|
ألإنهيار المالي في العراق ... ألمقدمات وألأسباب
عبد علي عوض
الحوار المتمدن-العدد: 6767 - 2020 / 12 / 21 - 10:16
المحور:
الادارة و الاقتصاد
تعالتْ أصوات الجميع من طبقة الفقراء والمعدمين من جانب ومن الفاسدين سارقي المال العام المهيمنين على السلطة ألذين يحاولون خلط ألأوراق ورفضهم للأزمة ألخانقة ألتي حلّتْ بالعراق كوسيلة لتبرئة أنفسهم مما حلَّ بالعراق من كوارث إقتصادية وإجتماعية وعلمية وثقافية كنتيجة للنظام السياسي القائم على المحاصصة الطائفية وألإثنية المقيتة ألتي جلبَتْ الخراب والدمار للعراق. إنّ الكثير من المعنيين بألِشأن السياسي عامةً وألإقتصاديين خاصةً يناقشون ألنتائج ولا يعودون إلى الوراء لمعرفة الأسباب إلتي أنتجَتْ الوضع الكارثي المالي خصوصاً وألإقتصادي عموماً بألعراق/ هنا لا أعني أن ألواقع العراقي في فترة حكم ألطاغية صدام كان أفضل حال، إذ يتذكر ألجميع بسبب الحصار ألإقتصادي لمدة ثلاثة عشر عاماً نتيجة الحروب الرعناء ألتي خاضها ألدكتاتور وعسكرته للإقتصاد العراقي لرفد آلته الحربية على حساب تجويع الشعب العراقي بحيث صاروا يرتدون ألأسمال البالية والرواتب تكفي لشراء طبقة بيض!/. عندما جاء بول برايمر إلى العراق وأصبح حاكماً مطلقاً، صارت قراراته كقوانين جالباً معه الوصفة ألأمريكية الجاهزة لإدارة ألعراق سياسياً وإقتصادياً ومالياً ألتي جلبَت الدمار، وهي كألتالي: 1 – إلغاء مجلس ألخدمة العامة، وهذا القرار إرتاحَت له أحزاب ألسلطة، ونتيجةً لذلك صار كل حزب يأتي بأعضائه ومؤيديه وتعيينهم يكون حسب الصفة ألوظيفية وليس حسب الشهادة ألدراسية، وتهافتَ الجميع للحصول على وظيفة في قطاع الدولة بحيث وصل عدد العاملين في ذلك القطاع إلى أربعة ملايين موظف، في حين كان تعدادهم 800 ألف موظف قبل عام 2003 / وحتى هذا العدد كثير جداً لما يحتاجه فعلاً هذا القطاع/. 2 – قرار برايمر بإلغاء أحد أهم أجهزة البنك المركزي[ جهاز رقابة التحويلات الخارجية] ألذي إرتاحت لصدوره أحزاب ألفساد. 3 – إعطاء ألتراخيص لتأسيس المصارف ألأهلية ألتي إنتشرَت كألنار في الهشيم، ويعلم برايمر بأنّ غالبية تلك المصارف مجرد مكاتب صرافة، ولا يوجد مصرف رأسماله ألتأسيسي 2 مليون دولار في جميع أنحاء العالم، وتعدى عدد المصارف في العراق ألـ 60 مصرفاً. ولم يقم البنك المركزي بألتدقيق بمصادر رؤوس أموال ألبنوك الخاصة( من أين لك هذا)، حتى في الدول الرأسمالية المتقدمة لا يوجد هكذا عدد هائل من البنوك!. 4 – جاء برايمر بوصفته ألجاهزة ألأمريكية [ اللبرالية الجديدة ولبررة ألإقتصاد العراقي] ألتي تعني التمهيد لظهور حفنة للسيطرة على مفاصل ألإقتصاد الوطني ، وألتي ترتبط بعلاقة عضوية مع أحزاب السلطة الفاسدة. 5 – إصدار العملة الجديدة( الدينار) بقيمة إسمية 1100 دينار مقابل دولار واحد... وهنا نطرح السؤال التالي: لماذا لم يقم برايمر بإعادة قيمة الدينار السابقة: دينار واحد = 3,31 دولار لاسيما وأن العراق يمتلك إحتياطياً ستراتيجياً غير مباشر- الموارد الطبيعية وقطاعات الصناعة والزراعة وتوفر البُنى التحتية للخدمات والثروة البشرية العلمية!.. والقوة الشرائية للعملة هي ألتي تحدد ندرتها وبألتالي يزداد الطلب عليها. 6 – تأسيس بورصة ألأوراق المالية ألتي أضرّت بألإقتصاد العراقي المنهار أصلاً وفتْح نافذة بيع العملات ألتي صارت الوسيلة الشرعية لتهريب الدولار إلى ألخارج. عندما إعتلى رئيس الوزراء ألأسبق المالكي سدة الحكم، صادرَ إستقلالية البنك المركزي من خلال تعيينه رؤساء أقسام البنك من أعضاء حزبه ألذين لا يمتون بصلة للسياستين النقدية والمالية بل صار الفساد قانونياً وخاصةً حينما أصبح رئيس ديوان الرقابة ألقانونية تركي عبد الباسط محافظاً للبنك المركزي بألوكالة، مع العلم أنّ البنك المركزي كإحدى الهيئات المستقلة له قانونه الخاص وهو مسؤول أمام ألسلطة ألتشريعية فقط. وفي ظل ألظروف ألمالية ألحرجة ألتي يمر بها العراق، محافظ البنك المركزي الحالي حاصل على شهادة ألبكلوريوس بألقانون !!! يعني لا بألعير ولا بألنفير ولا يمتلك ألإلمام الكافي بوظائف البنك المركزي، وهذا الذي يجري هو من إفرازات المحاصصة. أمّا بألنسبة لوزير المالية الحالي – علي علاوي، فإنه خبير مالي ومتخصص بالمالية ألتي هي جزء بسيط من عالم ألإقتصاد الواسع، لذلك لا يمتلك رؤية ثاقبة تنبؤية مستقبلية لجعل ألإقتصاد مزدهراً إنتاجياً وليس ريعياً...لا بَل جاء بقوالب المدرسة ألإقتصادية اللبرالية البريطانية لتطبيقها في العراق، ولذلك خضعَ لشروط ألبنك ألدولي بجعل قيمة الدولار الواحد تساوي 1450 دينار ألتي أثرّت مباشرةً على القدرة الشرائية لطبقة الفقراء والمعدَمين... في مثل هكذا حالة، أجنَح إلى المقارنة بينها وبين مثيلاتها في بعض ألدول وتحديداً في روسيا، فحينما تدهور الوضع ألإقتصادي والمالي لدرجة هبوط ألإحتياطي ألنقدي ألستراتيجي لدى البنك المركزي الروسي إلى 600 مليون دولار بسبب الفساد المستشري وكنتيجة تطبيق ألسياسة ألإقتصادية التدميرية لرئيس الوزراء ألصهيوني حينذاك خريج ألمدرسة أللبرالية ألأمريكية – غايدار... بعد ذلك ألإنهيار، لجأ الرئيس الروسي – بوريس يلتسن إلى ألإستعانة بألخبير ألإقتصادي – يفغيني بريماكوف، وأسندَ له رئاسة الوزراء... إنتهجَ بريماكوف سياسة إقتصادية صارمة تقوم على إعادة هيكلة جهاز الرقابة المالية الأتحادي وتفعيل القانون الضريبي وإحكام السيطرة على المنافذ ألحدودية لإستحصال التعرفة ألكَمركَية وتفعيل قانون ( من أين لك هذا) وفرض الرقابة والتدقيق على شركات تصدير الطاقة – النفط والغاز.. بتلك ألإجراءات أخذ ألإقتصاد الروسي ينتعش تدريجياً... لكن بعد ولاحقاً جاء ممثلو البنك وصندوق النقد الدوليين إلى روسيا لفرض شروطهما: رفع أسعار المشتقات النفطية حسب السعر ألعالمي، رفع الدعم عن المنح الطلابية وإلغاء مجانية ألتعليم، وخصصة القطاع الصحي المجاني ... فلم يخضع بريماكوف لتلك الشروط، وقال لأعضاء الوفد بأن هدف سياسته هو تحقيق ألرفاهية ألإجتماعية من خلال ألإمتيازات والمساعدات المالية والعينية لجميع أفراد المجتمع وخاصةً من ذوي ألدخل المحدود. وأخيراً، كان ولا يزال يدور الحديث عن ألإقتصاد العراقي ومشاكله، لكن لا توجد وزارة للإقتصاد، حيث أنّ وظائف تلك الوزارة تقاسمتها ثلاث وزارات: التخطيط والمالية وألتجارة!.
#عبد_علي_عوض (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ألإقتصاد ألعولمي ... ألخُطط لمساراته الجيوسياسية ألجديدة
-
خَمس عشرة إتفاقية مع مِصر ...هل تصُب في مصلحة ألعراق!؟
-
فضائح البنوك العالمية بغسيل ألأموال ... لماذا ألآن !
-
ألإصلاح ألإقتصادي في ظل دولة إستشراء الفساد
-
أوبك ... بين ديمومة ألبقاء والإنهيار
-
ألإقتصاد ألإجرامي ... ألجوهر وألخبايا
-
ألمؤتمر ألإفتراضي لمجموعة ألدول ألعشرين
-
ألإستغلال ألإيجابي لأزمات أسعار ألنفط
-
ألمبدأ ألإقتصادي: ألعلاج بألصدمة وألعراق ... نتائج سياسية وإ
...
-
قَص الذراع ألإقتصادي للدولة ألعميقة.. من ثِمار ثورة الشباب ا
...
-
لكي لا تخفت وقدة ثورة ألشباب السلمية، ... لتُنجِز أهدافها
-
الرئيس ألبوليفي - إيفو موراليس- مثال الوطنية ... أين حُكّام
...
-
حروب الطاقة... تكثيف الصراع للتأثير في ألمناطق النفطية
-
أوكسِن موبيل ... هي أحد أذرع إخطبوط الهيمنة ألأمريكية على ال
...
-
تأثير كازينوهات ألقمار على ألإقتصاد وألمجتمع
-
ألسياسة ألنفطية ... أصبحتْ أحد مؤشرات ألإنتماء الوطني
-
ديمومة السلطة مرهونة بألهيمنة على مفاصل ألإقتصاد ألوطني
-
ملف طباعة ألكُتب ألمدرسية خارج ألعراق ...وما يكتنفه من فساد!
-
محاولة إيران لجَر العراق إلى ألفخ ألإقتصادي
-
ألدولار ... ألمسيرة وألهيمنة
المزيد.....
-
زيادة جديدة.. سعر الذهب منتصف تعاملات اليوم الخميس
-
-الدوما- يقر ميزانية روسيا للعام 2025 .. تعرف على حجمها وتوج
...
-
إسرائيل تعلن عن زيادة غير مسبوقة في تصدير الغاز إلى مصر
-
عقارات بعشرات ملايين الدولارات يمتلكها نيمار لاعب الهلال الس
...
-
الذهب يواصل الصعود على وقع الحرب الروسية الأوكرانية.. والدول
...
-
نيويورك تايمز: ثمة شخص واحد يحتاجه ترامب في إدارته
-
بعد فوز ترامب.. الاهتمام بـ-التأشيرات الذهبية- بين المواطنين
...
-
الأخضر اتجنن.. سعر الدولار اليوم الخميس 11-11-2024 في البنوك
...
-
عملة -البيتكوين- تبلغ ذروة جديدة
-
الذهب يواصل رحلة الصعود وسط التوترات الجيوسياسية
المزيد.....
-
الاقتصاد المصري في نصف قرن.. منذ ثورة يوليو حتى نهاية الألفي
...
/ مجدى عبد الهادى
-
الاقتصاد الإفريقي في سياق التنافس الدولي.. الواقع والآفاق
/ مجدى عبد الهادى
-
الإشكالات التكوينية في برامج صندوق النقد المصرية.. قراءة اقت
...
/ مجدى عبد الهادى
-
ثمن الاستبداد.. في الاقتصاد السياسي لانهيار الجنيه المصري
/ مجدى عبد الهادى
-
تنمية الوعى الاقتصادى لطلاب مدارس التعليم الثانوى الفنى بمصر
...
/ محمد امين حسن عثمان
-
إشكالات الضريبة العقارية في مصر.. بين حاجات التمويل والتنمية
...
/ مجدى عبد الهادى
-
التنمية العربية الممنوعة_علي القادري، ترجمة مجدي عبد الهادي
/ مجدى عبد الهادى
-
نظرية القيمة في عصر الرأسمالية الاحتكارية_سمير أمين، ترجمة م
...
/ مجدى عبد الهادى
-
دور ادارة الموارد البشرية في تعزيز اسس المواطنة التنظيمية في
...
/ سمية سعيد صديق جبارة
-
الطبقات الهيكلية للتضخم في اقتصاد ريعي تابع.. إيران أنموذجًا
/ مجدى عبد الهادى
المزيد.....
|