|
البداية من القمة ( 9 )
آدم الحسن
الحوار المتمدن-العدد: 6759 - 2020 / 12 / 12 - 13:27
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية كانت اوربا بشطريها الغربي و الشرقي مدمرة بشكل شبه كامل و مدن كثيرة في الاتحاد السوفيتي السابق كانت عبارة عن انقاض و هياكل ابنية محترقة و كذلك كان حال اليابان التي كان نصيبها قنبلتين نوويتين امريكيتين اما الصين الجديدة فلم تكن موجودة و لم يكن في الساحة الاقتصادية العالمية في تلك الحقبة الزمنية سوى الولايات المتحدة الأمريكية صاحبة اقوى اقتصاد في العالم لذلك كان الدولار الأمريكي مهيمن بشكل مطلق دون منافس في سوق النقد العالمي .
لكن مع تعافي اليابان اقتصاديا و بدعم مباشر من الولايات المتحدة الأمريكية بدأ الين الياباني في الظهور في السوق العالمي .
و من خلال المشروع الأمريكي المسمى بمشروع مارشال لإنهاض اوربا الغربية كي تقف و تصمد امام المد الشيوعي القادم من الاتحاد السوفيتي السابق تسارعت وتائر النمو و اعادة الأعمار في بلدان اوربا الغربية و خصوصا في المانيا حيث انتهى المطاف بمعظم الدول الأوربية في نهايات القرن العشرين لتكون ضمن كتلة اقتصادية كبيرة اسمها الاتحاد الأوربي و عملتها الرئيسية اليورو .
و بذلك اصبح في سوق النقد العالمية اربع عملات اساسية هي الدولار و اليورو و الين و الباون الإسترليني مع احتفاظ الدولار الأمريكي بهيمنته على سوق النقد العالمية .
اما الصين الصاعدة و بعد انطلاق مسيرة الإصلاح للوصول للقمة فقد اعتمدت نهج ربط عملتها الوطنية اليوان الصيني بالدولار الأمريكي . و لذلك اصبح اليوان الصيني و بقرار من قادة الحزب الشيوعي الصيني عملة مقيدة بقيمة الدولار الأمريكي و مرتبطة به .
رغم المطالبات المتكررة للإدارات الأمريكية المتعاقبة للصين بتحرير سعر صرف عملتها الوطنية الا أن الصين ترفض بشكل قاطع ذلك لأنها تعرف نتائج ذلك التحرير ألا و هو ارتفاع قيمة اليوان الصيني بشكل كبير ليس امام الدولار الأمريكية فقط و انما امام باقي العملات الأساسية المتداولة في سوق النقد العالمي و ما سينتج عنه من تراجع في صادرات الصين بشكل كبير ايضا .
و حسب الكثير من المؤشرات فأن ابقاء سعر صرف متدني لليوان الصيني و بقرار مركزي من قادة الحزب الشيوعي الصيني كان واحد من اهم العوامل التي ساعدت الصين في زيادة سرعة صعودها للقمة التي خططوا للوصول اليها لكي تبدأ الصين منها ... !!
لكن هذا الأمر حمل معه مشكلات للاقتصاد الصيني لا يمكن حلها و هي أن الزيادة في احتياطيات الصين من العملات الأجنبية كانت و لازالت في تزايد مستمر حيث وجد البنك المركزي الصيني نفسه ملزما في شراء مئات المليارات من الدولارات سنويا و مثلها من الين الياباني و اليورو و غيرها من العملات الأجنبية وضخ بدلا عنها في سوق النقد العملة الصينية الوطنية ( اليوان ) لغرض الحفاظ على سعر ثابت لليوان الصيني امام الدولار الأمريكي و اي توقف للبنك المركزي الصيني في شراء العملات الأجنبية كالدولار و غيره سيؤدي الى ارتفاع كبير جدا في سعر صرف اليوان الصيني امام جميع العملات الأخرى في سوق النقد العالمي .
لقد عمدت الصين الى ايجاد طرق متعددة لمعالجة الفائض المتزايد في احتياطاتها من النقد الأجنبي منها شراء سندات لدعم الخزينة الأمريكية حيث اشترت الصين اكثر من 1200 مليار دولار من هذه السندات و شراء اسهم تعود لشركات أمريكية و يابانية و اوربية و غيرها و كذلك عملت الصين على توسيع استثماراتها في الخارج و غيرها من الخطوات الا ان ذلك كله كان عبارة عن حل جزء من المشكلة حلا مؤقتا ما دام تدفق العملات الأجنبة للداخل الصيني مستمر و ما دامت مؤشرات ميزان التبادل التجاري للصين مع دول العالم مختل و يميل بقوة لصالح الصين .
لابد و أن تجد الحكومة الصينية نفسها مضطرة للتقليل من شراء المزيد من النقد الأجنبي و هذا سيؤدي بالتأكيد الى ارتفاع قيمة عملتها الوطنية اليوان بشكل تدريجي و الذي سينتج عنه تراجع صادراتها بشكل تدريجي و مستمر ايضا لحين عودة ميزان اجمالي التبادل التجاري بين الصين و باقي الدول الى حالة التعادل عندها ستعمد الصين الى تحرير عملتها الوطنية بشكل كامل و اخضاعها لقانون العرض و الطلب دون تدخل كبير من قبل البنك المركزي الصيني . و مع تراجع صادرات الصين سيتجه فائض الإنتاج في الصين نحو الاستهلاك الداخلي من خلال زيادة القدرة الشرائية للمواطن الصيني و قيام الحكومة الصينية في زيادة الأنفاق الحكومي على الصحة و التعليم و تحسين ظروف سكن و عمل و معيشة الصينيين . و أن جزء من الزيادة في الأنفاق الحكومي سيتجه بالتأكيد لزيادة القدرة العسكرية للصين و لتطوير بحوثها العلمية و التكنولوجية و هذا سيعزز ثبات الصين في القمة .
و السؤال الأهم هو ماذا سيحصل للدولار الأمريكي بعد تعويم اليوان الصيني و فك ارتباطه بهذا الدولار الأخضر الذي قد لا يبقى اخضر ... ؟
قد يتفق الكثير من المتابعين للشأن الصيني أن اليوان الصيني سيدخل ضمن سلة العملات الأساسية في سوق النقد العالي و سوف لن يزاحم الدولار الأمريكي في الهيمنة على النظام النقدي العالمي السائد حاليا لأن هذا النظام النقدي سوف لن يكون سائدا بل سيشهد العالم انهيارا لهذا النظام النقدي و ظهور نظام نقدي عالمي جديد بدلا عنه يتوافق مع العولمة الجديدة التي تدعو لها الصين , هذه العولمة التي ليس فيها امكانية لسرقة ثروات الشعوب من خلال اصدار كمية من الدولار كيفما يشاء و بالقدر الذي يشاء الكونغرس الأمريكي اذ أن الأمر لا يتعدى كونه رقم في الميزانية الاتحادية الأمريكية لسد العجز في ميزان المدفوعات الفدرالية و ما سينتج عنه من زيادة في الدين العام الأمريكي ... و كذلك تفعل اليابان و بريطانيا و كتلة اليورو ... !!
شعوب العالم بحاجة الى نظام نقدي حديد ينهي النهب المنظم لثرواتهم و اللص الأكبر هو الرأس المال المالي :
(( يتبع ))
#آدم_الحسن (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
البداية من القمة ( 8 )
-
البداية من القمة ( 7 )
-
البداية من القمة ( 6 )
-
البداية من القمة ( 5 )
-
البداية من القمة ( 4 )
-
البداية من القمة ( 3 )
-
البداية من القمة ( 2 )
-
البداية من القمة ( 1 )
-
شتائم ظالمة و غير منصفة بحق الشعب العراقي .... !!
-
اغنية للأمل
-
التحالف المدني الديمقراطي و الخارطة السياسية للعراق بعد الان
...
-
العلمانية و الدولة المدنية نقيضان لا يتعايشان .... !!
-
ما بين مقتل القذافي و اعتقال صدام خوف همجي .... !!
-
تحية للمعتصمين في ول ستريت ... !!
-
هل فات موعد قطار الحل السلمي للأزمة السورية .... !!
-
ماذا يلوح في افق الأزمة السورية ... !!
-
سوريا وطن يشيده البعث بجماجم و دماء ابناء سوريا ... !!
-
الطريق الى قندهار يبدأ بخطوة واحدة .... !! (2 )
-
الطريق الى قندهار يبدأ بخطوة واحدة .... !! (1)
-
هل المحاصصة مشكلة ام هي الحل .... ؟؟ ( 4 )
المزيد.....
-
رجل وزوجته يهاجمان شرطية داخل مدرسة ويطرحانها أرضًا أمام ابن
...
-
وزير الخارجية المصري يؤكد لنظيره الإيراني أهمية دعم اللبناني
...
-
الكويت.. سحب الجنسية من أكثر من 1600 شخص
-
وزير خارجية هنغاريا: راضون عن إمدادات الطاقة الروسية ولن نتخ
...
-
-بينها قاعدة تبعد 150 كلم وتستهدف للمرة الأولى-..-حزب الله-
...
-
كتاب طبول الحرب: -المغرب جار مزعج والجزائر تهدد إسبانيا والغ
...
-
فيروز: -جارة القمر- تحتفل بذكرى ميلادها التسعين
-
نظرة خلف الجدران ـ أدوات منزلية لا يتخلى عنها الألمان
-
طائرة مساعدات روسية رابعة إلى بيروت
-
أطفال غزة.. موت وتشرد وحرمان من الحقوق
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|