سعود سالم
كاتب وفنان تشكيلي
(Saoud Salem)
الحوار المتمدن-العدد: 6759 - 2020 / 12 / 12 - 15:39
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
شوبنهاور، الفيلسوف الكئيب، كان يعتقد أن قاعدة الإختيار الإنساني في الحياة لا تتعدى إختيارين " حيوان سعيد أو إله معذب " ولا مخرج للإنسان من هذا الفخ وليس له إمكانية تجاوز هذين الإحتمالين، وهو موقف متطرف يحصر الإنسان بين حدي المعادلة المستحيلة ويرفض الديالكتيك، الذي يفترض أن الإنسان يقف في منتصف الطريق بين الحيوان والإله. أما هايدغر، فبدوره أراد الخروج من عالم "الإنسان-الحيوان" أو الإنسان الطبيعي والملتصق بالتفاهات اليومية والإهتمامات التي ترسخه في عالم "الإنحطاط" والذي يسميه باللاأصالة inauthentique، للخروج من هذا العالم المزيف إلى الوجود الحقيقي الأصلي للإنسان، هناك إحتمالين كما هو الحال عند شوبنهاور. الإحتمال الأول هو إدراك الموت والوعي بإلتصاقه بالحياة، أي أن الإنسان يستطيع الهروب من الإنحطاطية لو أستطاع تنمية وتطوير عضو داخلي ينبئه ويذكره في كل لحظة عن موعد جنازته. أما الإحتمال الآخر فيقع في مملكة الشعر والفن والأدب، حيث الخيال الخلاق هو البديل لعالم التفاهات اليومية. ويبدو الأمر كما لو أن هايدغر قلب معادلة شوبنهاور، حيث أصبح الإختيار بين " حيوان معذب يترقب الموت وبين إله سعيد يعيش في السحاب". أما سارتر، فإنه فجر المعادلة أساسا ونفي فكرة الإحتمالات المتعددة، الإنسان حرية وملزم أن يكون حرا ليس له الخيار سوى بين الحرية والحرية، أي يستطيع أن يكون حيوانا أو إلها أوجنيا أو شيطانا، ولكنه يكون دائما حرا، وحريته تسمح له أن يكون حتى عبدا مكبلا بالأغلال. وهذا سيضع الإنسان في معادلة جديدة هي " الإنسان في العالم " فهو لا يوجد في فراغ سديمي بل يعيش في وسط مليء بالعوائق والمطبات والفخاخ من كل نوع، وعليه أن يشق طريقه وسط هذه الأهوال ويبني مشروعه خطوة خطوة. فالواقع الإنساني "وجود حر" بمقدار ما عليه أن يكون "عدما" لكينونته وتجاوزا لها بواسطة "الفعل". فـ"الفعل" يعني تغيير العالم، وذلك يستدعي "إمتلاك" الوسائل في سبيل تحقيق غاية مقصودة وواعية وهي المشروع الوجودي للكائن البشري.
#سعود_سالم (هاشتاغ)
Saoud_Salem#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟