|
العربي والفلسطيني والإسرائيلي على شاشات التسعينيات
محمد عبيدو
الحوار المتمدن-العدد: 1613 - 2006 / 7 / 16 - 12:21
المحور:
الصحافة والاعلام
عشية انفجار أوكلاهوما، ظهر جيم هوغلاند، الكاتب في صحيفة > والمعتبر خبيرا بمكافحة الارهاب على شاشات التلفزيون ليقول: ان الجماعات الارهابية في الشرق الاوسط زرعت قنابل شديدة الانفجار في ظهر كل مواطن أميركي، وفي غرفة نومه. >. وقال: > واعاد إيمرسون الى أذهان الاميركيين حادثتي تفجير مقر المارينز والسفارة الاميركية في بيروت، وما أشيع في أواخر السبعينات من ان إحدى الجهات الشرق أوسطية حاولت سرقة رؤوس نووية من إحدى القواعد العسكرية الاميركية في ألمانيا. وبعد هذه المقابلة، بثت محطة التلفزيون فيلما قديما تدور قصته حول إرهابي شرق أوسطي يدعى <<اسماعيل>> تمكن من تهريب قنبلتين نوويتين الى واشنطن وتخزينهما في شقتين منفصلتين، إحداهما قريبة من البيت الابيض.. وفي الفيلم يوجه اسماعيل تحذيرا الى الحكومة الاميركية من الشقة التي يتمركز فيها قرب البيت الابيض، بضرورة إعادة النظر في سياستها في الشرق الاوسط، خلال 24 ساعة، وإلا فإنه سيفجر القنبلة التي بحوزته، ويحول البيت الابيض والمناطق المحيطة به الى كتلة من اللهب، كما يهدد بتفجير القنبلة إذا لمح أية حركة غير عادية في الشوارع القريبة من البيت الابيض، او إذا غادر السكان منازلهم. <<ولكي تتأكدوا من أنني جاد فيما أقول، يمكنكم الكشف على قنبلة أخرى موجودة في...>> ويكشف الخبراء الاميركيون على القنبلة، ويتأكدون من صحة كلامه. وعلى طريقة رامبو، ينتهي الفيلم بغاز صاعق يضخه عملاء مكتب التحقيقات الفيدرالية عبر تمديدات جهاز التكييف المركزي في الشقة.. ويستسلم اسماعيل، وقنبلته. والصورة الأولية التي خرج بها الاميركيون من حادث انفجار أوكلاهوما هي: ان اسماعيل الشرق أوسطي فعل فعلته.. فقد ظهر الرئيس الاميركي بيل كلينتون على شاشة التلفزيون ليعلن التزامه بالانتقام <<بقوة وبسرعة، من الجهة الفاعلة>>، وبذلك أعطى انطباعا للأميركيين ان العملية من تدبير خارجي، وأن الجهة ينبغي ان تتعرض للانتقام بقوة.. وبسرعة.. وتسابق <<خبراء الارهاب>> في الولايات المتحدة للظهور على شاشات التلفزيون، لا ليحللوا الحادثة بشكل موضوعي، وانما لاستخدام الحادثة لتسويق طروحاتهم المسبقة من ان الجهة الفاعلة هي شرق أوسطية، وان الجماعات الاسلامية والعربية في الشرق الاوسط شر ينبغي مطاردته بقوة لكي تظل الولايات المتحدة في مأمن من الارهاب. وعبر هذا الاطار كانت الأفكار التي تتكرر في أفلام هوليوود والغرب عن العرب والاسلام. وهذه النمطية في الصورة عن العربي متكررة في السينما حتى ان جاك شاهين، أستاذ الاعلام في جامعة إيلينوي، ذكر أنه وجد صعوبة في التقاط عشر مواصفات إيجابية للعربي في أكثر من 450 فيلما قام بتحليلها. وسنعرض هنا نماذج من أفلام هوليوود والغرب المتحيزة للصهيونية والمسيئة للعرب منذ بداية التسعينيات: أفلام في فيلم <<كوماندو البحرية>> 1990 نرى الكوماندو الاميركي في لبنان يستعيدون صواريخ نووية وينسفون <<ذوي العمائم المصنوعة من الخرق>>. وفي نفس العام، وبإطار الحملة المصاحبة لموضوع هجرة اليهود السوفيات، أنتج في الاتحاد السوفياتي <<سابقا>> فيلم من النوع التسجيلي (28 دقيقة) بعنوان <<نجمة من النجوم التائهة>> إخراج بافل موستوفيتش. يصور الفيلم تجربة امرأة يهودية روسية انضمت في شبابها البكر للحركة الصهيونية، وهاجرت الى فلسطين عام 1916، وهناك شاركت في تجربة تأسيس الكيبوتزات الاولى الاستيطانية، وعاشت قصة حب قصيرة مع أحد رفاقها، ثم عاد الرجل من حيث أتى الى الاتحاد السوفياتي وتركها وفي أحشائها جنين منه. وكانت المرأة أصلا تنتمي الى مجموعة من الصهاينة الذين اعتبروا أنفسهم ينتمون الى الحركة الاشتراكية الصهيونية. وفي فلسطين انشقت تلك الحركة على نفسها الى الجناح اليميني الذي انضم فيما بعد الى حزب العمل الاسرائيلي، واليسار الذي ظل على ولائه للاشتراكية(!) وبعد قيام الثورة السوفياتية عام 1917 عادت تلك المرأة واسمها شيرا غروسمان الى الاتحاد السوفياتي، واستقرت هناك رغم تعرضها لغضب السلطات السوفياتية التي كانت تناصب مجموعة الاشتراكيين الصهاينة العداء نتيجة لازدواجيتهم في الولاء السياسي، بينما ظلت ابنتها في إسرائيل. ومؤخرا فقط عادت شيرا غروسمان الى اسرائيل، لكي تلتحق أخيرا بابنتها وأحفادها، وكانت تلك الخاتمة <<السعيدة>> هي التي دفعت المخرج اليهودي لتصوير الفيلم. وتتزامن نهاية حرب الخليج ولحظة إنتاج فيلم <<علاء الدين>> (آذار/ مارس 1991) لوالت ديزني. ان قوة الجنّي السحرية حين تدخل عالم القوة الكونية لانشطار الذرة، تمسي قوة شريرة حالما يستولي عليها جعفر بأنفه المعقوف، وهي صورة العربي الشرير المكرورة، ويصبح هو نفسه <<أقوى جنّي على وجه البسيطة>>. ان القوة الذرية هي جزء من التكنولوجيا الغربية. وفي الفيلم تجري الاشارة الى قوة العراق النووية التي يصبح من خلالها الآخر.. الشرق قادرا على الولوج الى تكنولوجيا الغرب غير العدوانية. وهذه القوة تمسي مخاطرة بين يدي جعفر الشرقي الشرير، بينما تصبح عنصرا مكينا حين يستخدمها الجنّي الاميركي. وبنفس العام أنتج فيلم <<دلتا فورس 3: لعبة القتل>> الذي يقوم فيه الكوماندو الاميركي والروسي بالقضاء على فلسطينيين و<<الشيخ المجنون>> الذي يقودهم. وفي عام 1991 حصلت ضجة كبيرة حول الفيلم الفرنسي البولندي الالماني <<أوروبا.. أوروبا>> قبل أسابيع من ترشيحات الأوسكار.. إذ رفضت الجهة الحكومية الألمانية التي عادة ما ترشح لأوسكار أفضل فيلم أجنبي ترشيح <<أوروبا.. أوروبا>> على أساس أنه ليس فيلما ألمانيا بصورة كاملة.. ولكن وسائل الاعلام الصهيونية ردت الأمر على أساس أنه فضيحة بحق المسؤولين الألمان تكشف عن عدائهم لليهود. كيف؟ يحكي الفيلم قصة صبي يهودي في أثناء الفترة النازية وكيف خدع الجميع بانخراطه في الجيش الألماني على أساس أنه مسيحي، لكنه عاش فترة حياته آنذاك في ظل الخوف من ان يفضح الألمان سره.. طبعا لم يستطع تلبية رغبات زميلة ألمانية الجنسية خوفا من ان تكتشف أنه مختون.. وفي النهاية يختار تسليم نفسه للقوات الروسية التي تكاد ان تنفذ فيه حكم الإعدام لولا ان أخاه يظهر فجأة وكان قد هرب سابقا الى الاتحاد السوفياتي وينقذه.. نفس الضجة حصلت في نفس العام عندما رفضت إدارة مهرجان برلين السينمائي الدولي عرض الفيلم الاميركي <<الوميض>> للمخرج دافي سيترلز وذلك بمحاولة إعلامية صهيونية لإظهار الامر كفضيحة، معتبرين أن أساس رفض الفيلم هو موضوع اضطهاد اليهود أيام النازية وليس مستواه. كما عرض بنفس العام فيلم <<كل اليهود خارجا>> إخراج إيما نويل رايد ويتحدث عن اضطهاد اليهود في قرية ألمانية صغيرة. وعرض فيلم سوفياتي تسجيلي عن مصير الدبلوماسي السويدي <<وولنبيرغ>> وكان هذا الدبلوماسي قد أنقذ، حسب الفيلم، 100 ألف يهودي من المعتقلات أثناء النازية عبر منحهم أوراقا دبلوماسية عام 1945، وفي عام 1947 ألقى السوفيات القبض عليه ومات في السجن.. وعرض فيلم <<هومسايد>> من تأليف وإخراج الاميركي ديفيد ماميت، ويدور حول رجل بوليس أميركي تقوده جريمة قتل يهودية عجوز الى الإيمان بأنه يهودي أولا وشرطي ثانيا، وذلك بعد صراع حول هويتيه. وعرض فيلم <<أوروبا>> إنتاج دانمركي ألماني للمخرج لارس فون تريبه، حيث يكتشف بطل الفيلم الاميركي ان المؤامرة مستمرة على اليهود حتى بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية. وفي عام 1992 أنتج فيلم <<ألعاب وطنية>> الذي يدور حول نسف سلاح الجو الاميركي للفلسطينيين في ليبيا. وفي عام 1993 قدمت المخرجة الفرنسية مارتين دو جوسون أول أفلامها الروائية الطويلة <<صداقة امرأتين>>. الذي يروي قصة صداقة حميمة تجمع بين فتاتين منذ كان عمرهما سبع سنوات حتى أصبحتا في الثانية والثلاثين من العمر، لتتابع معهما المخرجة خلال ربع قرن أحلامهما. وقبل الحديث عن قصة الفيلم نشير لحكاية <<الغزل اليهودي>>، وقررت المخرجة ان تجعل الفتاتين يهوديتين، فأخذت الجمهور معهما للأعياد اليهودية والاحتفال بختان الأولاد، كما قدمت أشهر الأكلات اليهودية والأغاني والرقصات بأسلوب دعائي كان الفيلم في غنى عنه، لأنها كانت تفاصيل من السهل حذفها، دون ان تخل بالبناء الدرامي للفيلم، لكنها الدعاية الصهيونية التي أصبحت تسيطر على صناعة الأفلام العالمية وكأنها ضريبة مفروضة لنجاحها. وفي عام 1994 أخرج جيمس كاميرون فيلم <<أكاذيب حقيقية>> من بطولة أرنولد شفارزنيكر الذي تقاضى أجرا عنه 15 مليون دولار. والفيلم ليس أكثر من تفسير عنصري وسطحي لقضية حساسة للغاية هي ما يسمى ب<<الارهاب>> الشرق أوسطي. كما يقوي الفكرة النمطية الثابتة عن العربي الفظ والمتعصب ويهين ويسفه المثل النبيلة التي يبدي المناضلون العرب من أجل الحرية استعدادهم لبذل حياتهم من أجلها. ويجري في الفيلم تمجيد العنف الى مدى سخيف ويتدبر <<البطل>> قتل 150 شخصا تقريبا وكل ذلك من أجل قضية نبيلة بالطبع في ساعتين من سفك الدماء. وتتمركز الحبكة حول عميل مخابرات أميركي يسحق جماعة <<إرهابية>> شرق أوسطية تسمى <<الجهاد القرمزي>>. وقد تعهدت الجماعة بتدبير انفجار نووي في مدينة أميركية في كل أسبوع إذا لم تنسحب القوات الغربية من <<الخليج الفارسي>> (لاحظ الاستخدام الاميركي التقليدي لكلمة فارسي بدلا من عربي). وهناك حبكة فرعية عن بيئة شفارز نيكر وحياته البيتية الناصعة البياض. فقد انهار عندما اشتبه بخيانة زوجته له. لذلك ربط البطل الذي تملكته نخوة الرجولة رسالته التي لا يهاود فيها بتصميم على تقفي الآثار لاكتشاف الحقيقة عن غدر زوجته. وينظم البطل استجوابا صوريا تعترف خلاله زوجته أنها تحبه. ويتبين ان العشيق المشتبه به ليس سوى رجل عدو منسوج من الاكاذيب التي يأمل بوساطتها إغواء ربات البيوت البريئات والضجرات الى حجر الفجور. العربيات وفي هذه الاثناء يقوم <<الارهابيون>> بتهريب رأس نووي الى الولايات المتحدة بعد تخبئته في حجر كبير منحوت، من العراق القديم. وتقوم بدور الشريك الرئيسي في العملية امرأة آسيوية جميلة مأجورة تؤكد بفخر أنها لا تؤمن بقضيتها بل تهمها النقود فقط. نرى في هذا الفيلم نوعين من النساء: النوع الجذاب عديم الرأفة والموجود من أجل المال فقط. وزوجة البطل البريئة، ليست جميلة جدا، التي تتورط في لعبة مميتة لا تفهمها. ولكن من خلال تجربتها القاسية تتحول الى امرأة فائقة تدير القتال ضد <<الجهاد>>. لا حاجة للقول ان معاملة العرب للنساء مخجلة في هذا الفيلم، فهن يضربن عندما يخرجن عن الخط ويستخدمن كرهائن يمكن التضحية بهن من دون مراجعة الفكر. وبنفس العام حاز فيلم <<لائحة شيندلر>> للمخرج اليهودي الاميركي <<ستيفن سبيلبيرغ>> على سبع جوائز أوسكار.. ها هو سبيلبيرغ وفي سنة الاحتفال بمناسبة مرور خمسين عاما على محرقة اليهود في الحرب العالمية الثانية يصنع فيلما عن <<الهولوكوست>> خلال هذه الحرب.. يصنع <<سبيلبيرغ>> فيلمه <<لائحة شيندلر>> وفقا لنغمة الدعاية الصهيونية عن اليهود ومحارق النازية، يدور الفيلم حول حياة رجل أعمال نمساوي كاثوليكي نجح أثناء الاحتلال النازي لبولندا في إنقاذ حوالى 1100 يهودي من الموت. <<شيندلر>> صاحب المصنع في مدينة <<كراكاو>> يبدو في بداية الفيلم رجلا أنانيا لعوبا يسعى الى استغلال الغزو الصاعق لبولندا في خريف 1939 وتهجير اليهود بمعدل عشرة آلاف يهودي كل اسبوع وذلك باستغلال الاحتلال والتهجير في بناء مصنع لإنتاج ادوات مطبخية لاستعمال القوات المسلحة الالمانية في الجبهة، يحبذ للعمل فيه اليهود لا كمأجورين بل كعبيد. والفيلم يركز عليه وكيف تحول شيئا فشيئا من رجل اعمال لا يقيم وزنا الا لمصالحه المادية الأنانية الى بطل رغم أنفه او منقذ لليهود من الهلاك. وكي يكسو <<سبيلبيرغ>> فيلمه قتامة الأيام، قدمه مجللا بالسواد باستثناء لقطة كلمح البصر لصبية ترتدي معطفا احمر يقع نظر <<شيندلر>> عليها وسط مشهد يسوده اللونان الاسود والابيض، وباستثناء خاتمة قصيرة معاصرة بالألوان يسير فيها الباقون من <<لائحة شيندلر>> على قيد الحياة امام قبر المنقذ في الكيان الصهيوني. فالفيلم اسود شديد القتامة. والى مهرجان فالانسيا عام 1995 جاءت اسرائيل بفيلمها <<الارض الجديدة>> للمخرجة <<أومابن دورنيف>> في اول افلامها الروائية.. لتعيد الاسطوانة السخيفة المشروخة عن عذاب واضطهاد اليهود ايام النازي.. وكيف جاء الرحيل الى الارض الجديدة.. ارض فلسطين.. لينشئوا وطنهم الذي يجمع شتاتهم، والفيلم بالطبع يتجاهل تماما حقيقة هذه <<الارض الجديدة>> ومن هم اصحابها الحقيقيون.. ويلغي تماما اي وجود فلسطيني فيها. ويتعامل مع هذه الارض، وكأنها جزء من العالم لم يتم اكتشافه الا عن طريق هؤلاء المطاردين(!!).. الفيلم دعائي رخيص ورديء بكل المقاييس... وبنفس العام عرض في مهرجان برلين الفيلم الاسرائيلي <<السحر>> وفاز بجائزة فيه. يتناول الفيلم رحلة العودة الى التقاليد القديمة الموروثة لأسرة اسرائيلية بفلسطين. رحلة في عيون شاهدة وهي صغرى بنات هذه الاسرة <<راشيل>> التي اصبحت اشهر مقدمة برنامج في تلفزيون تل ابيب.. انها رحلة الى الماضي.. والفيلم يبدأ بطريقة الفلاش باك.. حيث تجتر ذاكرتها وهي تستعرض هجرة هذه الاسرة التي جلبت معها عاداتها وتقاليدها وحضارتها الموروثة والتي كانت سببا في احزان وشقاء من الصعوبة استيعابها او نسيانها. والفيلم من تأليف بطلة الفيلم هانا ازولي حاسفاري واخراج زوجها صموئيل حاسفاري الذي وضع فيه كل دعاياته المسمومة ضد الحاضرة العربية.. التي جسدها على انها حضارة متخلفة يجب ان تمحى.. وفي مهرجان لندن السينمائي لعام 1997 عرض فيلم <<علاقة عابرة>> للمخرج مايك فيغيس، الذي لاقى استهاجانا كبيرا لتفاهته ولموضوعه التقليدي عن الخيانة الزوجية، برزت صورة العربي كخلفية للأحداث، حيث نلمح في احد المعارض رجلين بلباس عربي يتحدثان بعصبية الى رجال البوليس، ثم في مشهد آخر هناك رجل بلباس عربي ايضا الى جانبه فتاة ليل.. من دون ان يكون لهذا مبرر مفهوم. وبنفس العام قدم ريدلي سكوت فيلمه الاميركي <<جي. آي. جين>>.. من بطولة <<ديمي مور>> التي تلعب دور الملازمة اونيل التي تتلقى التدريبات الشاقة اللازمة للانضمام الى كوماندو البحرية الاميركية. ويظهر من الفيلم ان <<البطلات>> الاميركيات يكافحن من الآن من اجل الانضمام الى قائمة الابطال المختصين بقتل العرب. ذلك انها المرة الاولى التي تتكفل امرأة بالقضاء على تلك النوعيات المعهودة من المجرمين الفاشلين الذين يسلكون الصحراء ويضعون الحطات على رؤوسهم ويبدون بحاجة ماسة الى حلاقة! موضوع الفيلم الرئيسي هو ان الملازمة اونيل (ومن ثم النساء عموما) تملك ما يكفي من القوة الجسدية والمعنوية لمنافسة الرجال في فنون القتال، بل وتتفوق عليهم على رغم كل الاهانات والتمييز الجنسي وأيضا العقوبات الجسدية، في دورة التدريب لكوماندو البحرية، وهي الدورة الاقسى، كما يقال، في القوات المسلحة الاميركية. ومع ان هذا هو جوهر القصة فلا بد من إقحام <<العرب>> فيها، وهو ما يأتي في نهاية الفيلم عندما ترسل اونيل ومجموعتها الى <<مياه معادية>>. ويسأل واحد من المجموعة: <<العراق أم ايران؟>>، ويكون الجواب: <<ليبيا>>، حيث يتضح ان مهمة الفريق استرجاع قمر اصطناعي يحتوي مادة البلوتونيوم، الصالحة للاستعمال العسكري، سقط على ساحل ليبيا. وما أن يصل الفريق الى الساحل حتى يبدأ بزرع الألغام في الرمال و<<تصيد>> أفراد مجموعة مهاجمة مكونة من نحو ثلاثين عربيا. وعندما يرى العريف الذي كان درّب الملازمة أونيل عربيا رث المظهر قربها يهمس <<إنه ولد ضخم أيتها الملازمة وسأقضي عليه!>> وهو ما يفعل. وتنتقل الكاميرا الى أونيل وهي تصرخ: <<نحن نشفطهم>> (أي نستدرجهم الى حقل الألغام). وفجأة يصاب العريف بطلقين ناريين، ويطبق المهاجمون العرب عليه ويوشكون على قتله. وهنا تنطلق الملازمة أونيل لتبرهن على بطولتها وعلى أن النساء ايضا <<مقاتلات عالميات المستوى>> وتنقض على <<العرب>> تحت سيل الرصاص لتنقذ حياة العريف وتلقن المطاردين درسا قاسيا. ويصيح بها زميلها بإعجاب: <<سأذهب معك في أي وقت يا أونيل!>>. وعندما تقترب منهم طائرات الهليكوبتر لتخليصهم تصيح الملازمة: <<هيا نخرج من دوج!>>.. أي مدينة دوج في الغرب الاميركي التي كانت تشتهر بالعنف. وهي بذلك تكشف هدف السيناريو: قتل كوماندو البحرية الاميركية للعرب في الصحراء يشابه تماما قتل الأميركيين للهنود الحمر. الهولوكوست وفي مهرجان برلين السينمائي 1997 عرض فيلم آخر عن الهولوكوست بعنوان <<الجزيرة التي في شارع بيرد>> للدانماركي سورن كراه جاكوبسون، وفيه قصة صبي يهودي يلجأ الى مخبأ في ردام حي يهودي تم القبض على جميع ساكنيه وترحيلهم وبقي هو وحده. وفي نفس العام قامت شركة أفلام <<يهوذا>> ومقرها تل أبيب، بإنتاج ثلاثة أفلام ناطقة بالعربية، ومن هذه الأفلام <<مهمة خطرة>> الذي جرى تصويره في القدس الشرقية معتمدا على رسم الجغرافيا الجديدة للمدينة المقدسة، ومحو الهوية العربية لها، وإجهاض فكرة تدويل الاماكن المقدسة، يتحدث الفيلم عن منظمة عربية <<إرهابية>> داخل إسرائيل تمولها بغداد، وتطاردها الاستخبارات الاميركية وتنجح في القبض عليها بمساعدة الموساد. فتنقذ آلاف الحجاج المسيحيين يوم الجمعة العظيمة!! وتعتبر هذه الفكرة مثالا حيا، على جوهر المغالطة والتزوير، الذي ينطلق منه الاعلام الصهيوني في شتى جوانبه السياسية والثقافية. وفي مهرجان <<كان>> لعام 1998 عرض فيلم <<الباتريوت>> للمخرج الفرنسي إريك روشان. وهو فيلم دعائي لجهاز المخابرات الاسرائيلية <<الموساد>>، يقدم عناصره على انهم معصومون، مثاليون، خارقون، كل مهامهم دقيقة تسير فوق المخطط لها. <<الباتريوت>> من ألفه الى يائه ينضح بمباركات سطحية، شوفة حال مزعجة، وادعاء وقح بأن <<الموساد>> نوع من السحر القادر على فعل اي شيء. فالفيلم يحاول ايجاد معادلة لتبييض صفحة هذا الجهاز ما بين السعي لضرب ما يسمونه بالإرهاب وابلاغ الاميركيين ان اخذ المعلومات من بعض كبار موظفيهم يصب في الاطار نفسه، وهو بريء من اي غاية سلبية، من هنا اشتغل الفيلم على عالم الذرة المصري المعروف <<عزت المشد>> الذي اغتيل في احد فنادق باريس، وعلى الجاسوس الاسرائيلي بولارد الذي يقدمه الفيلم بأنه هو الذي سعى الى الموساد وليس العكس، وبالتالي فإن ضبطه لا يعني اسرائيل في شيء لأنها اصلا لم تحاول تجنيده لخدمتها. هذه البراءة الاسرائيلية... وهي براءة الثعلب تأخذ شكلا كاريكاتوريا مضحكا، خصوصا واننا لا نفهم سبب حذر الاسرائيليين (من خلال الفيلم) في التعامل مع بولارد رغم علمهم انه يعمل في مركز حساس بوكالة NSA الاميركية وقد عرض عليهم تزويدهم بمعلومات وافية عن دول المغرب العربي: الجزائر، المغرب، تونس، وليبيا، بعدما اعلن الفيلم ان ملف <<الإرهاب>> عند الموساد مكتمل ولا نواقص معلوماتية فيه تستدعي تجنيد من يسعى وراء معلومة. في تل ابيب، كما في باريس كما في واشنطن، كل الابواب مفتوحة ولا حاجة لبذل عناء كبير. والامور تسير بحدس لا يخيب خصوصا من قيادات الموساد الميدانيين التي تختار بعض الموهوبين من الشباب للعمل على الارض ومنهم بطل الفيلم اربيل برانر الذي هو مثل كل الشباب الاسرائيليين يطمح للعمل في الاستخبارات، وهو ترك كل شيء خلفه في باريس وسافر الى تل ابيب عام 83 ليضع نفسه في تصرف الموساد، وكان له ما أراد وراح يتطور في خدمته وثقة رؤسائه حتى اصبح مسؤولا عن احدى الشعب المهمة تحت رمز 238. ولا ينسى الشريط التذكير ببعض العمليات السابقة مع او ضد الموساد ومنها عملية ميونيخ، حيث الضابط القيادي للعمليات الاوروبية الاميركية كان واحداً من المشاركين فيها يومها. ويقدم <<الباتريوت>> نموذجا لبولارد على انه يتصرف بحسه الخاص كيهودي يغار على مصالح اسرائيل، لذا فإن مبادرته بعرض خدماته يجب النظر إليها من هذا المنظار ليس إلا، وعندما حاول الجهر بأنه مع <<الموساد>> عند باب السفارة الاسرائيلية في واشنطن لم يعره احد اهتماما واعتقله رجال الأمن الاميركيون مع زوجته، بينما نجح العميل اوري في مغادرة اميركا بسرعة مذهلة لم تلفت انتباه احد ووصل الى باريس حيث وجد رئيسة في انتظاره مع سيارتي مواكبة. وينتهي الامر بأوري مسؤولا عن مكتب شركة طيران العال في باريس ومعه المجندة في الموساد ساندرين كيبرلان. وفي العام نفسه قدم فيلم <<يوم الاستقلال الذي ينتهي بمشهد يذكر فيه البطل مقاطع من التلمود. وفي عام 1999 عرض في صالات السينما فيلم <<الحصار>> والواقع ان هذا الشريط ما انفك يثير حفيظة العرب والمسلمين منذ البدء في تصويره وذلك لما يقدمه من صورة سلبية ونمطية للإنسان العربي والمسلم عموما. وقد قالت هالة مقصود، رئيسة منظمة <<اللجنة العربية الاميركية لمناهضة التفرقة>> عن الفيلم <<بايجاز إن الفيلم ماكرو خطير ومثير للفتنة. وسيكون له تأثير سلبي على ملايين العرب الاميركيين والمسلمين في هذه البلاد. انه يحرض على الكراهية التي تؤدي الى المضايقات والتخويف والتفرقة وحتى ارتكاب جرائم بدافع الكراهية ضد من ينحدرون من اصل عربي>>. وقالت مقصود ان الفيلم يربط مباشرة بين الممارسات الدينية الاسلامية مثل الوضوء قبل الصلاة وبين اعمال الارهاب، معززا الخوف من المسلمين. ويحكي الفيلم قصة وقوع انفجارات في نيويورك تتورط فيها جماعات إرهابية من الشرق الاوسط مما يستدعي اعلان حالة الطوارئ. وفي الفيلم يؤدي دنزيل واشنطن دور ضابط في المخابرات الاتحادية يطارد <<متشددين>> إسلاميين يقومون بتفجيرات في نيويورك بينما يقوم بروس بدور جنرال في الجيش الاميركي يعلن الاحكام العرفية في مانهاتن.
#محمد_عبيدو (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
حبق روحك
-
غوص جريء في مناطق محظورة عبر افلام قصيرة وتسجيلية مصرية
-
أحلام
-
محمود مرسي آخر عمالقة السينما العربية
-
السينما في تونس- 4
-
السينما في تونس- 3
-
السينما في تونس- 2
-
السينما في تونس- البدايات
-
فيلم -المنارة- للجزائري بلقاسم بلحاج:
-
محمد شويخ - سبنما التأمل الجريء بالواقع العربي
-
آلان رينيه: الإنسان ليس إلا حصيلة لماضيه
-
السينمائي الفرنسي موريس بيالا
-
رحيل المخرج الياباني الكبير شوهي امامورا
-
اخطبوط صهيوني في افلام الرسوم المتحركة
-
مهرجان السينما الفرانكفوفونية بدمشق
-
سينما شعرية تحاكي الموت وتقارب نبض الحياة
-
السينما الاسبانية
-
(( ليل السكّير ))
-
اشتهاءات مبددة
-
اسبوع الفيلم الاوروبي بدمشق
المزيد.....
-
من معرض للأسلحة.. زعيم كوريا الشمالية يوجه انتقادات لأمريكا
...
-
ترامب يعلن بام بوندي مرشحة جديدة لمنصب وزيرة العدل بعد انسحا
...
-
قرار واشنطن بإرسال ألغام إلى أوكرانيا يمثل -تطورا صادما ومدم
...
-
مسؤول لبناني: 47 قتيلا و22 جريحا جراء الغارات إلإسرائيلية عل
...
-
وزيرة خارجية النمسا السابقة تؤكد عجز الولايات المتحدة والغرب
...
-
واشنطن تهدد بفرض عقوبات على المؤسسات المالية الأجنبية المرتب
...
-
مصدر دفاعي كبير يؤيد قرار نتنياهو مهاجمة إسرائيل البرنامج ال
...
-
-استهداف قوات إسرائيلية 10 مرات وقاعدة لأول مرة-..-حزب الله-
...
-
-التايمز-: استخدام صواريخ -ستورم شادو- لضرب العمق الروسي لن
...
-
مصادر عبرية: صلية صاروخية أطلقت من لبنان وسقطت في حيفا
المزيد.....
-
السوق المريضة: الصحافة في العصر الرقمي
/ كرم نعمة
-
سلاح غير مرخص: دونالد ترامب قوة إعلامية بلا مسؤولية
/ كرم نعمة
-
مجلة سماء الأمير
/ أسماء محمد مصطفى
-
إنتخابات الكنيست 25
/ محمد السهلي
-
المسؤولية الاجتماعية لوسائل الإعلام التقليدية في المجتمع.
/ غادة محمود عبد الحميد
-
داخل الكليبتوقراطية العراقية
/ يونس الخشاب
-
تقنيات وطرق حديثة في سرد القصص الصحفية
/ حسني رفعت حسني
-
فنّ السخريّة السياسيّة في الوطن العربي: الوظيفة التصحيحيّة ل
...
/ عصام بن الشيخ
-
/ زياد بوزيان
-
الإعلام و الوساطة : أدوار و معايير و فخ تمثيل الجماهير
/ مريم الحسن
المزيد.....
|