رزان الحسيني
كاتبة ادبية وشعرية، ومترجمة.
الحوار المتمدن-العدد: 6759 - 2020 / 12 / 12 - 12:53
المحور:
حقوق الانسان
فرصة حقيقية لتعافي الجنس البشري
في فيلم Perfect sense، يحدث وباء غريب يؤدي بفقدان الحواس بشكل كامل وتدريجي، فيفقد الناس حاسة الذوق بدايةً ثم حاسة الشم ثم السمع -وتخيل كيف يتأقلم البشريّ مع هذا الفقدان الموجع- إلى ان يفقدوا حاسة البصر وهي آخر وأهم مرحلة نتوصل بها الى ما تقوله بها البطلة:
-ولكن فوق كل شيء، يجب أن تكون هناك رغبةً جامحة لأن نكون مع بعضنا.. لتقديم الدفء، التفاهم، التقبّل، المسامحة، لتقديم الحب.. الآن حلّ الظلام، لكننا نعلم ما نريد أن نعلمه، نعلم بدموع الآخرين على خديّهم، نشعر بوجودهم بقربنا، عيون مغلقة وإحساس مثالي بلا مبالاة بالعالم الخارجي، لأنه يجب ان تكون الحياة هكذا، ببساطة.
يحتفل العالم كل عام بالعاشر من ديسمبر كيوماً عالميّاً لحقوق الإنسان، منذ الحرب العالمية الثانية والخراب التي تركته، الى يومنا هذا. وتختار المنظمة العالمية لحقوق الانسان كل عام موضوع مُعين للتوعية به في هذا اليوم، وكان موضوع اليوم هو "كورونا".
في فترة الوباء، يُصاب العالم بالهلع والرعب ويظن أنها نهاية العالم، ورغم أن المنظمة العالمية حذرت بارتفاع نسبة الفقر في المنطقة العربية الى ربع السكان وانهيار الاقتصاد العربي بسبب انخفاض سعر النفط، إلا إننا ما زلنا هنا!
ظن الجميع أن المُنقذ لا بد أن يكون ماديّاً، كمامة، كحول، قفازات، تباعد إجتماعي، ولكن ما أبقانا جميعنا احياء واقوياء هو ترابطنا الإنسانيّ رغم المتر الذي حافظنا عليه كمسافة بين بعضنا البعض، إلا ان أيدينا الروحيّة تماسكت ودعمت بعضها البعض، الأطباء والجيش الابيض، المحلات والمولات، الباصات والتكاسي، وكل ما يُمكن ان يجمع البشر سويّة لنفس الحاجات، قدموا العون لبعضهم وتعاطفوا وصلّوا وبكوا وربّتوا على ظهور بعضهم، هل كنّا سنترابط هكذا في الحجر الصحي لولا كورونا؟ هل كنا سنكتشف انسانيتنا واهميتنا تجاه بعضنا البعض لولا الوباء؟
عليّنا ان نعيش كل يوم كما لو نعيش بوباء -حتى بعد انتهاء كورونا- لنشعر بأننا نتعافى من التباعد الاجتماعي الحقيقي الذي صنعهُ الانترنت، لنتعافى من الكراهية والتعصب والسلبية التي صنعها الانغماس بالذات والانطواء، فلنكن معاً دوماً، فلنساعد بعضنا ونتغلب على الظواهر الاجتماعية القاسية حتى على الوباء، فلنكن يداً واحدة لكي نثبت للعالم أن اليد الواحدة لا بد أن تصفّق يوماً..
10 ديسمبر
#رزان_الحسيني (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟