|
العلمانية المنفتحة - خيارا بشريا جديدا لدى المجتمعات العربية الاسلامية
وليد المسعودي
الحوار المتمدن-العدد: 1614 - 2006 / 7 / 17 - 11:18
المحور:
ملف - 1 تموز 2006 - العلاقة المتبادلة بين العلمانية والدولة والدين والمجتمع
هنالك علاقة وثيقة بين العلمانية من حيث المفهوم الفلسفي القائم على اعتبار جميع المدركات والمصادر المعرفية التي تحيط وعي الانسان هي نتاج عوامل متعددة مرتبطة بالظروف الاجتماعية والثقافية والسياسية لدى المجتمعات البشرية وبين فكرة الزمان المتغير بشكل مستمر ونحو غايات وصور مختلفة عن سابقتها المؤسسة على تدارك العالم البشري ضمن محيطات معينة من القيم والمعارف تحاول ان تنتج التواصل مع الجديد والغريب عن قابلية الذهن البشري ، فالعلمانية تتيح الامكانية في توفر الفضاءات المتعددة من الحقيقية والمعرفة ومن ثم هي غير شمولية او مؤدلجة ضمن خيار المؤسسة الواحدة ، وقد وجدت هذه العلمانية كفكرة اولى لدى المجتمعات القديمة التي حاولت ان تزعزع سيطرة الديني على السياسي وذلك لان الاخير دائما ما يفرض قيما ومعارف نهائية تحد من قدرة الانسان على التفكير المستقل ، فقد وجدت في اليونان قابليات متعددة للحرية واسباغ الزمان البشري صفة النسبي والمتغير لدى الكثير من الفلاسفة وهنا نذكر السوفسطائيون الذين كانوا يعدون الانسان مقياس الحقيقة ولاننسى مقولة سقراط " اعرف نفسك " التي تدل على المعرفة البشرية وامكانية التغيير من خلال البشر انفسهم ، وهكذا تظهر العلمانية كفكرة مرتبطة بالزمان البشري وما يحيطه من تقلبات ساسية وثقافية معاشة ، ولكن قد يساءل البعض هل ان فكرة العلمانية دائما ما تقود الى ولادة الافكار الجديدة الحرة المختلفة عن الماضي ؟ وهنا نقول ان الافكار غالبا ما تحيطها الانظمة السياسية والثقافية لدى المجتمعات ومن ثم قد يوجد هناك ماهو محدد ومقيد لوعي الانسان ، افرادا ومجتمعات وقد يوجد العكس من ذلك اي قدرة النظام الاجتماعي- السياسي على تقبل الافكار الجديدة ولايوجد هنالك حساب لاية هرطقة تخص الجانب الايديولوجي والثقافي للقوى المنتصرة ، فقد وجدت في الازمنة الغابرة مجتمعات استطاعت ان تنتج التعددية الفكرية والثقافية متمثلا في اليونان القديمة ويسثنى منها الزمن الخاص بسقراط وما قبله لان الديمقراطية كانت ضمن ولادتها الاولى غير منبثقة ومؤسسة بشكل سياسيي جديد حينذاك ، وكذلك الازمنة العربية الاسلامية ضمن فترتها المؤنسنة في القرن الرابع الهجري مع كثرة الاختلافات العقائدية والمدارس السياسية والثقافية ولكن ذلك سرعان ما غيب وهمش والغي بشكل نهائي من قبل السياسي – الديني البعيد عن امكانات فهم الذات البشرية بشكل متطور فضلا عن وجود او سيطرة قطاعات واسعة من الاسلام غير متمدن إبان فترة الغزو المغولي للمجتمعات العربية الامر الذي اصاب البنية السياسية والثقافية الى التراجع والضعف بشكل مستمر ولازمنة لاحقة ما نزال نعيش اثرها . ان العلمانية من الممكن ان تكون عاملا لاجهاض الحرية والاختيار البشري الحر من خلال تحول تلك العلمانية الى اصول او قواعد متينة نهائية لايمكن مناقشتها او ممارسة النقد البشري عليها ومن ثم تصاب بداء التقديس وهنا نذكر جميع النماذج العلمانية التي تحولت الى شمول قيمي ومعرفي ثقافي لدى المجتمعات الحديثة ضمن الانظمة الاشتراكية التي صعدت المعرفة البشرية فيها الى درجة التقديس وهنا تقديس الاشخاص – البشر ، وهكذا نقول ان العلمانية التي اوجدتها الثورة الفرنسية كانت تستهدف الغاء الفضاء الديني المهيمن من قبل الكنيسة التي كانت مصدر اعلى لانتاج المعارف والافكار ومن ثم هي حاولت ان تنتج الفضاء المتعدد المختلف وبالرغم من اسهامها الكبير في تطورالمجتمع من خلال جاهزية قيمها الليبرالية ، الا انها انتجت فيما بعد " العلمانوية " اي الفكر الذي يقدس العلم ويطرد كل جانب روحي معرفي آخر ولايعد الدين سوى احد هذه الجوانب الروحية والمعرفية التي ابعدت نتيجة الادلجة التي مورست كثيرا ضد الدين من حيث قدرته على اضفاء طابع القداسة على الافكار عموما ومن حيث قدرة التلاعب الفكري والسياسي لرجال الدين على الحشود من البشر آنذاك ، كل ذلك اصل وجود علمانية نهائية انتجت الشمول القيمي والفكري في ما بعد . ان العلمانية مرتبطة بالافكار المتحررة من المسبق القيمي وهذه العلمانية انتجت تاريخيا لدى المجتمعات الحديثة ضمن مراحل تاريخية قطعتها البشرية بعد صرعات ومخاضات ومحارق كنسية ومحاكم تفتيش تبدأ بجيردانو برونو الذي رفض في اعماله الفكرية نهائية الكون ودعا الى تعددية العوالم من خلال فكرة التعايش السلمي بين الافكار والمذاهب من خلال امكانيات متعددة للفهم والتقبل عن طريق التبادل الحر للافكار وحرية النقاش ( ادرية ناتاف / الفكر الحر / المؤسسة العربية للتحديث الفكري / ص 58) ولا تنتهي السلسلة المتعددة من مناصري حرية الفكر والحياة وهنا نذكر غاليلو ودولية وغيرهم كثيرا ضمن ازمنة متواصلة من الصراع والاختلاف والتغيير وصولا الى اللحظات والازمنة الحديثة الديكارتية بعد تخطي عصر الاصلاح الديني ومن ثم عصر الانوار في اوربا وما تلاه من حداثات دائبة ومستمرة ساهمت في تطور الغرب المعاصربالرغم من الكثير من التعثرات في ما يخص تطور السلوك البشري الاخلاقي إزاء الامم الاخرى من حيث سيطرة القوى المنتصرة بشكل سلطوي على مقدرات الشعوب الواقعة كأطراف وهوامش ضمن مركزيتها النهائية من خلال منطق الاعتداء والتجاوز والاغتصاب .. الخ . ان العلمانية من الممكن ان تكون وليدة اللحظات السياسية التي تخدم الطبقة المنتصرة سياسيا ومن ثم هي من تتبنى فكرة العلمانية وذلك لانها تتلائم مع امكانيتها في التجاوز والسيطرة على ابعاد الزمان والمكان ومن ثم يتم رفع الحواجز جميعا من اجل مصالحها وتجارتها ، هذه العلمانية ما اسمية بالعلمانية غير المكتملة لانها مقيدة من قبل الطبقة الاقوى ولان هذه الطبقة تملك السيطرة على الافكار والمعارف ، فأن امكانية جعل البشرية محاطة بسجون جديدة امرا واردا ومؤكدا من خلال سجون غير مدركة تؤصلها لغة الهامش المعرفي والايديولوجي ومن ثم هنالك التغييب لانتاج الحرية بشكل واع ومتواصل من قبل الكثير من الافراد ، فالعلمانية اليوم في اوروبا مؤسسة على التعايش السلمي والمعرفي ومن ثم هنالك الحرية في الاختيار والتصرف ولكن كل ذلك محاط من قبل المؤسسة التي تحدد وتنتج الافكار وما وجود المؤسسات التي تتعامل مع الواقع بحيادية كاملة فان نصيب مشاركتها وتأثيرها داخل المجتمع يبدو ضئيلا مقارنة بالمؤسسات الاكثر حضورا وسيطرة من غيرها . في عالمنا العربي توجد العلمانية منغرزة في مجتمعاتنا ضمن سلوكها اليومي من خلال اقبالها على الدنيوي الاستهلاكي بشكل كبير ولكن الاشكالية تكمن في غياب الفهم لطبيعة المعرفة ذاتها ولان هنالك عطالة تاريخية من حيث انتاج الافكار وتعددية العوالم ضمن نظام يشمل الجميع في القبول والاحترام ، فأن وجود المطلق القيمي حاضر في تراجع الحداثة ذاتها من اسهامها في تغيير المجتمع وتأصيل الجانب المديني الذي يباشر التأسيس لمفاهيم الاختيار الحر بلا بديهيات مطلقة وقابليات تؤسس العنف واحتكار المعرفة والحقيقة بشكلها النهائي وذلك راجع الى اخفاق السياسي الداخلي فضلا عن وجودج عدة عوامل داخلية مجتمعية قديمة وحدثة وعوامل خارجية اخرى ، فالايديولوجيات اليوم تشتغل على وعي الجماهير ، وهذه الاخيرة مستلبة من امكانيات النهوض وتكوين حقول الافكار الحرة ، هذه الايديولوجيات تندرج ضمن يافطة القومي والديني العلماني على حد سواء ، إذ لايوجد لدى الاطراف جميعا امكانية ممارسة التقبل والهظم ومن ثم لايعد ذلك الانسان سوى سلما للسيطرة العقائدية والمعرفية تحيطها الامكانيات التي يوفرها الفاعلون الاجتماعيون من هيبة وتقديس يسيطرون من خلالها على الواقع الاجتماعي المعاش ومن خلال طبيعة الخطاب الممارس من قبل اكثرهذه الايديولوجيات . ان الزمان البشري لايمكن ان يتراجع عن مواصلة سحب الكائن – الانسان من خلال لغة الشمول التي تحد من قدرة التفكير واستقلالية الخيار البشري إلا من خلال ممارسة التأثير عليه اي الزمان ومن ثم يجب الاعتراف بالقدرة البشرية على تكوين المعارف والقيم ومن ثم هنالك ما اسمية بالمعرفة الافقية التي تحيط المجتمع هذه المعرفة لاتقف على تضاد مع العمودي من المعرفة اي المعرفة الدينية المنبثقة من المطلق المفارق للجوهر البشري بل تؤسس اللقاء والتكامل والبناء من حيث ادراك ان الانسان من الممكن ان يستوعب الكثير من الافكار والقيم بواسطة اليات الفهم الحديثة من خلال القدرة على التعايش وتأسيس قاعدة الاصلح هو من ينال البقاء ضمن ارادة المجتمع واختياره بلا اية عوامل تقود الى الاجهاض اي اجهاض ولادة الافكار الجديدة او الى تأسيس القوالب المعرفية التي تؤدي الى تقديس الافكار او الافراد ومن ثم بقاء المجتمع والازمنة ضمن ثبات وجمود مطلقين . ان تحقيق العلمانية بشكلها المتحرر من الكيلشيهات الجاهزة بحاجة الى انبثاق عدة عوامل تساهم في تأسيس البحث العلمي المتحرر من التابوات او الموانع التي عادة ما يقف على رأسها هرميات كثيرة تبدأ بالسلطة السياسية التي تدعم الاكثرية المجتمعية ولا تنتهي بالمؤسسات الاخرى المنفصلة عن الدولة ولكنها تباشر التأثير والاحتواء لها كالكنيسة او الحزب الشمولي المسيطر على الواقع الثقافي والاجتماعي ، كل ذلك يؤدي الى محاربة المعلم او المفكر او المكتشف الجديد ، وذلك الامر ليس جديدا على مجتمعاتنا العربية الاسلامية التي يدعم فيها السلطان العامة لتكبيل وتجريم العالم والمفكر وهنا امثلتنا كثيرة تتعلق بعلماء ارادوا ان يقولوا كلمتهم المتحررة عن جاهزيات السلطة وشمولها العقائدي والمجتمعي كالسهرواردي المقتول وغيلان الدمشقي وابن عربي وبشار ابن برد وغيرهم كثيرون ، إذ يتطلب عملية بناء مجتمعات متمدنة ومنخرطة ضمن شكل العلمانية المنفتحة على الاخر في عالمنا العربي وفي العراق على وجه الخصوص تحقيق مجموعة عوامل تكمن في 1- العمل على مراجعة تاريخ المجتمعات العربية الاسلامية وتبينة مراكز الخلل في جعل هذه المجتمعات تعيش الحقيقة بمعناها الشمولي والمدعوم من قبل السلطة السياسية ، هذه السلطة تتغذى تاريخيا من خلال مجموعة من الفقهاء الداعمين لخيارات واحدة من المعرفة والفكر ، ومن ثم لا يوجد هنالك اي تركيز يشمل او يؤسس لقيمة البناء او إعطاء جانب الحقيقة صفة المتعدد والمتغير بالرغم من وجود فترات تاريخية شهدت الانسنة العربية فيها مجالا خصبا لتبادل المعرفة والافكار ، حيث كان هنالك فضاءا يؤكد الجانب الروحي والانساني لقيمة الحقيقة ذاتها بعيدا عن الفروض المؤسسة عقائديا واجتماعيا وما وجود الفرق والمدارس الاسلامية بكافة تجلياتها المختلفة فيما بينها كالمعتزلة والاشاعرة والمتصوفة ، إلا مثالا حقيقيا لتطور المجتمع من خلال الانفتاح التجاري وظهور طبقة برجوازية تجارية عملت على نشر الافكار والمدارس المتعددة داخل المجتمع نتيجة لحالة الرخاء والرفاه الاقتصادي والاجتماعي حينذاك . فدراسة مجتماتنا وما اصابها من ركود تاريخي طويل يعد من اولى المهام التي تتطلب ولادة مجتمعات حديثة غير منصهرة ضمن تاريخية الحاضر السلطوي وما يحمل من امكانيات للبقاء والخلود على حساب المستقبل وذلك يتطلب ولادة تيارات فكرية وسياسية جديدة داخل مجتمعاتنا تنتصر لقيمة الانسان خيارا ومعرفة وسلوكا متحررا من كافة الاشكال التي تموه وتغيب حقيقة الانسان ، ومن ثم تعيد اليه جوهرة المفقود نتيجة التراكمات القديمة والحديثة من القدرة على الالغاء والتماهي مع ارادات السياسي الذي يفضل الغاء المجتمع ماديا ومعنويا من اجل تحقيق مصالحه ورغباته بغض النظر عن الاهتمام بفكرة التطور وتغيير مناخات الانسان والمجتمع نحو الافضل بشكل دائم . 2- العمل على مراجعة التجربة العلمانية داخل مجتمعاتنا العربية بدءا بدخولها كمصطلح يعاني عدم الترسيخ داخل الذهنية الاجتماعية من خلال توزعه ضمن تيارات شمولية عقائدية تحتوي على هرميات سلطوية من المنع والحضر متمثلة بالايديولوجيات التي تشيع اليقين والنهاية الفكرية والقيمية متمثلة بتيارات قومية وشيوعية لم تنتصر الى خيارات الانسان وحريته داخل هذه المجتمعات فضلا عن وجود التعثرات الخارجية التي ابقت مجتمعاتنا ضمن صورة التشوه النهائي مرتبطا بايديولوجيا الاصول غير المدرك لذاته الا من خلال لغة الاقصاء والعنف وتحديد خيارات الانسان بشكل عام ، فمراجعة التجربة الحديثة من الممكن ان تقود الى ولادة وعي مديني يرفض الماضي القائم على احتكار مجال المجتمع بجميع اشكاله ، ذلك الوعي غير مؤسس على الركون الى مستطرفات العالم اليومي بشكل استهلاكي غير مبال بما يحدث في محيطة الاجتماعي من خلال جاهزية عزلته كفرد مضغوط عليه من قبل مجموعات متسلطة ماديا ومعنويا تشمل جميع الانساق التي تجعل الانسان لايقدر اية قيمة للاعتراض والرفض والمساءلة التي من الممكن ان تتيح مجالات للتغير والسيطرة على واقعه الخاص والعام على حد سواء 3-- العمل على مراجعة التجربة العلمانية ضمن شكلها الحديث والمرتبط بالمجتمعات الغربية وتطورها وانتقالها من اشكال مجتمعية الى اخرى من خلال تاريخ طويل يشمل التقلبات والقطائع ومن ثم وصول هذه المجتمعات الى ماهو عليه من طبيعة علمانية تقودها الانظمة الرأسمالية وفق شكلها القائم على المتناقضات الطبقية التي تجعل العلمانية كفكرة تشيع التبادل الحر للافكار تعاني الكثير من عدم التحقق وذلك لان مصادر القيم والمعرفة مبثوثة في زوايا المؤسسات المدعومة بشكل عام من قبل الطبقات المهيمنة والمسيطرة على مقدرات هذه المجتمعات ومن ثم تغدو العلمانية غير شاملة او متطورة بشكل كبير بالرغم من الامتيازات المتحققة هنالك مقارنة مع المجتمعات التي تعيش الشمول العقائدي والايديولوجي كنسق حاضر في "زمكانية" الوجود الاجتماعي الذي يحد من حرية الافراد عموما ذكرا وانثى ، خيارا وعرفة مستقلة الامر الذي يقود الى جمود الحاضر ضمن قوالب وتصورات ثابتة من الافكار والقيم ، وهكذا ضمن سلسلة من الاجترار نحو عوالم بعيدة عن تعددية الافكار وقدرتها على الانتشار بشكل متحررعن جاهزيات السلطة السياسية – الاجتماعية السائدة . ان مراجعة التجربة العلمانية الحديثة وتبينة التعثرات التي اصيبت بها ودرجة الاختلاف الحاصل فيها من خلال درجة تطبيقها في المجتمعات الحديثة التي عاشت هذه التجربة ضمن بلدان فرنسا وبريطانيا والمانيا والولايات المتحدة وغيرها يتيح امكانية بلورة علمانية عربية اسلامية مرتبطة بمجتمعاتنا من خلال تغيير جميع عوامل انبثاق الافكارذاتها داخل هذه المجتمعات ومن ثم تغييرطبيعة الديني بأعتبارة قدرة يراد لها الفرض على نطاق المجتمع بعيدا عن إعطاء اية فكرة للزمان والتغيرات البشرية وتأثر الامكنة وو .. الخ ، كذلك تغيير طبيعة العلماني بأعتبارة حمال لجاهزيات الشمول القيمي المؤسس من خلال ثقافة الخلاص القومي والمتمثلة بالتجربة الحديثة في عالمنا العربية والتي لم تؤسس لاية علمانية حقيقية داخل مجتمعاتنا نتيجة احتكار الفضاء السياسي والاجتماعي الذي يقود الى احتكار المستقبل من خلال عقيدة واحدة شمولية . 4-- تكوين ما يسمى بالعلمانية المنفتحة ، هذه العلمانية ضمن تصورنا لا تتعامل مع الانسان من خلال لغة الاقصاء ماديا ومعنويا او تمثل النماذج الاخرى من العلمانية لدى المجتمعات الحديثة وكأنها مطلقات فيمية يجب ان تعمم على المجتمعات الاخرى بحيث يتم الذوبان والانصهار ضمن النماذح الاصل بلا اية دعوى للاختلاف وتكوين الجديد والمختلف عن هذه العلمانية ، إذ تعمل العلمانية المنفتحة على فصل السلطة الدينية عن السلطة السياسية ومن ثم لايوجد هنالك اية بوادر لاقصاء الدين من المجتمع او العمل على تشويه وجوده الانساني ، هذه العلمانية تحاول ان تلغي اية شموليات تتدعي المعرفة النهائية ، تؤسس لتيارات وعي غير مطلق ، تشتغل على مقدرات الانسان الفكرية والمادية من خلال عدم تأسيس العزلة التي تفرضها اشكال ومجموعات السلط الحديثة والتي تبرر التمايزات الطبقية بين الافراد عموما على انه جاهز اجتماعي طبيعي مقبول من قبل الكثير من الافراد لاغية بذلك مستويات القدرة على التهميش والغاء العقل والمعرفة بشكلها الانساني المتحرر من الكيلشيهات الجاهزة والتي تصدرها مؤسسات الداخل والخارج ، على حد سواء ، اي مؤسسات المجتمع الداخلي للفرد والتي اصابها التعثر والركود عن انتاج مجتمع اسروى منفتح ومتمدن ومؤسسات الخارج القيمي من مؤسسات دولة تشمل التعليم والثقافة والاعلام ، والتي عملت على تأطير وعي الانسان ضمن ايديولجيا الواحد المطلق فضلا عن وجود التهميش والاقصاء لمجتمعات بأكملها ، كل ذلك ساعد على وجود الحاضر بشكله المتردي عن انتاج وعي المدينة المتعدد والمختلف . ان العلمانية المنفتحة من شأنها ان تؤصل لدى مجتمعاتنا العربية الاسلامية اساليب وآليات جديدة من التعامل الوجودي الاجتماعي مع المعرفة والحقيقة والحياة بشكل عام ، هذه العلمانية لا تعمل على الغاء اليومي الوجودي بقدر ما ترسخ ذلك اليومي بعيانيته وتجربته المباشرة ومن ثم هي تهتم كثيرا بتلازم الانسان مع الحاضر المتغير من خلال روحية البحث الحر المؤسس على تراتبيات الدهشة والشك والسؤال المرتبطين بعملية صناعة التغيير الذهني ومن ثم التغيير الاجتماعي نحو افضل البدائل الممكنة لدى مجتمعاتنا ، بحيث تزول عن ذاتنا جميع عناصر الالغاء الوجودي لامكانية التفكير بشكل مستقل لدى الافراد عموما ، وذلك لان الابداع لايمكن ان يتحقق ضمن فضاءات المجتمع إلا من خلال توفر مساحات كبيرة من الحرية والقدرة على التغيير ذلك ما يمكن ان توفره العلمانية المنفتحة بأعتبارها خيارا بشريا جديدا لدى المجتمعات العربية الاسلامية .
#وليد_المسعودي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
جاهزية الخطاب الفضائي محاولة لبناء مجتمع عراقي تواصلي
-
الحداثة المسلّحة بأشكالها الثلاث
-
العنف المنزلي .. سلطة ذكورية أم خضوع نسائي
-
صورة أميركا في العراق
-
الرأي العام وآيديولوجيا الدولة
-
في التربية والعولمة - نحو تربية حداثية جديدة
-
الحداثة والتراث في مقاربة جديدة
-
أسس الانتماء الى الثقافة والمثقف
-
الحريات السياسية ضمن جدلية البناء والتغيير
-
الارهاب والطائفية في العراق - نحو إعادة تشكيل الواقع السياسي
...
-
المعرفة وأدوات البناء في المؤسسة التربوية العراقية
-
أخلاقيات السجن - أخلاقيات العذاب
-
الاعلام العربي .. الى اين
-
مشروع الدولة في العراق بين الطائفة والعرق
-
الفلسفة والدولة
-
تخلف السياسي - تبعية الثقافي
-
ماذا تريد الدولة من المجتمع؟
-
وظيفة الرئيس .. نظرة مستقبلية
-
المواطنة .. وعي مؤنسن داخل المجتمع
-
نحو ستراتيجية عراقية لمواجهة الارهاب
المزيد.....
-
رقمٌ قياسيّ لعملة فضية نادرة سُكَّت قبل الثورة الأمريكية بمز
...
-
أهمية صاروخ -MIRV- الروسي ورسالة بوتين من استخدامه.. عقيد أم
...
-
البرازيل.. اتهام الرئيس السابق جايير بولسونارو بالضلوع في مح
...
-
اكتشاف عمل موسيقي مفقود لشوبان في مكتبة بنيويورك
-
وزيرة خارجية النمسا السابقة: اليوم ردت روسيا على استفزازات -
...
-
الجيش الإسرائيلي يوجه إنذارا إلى سكان الحدث وحارة حريك في ال
...
-
أين اختفى دماغ الرئيس وكيف ذابت الرصاصة القاتلة في جسده كقطع
...
-
شركة -رايان- للطيران الإيرلندية تمدد تعليق الرحلات الجوية إل
...
-
-التايمز-: الغرب يقدم لأوكرانيا حقنة مهدئة قبل السقوط في اله
...
-
من قوته إلى قدرة التصدي له.. تفاصيل -صاروخ MIRV- الروسي بعد
...
المزيد.....
-
ما بعد الإيمان
/ المنصور جعفر
-
العلمانية والدولة والدين والمجتمع
/ محمد النعماني
المزيد.....
|