمام العدالة العراقية الحقيقية والقانون العراقي الوطني ؟ هل نتركهم راضين بخروجهم من النعيم الذي صنعوه لأنفسم بينما وضعوا أكثرية الشعب في الجحيم، من يعرف ماذا سيجري خلف الكواليس فالمصالح هي التي ستكون العصى السحرية في وضع الحلول التي تخدمها وتخدم توجهاتها الآنية والمستقبلية.
ان أكبر جريمة تقترفها المعارضة العراقية التي تدعي " بالوطنية " بتغاضيها عن هذه القضية المهمة والحساسة، وأن تترك هؤلاء القتلة المجرمين بيد الولايات المتحدة الأمريكية لتحقق معهم بدون معرفة نتائج التحقيق وأسراره ، ان السكوت عن هذا الأمر هو خيانة وطنية وخيانة للشعب العراقي.. فمن حق الناس معرفة مصير عشرات الآلاف من مفقوديهم وسجنائهم، من حق الشعب معرفة أين ذهبت أموالهم.. من حق الناس أن تعرف الحقائق !!!!!!!!!!!!
ولكن لمن ننادي، وأية معارضة نطالبها أن تحقق هذا الطموح للأكثرية ، بينما هي تتغاضى وتتسابق مع معارضات أخرى لتستحوذ على أكبر نصيب من الغنيمة ، وها نحن نرى البعض منها يلهث خلف القرار الأمريكي والسياسة الأمريكية .. نحن لا نريد من هذه المعارضة رفع السلاح الآن لمقاتلة الأمريكين أو غيرهم، نريد أن تكون كلمتنا مسموعة لحين الوصول إلى الحكومة الإنتقالية التي تمثل أكثرية الشعب وليس أقلية حزبية أو دينية حزبية أو قومية حزبية فالشعب العراقي هو أكبر وأوسع من اي طائفة وأي حزب كان، مثل هذه الحكومة ستحقق الأمان والسلام للجميع ، ولكي تسن دستوراً دائماً يطرح للجماهير لمناقشته وابداء الرأي فيه.. نريد أن نأخذ الحرية والديمقراطية ولا نستجْديها من أحد أو تمنح كمنّة لنا، وبعد ذلك لكل حادثة حديث.. علينا أن ندرك لا يمكن أن يمنح لنا الآخرين حقوقنا إذا لم نطالب بها، نكافح من أجلها، نقول على الأقل كلمتنا الموحدة، عند ذلك سوف نحصل على مانريد.
ولكن نعود ونتساءل، كيف نفسر أن هذه المعارضة لا تستطيع أن تفرض رأيها وإرادتها الوطنية العراقية الخالصة بالإجتماع بكافة فصائلها وبدون وصاية من أحد لكي تقرر نوعية الحكومة الإنتقالية ، عندئذ ستجد كيف سيكون الشعب خلفها يدعمها ويشد أزرها ولن يتخلى عنها مثلما تخلى عن النظام الدكتاتوري وأقطابه.. وعسى أن تكون هذه عبرة للآخرين فلا السلاح ولا الإرهاب ولا الحزب ولا جميع الأجهزة الأمنية أن تنقذ اي نظام مكروه ومعزول من الشعب..
كيف نستطيع أن نعرف أن هذه المعارضة التي تجتمع تحت الراية الأمريكية والحاكم الأمريكي أن تكون مستقلة القرار وتستطيع أن تقول كلمتها وتطالب بحقوق الشعب..
أقطاب النظام الدكتاتوري هم الآن مقدرين محترمين في ظل الإحتلال مثلما كانوا في زمنهم السافل.. سيأخذون منهم مايريدون ويعطونا الفِتات، سيخفون الحقائق وقضايا رهيبة من الممكن أن تجر فيه اقطاب ليس محلية فحسب وإنما عربية ودولية، سيخفون الصفقات والسرقات والرشاوي وشراء الضمائر.. ومصير آلاف السجناء والمفقودين..
ومن يدري كيف سيخرجون المسرحية لهم في المستقبل ليعرضونها على الناس وهم أصحاب القرار.. وإذا سلم صدام وولديه أنفسهم هل سنعرف منهم ماذا حدث وكيف كانت الأمور .. لننتظر ونرى هل سيتحقق حلم ملايين العراقين وهم يرون الطغاة يقدمون إلى المحاكمات العلنية ! ليكونوا عبرة لغيرهم أم ستبقى الكثير من الأمور تحت الغطاء بحجج مختلفة لكنها تراعي المصالح للذي له مصلحة بعدم كشف كل الحقيقة.