|
من المآثر النضالية للحزب الشيوعي العراقي .. انتفاضة الحي المسلحة الباسلة عام/ 1956
فلاح أمين الرهيمي
الحوار المتمدن-العدد: 6760 - 2020 / 12 / 13 - 11:31
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
في شهر حزيران/ 1955 انتخب الشهيد البطل (سلام عادل) سكرتيراً عاماً للحزب الشيوعي العراقي .. وكان الشهيد سلام عادل يحمل روح نضالية ثورية ويعتبر امتداداً لنضال الرفيق فهد في هذا المجال النضالي حيث يعتبر التعلم للشيوعيين وزجهم في غمرة النضال الجماهيري حسب قاعدة التنظيم اللينيني النضالي حيث ساهم بعد مرور عام على تأسيسه في انتفاضات عام/ 1935 الفلاحية في الفراتين الأوسط والأسفل ولم يمر يوم من دون تضحيات حيث اعتقل البعض من أعضاء الحزب الشيوعي وحكم عليهم بالسجن وكان الرفيق فهد يردد مقولة (لو كان معي مائة مناضل لفضلت زجهم في العمل الثوري (مظاهرات واضرابات) حتى لو أدى ذلك الأمر إلى اعتقالهم أكثرهم) ومن خلال هذا الكلام سبباً من الأسباب التي ساعدت على تكوين حزب شيوعي جماهيري في فترة تاريخية وجيزة جداً وفي عهد الرفيق فهد اتجه الحزب الشيوعي إلى الجيش العراقي حيث انتمى إليه أعداد كبيرة من الجنود والضباط .. وكانت هذه العملية قد طبقها وسار عليها الشهيد البطل سلام عادل الذي شجع على إعادة التنظيم العسكري وكان أكثر الضباط الأحرار هم من الشيوعيين وقد أصدر جريدة تنطق باسمهم (حرية الوطن) .. وقد ظهر التشابه النضالي الثوري بين الرفيق فهد والشهيد البطل سلام عادل من مسؤولية تنظيم البصرة إلى الرفيق سلام عادل أشعل جذوة النضال الجماهيري من اضرابات ومظاهرات بين عمال النفط والموانئ وغيرها .. وكانت انتفاضة الحي المسلحة الباسلة بتوجيه وعمل الرفيق الشهيد البطل سلام عادل الذي يحمل روح ثورية نضالية وكان أبرز مثل لإنجاز قيادة الشهيد البطل سلام عادل استعداد الجماهير لتطوير أساليب كفاحها في تلك الانتفاضة هو العصيان المسلح في مدينة الحي الباسلة، وكان ذلك عندما بدأ العدوان الغادر عام/ 1956 الذي شنه الاستعماريون على الشقيقة مصر وأخذت تتضح أكثر فأكثر أهداف حكومة نوري السعيد وحلفه العدواني، فنهض شعبنا العراقي ببسالة ضد العدوان والخيانة حيث هبت جماهير مدينة الحي الباسلة تشارك شعبنا مظاهراته وإضراباته، غير أن الحكومة العميلة ومعها الإقطاعيون من (آل الياسين) الذين كانوا يتحينون الفرص لضرب المدينة والانتقام منها حيث عمدت الحكومة على خطف بعض الوطنيين واعتقال البعض الآخر في مدينة الحي ... وفي ليلة 17/12/1956 جيء إلى المدينة تحت جنح الظلام بقوات إضافية من الشرطة حسب الخطة المرسومة من قبل حكومة نوري السعيد والإقطاعيين من (آل الياسين) في الهجوم على مدينة الحي وتصفية والقضاء على الروح الوطنية الوثابة للوطنيين فيها، وفي الساعة الواحدة بعد منتصف ليلة 17/12/1956 بدأت الشرطة استفزازاتها وتحرشاتها فراحت تنتهك حرمات البيوت وتعتقل وتعتدي على النساء والرجال بمختلف الإهانات والشتائم وهاجمت إحدى الدور التي يسكنها شيوعي بارز في المدينة مستعملة الرشاشات لفتح باب الدار، فاستيقظ سكان المحلة فهالهم هذا الاستهتار فهجموا على الشرطة التي لاذت بالفرار من المنطقة وفي صباح يوم 17/12 أعلنت مدينة الحي الإضراب العام حتى العاشرة من صباح ذلك اليوم مشاركة منها لإضراب البلاد العربية الاحتجاجي على محاكمة القادة الوطنيين في العراق من قبل حكومة نوري السعيد .. ومنذ فجر ذلك اليوم احتلت الشرطة سوق المدينة عندما علمت بالإضراب وشرعت ترغم أصحاب الحوانيت على فتح حوانيتهم إلا أنها أخفقت مما دفعها حقدها وإخفاقها إلى القيام بحملة جنونية من الاعتقالات بعد الانتهاء من الإضراب مما دفع أصحاب الحوانيت إلى إعلان الإضراب من جديد احتجاجاً على فضاضة الشرطة وإرهابها واعتقالاتها. وهجمت الشرطة على أحد الشيوعيين وأطلقت عليه الرصاص لاعتقاله فاضطر إلى الدفاع عن نفسه وساندته الجماهير وراحت تقاوم الشرطة المهاجمة وبعد صراع دامي لأكثر من 15 دقيقة لاذت الشرطة بالفرار بعد أن سقط أحد الجرحى فانطلقت الجماهير في مظاهرة صاخبة دامت إلى ما بعد الساعة الثامنة مساءاً وحاولت الشرطة تفريقها بالرصاص لكن المتظاهرين أرغموها على الفرار .. وفي الليل بقيت المدينة يقظة حتى الصباح ونظمت فرق حراسة وفي صباح اليوم التالي وجد الناس أن قوات كبيرة من الشرطة تطوق المدينة ومعها ستة مدافع ورشاشات وكميات كبيرة من العتاد والسيارات المسلحة وسيارات الإسعاف كما أقامت الشرطة المتاريس والاستحكامات. وفي الساعة التاسعة والنصف صباحاً أرسل المتصرف (المحافظ) مدير شرطة اللواء في طلب عدد من وجهاء المدينة للمفاوضات معهم، وفي نحو العاشرة والربع عاد الوفد يحمل إنذار الحكومة (بوجوب تسليم (40 شخصاً) في موعد أقصاه الساعة الحادية عشر قبل الظهر وعدم التعرض للشرطة التي سوف تدخل إلى السوق وترابط فيه وتعتقل من تريد وإلا فإن المتصرف سيضرب المدينة بالمدافع والرشاشات الثقيلة) .. لم يعين المتصرف من هم الأربعون شخصاً واكتفى بالقول (أن المدينة تعرفهم) ويقصد بهم قادة النضال الوطني من الشيوعيين والديمقراطيين. كان مطلب أهالي المدينة في إضرابها الجديد بسيطاً وعادلاً (إطلاق سراح المواطنين المعتقلين الذين تضامنوا في الإضراب مع مائة مليون عربي من أجل نصرة الشقيقة مصر .. وإيقاف تصرفات الشرطة عن إرهابها واستهتارها بحياة المواطنين من أبناء مدينة الحي .. وبالفعل عند ضحى ذلك اليوم وعندما كان الوفد في مقابلة مع المتصرف جاء من يبلغ أهالي المدينة بأن المعتقلين سيطلق سراحهم .. فسرى الاستبشار بين جماهير مدينة الحي .. وعندما أطلق سراح أربعة من المعتقلين بدأت المحلات بفتح أبوابها. لقد كانت هذه العملية خدعة لئيمة من الحكومة الغرض منها تخدير يقظة الجماهير وتظاهر الحكومة بسلامة الطوية ولتغطية نيتها المبيته العدوانية .. إذ استمرت الشرطة المدججة بالسلاح والتي دخلت إلى المدينة ليلاً الذي يبلغ عددها (1500 شرطي) مع ضباطها كانت قد طوقت المدينة وسيطرت على منافذها وعزلتها عما حولها وعن القطر عزلاً تاماً ومنعت الدخول إليها والخروج منها واحتلت أبنية اسالة الماء والكهرباء ... تجلى للجماهير بوضوح تام أن الحكومة السعيدية تصر على تقتيلها واستباحتها لحرمات وإذلال أهلها .. ولكن أبناء مدينة الحي وبناتها لم يكونوا من الصخر أو الطين أو الوحل ليسهل لها أن تدوسهم بأقدامها النجسة .. فاندفعت الجماهير العزل إلا من إيمانها وشرفها تتهيأ بحماسة وتصميم للدفاع عن نفسها وتستعد لدفع مهر كفاحها المعادل ضد حكومة نوري السعيد والإقطاعيين من آل الياسين ومن أجل الوطن وحريته وكرامة العروبة وانتصارها .. وقالت الجماهير قولتها الشهيرة (سنجعل من مدينة الحي بور سعيد الثانية. وفي الساعة الواحدة بعد الظهر زحفت قوات الشرطة من كل جانب لاحتلال المدينة وهي تطلق سيلاً من النيران من رشاشاتها كما انطلقت ثمانية قذائف من المدافع نحو المدينة فجوبهت القوات الغازية بمقاومة باسلة أرغمتها على التراجع وعاودت الشرطة هجماتها الضارية ولكن المقاومين البواسل كانوا يردون موجاتها الواحدة اثر الأخرى .. وطول النهار والليل كانت المعارك تزداد شراسة واستعملت الشرطة في تلك الليلة القنابل المضيئة لتكشف مراكز المقاومة واستطاعت الشرطة بعد ذلك أن تحتل الدور حتى استطاعت احاطت مناطق المقاومة وراحت تصليها نيراناً حامية. وخلال الصراع كانت الجماهير المناضلة تقاوم بعزيمة تضيئها بهجة الإيمان بعدالة قضيتها. وقد ضرب العديد من النساء والرجال والأطفال أروع آيات الفداء والبطولة .. ففي أحد المناطق للمقاومة مثلاً لم يبق إلا امرأة تقاوم وأبت الاستسلام للشرطة المحاصرة لدارها ومضت تناضل بالطابوق وهي تهتف (عاش الشعب .. عاش الوطن) وأخيراً أصابتها صلية رشاش فصرعت في بركة من دمائها .. وسحب الوحوش السعيديون البطلة الجريحة إلى موقف الشرطة حتى لفظت أنفاسها .. وقبيل الفجر وجد المقاومون أنفسهم تحت سيل من النيران المباشرة وكان واضحاً لديهم عدم امكانية الاستمرار بالمقاومة بعد أن أوشك عتادهم القليل على النفاذ .. وهكذا انتهت المقاومة البطولية المجيدة .. انطلق الوحوش في المدينة يهاجمون البيوت ويعتقلون كل من يصادفونه حتى بلغ عدد المعتقلين أكثر من (1000 مواطن) ويعبثون في البيوت وينهبون الحلي الذهبية والأموال ويعتقلون الناس المتواجدين في تلك البيوت ورابطوا في الشوارع والسوق وفتشت دور المدينة بدون استثناء وأكثر من مرة وحفروا أرضها وهدمت جدرانها وسقوفها للبحث عن الأسلحة المزعومة واستعملت آلات خاصة للبحث عن مخازن الأسلحة والقنابل ولكنهم لم يعثروا على شيء واعتقلت النساء وحتى الأطفال وعذبوا بوحشية ودخلت الشرطة على دار الشهيد (حميد فرحان حنون) وكان مصاباً بجراح قاتلة فضربه معاون الشرطة وداس على رأسه حتى لفظ أنفاسه الأخيرة .. وهكذا استباحوا مدينة الحي معيدين للأذهان الذكريات البغيضة البشعة لجرائم المحتلين الأتراك والانكليز في العراق ... وقد عرف من الشهداء الذين سقطوا بهذه المجزرة (حميد فرحان حنون وكاظم عبد الصائغ والسيدة زكية زوجة راضي شويلية وأجهضت حوالي (سبعين امرأة) وراح المجلس العرفي العسكري يصدر أحكاماً انتقامية فحكم على ستة عشر مواطناً بالأشغال الشاقة لمدة (15 سنة) لكل واحد منهم وحكم على ستة مواطنين لمدة عشرة سنوات كما حكم على البطلين الجماهيريين علي الشيخ حمود وعطا الدباس بالإعدام شنقاً حتى الموت).
#فلاح_أمين_الرهيمي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
اتعظ بالماضي لتكون أكثر خبرة في المستقبل
-
يا سيدي (الكاظمي) اعذر فمي ---- لكي يقول فيك قولاً صريحاً
-
الاختلاف بين الإنسان المصلح والإنسان الصالح
-
مقارنة الإنسان سلوك وعمل بين الخير والشر
-
ارتفاع سعر الدولار وتأثيره على مستوى المعيشة للشعب العراقي
-
ثورة الجوع والغضب تراوح بين النجاح والفشل
-
العراق بين الأمس واليوم ..!!؟؟
-
لا يستبعد وجود مؤامرة وطرف ثالث في أحداث الحبوبي
-
الفجوات التي يتسرب ويدخل من خلالها الإرهاب
-
كل عمل يدعو إلى الوعي والتنمية والتقدم فهو نافع ومفيد
-
الدولة والشعب في العراق
-
للتاريخ عيون يشاهد بها وآذان يسمع بها
-
قانون (جرائم المعلوماتية) يتناقض مع الإصلاح
-
الإنسان العراقي وقانون جرائم المعلوماتية
-
ثورة الجوع والغضب التشرينية وأهدافها ومصيرها
-
النقد الهادف والبناء وقانون جرائم المعلوماتية
-
أهمية الثقافة والوعي الفكري في تنمية وتطور الشعب
-
إلى أبطال ثورة الجوع والغضب التشرينية .. كلا لتعدد الأحزاب .
...
-
قانون كبت الحريات وإشاعة الممنوعات
-
المحاصصة الطائفية + الفساد الإداري + انفلات السلاح = تدمير ا
...
المزيد.....
-
هل يعارض ماسك الدستور بسبب حملة ميزانية الحكومة التي يقودها
...
-
-بينها قاعدة تبعد 150 كلم وأخرى تستهدف للمرة الأولى-..-حزب
...
-
حافلة تسقط من ارتفاع 12 مترا في حادث مروع ومميت في فلاديفو
...
-
بوتين يتوعد.. سنضرب داعمي أوكرانيا بالسلاح
-
الكشف عن التاكسي الطائر الكهربائي في معرض أبوظبي للطيران
-
مسيرات روسية اختبارية تدمر مركبات مدرعة أوكرانية في اتجاه كو
...
-
مات غيتز يتخلى عن ترشحه لمنصب وزير العدل في إدارة ترامب المق
...
-
أوكامبو: على العرب الضغط على واشنطن لعدم تعطيل عمل الجنائية
...
-
حاكم تكساس يوجه وكالات الولاية لسحب الاستثمارات من الصين
-
تونس.. عبير موسي تواجه تهما تصل عقوبتها للإعدام
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|