|
لعبة الدينار العراقي في العراق الديمقراطي
محمد حيدر قاسم
الحوار المتمدن-العدد: 6766 - 2020 / 12 / 20 - 21:28
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
د.محمد حيدر قاسم كان العراقيون قبل 2003 يعانون من نظام حكم دكتاتوري ووجود مجموعة معينة في قمة هرم السلطة لهم الحريات المطلقة لعمل كل شئ ولا داعي لتذكرة العراقيون بهم وبتلك الحقبة الزمنية لأنهم أصبحوا الآن في ذمة التأريخ وأصبح زمانهم من الماضي الأليم. الفترة الزمنية اللتي مرت بها العراق بعد 2003 وامتلاك العراق لموارد مالية عالية جداً كانت تكفي لبناء عدة دول حديثة ومتطورة وليست لبناء دولة واحدة فقط ولكن للأسف الشديد برز إلى الوجود مجاميع لم يسمع بهم أحد قبل 2003 لكل منهم أجندته الخاصة ويخدم كل منهم مصالح دولة معينة ، استلموا الجمل بما حمل بإسم الديمقراطية وحولوا العراق الى سوق كبير لدول الجوار وساحة مفتوحة لتصفيات الحسابات بين الدول المختلفة وساحة شاسعة للصراعات الدموية الدولية. في بادئ الامر دخلوا هولاء العراق على ظهور الدبابات الامريكية وركع معظمهم أمام الحاكم الامريكي وقدموا ولائهم له واتصلوا بعد ذلك بأصدقائهم خارج العراق ليهرعوا وبسرعة وقدموا ولائهم أيضا للسيد الامريكي ليرمي لهم جزء باق من الغنيمة العراقية . معظم هؤلاء هربوا من العراق لأسباب غير سياسية بل كانت لأسباب إقتصادية بحته أو الهروب من الخدمة العسكرية، وكان بينهم مجموعة من أعوان للنظام السابق أرسله بعنوان لاجئين ليتجسسوا على المعارضين . معظمهم كانوا يعيشون على المساعدات الاجتماعية والمساعدات المادية والسكنية من البلديات ، بعظهم حصلوا على رواتب تقاعديه بسبب إدعائهم بأمراض نفسية وغيرها من الامراض اللذي لا يصح لي من ذكر أسمها. عرفنا بعض منهم وكنا نخشى أن نتكلم أمامهم بسوء على نظام بغداد وكان لبعضهم إتصالات مباشرة بالسفارات العراقية ويزور زوجاتهم العراق بإنتظام ويدافعون بصورة علنية وبدون خوف عن النظام . كنا نخشاهم ونتجنب اللقاء بهم خشية أن يقدمون تقارير عنا للسفارة العراقية ويتعرض أهالينا لعقاب من السلطات العراقية . أصبح هؤلاء بعد نيسان 2003 وبلمح البصر وطنيون ومعارضون شرسون للنظام السابق ، هرعوا وبسرعة ودخلوا العراق لتقديم رضائهم لسيد العراق الجديد وكنا نندهش عندما نرى بعضهم في وسائل الإعلام ولهم ألقاب مختلفة كالدكتور والمحلل الاستراتيجي ومستشار أحد الرئاسات وأصبحوا الآن جاثمين على رقاب العراقين وبعناوين مختلفه كبرلمانيين ووزراء ومدراء عامين وووو .لا نستطيع أن نستوعب كيف لإنسان بسيط متوسط الثقافة ولا يجيد أية لغة أجنبيه بالرغم من معيشته في أورپا لعشرات السنين وكان يخالطنا ويعيش بينا ولم يذكر لنا من قريب أو بعيد بأنه يحمل مؤهلات دراسية عاليه وتراه الآن في تلفزيون العراق وتحت إسمه ألقاب يدل على حمل صاحبة لشهادات علمية عاليه كالدكتور والمهندس والحقوقي ؟ هولاء استغلوا مصطلح سمعوا به في اوربا وهو الديمقراطية وللعلم معظمهم لا يعرف معناه ولم يمارسوها بل سمعوا به فقط لأنهم وحتى عند وجودهم في اوربا لم يتعلموا وحتى لغة البلد وعادات المجتمع وكانوا عاطلون عن العمل أو متقاعدون ولهم تجمعاتهم الخاصة في المساجد والحسينيات والنوادي العراقية وحتى تسوقهم كانت عند المحلات الخاصة ببيع المنتجات الشرقية ويبادلون الزيارات مع بعظهم البعض فقط ، لم يكن لهم أختلاط مطلقاً بالمجتمع الأوربي وحتى ماكان لهم أختلاط بالعراقيين أصحاب الكفاءات واللذين اندمجوا في سوق العمل الأوربي . أتذكر عندما كنت لاجئاً حديثاً في اوربا ودخلت في مدرسة اللغه وألتقى أحدهم بي في المدرسة وإستهزأ بي قائلاً مالفرق بينا نحن الآن ومافائدة شهاداتك العلمية الآن فانت لاجئ وأنا لاجئ لنا نفس الامتيازات ؟ لعلمكم هو الآن يحمل درجة مهنية عالية جداً في الجيش العراقي ويمشي ومعه عدة حمايات ويمتلك عمارات سكنية ولايزال زوجته وأطفاله في اوربا. معظم أصحاب الكفاءات الحقيقية من العراقيين مجدون ولهم طموحات في مجال تخصصهم تعلموا لغة البلد وحصلوا على وظائف تناسب مؤهلاتهم وأصبح لمعظم امتيازات أبن البلد وتعلموا الشئ الكثير من إيجابيات المجتمع الجديد وحافظ معظمهم في الوقت نفسه على التقاليد الجيدة لمجتمعنا العراقي . للأسف الشديد وصل عام 2003 أحدهم مبكراً للعراق وقدم ولاءه للحاكم الامريكي فاستطاع أن يتبوأ أعلى المناصب ، كان متقاعد كمريض نفسي في أحدى الدول الاوربيه وكان يدير بصورة قانونية مع مجموعة من أمثاله هيئة لتنظيم رحلات للحج. وهناك مجموعة أخرى منهما ولحد الآن متهمون بالتهرب الضريبي في السويد والدنمارك وعليهم ملاحقات قانونية عن طريق الشرطة الدولية بالرغم من إحتلالهم لمواقع مهمة ضمن الطبقة الحاكمة في العراق. وأما اللذين كانوا في سوريا وايران فكانت لهم معيشة مزرية وبعضهم كان يبيع الخواتم والسبح في دمشق وطهران ليكسب قوة عائلته وقد إعترف أحدهم في إحدى المقابلات التلفزيونيه بمدى فقره ومعاناته قبل 2003. بقدرة واحد أحد أصبح هؤلاء جميعاً قيادات في عراق اليوم ولهم من الاموال المنقولة والغير المنقولة ربما أكثر من كنز قارون وأما أبناءهم وعوائلهم فيعيشون ببذخ ونعيم كرفاهية الامراء والأميرات في قصص ألف ليلة وليله. هؤلاء سيطروا وبإسم الدين على جميع السلطات فقاموا بسن قوانين خاصة لهم وقرروا لأنفسهم رواتب وامتيازات خيالية وأما المواطن العراقي أصبح لعبة بأيديهم وخير دليل على ذلك إنخفاض سعر الدينار مقابل الدولار وهذا الانخفاض هو سرقة علنيه لأكثر من 20٪ من رواتب الموظفين علانية وأمام الجميع وبوضوح النهار. لان بزيادة سعر الدولار يعني زيادة أسعار كل شئ في الاسواق. للأسف بفضل هؤلاء الحكام أصبح العراق دولة مستهلكة ، يستورد كل شئ من خارج الحدود والدولار هو سيد التعاملات لأن الدينار العراقي عملة متذبذبة لا يعترف بها في المعاملات التجارية خارج حدود العراق وربما من الآن وصاعداً يفقد الدينار العراقي قيمته في التعاملات التجارية الداخليه أيضا . وكما رأينا قررت الحكومة الديمقراطيه وفجأة وبين ليلة وضحاها بخفض أكثر من عشرين بالمئة من قيمة الدينار ... معنى هذا الانخفاض خسارة جسيمة لمعظم اللذين لهم مدخرات من الدينار العراقي . عندما تريد الدول من خفض قيمة عملته لأسباب خاصة يقومون بدراسات خاصة حول النتائج السلبية والإيجابية لهذا الانخفاض وعادة يكون الانخفاض تدريجياً وبنسبة طفيفة كحد أقصى 1-2٪ لكل مرحلة ولكن ليس كما حصل في العراق إنخفاض مفاجئ كالصاروخ بنسبة أكثر من عشرين بالمئة وبدون سابق إنذار .العراقيون تظاهروا لتغير حكومة عبد المهدي وليس لتخفيض سعر الدينار ... ياترى كم عدد السياسين أو أعوانهم أصبحوا مليارديرات جديدة من جراء هذا الانخفاض وكم من اصحاب الاموال الشرفاء يعلون إفلاسهم وأما المواطن العراقي سيظطر إلى التقشف الاجباري بنسبة أكثر من 20٪ لإشباع أطماع سياسيون بهذه النسبة وليس للمواطن قول أخر سوى " حسبي الله ونعم الوكيل " لأن صناديق الاقتراع لم يجلب لهم سوى نفس المجاميع السياسية الفاسدة وأما التظاهرات فقط جلبت لهم الفقر بدل الغنى وهبوط قيمة الدينار العراقي .
د.محمد حيدر قاسم طبيب متخصص وإستشاري إستوكهولم / السويد
#محمد_حيدر_قاسم (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
إستغاثة في وسط الزحام وحديث من القلب للدكتور عادل عبدالمهدي
-
مرحباً بترشيح الدكتور كمال قيتولي لرئاسة جمهورية العراق
-
زيارتي للمريضة اليهوديه
-
حكايات من الماضي القريب - موعد مع صرخة الزمن
-
الطب اللطيف والرعاية الملطفة
-
دراسة قانونية للدكتور سربست توفيق أغا لتأسيس آلدولة آلكردية
-
هل الحب مجرد نتيجة لإفرازات كيميائية فقط
-
الديمقراطية وتطبيقها في عراق اليوم
-
حديث من القلب لاخي وابن عمي الفنان حسين مايخان قاسم
-
آلمشاكل آلصحية عند آلمسنيين
-
إرقدي بسلام ياحبيبتي
-
حكايات من آلماضي آلقريب - خانقين وآلتهجير آلقسري
-
ماذا تعني آلسعادة لك
-
حكاية من آلماضي آلقريب -آلحكاية آلأولى
-
هل يستطيع آلإنسان من إطالة عمره
-
من يعطي للمهجرين حقوقهم في آلعراق آلحديث
-
شهادة الجنسيه والعراق الحديث
-
ألعنف وأسبابه في عراق أليوم
المزيد.....
-
الجمهوريون يحذرون.. جلسات استماع مات غيتز قد تكون أسوأ من -ج
...
-
روسيا تطلق أول صاروخ باليستي عابر للقارات على أوكرانيا منذ ب
...
-
للمرة السابعة في عام.. ثوران بركان في شبه جزيرة ريكيانيس بآي
...
-
ميقاتي: مصرّون رغم الظروف على إحياء ذكرى الاستقلال
-
الدفاع الروسية تعلن القضاء على 150 عسكريا أوكرانيا في كورسك
...
-
السيسي يوجه رسالة من مقر القيادة الاستراتجية للجيش
-
موسكو تعلن انتهاء موسم الملاحة النهرية لهذا العام
-
هنغاريا تنشر نظام دفاع جوي على الحدود مع أوكرانيا بعد قرار ب
...
-
سوريا .. علماء الآثار يكتشفون أقدم أبجدية في مقبرة قديمة (صو
...
-
إسرائيل.. إصدار لائحة اتهام ضد المتحدث باسم مكتب نتنياهو بتس
...
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|